الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطان الملك الظاهر، وشغل خاطره عن حصار دمشق، فسير الملك الظاهر المبارز أقجا وكان من أكبر أمراء حلب ومعه بعض العسكر، فنزل على بالس ونهبها، وسار إلى منبج فنزلها، فوصل الملك الفائز إليها، فانهزم بمن كان معه من العسكر إلى بزاعا، ودخلها الفائز، وبنى قلعتها وحصنها، وسار منها طالباً عسكر حلب إلى بزاعا، فاندفعوا بين يديه إلى حلب، وأقام على بزاعا أياماً، وجفل بلد حلب خوفاً منه، وهرب فلاحوه.
ورحل إلى أبيه إلى نابلس، فسير الملك العادل نجدة تدخل إلى دمشق، فبلغ حديثها الملك الظاهر، وقد أحدقت العساكر بدمشق، فكمن لهم كميناً، فوقعوا عليهم، وقتلوا منهم جمعاً كثيراً، وانهزم بعضهم، ولم يدخل إلى المدينة إلا القليل. ونكث صاحب حماة، وخرج إلى ناحية الروج، وأغار عليه، ونهب رستاق شيزر.
وسار عسكر حلب إلى منبج، فلم يجد فيها مطمعاً، واستدعاهم الملك الظاهر، فمضوا إليه إلى دمشق، وطال الحصار، وضجر العسكر، وهرب شقير، والجحاف، بعد استيلاء الفائز على منبج، وكان خير الجحاف.
الأفضل والظاهر يختلفان
ووقع الخلف بين الملك الأفضل والملك الظاهر على دمشق، فالملك الظاهر يريدها لنفسه، لأنه أخرج الخزائن، وبذل الأموال، وحصرها بعسكره، والملك الأفضل يريدها لنفسه لأنها بلده، وأنه أخرج صرخد من يده بسببها. وحصل بينهما منافرة أوجبت رحيل الملك الظاهر، ومعه ميمون القصري، وسراسنقر، وأيبك فطيس، والبكي الفارس، والقبيسي.
ورحل الملك الأفضل فنزل حمص، عند صاحبها الملك المجاهد، وزوج ابنه الملك المنصور إبراهيم بابنة الملك الأفضل.
وسار الملك الظاهر إلى حماة، فأغار عليها، وشعث بلدها، وصانع صاحبها
الملك المنصور، على مال أخذه منه، وسار إلى منبج، وعزم على أن يهجمها بالسيف، ويقتل جميع من بها، لأنهم قاموا مع الملك الفائز، فشفع إليه الأمراء في أن يسلموها طائعين، ويعفو عنهم، فتسلمها، وأقطعها ابن المشطوب، في المحرم من سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
ثم دخل إلى حلب، وأقطع ميمون القصري عزاز، وشيح، وبلد الخوار، وأقطع أيبك فطيس أقطاعاً أرضاه، وعاد عنه سراسنقر، وتسلم السلطان أفامية من ابن المقدم، وعوضه عنها بالراوندان.
وتوفي وزير السلطان الملك الظاهر جمال الدين أبو غالب عبد الواحد بن الحصين البغدادي في شعبان سنة سبع وتسعين، وكان في خدمة أبيه الملك الناصر، فانتقل بعد موته إلى حلب، ووزر له، وصار وزيره بعده نظام الدين أبو المؤيد محمد ابن الحسين.
ووصل الملك العادل إلى دمشق، فتوجه إليه الملك المجاهد صاحب حمص، ومعه الملك الأفضل، وترقق إليه، فأعطى الملك الأفضل شيحتان وجملين والموزر وقلعة السن وسميساط. وسار إليها الملك الأفضل، ونزل الملك العادل إلى حماة، وراسل الملك الظاهر، حتى استقر الصلح بينه وبينه، على أن خطب له الملك الظاهر بحلب، وضرب السكة باسمه مع اسمه، في شهر جمادى الآخرة، من سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
وصعد الرسول شمس الدين بن التنبي إلى المنبر، وقت إقامة الدعوة له، يوم الجمعة، ونثر ذهباً كثيراً على الناس. وبلغ الملك الظاهر، عن ابن المشطوب، أنه كان قد عزم على المخامرة، فسير إلى منبج العسكر، وأخذها منه، وعفا عنه، وهدم قلعتها وسورها، فمضى ابن المشطوب إلى الشرق.
وجمع الملك الظاهر العرب في دابق، لأخذ العداد منهم، وخاف ابن المقدم منه، فهرب إلى الراوندان، ليعصي بها، فسار الملك الظاهر خلفه، ولم يمهله،