الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم العاشر
حلب والمرداسيون
صالح بن مرداس
وسير صالح بن مرداس كاتبه أبا منصور سليمان بن طوق، فوصل إلى معرة مصرين، وغلب عليهاة وقبض واليها، وقيده، وسار إلى حلب في جماعة من العرب، لسبع بقين من رجب. فجرى بينه وبين سديد الملك ثعبان وموصوف الخادم، حرب في أيام متفرقة.
وسار صالح بن مرداس إلى حلب، في جمع كثير، ونزلها يوم الأحد لسبع وعشرة ليلة خلت من شهر رمضان من سنة خمس عشرة وأربعمائة، على باب الجنان. وجاب الحلل يوم الاثنين، وحاصرها ستة وخمسين يوماً، فوقع خلف بين موصوف والخادم وبين أبي المرجا سالم بن مستفاد غلام سيف الدولة بن حمدان، وكان من كبار القواد بحلب، وداره بالزجاجين، وحمامه أيضاً، آثارها باقية إلى وقتنا هذا.
فعزم موصوف على قتل سالم هذا، فجمع سالم جمعاً، وفتح باب قنسرين، وخرج إلى صالح، فأخذ منه الأمان لنفسه، ولجميع أهل المدينة. وسلمت المدينة إليه، يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة.
واحتمى سديد الملك بن ثعبان في القصر الملاصق للقلعة، ونصبت المنجنيقات والعرادات عليه وعليها.
ثم إن صالحاً رتب أبا المرجا سالم بن المستفاد، وكاتبه سليمان بن طوق على قتال القصر والقلعة بحلب.
وسار إلى فلسطين منجداً حسان بن المفرج على الدزبري، فإنه جمع، وعاد
إليه في جيش كثيف، فالتقى الجيشان فكسر الدزبري، وعاد مفلولاً.
وأما قلعة حلب فإن الحلبيين نقبوها، ووصل النقب إلى بئرها المعين، وقل الماء فيها، ودام الحصار عليها سبعة أشهر.
وراسل من في القلعة سالماً وسليمان في الصلح في عاشر ربيع الآخرة فلم يجيباهم. ونصبوا الصلبان ثلاثة أيام، ودعوا لملك الروم، ولعنوا الطاهر، ونقر الناقوس، وقاتلوا القلعة، ثم نفروا يوم الجمعة ثاني عشر الشهر، وحملوا المصاحف على أطراف الرماح في الأسواق، ونادوا النفير وزحفوا.
فاستأمن جماعة من المغاربة الذين في القلعة، فخلع عليهم، وطيف بهم في المدينة. وبسطت ثياب الديباج والسقلاطون، وبدر المال مقابل القلعة، وبذلت لمن ينزل إلى ابن مستفاد وسليمان مستأمناً.
فلما يئس أهل القلعة من النجدة نزل رجل أسود يعرف بأبي جمعه، وكان عريف المصامدة إلى المدينة، وبقي أياماً ينزل من القلعة ويصعد فأفسده سالم بن مستفاد وسليمان بن طوق.
فلما جاء ليطلع القلعة في بعض الأيام تقدم موصوف الخادم والي القلعة برد الباب في وجهه، فصاح إلى أصحابه، فالتفت المصامدة والعبيد في القلعة، ووقع الصوت إلى أهل حلب، فطلعوا إلى القلعة من كل مكان.
ودخلها ابن طوق وابن مستفاد، يوم الأربعاء مستهل جمادى الأولى سنة ست عشرة وأربعمائة وقبض على موصوف الصقلبي وسديد الملك ثعبان، وأبي الفضل بن أبي أسامة.
فأما ثعبان ففدى نفسه بمال دفعه إلى صالح، وأما موصوف فضرب رقبته صبراً بين يديه. وأما القاضي أبو الفضل بن أبي أسامة فدفنه حياً في القلعة.
ولما جدد الملك العزيز أبو المظفر محمد بن غازي رحمه الله الدار الكبرى التي ابتناها بقلعة حلب، وحفر أساسها، وجدوا مطمورة فيها رجل في ساقيه لبنة