الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في (الاستذكار): «ولا يختلف العلماء في وجوب الجمعة على من كان بالمصر، بالغًا من الرجال الأحرار، سمع النداء أو لم يسمعه» (1). وذكر ما روي عن ابن الزبير وعطاء (2) في اجتماع يوم الجمعة مع يوم الفطر أنهما يُجمعان، فيُصلى ركعتان ولا يُصلى بعدهما حتى العصر. وقال عن هذا القول:«وقد روي في هذا الباب عن ابن الزبير وعطاء قول منكر، أنكره فقهاء الأمصار ولم يقل به أحد منهم» (3).
المجموعة الثانية: الوصف بذات الخلل، أو الوصف بتوقّعه، وتطبيقاتها
.
والوصف بذات الخلل هو أن يصرّح المُستدرك بوصف الكلام المُستدرك عليه بما يدل على رده كليًّا أو جزئيًّا، أو بما يدل على حاجته إلى الإتمام.
والوصف بالخلل المتوقع هو أن يصرح المستدرك أن في الكلام مجالاً يدخل منه اللبس في الحمْل، وذلك يكون في الوهم والإيهام.
وهذه نماذج تطبيقية:
النموذج الأول: الوصف بالخطأ.
(1) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار وشرح ذلك كله بالإيجاز والإختصار، يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، (2/ 385).
(2)
هو: أبو محمد، عطاء بن أبي رباح، واسم ابن أبي رباح أسلم، القرشي مولاهم، المكي، الإمام شيخ الإسلام، مفتي الحرم، ولد في أثناء خلافة عثمان، ونشأ بمكة، وكان ثقة فقيها عالما كثير الحديث، قال قتادة: كان عطاء من أعلم الناس بالمناسك. وقال إبراهيم بن عمر بن كيسان: أذكرهم في زمان بني أمية يأمرون في الحج مناديا يصيح: لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح، فإن لم يكن عطاء فعبد الله بن أبي نجيح. حدث عن عائشة، وأم سلمة، وأم هانئ، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وعدة من الصحابة رضي الله عنهم، توفي سنة 115 هـ.
[يُنظر: الطبقات الكبرى، (5/ 467). و: سير أعلام النبلاء، (5/ 78)].
(3)
الاستذكار، (2/ 385).
في (الأم) قال الشافعي رادّا على مذهب أهل المدينة في جزاء صيد المُحرم: «وقد أخطأ من جعل الصيد من معنى الضحايا والبدن بسبيل، ما نجد أحدًا منكم يعرف عنه في هذا شيء يجوز لأحد أن يحكيه؛ لضعف مذهبكم به، وخروجه من معنى القرآن (1) والأثر عن عمر وعثمان وابن مسعود (2)، والقياس والمعقول ثم تناقضه» (3).
النموذج الثاني: الوصف بالغلط.
وفي (جامع الأمهات): عن صيام يوم الشك: «والمنصوص النهي عن صيامه احتياطاً، وعليه العمل. وخرج اللخمي وجوبه من وجوب الإمساك على من شك في الفجر، ومن الحائض تتجاوز عادتها، وهو غلط؛ لثبوت النهي (4)» (5).
(1) يعني المِثْلَ في قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95].
(2)
وهو ما رواه الشافعي عن مالك أن أبا الزبير حدثه عن جابر بن عبد الله، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في الضبع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي الأرنب بعَنَاق، وفي اليربوع بجَفْرةٍ. [يُنظر الأم - كتاب اختلاف مالك والشافعي، (8/ 644)]، وذكر أن عثمان وابن مسعود رضي الله عنهما وافقا عمرَ على هذا. [يُنظر:(8/ 666)، منه]
(3)
الأم - كتاب اختلاف مالك والشافعي، (8/ 666).
(4)
حديث النهي رواه البخاري في: صحيحه، (3/ 28)، ك الصوم، ب لَا يَتَقَدَّمُ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ، رقم (1914)، عن أبي هريرة رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ» .
وعند مسلم بنحوه: (483)، ك الصيام، ب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، رقم (21 - 1082).
(5)
(171).
النموذج الثالث: الوصف بعدم الصحة.
النموذج الرابع: الوصف بالنقص.
في (مختصر خليل) عرّف التدبير بأنه: «تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ - وَإِنْ زَوْجَةً - فِي زائد الثلث العتق بموته، لَا عَلَى وَصِيَّةٍ: كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أو سفري هذا أو حر بعد موتي ما لم يرده ولم يعلقه، أو أنت حر بعد موتي بيوم، بِدَبَّرْتُ وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مني» .
شرح صاحب (الشرح الصغير) قوله: «بدبرت» فقال: «أَيْ تَعْلِيقٌ إلَخْ أَيْ: دَبَّرْتُكَ أَوْ: دَبَّرْت فُلَانًا» .
استُدرك على شرحه هذا بالنقص في (حاشية الصاوي على الشرح الصغير): حيث قال: «قَوْلُهُ: (أَيْ تَعْلِيقٌ إلَى آخِرِهِ): كَلَامٌ نَاقِصٌ لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَعَلَّ حَقَّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ إلَخْ مُصَوَّرٌ بِدَبَّرْتُ إلَخْ» (3).
النموذج الخامس: الوصف بالإيهام.
في (فتح الباري): «وَقَدْ جَاءَ عَنْ ابْن مَسْعُود شَيْء مُوهِم كَمَا جَاءَ عَنْ ابْن عَبَّاس، فَرَوَى الطَّبَرِيُّ (4)
مِنْ طَرِيق صَحِيح عَنْ مَسْرُوق عَنْ ابْن مَسْعُود أَنَّهُ قَرَأَ {حَتَّى إِذَا
(1) يُنظر: صحيح البخاري، (7/ 140)، ك الطب، ب ألبان الأتن، رقم (5780). و: صحيح مسلم، (931)، ك الصيد والذبائح، ب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، رقم (12 - 1932) وما بعده.
(2)
(1/ 98).
(3)
يُنظر نص خليل مع الشرح والتحشية المذكورين: بلغة السالك لأقرب المسالك، (4/ 284 - 285).
(4)
هو: أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، الطبري، الإمام المجتهد، أكثر الترحال، ولقي نبلاء الرجال، وكان من أفراد الدهر علما، وذكاء، وكثرة تصانيف. من تصانيفه: كتاب التفسير، وكتاب التاريخ، وتهذيب الآثار، وكتاب اختلاف العلماء. توفي سنة 310 هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (14/ 267). و: طبقات الشافعية الكبرى، (3/ 120)].
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} (1) مُخَفَّفَة، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: هُوَ الَّذِي يُكْرَه. وَلَيْسَ فِي هَذَا أَيْضًا مَا يُقْطَع بِهِ عَلَى أَنَّ ابْن مَسْعُود أَرَادَ أَنَّ الضَّمِير لِلرُّسُلِ، بَلْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الضَّمِير عِنْدَهُ لِمَنْ آمَنَ مِنْ أَتْبَاع الرُّسُل، فَإِنَّ صُدُور ذَلِكَ مِمَّنْ آمَنَ مِمَّا يُكْرَه سَمَاعه، فَلَمْ يَتَعَيَّن أَنَّهُ أَرَادَ الرُّسُل» (2).
النموذج السادس: الوصف بعدم التوجّه.
قال في (بداية المجتهد) متحدّثًا عن موقف مالك من حديث ابن عباس رضي الله عنهما «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْر وَالْعَصْر جميعًا، وَالْمَغْرِب وَالْعِشَاء جميعًا، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» (3)، فقال:«وَأَحْسَبُ أَنَّ مَالِكًا رحمه الله إِنَّمَا رَدَّ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ (4)، لِأَنَّهُ عَارَضَهُ الْعَمَلُ، فَأَخَذَ مِنْهُ بِالْبَعْضِ الَّذِي لَمْ يُعَارِضْهُ الْعَمَلُ، وَهُوَ الْجَمْعُ فِي الْحَضَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَمَعَ الْأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمَعَ مَعَهُمْ، لَكِنَّ النَّظَرَ فِي هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْعَمَلُ كَيْفَ يَكُونُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مُتَقَدِّمِي شُيُوخِ الْمَالِكِيَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهُ، فَإِنَّ إِجْمَاعَ الْبَعْضِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ» (5).
(1) يوسف: 110
(2)
(8/ 369).
(3)
صحيح مسلم، (318)، ك صلاة المسافرين وقصرها، ب الجمع بين الصلاتين في الحضر، رقم (49 - 705) وما بعده.
(4)
لأنه أخذ بالجمع بين المغرب والعشاء ولم يأخذ بالجمع بين الظهر والعصر. ذكره المؤلف قبل هذا الكلام بأسطر.
(5)
(1/ 191).