الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسار حتى نزل على حلب، في ثامن عشر من جمادى الأولى، سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. ونزل على عين أشمونيت، وامتد عسكره حولها شرقاً، وأقام ثلاثة أيام، فقال له عماد الدين: امض إلى سنجار، وخذها وادفعها إلي، وأنا أعطيك حلب.
وكان عماد الدين قد ندم على مقايضة أخيه بحلب وسنجار، حيث وصل ووجد خزائنها صفراً من المال، وقلعتها خالية من العدد والسلاح والآلات، وأنه يجاور مثل الملك الناصر فيها.
فعند ذلك سار لا الملك الناصر إلى عبر البيرة، وكان صاحبها شهاب الدين ابن أرتق قد صار في طاعته. فعبر إليه مظفر الدين بن زين الدين إلى الناحية الشامية، وحران، إذ ذاك في يده، كان أقطعه إياهاعز الدين صاحب الموصل. وحصلت بينه وبينه وحشة من الوقت الذي عزم فيه على أخذ قلعة حلب، فكانت رسله تتردد إلى الملك الناصر، تطمعه في البلاد، وتحثه على الوصول.
وعاد ابن زين الدين معه حتى عبر الفرات في جسر البيرة، وكان عز الدين قد وصل بعساكر الموصل إلى دارا، ليمنع الملك الناصر من حلب، فلما عبر الفرات عاد إلى الموصل.
صلاح الدين في أرض الجزيرة
وعبر الملك الناصر، فأخذ الرها من ابن الرعفراني، وسلمها إلى ابن زين الدين، وأخذ الرقة من ابن حسان، ودفعها إلى ابن الرعفراني. وكاتب ملوك الشرق فأطاعوه، وقصد نضيبين، فأخذها. وسار إلى الموصل، وفيها عسكر قوي، فقوتل قتالاً شديداً، ولم يظفر منها
بطائل، فرحل عنها إلى سنجار، فأنفذ مجاهد الدين إليها عسكراً، فمنعه الملك الناصر من الوصول. وحاصر سنجار، فسلمها إليه أمير من الأكراد الزرزارية، وكان في برج من أبراجها فسلم إليه تلك الناحية وصارت الباشورة معه فضعفت نفس واليها أمير أميران أخي عز الدين، فسلمها بالأمان، في ثاني شهر رمضان من السنة، وقرر الملك الناصر أمورها، وعاد إلى حران.
ولما قصد الملك الناصر البلاد الشرقية، رأى عماد الدين أن يخرب المعاقل المطيفة ببلد حلب، فشن الغارات على شاطىء الفرات، وهدم حصن بالس، وحصر قليعة ناعر ففتحها، ثم هدمها بعد ذلك، وأغار على قرى الشط، فأخربها واستاق مواشيها، وأحرق جسر قلعة جعبر.
ثم وصل إلى منبج وقاتلها، وأغار على بلدها، ووصلت الغارة إلى قلعة نجم، وعبر الفرات، فأغار على سروج.
ثم عاد إلى حلب، ثم خرج وهدم حصن الكرزين وخرب حصن بزاعا وقلعة عزاز، في جمادى الآخرة، وخرب حصن كفرلاثا بعد أخذه من صاحبه بكمش، وكان قد استأمن إلى الملك الناصر، وضاق الحال عليه، فشرع في قطع جامكية أجناد من القلعة، وقتر على نفسه في النفقات. وأما الملك الناصر، فرحل من حران فنرل بحرزم تحت قلعة ماردين. فلم ير فيها طمعاً، فسار إلى آمد، في ذي الحجة. وكان قد وعد
نور الدين محمد بن قرا أرسلان بأخذها من ابن نيسان، وتسليمها إليه، وحلف له على ذلك، فتسلمها في العشر الأول، من المحرم من سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وكان فيها من المال شيء عظيم. فسلم ذلك كله مع البلد إلى نور الدين، وقيل له في أخذ الأموال وتسليم البلد، فقال: ما كنت لأعطيه الأصل وأبخل بالفرع.