الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقتله، وكانت الرحبة في يده على ما ذكرناه.
فسار الأمير أسد الدولة أبو ذؤابة عطية بن صالح إلى الرحبة، فأخذ ما تركه البساسيري بها، من السلاح الذي لم ير مثله، كثرة وجودة، وأموالاً جزيلة كانت للبساسيري، ثم ولى فيها بعض أصحابه.
حلب بين محمود بن نصر وناصر الدولة
فطمع بنو كلاب حينئذ في حلب، وقوي جأشهم، وقدموا عليهم
الأمير محمود بن نصر بن صالح، لأن حلب كانت لأبيه شبل الدولة، فسار إليها محمود ببني كلاب، في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، ونزل عليها، وقاتلها، وأقام عليها سبعة أيام، ومعه منيع بن مقلد بن كامل، ثم رحل عنها. فطلب الأحداث من مكين الدولة مالاً ينفقه فيهم، فقال: " قد أخذتم واجبكم المقرر على الكمال، وتسلمتم أيضاً فلا تطمعوا في وصول شيء آخر إليكم. فعصى أحداث حلب عليه، وغدروا به، وأنفذوا إلى محمود بن نصر بن صالح فردوه.
فلما قرب منهم محمود، وثب أهل حلب على مدار الشريف القاضي معتمد الدولة يحيى بن يزيد الحسيني الزيدي، وكان قاضي الشام، وعلى دار رجل يعرف بالطهير جلال الدولة، وكانا مكرمين لأهل حلب فنهبوا داريهما، وأخرجوهما راجلين، حفاة، مكشفي الرؤوس إلى الضياع العربية، وكان من جملتهم: كندي، وابن الزغري، وابن عنتر، وابن الناقد.
ووصل محمود ببني كلاب، فسلموا إليه حلب يوم الإثنين مستهل جمادى
الآحزة سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وانحاز مكين الدولة بن ملهم
إلى القلعة، وتحصن بها، وأنفذ إلى مصر رسولاً فطلب النجدة والإعانة، فوصل الأمير ناصر الدولة أبو علي الحسين ابن الأمير ناصر الدولة الحسن بن الحسين بن حمدان وهو ولد ناصر الدولة الذي نازل حلب أولاً في أيام معز الدولة وقدم في عسكر ضخم في جيوش المغاربة، حتى نزل حمص لنصرة أصحاب القلعة، فسارت إليه بنو كلاب وبنو خفاجة، وكانوا جيراناً لهم بالطعن، في خلق كبير.
فرجع ناصر الدولة بن حمدان إلى بعلبك، وهمت بنو كلاب باتباعه، فأبى عليهم أسد الدولة أبو ذؤابة عطية بن صالح بن مرداس، وانحاز عنهم فافترقوا، ورجعوا إلى قنسرين.
وأقبل ناصر الدولة حتى نزل أفامية، واستدعى من قدر عليه من بني كلاب، واستحلفهم أربعين يميناً، وخلع عليهم خلعاً فاخرة، وسار بعد أن استوثق منهم، فلما وصل إلى سرمين أجفلت بنو كلاب ومحمود إلى الشرق، وأجفل أحداث حلب منها وحصلوا مع بني كلاب، وذلك ليلة الإثنين السابع من رجب من السنة.
ونزل مكين الدولة بن ملهم وأصحابه من القلعة، فنهبوا المدينة. وقتلوا من وجدوا من أحداثها، وعدتهم أربعون رجلاً، وصلبوا في محال حلب جماعة من القتلى، ونهبوا كل موضع جليل يعرفونه بالمدينة، وقياسر الوكلاء، وأموال التجار، وغير ذلك.
ووصل ناصر الدولة أبو علي الحسين فنزل حلب، وأراد أن ينهبها، فقيل
له: إن أصحاب مكين الدولة قد سبقوك، ولم يبق لك ولأصحابك إلا الإسم بلا فائدة فامتنع من النهب. وقال: لا بد من أهل المدينة أن يقسطوا لي خمسين ألف دينار، عوضاً عن ترحيل محمود عنهم، فبذلوا له خدمة فلم يفعل، وقال: أنا أمضي