الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصل إلى حمص، فبلغه أن أبا جعفر المنصور وكان يومئذ يلي الجزيره، وأرمينية، وأذربيجان وجه مقاتل بن حكيم العكي من الرقة، في خيل عظيمة لقتال السفياني، وأن العكي قد نزل منبج، فسار عبد الله مسرعاً حتى نزل مرج الأجم، فبلغه أن العكي واقع السفياني وهزمه، واستباح عسكره، وافتتح حلب عنوة، وجمع الغنائم، وسار بها إلى أبي جعفر وهو بحران.
فارتحل عبد الله إلى دابق، وشتا بها، ثم نزل سميساط، وحصر فيها اسحاق ابن مسلم العقيلي، حتى سلمها ودخل في الطاعة.
ثم قدم أبان بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، في أربعة آلاف من نخبة من كان مع إسحاق بن مسلم. فسير إليه حميد بن قحطبة، فهزم أباناً، ودخل سميساط، فسار إليها عبد الله، ونازلها حتى افتتحها عنوة.
وكتب إليه أبو العباس يأمره بالمسير إلى الناعورة، وأن يترك القتال، ويرفع السيف عن الناس، وذلك في النصف من رمضان سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
وهرب أبو محمد ومن معه من الكلبية إلى تدمر ثم خرج إلى الحجاز، فظفر به وقتل، وكتب إليه السفاح أن يغزو بلاد الروم، فأتى دابق، فعسكر بها، وجمع، وتوجه إلى بلاد الروم.
خلافة أبي جعفر المنصور
فلما وصل دلوك يريد الإدراب، كتب إليه عامله بحلب يخبره بوفاة
السفاح وبيعة المنصور فرجع من دلوك، وأتى حران، ودعا إلى نفسه، وزعم أن السفاح جعله ولي عهده.
وغلب على حلب، وقنسرين، وديار ربيعة ومضر، وسائر الشام. ولم يبايع
المنصور. وبايعه حميد بن قحطبة وقواده الذين كانوا معه. وولى على حلب زفر بن عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي أبا عبد الله، في سنة سبع وثلاثين مائة.
فسير المنصور أبا مسلم الخراساني صاحب الدعوة لقتال عبد الله بن علي، فسير عبد الله حميد بن قحطبة، وكتب له كتاباً إلى زفر بن عاصم إلى حلب، وفيه:" إذا ورد عليك حميد فاضرب عنقه ". فعلم حميد بذلك، فهرب إلى أبي مسلم الخراساني، خوفاً من عبد الله.
ثم سار أبو مسلم إلى عبد الله بن علي، فالتقيا، وانهزم عبد الله وعبد الصمد أخوه معه، فسار أبو مسلم خلفه فوصل إلى الرقة وأخذ منها أموال عبد الله، وتبعه رصافة هشام فانهزم عبد الله إلى البصرة، وتوارى عند أخيه سليمان بن علي، فأخذ له أماناً من المنصور، وسيره إليه، فحبسه إلى أن سقط عليه الحبس، فمات.
وقبض أبو مسلم على عبد الصمد بن علي، بالرصافة، وأخذ أمواله، وسيره إلى المنصور، فأمنه وأطلقه.
وورد كتاب المنصور على أبي مسلم بولاية الشام جميعه، وحلب وقنسرين، وأمر أن يقيم له في بلاده نواباً، ففعل أبو مسلم ذلك.
وسار إلى المنصور، فالتقاه في الطريق يقطين بن موسى، وقد بعثه المنصور إليه لإحصاء جميع ما وجدوا في عسكر عبد الله بن علي. فغضب أبو مسلم وقال: أنكون أمناء في الدماء وخونة في الأموال؟. ثم أقبل وهو مجمع على خلاف المنصور. فاستوحش المنصور منه، وقتله في سنة تسع وثلاثين ومائة.
ولما عاد أبو مسلم من الشام ولي المنصور حلب وقنسرين وحمص صالح بن علي بن عبد الله بن العباس سنة سبع وثلاثين ومائة، فنزل حلب، وابتنى بها خارج المدينة قصراً بقرية يقال لها بطياس بالقرب من النيرب،
وآثاره باقية إلى الآن. ومعظم أولاده ولدوا ببطياس. وقد ذكرها البختري وغيره في أشعارهم.
وأغزى الصائفة مع ابنه الفضل في سنة تسع وثلاثين ومائة بأهل الشام، وهي أول صائفة غزيت في خلافة بني العباس. وكانت انقطعت الصوائف في أيام بني أمية قبل ذلك بسنين.