الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووصلت إليه رسل البلاد، من جميع الجهات، ومالوا إليه، وصاروا أتباعاً له، وأمر ونهى ببلد حلب، في الأجناد والأقطاع لا غير. وتردد أكابر الحلبيين إلى خدمته، وخلع عليهم، وانقضى فصل الشتاء.
إنجاد دمياط وتحرك ابن المشطوب
فأقطع الأقطاع لأجناد حلب، ورتب أمور أمرائها، ولا يفعل شيئاً من ذلك إلا بمراجعة الأتابك شهاب الدين، وبدا من الأمراء المصريين تحرك في أمره، وكرهو أمره ونهيه في حلب، وخافوا من استيلائه عليها، وانتقامه منهم لميلهم إلى الملك الأفضل. وبلغه عنهم أشياء عزموا عليها، وهو ثابت لذلك كله.
ووصلته رسل أخيه الملك الكامل، يطلب منه النجدة إلى دمياط. وكان ابن المشطوب قد أراد الوثوب عليه وتمليك الفائز أخيه، فأخرجه من الديار المصرية، بعد أن رحل من منزلته، التي كان بها في قبالة الفرنج، وعبور الفرنج إليها، ونهب الخيم ومنازلة دمياط، وقطعهم المادة عنها.
فاتفق رأي الملك الأشرف على تسيير الأمراء، الذين كانوا يضمرون الغدر، فسيرهم نجدة إلى أخيه، وهم المبارزان: ابن خطلخ وسنقر الحلبيان، وابن كهدان، وغيرهم.
وخاف ابن خطلخ منه، فاستحلفه على أن لا يؤذيه، فحلف له، وسيرهم إلى أخيه الملك الكامل فأقاموا عنده بالكلية.
وتوفي نور الدين صاحب الموصل في هذه السنة. وترك ابناً صغيراً قام بدر الدين لؤلؤ، مملوك جده بتربيته. وخطب للكامل والأشرف.
وقام زنكي بن عز الدين، فأخذ العمادية وهي قلعة حصينة فيها أموال الموصل بمواطأة من أجنادها، وعزم على أخذ الموصل، وقال: أنا أولى بكفالة ابن أخي. وساعده مظفر الدين صاحب إربل على ذلك، فسير لؤلؤ رسولاً إلى الملك الأشرف إلى حلب، يطلب إنجاده، فسير إليه عز الدين أيبك الأشرفي.
وكان عماد الدين بن سيف الدين علي المشطوب، لما نفي من الديار المصرية، قد وصل إلى حماة، وأقام عند صاحبها، وكاتب الملك الأفضل، وجمع جموعاً كثيرة من الأكراد، وأرباب الفساد، وساعده الملك المنصور صاحب حماة بالمال والرجال على ذلك وعزم على أن يمضي، بمن جمعه من العساكر إلى الأفضل، وأن يقوم معه، ويساعده صاحب حماة، وسلطان الروم.
ثم سار ابن المشطوب، بغتة، وخاض بلد حلب، وكان الزمن زمن الربيع، وخيول الأجناد متفرقة في الربيع، فوصل إلى قنسرين ونفذ منها إلى تل أعون، وبلغ الساجور، واستاق في طريقه ما وجد من الخيل، وغيره.
وبلغ خبره إلى الملك الأشرف، فأركب من كان بحضرته من العساكر، خلفه، وكان فيهم ابن عماد الدين صاحب قرقيسيا، فلحقوه على الساجور، وفي صحبته نجم الدين بن أبي عصرون، فقبضوا عليه وأتوا به إلى الملك الأشرف، فعفا عنه، وعن ابن أبي عصرون، وأقطع ابن المشطوب رأس عين وأقام عنده مخيماً بالياروقية، إلى أن دخل شعبان، من السنة المذكورة.
وسار الملك الأشرف، إلى بلاده الشرقية، لإصلاح أمر الموصل، وكان صاحب إربل وزنكي، قد كسرا لؤلؤ وأيبك الأشرفي، على الموصل. فنزل الملك الأشرف على حران، وفي صحبته عسكر حلب.
ومات كيكاوس ملك الروم، وملك بعده أخوه كيقباذ، فراسل الملك ألأشرف، واتفق معه.
وخربت القدس في أوائل هذه السنة.
وخرج إلى الفرنج المنازلين دمياط نجدة من البحر، ووقع الوباء في أهل دمياط، وضعفوا عن حفظها، فهجمها الفرنج على غفلة من أهلها، في عاشر شهر رمضان، والملك الكامل، مرابط حولها بالعساكر، وابتنى مدينة سماها المنصورة، أقام فيها في مقابلة الفرنج.