الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي سنة سبع وثمانين، قبض على الوزير أبي نصر محمد بن الحسين بن النحاس بسعاية المجن بركات الفوعي به إلى قسيم الدولة. ولم يزل به إلى أن أمره بخنقه، وهو معتقل عنده، فخنقه في هذه السنة.
وفي شهر ربيع الأول من سنة سبع وثمانين وأربعمائة، خرج تاج الدولة تتش من دمشق، ومعه خلق عظيم من العرب، ولقيه يغي سيان بعسكر أنطاكية بالقرب من حماة وأقاموا هناك أياماً، وزوج ولده الملك رضوان من ابنة يغي سيان، وسيره عائداً إلى دمشق.
وسار تاج الدولة بعساكره فنزل تلمس، وأقام بها أياماً، فوصله الخبر بوصول كربوقا صاحب الموصل وبوزان صاحب الرها، ويوسف بن
أبق صاحب الرحبة، في ألفين وخمسمائة فارس إلى حلب، لنجدة أن سنقر، فعدل تاج الدولة إلى الحانوتة، ورحل إلى الناعورة، وعول على قصد الوادي، وأن يسير منه إلى أعمال أنطاكية، وأخذ العسكر دواب النقرة وبعض زرعها.
موقعة سبعين ومقتل أق سنقر
فخرج أق سنقر ومن وصله من النجدة وجماعة كثيرة مع شبل بن جامع ومبارك ابن شبل من بني كلاب وكان قد أطلقهما من الإعتقال في هذه السنة ومحمد بن زائدة في جماعته وجماعة من أحداث حلب والديلم والخراسانية، وعدة عسكره تزيد عن ستة آلاف فارس وراجل، في أحسن أهبة وأكمل عدة.
وقصد عسكر الملك تاج الدولة، يوم السبت تاسع جمادى الأولى من السنة، والتقوا على سبعين، وكان أول من قطع السواقي التي كانت بين العسكرين وبرز للحرب أن سنقر، ورتب مصاف عسكره.
وبقي عسكر بوزان وكربوقا لم يتمكن من قطع السواقي، فيختلطون بالعسكر،
ولم يستنصح أن سنقر العرب الذين معه، وخاف ميلهم إلى تاج الدولة، وكان عسكر تاج الدولة في مثل هذه العدة من العرب والرجالة،
وكان الترك معه في قلة لأق أصحابه وخواصه كانوا متفرقين في البلاد التي افتتحها.
وحمل عسكر تاج الدولة على عسكر أن سنقر فلم يثبت لحظة واحدة، وانهزمت العرب وبوزان وكربوقا نحو حلب فدخلاها، واستأمن يوسف بن أبق إلى تاج الدولة.
وأسر أن سنقر وجماعة من خواصه ووزيره أبو القاسم بن بديع، وأحضر بين يدي تاج الدولة أسيراً، فقتله صبراً، وقال له تاج الدولة: لو ظفرت بي ما كنت صنعت. قال: كنت أقتلك، فقال له: فأنا أحكم عليك بما كنت تحكم علي، فقتله.
وحكى وثاب بن محمود قال: جلس تاج الدولة، وطلب قسيم الدولة، فأحضر مكشوف الرأس، مكتوفاً، فقام تاج الدولة، وكلمه كلاماً كثيراً، فلم يرد عليه جواباً، فضربه بيده أطار رأسه
وحمل رأسه إلى حلب والي دمشق، ودفن جسده في القبة التي على سطح جبل قرنبيا، غربي المشهد الذي ابتناه بقرنبيا، ثم نقله ابنه زنكي لما فتح حلب إلى مدرسة الزجاجين، ووقف شامر قرية من بلد حلب، على من يقرأ على قبره.
واختار قسيم الدولة وقتاً للخروج إلى اللقاء، وهو وقت قران زحل للمريخ في بزج الأسد وهو طالع بيت السلطان بحلب وكان موقناً بالظفر، فخرج وأمرهم أن يلحقوه بالحبال لكتافهم بها، وكان تاج الدولة قد عزم على ما ذكرناه، ولم يكن موثراً لقاءه، فنصره الله تعالى كما شاء وأراد، لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه، ولا تأثير لشيء في ملكوته.
وأسر شبل بن جامع أمير بني كلاب فوهبه تاج الدولة لابن أخيه وثاب بن محمود.