الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصرية يفعلون كذا. وتكتب العلامة على رأس الكتاب، ولا يذكر اسمه. وسير الملك الناصر، وطلب أباه نجم الدين وأهله، فسيرهم نور الدين إليه مع عسكر، واجتمع معهم من التجار خلق عظيم، وذلك في سنة خمس وستين.
وخاف نور الدين عليهم من الفرنج، فسار في عساكره إلى الكرك فحصره ونصب عليه المجانيق، فتجمع الفرنج، وساروا إليه وتقدمهم ابن الهنفري، وابن الدقيق، فرحل نور الدين نحوهما قبل أن تلحقهما بقية عساكر الفرنج فرجعا خوفاً منه واجتمعا ببقية الفرنج.
وسلك نور الدين وسط بلادهم، وأحرق ما في طريقه إلى أن وصل إلى بلاد الاسلام، فنزل على عشترا على عزم الغزاة، فأتاه خبر الزلازل الحادثة بالشام، فإنها خربت حلب خراباً شنيعاً، وخرج أهلها إلى ظاهرها.
من الزلازل إلى وفاة قطب الدين
وتواترت الزلازل بها أياماً متعددة، وكانت في ثاني عشر شوال من السنة يوم الاثنين طلوع الشمس، وهلك من الناس ما يريد على خمسة آلاف نفر ذكر وأنثى، وكان قد احترق جامع حلب وما يجاوره من الأسواق قبل ذلك في سنة أربع وستين وخمسمائة، فاهتم نور الدين في عمارته وإعادته والأسواق التي تليه إلى ما كانت عليه. وقيل: إن الاسماعيلية أحرقوه.
وبلغه أيضاً وفاة مجد الدين ابن دايته، أخيه من الرضاعة بحلب، في شهر رمضان سنة خمس وستين وخمسمائة، فتوجه نور الدين إلى حلب، فوجد أسوارها وأسواقها قد تهدمت.
ونزل على ظاهر حلب حتى أحكم عمارة جميع أسوارها، وبنى الفصيل الدائر على البلد، وهو سور ثان.
ورمم نوابه ما خرب من الحصون والقلاع مثل بعلبك، وحمص وحماة، وبارين، وغيرها.
وخرج نور الدين إلى تل باشر، فوصله الخبر بوفاة أخيه قطب الدين بالموصل في ذي الحجة، وكان أوصى بالملك لابنه الأكبر عماد الدين زنكي، وكان طوع عمه نور الدين لكثرة مقامه عنده، ولأنه زوج ابنته.
ثم إن فخر الدين عبد المسيح وخاتون ابنة تمرتاش بن إيلغاري زوجة قطب الدين، وهي والدة سيف الدين غازي بن قطب الدين اتفقا على صرف قطب الدين عن وصيته لابنه عماد الدين إلى سيف الدين غازي.
فرحل عماد الدين إلى عمه نور الدين مستنصراً به ليعينه على أخذ الملك له، فسار نور الدين في سنة ست وستين وخمسمائة، وعبر الفرات عند قلعة جعبر في مستهل المحرم، وقصد الرقة فحصرها وأخذها، ثم سار في الخابور، فملكه جميعه، وملك نصيبين، وأقام بها يجمع العساكر، وكانت أكثر عساكره في الشام في مقابلة الفرنج.
فلما اجتمعت العساكر سار إلى سنجار فحصرها، ونصب عليها المجانيق، وفتحها فسلمها إلى عماد الدين زنكي ابن أخيه، وجاءته كتب الأمراء بالموصل يبذلون له الطاعة، ويحثونه على الوصول إليهم، فسار إلى الموصل.
وكان سيف الدين غازي وعبد المسيح قد سيرا عز الدين مسعود بن قطب الدين إلى أتابك شمس الدين إيلدكز صاحب أذربيجان وأصبهان، يستنجدانه على نور الدين، فأرسل إيلدكز إليه رسولاً ينهاه عن التعرض للموصل فقال نور الدين: قل لصاحبك أنا أصلح لأولاد أخي منك، فلا تدخل بيننا، وعند الفراغ من إصلاح بلادهم يكون لي معك الحديث على باب همذان، فإنك قد ملكت هذه المملكة العظيمة، وأهملت الثغور حتى غلب الكرج عليها، وقد بليت أنا ولي مثل ربع بلادك بالفرنج، فأخذت معظم بلادهم، وأسرت ملوكهم.
وأقام على الموصل فعزم من بها من الأمراء على مجاهرة عبد المسيح بالعصيان، وتسليم البلد إلى نور الدين، فعلم بذلك، فأرسل إلى نور الدين في تسليم