الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان في سنة اثنتين وثلاثين قد عول أتابك على قبض أملاك الحلبيين التي استحدثوها من أيام رضوان إلى آخر أيام إيلغازي، ثم قرر عليهم عشرة آلاف دينار، فأدوا من ذلك ألف دينار، وجاءت هذه الزلازل، فهرب أتابك من القلعة إلى ميدانها حافياً، وأطلق القطيعة.
وفي هذه السنة، نهض سوار الفرنج فغنم من بلادهم، ولحقوه فاستخلصوا ما غنم، وانهزم المسلمون فغنم الفرنج، وأخذوا منهم ألفاً ومائتي فارس، وأسروا صاحب الكهف ابن عمرون، وكان قد سلمها إلى الباطنية.
وفي شهر رمضان منها، استحكم الفساد بين أتابك وتمرتاش، فنزل أتابك زنكي دارا، وحصرها وافتتحها في شوال، وأخذ رأس عين وجبل جور وذا القرنبن. ومات سوتكين الكرجي بحران، فأنفذ أتابك زنكي وأخذها.
زنكي يفتح بعلبك ويحاصر دمشق
وقتل شهاب الدين محمود ابن تاج الملوك على فراشه، ليلة الجمعة الثالثة والعشرين من شوال من السنة، قتله البغش ويوسف الخادم، وفراش، وكان قد قربهم واصطفاهم.
وسير أنر إلى محمد أخيه صاحب بعلبك، فأجلسه في منصب أخيه وأخرج
أخاه بهرام شاه فمضى إلى حلب وشرق إلى أتابك زنكي.
وعلمت والدته زمرد خاتون، فأرسلت إلى زوجها زنكي، وهو بالموصل تستدعيه لطلب الثأر بولدها، وتحثه على الوصول، فأقبل وفي مقدمته الأمير الحاجب صلاح الدين، فسار إلى حماة.
ووصل زنكي حتى عبر الفرات، ونزل بالناعورة، ودخل حلب، ورحل إلى حماة في سابع ذي الحجة، ورحل إلى حمص، ثم إلى بعلبك، فحصرها أول محرم من سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وضربها بالمجانيق إلى أن فتحها يوم الإثنين رابع عشر صفر.
وفتح القلعة يوم الخميس خامس وعشرين منه، وأقام بها إلى منتصف شهر ربيع الآخر، وكان قد حلف لأهل القلعة بالأيمان المغلظة والمصحف والطلاق، فلما نزلوا غدر بهم، وسلخ واليها، وشنق الباقين. وكانوا سبعة وثلاثين رجلاً، وغدر بالنساء، وأخذهم.
وسار في نصف ربيع الآخر إلى دمشق لمضايقتها، فنزل! على داريا، وزحف إلى البلد، وراسل محمد بن بوري في تسليمها، وأخذ بعلبك وحمص، وما يقترح معهما عوضاً عنها، وأراد إجابته إلى ذلك فمنعه أصحابه، وخوفوه الغدر به، فمات محمد بن بوري، في ثامن شعبان، ونصب ولده عضب الدولة أبق مكانه.
وكاتب أنر الفرنج في نجدته، وتسليم بانياس من إبراهيم بن طرغت إليهم،
فتجمعوا لذلك، فرحل أتابك عن دمشق، في خامس شهر رمضان، للقاء الفرنج إن قربوا منه إلى ناحية بصرى وصرخد من حوران، وأقام مدة، ثم عاد إلى الغوطة فنزل عذراء وأحرق عدة ضياع من الغوطة.
ووصل الفرنج فنزلوا بالميدان، فرحل أتابك إلى ناحية حمص. وأسر ريمند صاحب أنطاكية إبراهيم بن طرغت صاحب بانياس، وقتله. ونزل معين الدين أنر عليها فحصرها وتسلمها، وسلمها إلى الفرنج، وعادت خاتون إلى حلب في العشرين من ربيع الأول. وعاد أتابك إلى حلب في الرابع والعشرين من جمادى الأولى، واستقر الحال بين زنكي وأبق على أن خطب لزنكي بدمشق.
ومات قاضي حلب أبو غانم محمد بن أبي جرادة في شهر ربيع الآخر من سنة أربع ثلاثين وخمسمائة، فولى أتابك قضاء حلب ولده أبا الفضل هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، ولما استحضره وولاه القضاء قال له: هذا الأمر قد نزعته من عنقي، وقلدتك إياه، فينبغي أن تتقي الله وأن تساوي بين الخصمين، هكذا، وجمع بين أصابعه.
وكثر عيث التركمان وفسادهم، وامتدت أيديهم إلى بلاد الفرنج، فأرسلوا رسولاً إلى أتابك يشكونهم، فعاد الرسول متنصلاً، فلقيه قوم من التركمان فقتلوه، فأغار الفرنج على حلب، فأخذوا من العرب والتركمان ما لا يحصى.
وعاد أتابك في سنة ست وثلاثين على الحلبيين بالقطيعة التي كان قررها على الأملاك، وأرسل إليهم علي الفوتي العجمي، فعسف الناس في استخراج القطيعة، وأخرف بهم، ومات ابن شقارة بحلب، وصارت أملاكه إلى بيت المال فرد على الناس ما كان وظف على أملاكه من القطيعة وأخذه منهم.