الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعنى الثاني: موافقة معنى (افْتَعَل) فـ (ادَّرَك)(1) و (استدرك) بمعنى واحد، وحينئذٍ يكون معناه الاجتهاد والتسبب في الدّرَك والتعمُّل له. وهذا المعنى تظهر لي قوتُه في معنى الاستدراك، لأن المستدرِك يجتهد ويبذل الأسباب ليُدرك غاية أرادها من استدراكه، أو ليوصل ما استدرك عليه إلى غايته، ويؤيد هذا تفسيرهم للفظ (اسْتَدْرَك) أنه حاول الإدراك. (2)
وأختم المسألة بأن الفعل (اسْتَدْرَك) يأتي لازمًا ومتعديًا (3)، واستعماله هنا في البحث هو على معنى التعدي، فتقول:«استدرك عليه كذا» ، أو «استدرك كذا بكذا» .
المسألة الثانية: تعريف الاستدراك اصطلاحاً
.
عُرِّف الاستدراك في الاصطلاح بعدة تعريفات، وتعددت المناهج في التعريف به، أعرضُ هذه المناهج، ثم أتوجّه إلى التعريف المُختار للمُصطلح.
ويُمكن تصنيف المناهج في تعريف (الاستدراك) اصطلاحًا - بحسب النظر في ألفاظها - إلى أربعة مناهج:
المنهج الأول: التعريف به بذكر أغراضه (4)، أو بعضها، مع ملاحظة لازم (البَعْديَّة) المعنوي لمادة اللفظ.
(1) أصله (ادْتَرك)، لأن تاء الافتعال تبدل دالاً بعد حرف الدال، يُنظر: الخصائص، عثمان بن جني، (2/ 142).
(2)
يُنظر مادة (درك) في: لسان العرب، (15/ 1364). و: القاموس المحيط، (844). و: أقرب الموارد، (1/ 330).
(3)
يُنظر مادة (درك) في: تهذيب اللغة، (10/ 113). وعنه في نفس المادة: لسان العرب، (15/ 1363). و: تاج العروس، (27/ 140).
(4)
خصّص البحثُ الفصل السادس من هذا الباب في أغراض الاستدراك الفقهي.
منه: «رفع توهُّمٍ تَوَلَّدَ من كلام سابق» (1)، ومنه:«إصلاح خطأٍ، أو إكمال نقص، أو إزالة لبس وقع فيه الغير، بُغية الوصول إلى الصواب» (2). ومنه: «الاستدراك بشكل عام هو عبارة عن عملية يقوم بها شخص تكون مكملة لنشاط قام به غيره في المجال نفسه» (3).
ويُلاحظ في التعريفات ما يلي:
1 -
اقتصر التعريف الأول على غرض من أغراض الاستدراك، وهو رفع التوهم، ويبدو لي أن ذلك راجع إلى تعريف الاستدراك بالعُرف النحوي - والأصوليون تبعٌ للنحويين في ذلك - (4)؛ لأنه يُشبه التعريف النحوي صيغةً وغرضًا، غير أنّ هذا التعريف لم يقيّد بما يقيد به بعض النحويين من استعمال أدوات معينة لهذا الأسلوب. بينما ذكر التعريف الثاني أغراض الاستدراك الثلاثة: إصلاح خطأ، وإكمال نقص، وإزالة لبس. ويبدو لي أن تكميل النشاط - المعبّر به في التعريف الثالث - يشمل الأغراض الثلاثة؛ لأنّه بهذا التعبير يُصوّر علاقة العمل السابق بالعمل اللاحق بأنها علاقة تكاملية، وهذا يشمل الأغراض الثلاثة.
(1) التعريفات، علي بن محمد الجرجاني، (21). وبنحوه في: الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، أيوب بن موسى الحسيني الكفوي، (1/ 175). و: دستور العلماء المسمى جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري، (77).
(2)
كشف الغطاء عن استدراكات الصحابة النبلاء رضي الله عنهم بعضهم على بعض من خلال الكتب الستة جمعًا ودراسة، (4).
(3)
هو تعريف الباحثة/ ليلى رامي، في: مجلة إسلامية المعرفة، قراءة في استدراكات أم المؤمنين عائشة على روايات الصحابة، السنة العاشرة، شتاء 1426 هـ/2005 م، ع 39، (191).
(4)
سيأتي في المنهج الرابع معنى (الاستدراك) عند النحويين.
2 -
اقتصر التعريف الأول على جعْل الأقوال وحدها موضوعًا (1) للاستدراك، ويبدو لي أن ذلك راجع إلى العرف النحوي - والأصوليون تبعٌ للنحويين في ذلك - لأن موضوع علم النحو هو القول، بينما أطلق التعريف الثاني المُصلَح والمكمّل والمُزال عنه اللبس بحذف المتعلّق، وعمم التعريف الثالث ذلك بالتعبير بـ «النشاط» .
3 -
أشارت التعريفات إلى موقع الاستدراك من الزمن وهو (البَعْديَّة)، فالاستدراك يكون بعد المُستدرَك عليه وقوعًا، ولا يُمكن تصوره قبله، أشار التعريف الأول لذلك بقوله:«سابق» ، بينما أشار التعريف الثاني لذلك بالتعبير بالفعل الماضي «وقع» ، والتعريف الثالث بالتعبير بالفعل الماضي «قام» ، وهو لازمٌ مهمٌّ في التعريف.
4 -
فسّرت التعريفات الاستدراك بمعناه المصدري؛ فذات رفع التوهم (2)، وذات الإصلاح والإكمال والإزالة (3)، ونفس العملية التي يقوم بها الشخص هي الاستدراك (4)، وليس ما يحصل به ذلك وهو (المُستَدْرَك)، وبين المقامين فرق ظاهر، ففي التعبير بالأول: تفسير جنس المصطلح بالحَدَث، وفي التعبير بالثاني: تفسير جنس المصطلح بإقامة المفعول مقام المصدر، والتفسير بالحدث أولى، للفرقِ بين الفعل والمفعول، فالاستدراك هو الفعل، والمستدرَك هو ناتج الفعل.
5 -
أطلق التعريف الثاني غرضَ إكمال النقص، وفي نظري أن تكميل النقص ليس دائمًا استدراكًا في العُرف الاصطلاحي، كوفاة المؤلِّف قبل تمام مؤلَّفه، فتكميله
(1) أي محل البحث فيه، وموضوع كل شيء هو محل البحث فيه. يُنظر: الإحكام في أصول الأحكام، علي بن محمد الآمدي، (1/ 8). و: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، محمد بن علي الشوكاني، (1/ 33). و: نثر الورود، (1/ 31).
(2)
في التعريف الأول.
(3)
في التعريف الثاني.
(4)
في التعريف الثالث.
بعدُ ليس استدراكًا عليه، فينبغي تقييده بما إذا عِيبَ، وكذلك القول في التعبير بتكميل النشاط في التعريف الثالث.
6 -
حدد التعريف الثاني الهدف من الاستدراك وهو «الوصول إلى الصواب» ، وتغيّي هذا الهدف ضمانٌ لقبول الحق ونبذ التعصّب.
7 -
تعبير التعريف الثاني بكلمة «بُغية» فيه دلالة على عدم التلازم بين الصحة والاستدراك؛ فليس كل استدراك صحيحًا، ولا تلزم صحتُه لإطلاق لفظ الاستدراك عليه، وهذه الدلالة تؤيدها التطبيقات العملية للاستدراكات.
8 -
يظهر لي أن التقييد في التعريف الثالث بـ «في المجال نفسه» هو للإطلاق الواقع في «النشاط» المُراد تكميله؛ ليخرج من التعريف تكميل النشاطات بالطريقة التعاونية كلٌّ في مجال تخصصه.
9 -
عبّر التعريفان الثاني والثالث بما يفيد عدم شمول أن يكون المُستدرِك هو نفسه المستدرَك عليه، بمعنى أن يستدرك المستدرِك على نفسه؛ ففي التعريف الثاني قال:«وقع فيه الغير» ، وفي التعريف الثالث قال:«قام به غيره» ، وهما زيادتان في التعريف لا أرى صحتهما؛ لأن المُمكن العقلي والواقع العملي جرَيا باستدراك العامل على عمله أيضًا.
المنهج الثاني: التعريف به بذكر آليته في الوقوع، مع ذكر أغراضه أو بعضها، وملاحظة لازم (البَعْديّة) اللغوي لمادة اللفظ.
منه: «تعقيب الكلام برفع ما يوهم ثبوته» (1). ومنه: «إتباع القول بقولٍ ثانٍ يُصلح خطأه أو يكمل نقصه أو يزيل عنه لبسًا» (2).
(1) التوقيف على مهمات التعاريف، محمد عبد الرؤوف المناوي، (56).
(2)
استدراكات السلف في التفسير في القرون الثلاثة الأولى دراسة نقدية مقارنة، نايف بن سعيد الزهراني، إشراف/ أ. د. عبد الله بن علي الغامدي، جامعة أم القرى، كلية الدعوة وأصول الدين، قسم الكتاب والسنة، 1426 - 1427 هـ، (12)، (ماجستير).
ويُلاحظ في التعريفين ما يلي:
1 -
ملاحظة لازم المعنى اللغوي وهو (البَعْدِيَّة)، وهو ما عبر عنه التعريفُ الأول بكلمة «تعقيب» ، وعبر عنه التعريفُ الثاني بكلمة «إتباع» ، وهو لازمٌ مهمٌّ في التعريف.
2 -
الجنس في التعريفين هو فعل التعقيب أو الإتباع بما يحصل به الغرض من الاستدراك، وليس هو ذات الحدث الذي يدل عليه المصدر (الاستدراك)، فجنسُ الاستدراك في التعريفين - بحسب ألفاظهما -: ليس ذات الإصلاح أو الإكمال أو إزالة اللبس (1)، أو رفع التوهم (2) الذي يعقُب العمل، ولكنه هو تعقيبٌ بما يحصل به ذلك (3) أو إتباعُه به (4)، وبين المقامين فرق ظاهر، فعلى المقام الأول هو تعريف
بمعنى المصدر مقيّدًا بزمن وقوعه، وعلى المقام الثاني هو تعريف لآلية العمل الاستدراكي من حيث مَوْقعها من الزمن.
وقد فُسِّر الاستدراك في معاجم اللغة بهذا وبهذا، ولاحظتُ أنهم إذا عرّفوا لفظَ مصدره، أو لم يذكروا ما استُدرِك به، فسّروا الاستدراك بملاحظة مصدريته، ففي (تاج العروس):«استدرك عليه قولَه: أصلح خطأه، ومنه المُستدرَك للحاكم» (5)، وفي (بصائر ذوي التمييز):«والاستدراك: إصلاح الخطأ» (6)، وفي (أقرب الموارد): «استدرك
…
عليه قولَه: خطّأه» (7).
(1) بحسب التعريف الثاني.
(2)
بحسب التعريف الأول.
(3)
على التعريف الأول.
(4)
على التعريف الثاني.
(5)
27/ 144، مادة (درك).
(6)
(2/ 595).
(7)
(1/ 330)، مادة (درك)، ويُنظر: المعجم الوسيط، (218)، مادة (درك).
وإذا ذكروا ما استُدرِك به فإنهم يفسّرونه بالإتباع، ففي (أقرب الموارد): «استدرك
…
الخطأ بالصواب: أتبعه به» (1).
وما جاء في (أساس البلاغة) من قوله: «وتدارك خطأ الرأي بالصواب واستدركه. واستدرك عليه قولَه» (2) يُشعِر بالفرق بين المقامين.
ذلك لأن لفظ (استدراك) يحمل معنيين: معنى اللحوق، وهو أصل مادته، ومعنى الاجتهاد والتعمُّل للّحوق، وهو ما أفادته الإضافة الصرفية، وهو ما يميّزه عن باقي المصادر من هذه المادة، فتُفسّر به مصدريته، فإذا ذُكر هذا المدلول - من إصلاح أو إزالة لبس أو تكميل نقص - الذي دلَّت عليه مصدريته، لم يبق من مدلول الكلمة سوى أصل مادتها، فتُفسَّر به.
3 -
حصر التعريفان موضوع الاستدراك في القول، سواء في المستدرَك عليه، أو في المستدرَك به. وعليه فلا تدخل الأفعال في الاستدراك بالمعنى الاصطلاحي في هذين التعريفين، وسبب ذلك في التعريف الأول يُقال فيه ما قيل في الملاحظة الثانية في المنهج الأول، أما السبب في التعريف الثاني فلعله راجعٌ إلى طبيعة البحث، فهو يبحث في استدراكات السلف في التفسير في القرون الثلاثة الأولى، فمحلّ بحثه هو في الأقوال التي قيلت في تفسير الآيات، وإلاّ فالاستدراك عمومًا يكون بالقول وبالفعل على القول وعلى الفعل (3).
4 -
ذكر التعريف الأول غرضًا واحدًا من أغراض الاستدراك وهو: رفع التوهم، ويُقال هنا ما قيل في الملاحظة الأولى في المنهج الأول. بينما ذكر التعريف الثاني أغراض الاستدراك الثلاثة وهي: إصلاح الخطأ، وتكميل النقص، وإزالة اللبس. ويُقال هنا في تكميل النقص ما قيل في الملاحظة الخامسة في المنهج الأول.
(1)(1/ 330)، مادة (درك).
(2)
(1/ 285)، مادة (درك).
(3)
ويأتي مزيد بيان لهذا في شرح التعريف المُختار.
المنهج الثالث: التعريف به باعتبار علم معين.
ومعناه في الأصول هو نفس معناه في النحو، وذلك عند الكلام على معاني الحروف (2).
ومنه: «رفع توهم يتولد من الكلام السابق رفعًا شبيهًا بالاستثناء، وهو معنى (لكن)، على أن تكون هناك نكتة طريفة لتحسنه وتدخله في البديع، وإلا فلا يُعد منه» (3)، وهو اصطلاح البلاغيين.
التعريف المُختار للاستدراك في الاصطلاح:
قبل أن أعرض ما أقترحه تعريفًا اصطلاحيًّا للاستدراك أُحدد مسار التعريف ووجهته بأمور:
الأمر الأول: راعيتُ في التعريف الاصطلاحي ما اخترتُه في المبحث اللغوي، ويتلخّص الاختيار في ثلاثة أمور:
- مناسبة معنى (التلافي) للمعنى الاصطلاحي.
- ترجيح معنى التسبب والاجتهاد والتعمُّل للزيادة الصرفية (الألف والسين والتاء) على أصل المادة.
(1) موسوعة النحو والصرف والإعراب، إميل بديع يعقوب، (47)، مادة (الاستدراك). وبنحوه في: كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، محمد علي التهانوي، (1/ 150). و: أقرب الموارد، (1/ 331)، مادة (درك).
(2)
يُنظر: شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير، محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي المعروف بابن النجار، (1/ 266). و: البحر المحيط في أصول الفقه، محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، (2/ 305).
(3)
معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، أحمد مطلوب، (1/ 124). وذكر ألفاظًا أخرى جعلها من التعريف بالمعنى البلاغي، فيُراجع للاستزادة.
- تعدية الفعل، وليس لزومه.
الأمر الثاني: قصدتُ من التعريف أن يكون مفهومًا شاملاً لهذا اللفظ فيما يستعمله العلماء - في مختلف الفنون - بمعنى التلافي في الأعمال، سواء كانت أقوالاً أو أفعالاً؛ ليسهُل تقييده في علم من العلوم بما يُناسب المفهوم المراد.
الأمر الثالث: قصدتُ من التعريف أن يشمل الاستدراك الذي دافعه عيبٌ في العمل السابق، والاستدراك الذي دافعه تقويم نظر الناظر للعمل؛ خشية حصول خطأ في التصوّر، أو عيب في غير مَعيب.
وبعدُ، فأستفيدُ مما سبق من المباحث اللغوية والمناهج في التعريف الاصطلاحي للفظ ومن المناقشات والاختيارات؛ لأستخرج تعريفًا اصطلاحيًّا للاستدراك، فأقول هو:
تلافي خللٍ واقعٍ أو مُقدّرٍ؛ لإنشاء نفعٍ أو تكميله في نظر المتلافي.
وأقرر - بعد التعريف - دلالات ألفاظه بما يلي:
أولاً: لفظ (تلافي) فيه:
1 -
تعريف المصطلح بملاحظة مصدريته، وليس بإقامة المفعول مقامه، وليس بآليته في الوقوع، وهذا أسلم في التعريف؛ لأنه أقرب إلى الطبيعة اللغوية للفظ، وللفرق بين الحدث والمُحدَث، وبين الحدث وكيفية حدوثه؛ فالمحُدَث لازمُ الماهية وليس هو الماهية، وكذلك كيفية الحدوث، فلم يُناسب جعل ذلك جنسًا في التعريف.
2 -
تفسير اللفظ بالمعنى المرادف؛ فالتلافي فسّرتْهُ المعاجم بالتدارك (1)، وكذلك فُسّر الإصلاحُ بالتلافي (2).
3 -
دلالة اللفظ - باللزوم - على:
(1) يُنظر: مادة (لفا) في: الصحاح، (6/ 2484). و: معجم مقاييس اللغة، (5/ 258). و: لسان العرب، (13/ 219). ومادة (لفي) في: أساس البلاغة، (2/ 176). ومادة (لفو) في: تاج العروس، (39/ 471).
(2)
يُنظر: التوقيف، (67). ولفظُه:«الإصلاح: تلافي خلل الشيء» .
- مُستدرِكٍ ومُستدرَكٍ ومُستدرَكٍ عليه، فالتلافي حدَثٌ لا بد له من مُحدِث، وإذا حصل التلافي لزم في تصوّر حصوله: وجود مُتلافَى - وهو الخلل الذي في المُستدرَك عليه -، ووجود مُتلافىً به - وهو المُستدرَك -.
- موقع الاستدراك من الزمن وهو (البَعديّة)، لأنه لا يُتلافى شيءٌ إلا بعد وقوع شيء، أو توقّع وقوعه، فيُنزّل منزلة الواقع.
ثانيًا: لفظ (خللٍ):
يمثّل موضوعَ الاستدراك.
وهو شامل لكل ما يُمكن أن يكون عيبًا، من خطأٍ أو نقصٍ أو إيهام، فيشمَل متَعلّقات أغراض الاستدراك الثلاثة.
وهو شامل للأقوال والأفعال، وقد جاء في اللغة استعمال الاستدراك فيهما، ولا مانع من تصور ذلك، وهو واقع، أما في استعماله في القول فهو واضح مما سبق من مباحث لغوية واصطلاحية، وأما في استعماله في الفعل فمنه قول زهير:
تداركتما عبسًا وذبيان بعدما
…
تفانوا. . . . (1)
أي تلافيتما أمر هاتين القبيلتين بالصلح بعدما تفانوا بالحرب (2).
ثالثًا: لفظ (واقعٍ أو مقدّرٍ):
وصفان للخلل، وبالوصف بهما يشمل التعريفُ الاستدراكَ دفعًا ورفعًا: فالدفع يكون بابتداء الاستدراك على ما يُتوقّع من مبادرة المستفيد إلى عيب العمل - محل البحث -، والرفعُ يكون بالاستدراك على ذات العمل لما حصل فيه من خلل.
(1) سبق في ص (31).
(2)
يُنظر: شرح ديوان زهير بن أبي سلمى المزني، (6). و: موسوعة الشعر العربي - الشعر الجاهلي، (2/ 316).