الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
832 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الكَالِئِ بِالكَالِئِ، يَعْنِي الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ. رَوَاهُ إِسْحَاقُ وَالبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: بيع الدين بالدين
.
نقل الإمام أحمد، وابن المنذر الإجماع على عدم جواز بيع الدين بالدين، والكالئ بالكالئ، يعني المؤخر بالمؤخر، بمعنى نسيئة بنسيئة.
ويدخل في هذا الباب صورٌ، منها:
1) السَّلم إن لم يقدم المال في مجلس العقد، بل جعله مؤخرًا في ذمته.
2) ما ذكره في «النهاية» : أن يشتري الرجل شيئًا إلى أجل، فإذا حلَّ الأجل لم يجد ما يقضي به، فيقول بعنيه إلى أجل آخر بزيادة شيء، فيبيعه ولا يجري بينهما تقابض.
3) أن تطلب دينك من رجل، فيقول المدين: ليس عندي مال. فتأتي آخر فتقول: اشترِ مني الدين الذي عند فلان بدين عليك.
4) أن يعقد بيعًا على شيء غائب غير مملوك مع عدم تسليم المال.
(2)
(1)
ضعيف جدًّا. أخرجه البزار كما في «كشف الأستار» (1280) وأخرجه أيضًا البيهقي (5/ 290 - 291)، من طريق موسى بن عبيدة الربذي عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر به. وإسناده شديد الضعف؛ لأن موسى الربذي شديد الضعف، وقد وقع عند الحاكم والدارقطني (موسى ابن عقبة) وهو خطأ، وقد نبه على ذلك البيهقي في المصدر السابق. وانظر «البدر المنير» (6/ 567).
(2)
انظر: «المغني» (6/ 106)، «سبل السلام» (3/ 86).
قال ابن القيم رحمه الله في «أعلام الموقعين» (1/ 388 - 389): وأما الحوالة فالذين قالوا: (إنها على خلاف القياس)، قالوا:(هي بيع دين بدين، والقياس يأباه)، وهذا غلط من وجهين، أحدهما: أن بيع الدين بالدين ليس فيه نص عام، ولا إجماع، وإنما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ، والكالئ هو المؤخر الذي لم يقبض، كما لو أسلم شيئًا في شيءٍ في الذمة، وكلاهما مؤخر؛ فهذا لا يجوز بالاتفاق، وهو بيع كالئ بكالئ.
وأما بيع الدين بالدين فينقسم إلى: بيع واجب بواجب
(1)
كما ذكرنا، وهو ممتنع، وينقسم إلى:
بيع ساقط بساقط.
وساقط بواجب.
وواجب بساقط، وهذا فيه نزاع.
قلت: الساقط بالساقط في صورة المقاصة، والساقط بالواجب كما لو باعه دينًا له في ذمته بدين آخر من غير جنسه، فسقط الدين المبيع ووجب عوضه وهي بيع الدين ممن هو ذمته.
وأما بيع الواجب بالساقط: فكما لو أسلم إليه في كر حنطة بعشرة دراهم في ذمته؛ فقد وجب له عليه دين، وسقط له عنه دين غيره، وقد حكى الإجماع
(1)
المراد بذلك: المؤخر بالمؤخر، وسمَّاه: واجب. لأنه التزم به في ذمته.
على امتناع هذا، ولا إجماع فيه
(1)
، قاله شيخنا واختار جوازه، وهو الصواب؛ إذ لا محذور فيه، وليس بيع كالئ بكالئ فيتناوله النهي بلفظه، ولا في معناه فيتناوله بعموم المعنى؛ فإن المنهي عنه قد اشتغلت فيه الذمتان بغير فائدة؛ فإنه لم يتعجل أحدهما ما يأخذه فينتفع بتعجيله وينتفع صاحب المؤخر بربحه، بل كلاهما اشتغلت ذمته بغير فائدة، وأما ما عداه من الصور الثلاث فلكل منهما غرض صحيح ومنفعة مطلوبة، وذلك ظاهر في مسألة التقاص؛ فإن ذمتهما تبرأ من أسرها، وبراءة الذمة مطلوب لهما وللشارع.
فأما في الصورتين الأخيرتين فأحدهما يعجل براءة ذمته والآخر ينتفع بما يربحه، وإذا جاز أن يشغل أحدهما ذمته والآخر يحصل على الربح وذلك في بيع العين بالدين؛ جاز أن يفرغها من دين ويشغلها بغيره، وكأنه شغلها به ابتداء، إما بقرض، أو بمعاوضة؛ فكانت ذمته مشغولة بشيء فانتقلت من شاغل إلى شاغل، وليس هناك بيع كالئ بكالئ وإن كان بيع دين بدين، فلم ينه الشارع عن ذلك لا بلفظه ولا بمعنى لفظه، بل قواعد الشارع تقتضي جوازه؛ فإنَّ الحوالة اقتضت نقل الدين وتحويله من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه؛ فقد عاوض المحيل المحتال من دينه بدين آخر في ذمة ثالث، فإذا عاوضه من دينه على دين آخر في
(1)
وقد نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر كما في الأوسط (10/ 298)، وأسند عن ابن عمر رضي الله عنهما المنع من ذلك؛ فقال رحمه الله: حدثنا أبو أحمد، قال: أخبرنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا كليب، قال: قلت لابن عمر: كانت لي على رجل دراهم؛ فأتيته أتقاضاه، قال: ليس عندي، ولكن اكتبها علي بطعام إلى الحصاد، قال: لا يصلح. وإسناده حسن، وكليب هو ابن وائل البكري، وهو حسن الحديث.