الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسار من دمشق إلى الشام وقصد ناحية أنطاكية وأقام عليها مدة، واتصل به خبر شرف الدولة وما هو عليه من الجمع والتأهب، واجتماع
العرب إليه من بني نمير، وعقيل، والأكراد، والمولدة، وبني شيبان، للنزول على دمشق. وخرج عسكر حلب مع بعض أصحاب شرف الدولة إلى أعمالها، ورتبوا ولاتهم فيها وساروا إلى حماة، وبها وثاب بن محمود، فلقي عسكر شرف الدولة وكبسه وقتل منه جماعة، وعاد من سلم منهم إلى حلب.
فنزل وثاب بن محمود ومنصور بن كامل بن الدوح وابن ملاعب وابن منقذ على معرة النعمان، وقطعوا كثيراً من شجرها، ورعوا زرعها بالظعون، وقلبوه بالفدن، وقاتلوها أياماً، ولم يمكنهم أهلها من فتحها خوفاً منهم.
وبلغ شرف الدولة ذلك كله، فسار ومعه أكثر بني كلاب وبني نمير، وبعض بني عقيل، ووصله بعض بني طيء وكلب وعليم، ونزل في بالس في محرم سنة ست وسبعين.
من دمشق إلى حران
وسار إلى دمشق وحاصرها، وقاتل دمشق في بعض الأيام وخرج إليه عسكر دمشق، وحمل عليه حملة صادقة فانكشف عسكره وتضعضع، وعاد كل فريق إلى مكانه.
وعاد عسكر دمشق بحملة أخرى، فانهزمت العرب، وثبت شرف الدولة مكانه، وأشرف على الأسر، وتراجع إليه أصحابه، وكان قد ظن أن
العسكر المصري ينجده فخاف أمير الجيوش من ميل العرب إليه فتثاقل عنه.
وورد عليه من حران خبر أزعجه، وذلك إنه كان قد تسلمها من يحيى بن
الشاطر أحد عبيد ابن وثاب النميري، وكان يليها لعلي بن وثاب الطفل، وكان وثاب يعدل فيهم ويرفق بهم، فولى فيها جعفر العقيلي، فعدل عما كان وثاب يسلكه من العدل، وأظهر مذهب التشيع والإعلان به، وكان يتولى الحكم بها القاضي ابن جلبة، فاتفق مع أهل حران على العصيان على شرف الدولة، وكاتبوا يحيى بن الشاطر الذي تسلمها منه مسلم فوصل إليهم، ومعه ابن عطية النميري وجماعة، ووثبوا على أصحاب شرف الدولة فهربوا إلى الحصن، وقاتلهم ابن جلبة ومن انضم إليه.
فسير الوالي جماعة إلى شرف الدولة يعلمه بالحال، فبعضهم أخذ بالقرب من حران، وبعضهم أخذه أصحاب تاج الدولة، فعرف تاج الدولة الخبر قبل معرفة شرف الدولة فقويت نفسه.
وعرف شرف الدولة ذلك واستضر عسكره بتواصل الغارات عليه عندما قويت نفس تاج الدولة، وكان ذا مكر وخديعة، فرحل إلى مرج الصفر، وأوهم أنه يسير مقتبلاً لأمر عزم عليه، وقلق أهل دمشق لذلك.
ثم رحل مشرقاً في البرية على وادي بني حصين ونزل شرقي حماة، وراسل ابن ملاعب، وطيب نفسه إلى أن نزل فخلع عليه، وقرر معه أن يكون بينه وبين تاج الدولة درءا يمنع من الأذية في بلاده، فأجابه إلى ذلك،
وخلع عليه شرف الدولة وأكرمه وطيب نفسه.
وسار شرف الدولة إلى حران بعد أن أشرف الحصن على الأخذ، فقاتل حران، ونقب نقوباً في سورها وثلم ثلمتين، وأقام عليها شهرين، ومضى أبو بكر ابن القاضي ابن جلبة ويحيى بن الشاطر.