الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناصر إلى قلعة جعبر. وتوجه إلى منبج للقائهم، واجتمع بهم، فوصلوا إلى حلب، يوم الأربعاء مستهل جمادى الأولى، من سنة أربعين وستمائة.
وطلع للخاتون الملكة قرحة في مراق البطن، وازداد ورمها، وحدث لها حمى بسببها.
وسار الملك المنصور ليلة الجمعة ثالث الشهر. وتوجه في صحبته نجدة من حلب، لتقصد بلاد الفرنج بناحية طرابلس.
وقوي مرض الملكة الخاتون، إلى أن توفيت إلى رحمة الله تعالى، ليلة الجمعة الحادية عشرة، من جمادى الأولى، من سنة أربعين وستمائة. ودفنت في الحجرة بالقلعة، تجاه الصفة، التي دفن فيها ولدها الملك العزيز رحمهما الله. وكان مولدها بقلعة حلب، حين كانت في ولاية أبيها الملك العادل، إما في سنة إحدى أو اثنتين وثمانين وخمسمائة، وبلغني أنه كان عنده ضيف، فلما أخبر بولادتها، سماها ضيفة لذلك.
حوادث متفرقة
وأمر السلطان الملك الناصر في ملكه، ونهى بإشارة وزيره جمال الدين الأكرم والأمير جمال الدولة اقبال الخاتوني.
وعلم السلطان في التواقيع، وأشهد عليه بتمليك الأمير جمال الدولة نصف الملوحة، والحصة الجارية في ملك بيت المال بالناعورة. وأقر على نفسه بالبلوغ، وملك الوزير الحصة التي بأيدي نواب بيت المال تقيل ورحاها.
وجعل يجلس في دار العدل، في كل يوم اثنين وخميس، بعد الركوب وترفع إليه المظالم.
وخلع على أمرائه وكبراء البلد، وأقطع الأمير جمال الدولة عزاز وقلعتها وما كان في يد الملك الحافظ ابن الملك العادل، وجميع ما كان من الحواصل، في
الأماكن المذكورة، وذلك في الحادي والعشرين، من جمادى الأولى من سنة أربعين وستمائة.
وعاثت الخوارزمية والتركمان على بلاد الجزيرة، فخرج عسكر حلب، ومقدمهم الأمير جمال الدولة في جمادى الآخرة، وساروا، واجتمعوا في رأس عين.
فتجمع الخوارزمية، وانضووا إلى صاحب ماردين، واحتموا بالجبل، فوصل عسكر حلب، ونزلوا مقابلتهم، تحت الجبل، وخندقوا حولهم، وجرت لهم معهم وقعات.
وتضرر عسكر حلب، بالمقام، لقلة العلوفة، إلى أن ورد نائب المملكة بالروم وهو الأمير شمس الدين الأصبهاني إلى شهاب الدين غازي والي صاحب ماردين والخوارزمية، وأصلح بينهم على أن يعطى صاحب ماردين رأس عين. وأرضى ملك الروم الخوارزمية بخرتبرت، وشيء من البلاد، والملك المظفر غازي بخلاط.
وتوجهت العساكر، والنائب الأصبهاني، في جملتها وخرج السلطان الملك الناصر، وتلقاهم إلى منبج، ودخل النائب إلى حلب، يوم السبت التاسع عشر من شوال.
ودخل السلطان والعسكر، يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شوال، وورد مع النائب أموال عظيمة، لتستخدم بها العساكر للقاء التتار وبطلب نجدة من البلاد عليهم، فسير من حلب نجدة، ومقدمها الناصح الفارسي، في ذي الحجة، من سنة أربعين وستمائة.
فالتقاهم السلطان غياث الدين، بسيواس، أحسن لقاء، وأعطاهم عطاء سنياً، وفوض تدبير العسكر إلى الناصح أبي المعالي الفارسي، وفرح أهل بلاد الروم وقويت قلوبهم بنجدة حلب.
وسار السلطان من سيواس إلى أقشهر، ووصله الخبر بوصول
التتار فسير بعض أمرائه، وعسكر حلب، ليكشفوهم. فوصلوا إليهم، ونشب القتال بينهم.
ووقعت بينهم حملات، فانهزم التتار، بين أيديهم، ثم تكاثروا، وحملوا عليهم، فانكسر عسكر الروم وثبت الحلبيون، وجرى بينهم كرات، وخرج عليهم كمينان، من اليمين واليسار فأحدقوا بهم، فلم يسلم منهم إلا من حمل، وخرج من بينهم، وذلك، في يوم الخميس، الثالث عشر من المحرم، سنة إحدى وأربعين وستمائة.
وانهزم ملك الروم في الليل، ليلة الجمعة، وأجفل أهل بلاد الروم، إلى حلب وأعمالها، وعاث التركمان في أطراف الروم، ونهبوا من خرج إلى الشام.