الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وباعوا بعضهم واستعبدوا بعضاً وأخذ لأهل حلب جشير خيل ثلاثمائة رأس، وكان حريق الزرع من رهقات بلك وكان سبباغً للغلاء العظيم.
ثانيا بلك بن بهرام بن أرتق
وفي صباح يوم الثلاثاء، غزة جمادى الأولى من سنة سبع عشرة وخمسمائة، تسلم مدينة حلب سلمها إليه مقلد بن سقويق بالأمان ومفرج بن الفضل، ونودي بشعار بلك من عدة جهات، وكسر باب أنطاكية، وأخربت ثلمة من غربي باب اليهود.
وفي يوم الجمعة رابع الشهر تسلم القلعة وجلس بها بعد ما نزل بدر الدولة منها بيوم، وقرر حالها، وأخرج سلطان شاه بن رضوان، وسيره إلى حران، وكان في فتحها في شهر ربيع الآخر خوفاً منه.
ثم أنه سار إلى البارة وهجمها، وأسر الأسقف الذي بها وقيده، ووكل به، ورحل إلى كفر طاب فغفل الموكل به فهرب إلى كفر طاب، فعزم على قتال حصنها، واسترجاع الأسقف في يوم الثلاثاء الثاني عشر من جمادى الآخرة. فوصله من أخره أن بغدوين الرويس وجوسلين وقلران وابن اخت طنكريد وابن أخت بغدوين وغيرهم من الأسرى الذين كانوا مسجونين بجب خرتبرت عاملوا قوماً من أهل حصن خرتبرت فأطلقوهم، ووثبوا على الحصن فملكوه، وأخذوا كل ما كان لنور الدولة فيه وكان جملة عظيمة، فقال جوسلين: كنا قد أشرفنا على الهلاك والآن فقد خلصنا، والصواب أن نمضي ونحمل ما قدرنا عليه. فما سمحت نفس بغدوين بترك الحصن والخروج منه.
فاتفق رأيهم على خروج جوسلين، وحلفوا على أنه لا يغير ثيابه ولا يأكل لحماً ولا يشرب إلا وقت القربان إلى أن يجمع جموع الفرنجة ويصل بهم إلى خرتبرت ويخلصهم.
وأما بلك فإنه سار حتى نزل على خرتبرت ففتحه بالسيف في ثالث وعشرين من رجب، وقتل كل من كان به من من من كان به من أصحابه الذين كفروا نعمته
ومن كان فيه من الفرنج، ولم يستبق سوى بغدوين الملك وقلران وابن أخت بغدوين، وسيرهم إلى حران وحبسهم بها.
واما جوسلين فمضى إلى القدس، واستنجد بالفرنج، ووصلوا تل باشر، فسمعوا خبر فتح خرتبرت بالسيف فسار إلى الوادي وقاتل بزاعا وأحرق بضع جدارها ثم أحرق الباب وقطع شجره، وأحرق الباب وقطع شجره، وأحرق ما سواه من الوادي.
ثم نزل حيلان ثم حلب من ناحية مشهد الجف من الشمال، وخرب المشاهد والبساتين، وكسر الناس عند مشهد طرود بالقرب من بستان النقر، وقتل وسبى مقدار عشرين نفراً.
ثم رحل ونزل الجانب الغربي في البقعة السوداء، وخرب مشاهد الجانب القبلي وبساتينه، ونبش الضريح الذي بمشهد الدكة فلم يجد فيه شيئاً فألقى فيه النار، والحلبيون في كل يوم يقاتلونه أشد قتال، ويخسر معهم في كل حركة.
ثم رحل يوم الثلاثاء مستهل شهر رمضان، ونزل السعدي، وقطع شجره، وافترقوا منه وسار كل إلى بلده، ووجد في منازلهم التي نزلوها نيف وأربعون حصاناً موتى، ونبش الناس منهم موتى جماعة.
فأمر القاضي ابن الخشاب بموافقة من مقدمي حلب أن تهدم محاريب الكنائس التي للنصارى بحلب، وأن يعمل لها محاريب إلى جهة القبلة وتغير أبوابها، وتتخذ مساجد: ففعل ذلك بكنيستهم العظمى، وسمي مسجد السراجين: وهو مدرسة الحلاويين الآن، وكنيسة الحدادين. وهي مدرسة الحدادين الآن، وكنيسة بدرب الحراف: وهي مكان مدرسة ابن المقدم. ولم يترك للنصارى بحلب سوى كنيستين لا غير، وهي الآن باقية.
هذا كله ونور الدولة بلك غائب عن مدينة حلب في بلاده.
ثم إن جوسلين خرج في تاسع عشر شهر رمضان إلى الوادي والنقرة والأحص، وأخذ ما يزيد عن خمسمائة فرس كانت في الغريب، حتى لم يبق بحلب من الخيالة خمسون وفارساً لم خيل، وأخذ من الدوب البقر والغنم والجمال ما لايحصى، وقتل وسبى وخرب ما أمكنه وعاد إلى تل باشر.
وخرج سير ألان في عسكر أنطاكية من الأثارب حتى وصل الحانوتة وحلفا، وأخذ ما كان بقي من خيل في الغريب في الجانب القبلي، وذلك مقدار ثلاثه صخرس ة وأخذ قافلة كانت واصلة من شيزر بغلة.
ثم عبر جوسلين من الفرات إلى شبختان وأغار على تركمان وأكراد، فأخذ ص الغنم والخيل ما يزيد على عشرة الاف وسبى وقتل، ومن سلم له فرس من عسكر حلب يخرجون مع الحرامية ولا يقطعون الغارات على بلادهم، ويحضرون الأسارى مرة.
بعد أخرى.
ثم أغار جوسلين على الجبول، وما حولها، وأخذ دواب كثيرة وتوجه، إلىدير حافر، فخنق أهلها بالذخان في المغاير، وفتح المقابر، وسلب الموتى أكفانهم وفي يوم الأربعاء سادس عشرين من ذي القعدة، عبر بلك إلى الشام وقبض على نائب بهرام داعي الباطنية بحلب، وأمر بإخراجهم من حلب فباعوا أموالهم ورحالهم وخرجوا منها.
ثم إن الأمير نور الذولة بلك جمع العساكر، ووصله أتابك طغتكين بعسكر دمشق عسكر أق سنقر - البرسقي، وعبروا حتى نزلوا على عزاز، وضايقوها بالحصار، وأخذوا عليها نقوبا إلى أن سهل أمرها، فتجمع الفرنج وقصدوا ترحيل المسلمين عنها فالتقىالجيشان، وهزم المسلمون، وتفرقوا بعد قتل من قتل وأسر من أسر.
وعمر بلك حصن الناعورة بالئقرة وحصن المغارة - على شط الفرات - وتزويج فرخنده خاتون بنت رضوان، وعرس بها في ثالث وعشرين ذي الحجة من سنة سبع عشرة وخمسمائة.
وفي المحرم من سنة ثماني عشرة وخمسمائة، تنكر بلك على رئيس حلب
سلمان العجلاني وجعل عليها رجلاً من أهل حران اسمه محمد بن سعدان، ويعرف بابن سعدانة، وكثر الأمن من الذعار وقطاع الطريق عند قدوم بلك حلب، وأقام الهيبة العظيمة، وتقدم بفتح أبواب حلب ليلاً ونهاراً، وحسم مادة أرباب الفساد. وقال للحارس: إن عدت سمعتك تصيح ضربت عنقك.
ونقل بغدوين ومن كان معه من حبس حران، فحبسه في قلعة حلب.
وتوجه في شهر صفر فرقة من أصحابه الأتراك إلى ناحية عزاز، فوقع بينهم وبين الفرنج وقعة عند مشحلا، وظفر بهم الأتراك، وقتلوا منهم أربعين رجلاً من الخيالة والرجالة وأخذوا أسلابهم، ووصل الباقون عزاز وما فيهم إلا من جرح جراحاً عدة.
وانقطع المطر في كانونين ونصف شباط، ثم تدارك فأخصب الزرع واستغل الناس، وكان بحلب غلاء شديد.
وفي صفر من سنة ثماني عشرة وخمسمائة، تنكر نور الدولة بلك على حسان بن كمشتكين صاحب منبج لشيء بلغه عنه، فأنفذ قطعة من عسكره مع ابن عمه تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق، وتقدم إليهم أن يمروا على منبج، ويطلبوا من حسان أن يخرج معهم للإغارة على تل باشر فإذا خرج
قبضوه، ففعلوا ذلك، ودخلوا منبج، وعصى عليهم الحصن ودخله عيسى أخو حسان.
وسير حسان فحبس في حصن بالو بعد أن عوقب وعري، وسحب على الشوك فلم يسلمها أخوه.
وكتب عيسى إلى جوسلين: إن وصلتني وكشفت عني عسكر بلك سلمت