الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسد ما فيه من المنافس، وأوقد فيه نار من منقل، وعنده ثلاثة من أصحابه، فاختنق، وواحد من أصحابه، وحمل إلى حلب ميتاً في شعبان، من سنة ست وستمائة.
وجرى على الملك الظاهر منه ما لا يوصف من الحرن والأسف.
ووصل الملك العادل إلى حران، وخافه صاحب الموصل والجريرة، فراسل الملك الظاهر، وطلب منه أن يخلي بينه وبين ملوك الشرق، وأن يحتكم في ما يطلبه منه، وراسله صاحب الموصل، وصاحب إربل، وصاحب الجزيرة، يعتضدون به وهو لا يؤيسهم.
فخرج السلطان إلى حيلان بعسكره، ثم رحل إلى السموقة وراسل عمه في مهادنتهم وتطييب قلوبهم، وهو مخيم على لا السموقة على نهر قويق وطلب منه أن تكون كلمة المسلمين كلهم متفقة.
وكذلك تدخل في الصلح ملك الروم، وأن يقصدوا الفرنج بجملتهم، فإن الفرنج في نية التحرك، وخامر جماعة من عسكر الملك العادل. ووصل ابن كهدان إلى السلطان الملك الظاهر، فأكرمه، فتخاذل عسكر الملك العادل، فاتفق الحال بينهم على الصلح، ودخول ملوك الإسلام فيه.
زواج الظاهر وعنايته بالعمران
وتمت المصاهرة بين الملك العادل والملك الظاهر على ابنته الخاتون الجليلة ضيفة خاتون بنت الملك العادل وشرع السلطان في عمل قناة حلب وفرقها على الأمراء، والخواص. وحرر عيونها، وكلس طريقها جميعه، حتى كثر الماء بحلب. وقسم الماء فى جميع محال حلب. وابتنى القساطل في
المحال. ووقف عليها وقفاً لإصلاحها، وذلك في سنة سبع وستمائة.
وتوفي وزير السلطان الملك الظاهر نظام الدين محمد بن الحسين بحلب، بعلة الدوسنطاريا، في صفر سنة سبع وستمائة. وكان رحمه الله وزيراً صالحاً مشفقاً، ناصحاً، واسطة خير عند السلطان، لا يشير عليه إلا بما فيه مصلحة رعيته والإحسان إليهم. وقام بعمه بكتابة الإنشاء والأسرار شرف الدين أبو منصور بن الحصين، وشمس الدين بن أبي يعلى كان مستوفي الدواوين. فلما مات أبو منصور بن الحصين استقل بالوزارة، وأضيف إليه ديوان الإنشان مع الاستيفاء. وعمر السلطان باب قلعة حلب، والدركاه، وأوسع خندقها وعمل البغلة من الحجارة الهرقلية، وعمق الخندق، إلى أن نبع الماء في سنة ثمان وستمائة. وخرجت من مصر، في هذه السنة، الملكة الخاتون، ضيفة خاتون بنت الملك العادل إلى حلب، مع شمس الدين بن التنبي. والتقاها الملك الظاهر بالقاضي بهاء الدين من دمشق، ثم بالعساكر الحلبية بعد ذلك بتل السلطان واحتفل في اللقاء، وبالغ في العطاء. ووصلت إلى حلب في النصف من المحرم من سنة تسع وستمائة.
وملك ابن التنبي قرية من قرى حلب، من ضياع الأرتيق يقال لها تلع وأعطاه عطاء وافراً، وحظيت عنده حظوة، لم يسمع بمثلها.
ووقعت النار في مقام إبراهيم عليه السلام وهو الذي فيه المنبر، ليل الميلاد، وكان فيه من الخيم والآلات والسلاح ما لا يوصف، فاحترق الجميع، ولم يسلم غير الجرن الذي فيه رأس يحيى بن زكريا عليه السلام واحترقت السقوف والأبواب، فجدده السلطان الملك الظاهر، في أقرب مدة أحسن مما كان.
وتوفي شرف الدين عبد الله بن الحصين كاتب السلطان، واستقل شمس الدين عبد الباقي بن أبي يعلى بالوزارة، في سنة تسع وستمائة.
وشرع الملك الظاهر في هدم باب اليهود وحفر خندقه وتوسعته. وبناه بناء حسناً، وغيره عن صورته التي كان عليها، وبنى عليه برجين عظيمين، وسماه باب النصر. وأتم بناءه، في سنة عشر وستمائة.
وولد للسلطان الملك الظاهر ولده الملك العزيز، من ابنة عمه الخاتون ضيفة خاتون،، في يوم الخميس خامس ذي الحجة من سنة عشر وستمائة فضربت البشائر، وزينت مدينة حلب، وعقدت القباب.
وفي اليوم السابع عشر، من ميلاده، ختن السلطان أخاه الملك الصالح، واحتفل بختانه، ونصب الزورق، من قلعة حلب إلى المدينة، ونزل فيه الرجال، وعملوا من الآلات والتماثيل التي ركبوها، حالة النرول أنواعاً وطهر أولاد الأكابر من أهل المدينة، وشرفهم، وخلع عليهم.
فجدد السلطان الملك الظاهر باشورة حلب، من باب الجنان إلى برج الثعابين، وبنى لها سوراً قوياً ظاهراً عن السور العتيق، وجدد فيه أبرجة كالقلاع، وعزم على أن يفتتح بالقرب من برج الثعابين باباً للمدينة، ويسميه باب الفراديس، وكان يباشر الإشراف على العمارة بنفسه.
وأمر قي هذه السنة بتجديد ربض الظاهرية، خارج باب قنسرين، فيما بينه وبين النهر، فنسب إليه لذلك، وخربت الياروقية، وانتقل معظم أهلها إليه.
ووثب الإسماعيلية على ابن الإبرنس، بكنيسة انطرسوس، فقتلوه، فجمع البرنس جموع الفرنج، ونزل على حصونهم، وقتل وسبى، وحصر حصن الخوابي فكتبوا إلى السلطان، يستغيثون به، ويستنجدونه، فاستخدم السلطان مائتي راجل. وسير جماعة من عسكر حلب، يحفظونه، ليدخلوا إلى حصن الخوابي، ويمنعوا الفرنج من الاستيلاء عليه.
وجرد عسكراً من حلب، مع سيف الدين بن علم الدين، ليشغل الفرنج من جهة اللاذقية ليتمكن الرجالة من الدخول إلى الحصن. فلما سمع الفرنج بذلك، كمنوا كميناً للرجالة والخيالة، الذين يحفظونهم، فأسروا الرجالة، وقتلوهم، وقبضوا ثلاثين من الخيالة، وذلك في حادي عشر شهر رجب.
فعند ذلك خرج الملك المعظم ابن العادل، من دمشق، بعسكره، ودخل غائراً في بلد طرابلس، فلم يترك في بلدها قرية إلا نهبها، وخربها، واستاق الغنائم والأسرى، فرحلوا عن الخوابي، وأطلقوا الأسرى الدين أسروهم من أصحاب السلطان الملك الظاهر،، وراسلوه، معتذرين، متلطفين، وافترقوا عن غير زبدة حصلت لهم.