الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمقصود بهذا المظهر: تلافي خلل في تصوير أو تصوره، بعمل فقهي؛ لإنشاء نفع أو تكميله في نظر المتلافي.
وأهمية الاستدراك عليه يأتي من أن التصورات هي مقدمات الأحكام، فصحة التصوُّر مؤثر في صحة الحكم.
وتمظهر هذا النوع في مظاهر تحصّل لي منها: الحدود، وتحديد أركان المُعرَّفات، وتصوير موضوع المسألة الفقهية - وهو محل الحكم فيها -، وتأويل النصوص.
المظهر الأول: الاستدراك الفقهي على الحدود، وتطبيقاته
.
والحدّ: «هو الوصف المحيط بمعناه، المميز له عن غيره» (1)، فهو ما يوصَل به لتصور المطلوب (2).
تطبيقاته:
النموذج الأول:
في (المستصفى): «التأويل الثاني للاستحسان قولهم: المراد به دليل ينقدح في نفس المجتهد، لا تساعده العبارة عنه، ولا يقدر على إبرازه وإظهاره.
وهذا هوس؛ لأن ما لا يقدر على التعبير عنه لا يدرى أنه وهم وخيال أو تحقيق، ولا بد من ظهوره ليعتبر بأدلة الشريعة؛ لتصحّحه الأدلة أو تزيّفه. أما الحكم بما لا يُدرى ما هو فمن أين يُعلم جوازه؟ أبضرورة العقل؟ أو نظره؟ أو بسمع متواتر؟ أو آحاد؟ ولا وجه لدعوى شيء من ذلك» (3).
تحليل الاستدراك:
فالاستدراك هنا على تعريف دليل الاستحسان بالحد المذكور.
(1) الكليات، (391).
(2)
السابق.
(3)
(1/ 310).
النموذج الثاني:
حدّ ابن عرفة الاعتكاف بقوله: «لُزُومُ مَسْجِدٍ مُبَاحٍ لِقُرْبَةٍ قَاصِرَةٍ بِصَوْمٍ مَعْزُومٍ عَلَى دَوَامِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِجُمُعَةٍ أَوْ لِمُعَيَّنِهِ الْمَمْنُوعِ فِيهِ» . قال الرصاع (1)
وفي حدّ ابن الحاجب للاعتكاف أتى ذكر العبادة عامًّا حيث شمل اللفظُ العبادةَ القاصرة والمتعدية فقال: «لزوم المسلم المميز المسجد للعبادة صائماً كافاً عن الجماع ومقدماته يوماً فما فوقه بالنية» (3).
تحليل الاستدراك:
فالاستدراك على حدّ ابن الحاجب حيث عمّم جنس العبادة المتقرّب بها في الاعتكاف، بأن التقرّب في الاعتكاف يكون بالعبادة القاصرة دون المتعدية.
(1) هو: أبو عبد الله، محمد بن قاسم الأنصاري، الرصاع، قاضي الجماعة بتونس، وعرف بالرصاع لأن أحد جدوده كان نجارا يرصع المنابر، اقتصر في أواخر أيامه على إمامة جامع الزيتونة والخطابة فيه، متصدرا للإفتاء وإقراء الفقه والعربية، أخذ عن البرزلي وابن عقاب والأخوين القلشانيين وغيرهم، وعنه أحمد زروق وغيره، له فتاوى بعضها في المازونية والمعيار، وله: التسهيل والتقريب والتصحيح لرواية الجامع الصحيح، الهداية الكافية في شرح الحدود الفقهية لابن عرفة، الجمع الغريب في ترتيب آي مغني اللبيب. توفي سنة 894 هـ
[يُنظر: شجرة النور الزكية، (1/ 259). و: الأعلام، (7/ 5)]
(2)
حدود ابن عرفة لمحمد بن عرفة الورغمي المطبوع مع شرحها: الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق ابن عرفة الوافية لمحمد الأنصاري الرصاع، (162).
(3)
جامع الأمهات، (180).