الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
884 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ لَهَا بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَكَسَرَتِ القَصْعَةَ، فَضَمَّهَا، وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ وَقَالَ:«كُلُوا» وَدَفَعَ القَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ لِلرَّسُولِ، وَحَبَسَ المَكْسُورَةَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ
(1)
، وَالتِّرْمِذِيُّ
(2)
، وَسَمَّى الضَّارِبَةَ عَائِشَةَ، وَزَادَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ» . وَصَحَّحَهُ.
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: إذا تلف المغصوب لزم الغاصب بدله، فهل هو المثل، أم القيمة
؟
قال ابن رشد رحمه الله في «بداية المجتهد» (4/ 125): وأما ما يجب فيه الضمان: فهو كل مال أتلفت عينه، أو تلفت عند الغاصب عينه بأمر من السماء، أو سلطت اليد عليه، وتملك، وذلك فيما ينقل ويحول باتفاق. واختلفوا فيما لا ينقل ولا يحول مثل العقار. اهـ
ثم نقل الخلاف عن أبي حنيفة، وقد تقدم.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (7/ 362): وما تتماثل أجزاؤه وتتقارب صفاته كالدراهم، والدنانير، والحبوب، والأدهان؛ ضمن بمثله بغير خلاف. قال ابن عبد البر: كل مطعوم، من مأكول، أو مشروب، فمجمع على أنه يجب على مستهلكه مثله، لا قيمته. اهـ
(1)
أخرجه البخاري برقم (2481).
(2)
أخرجه الترمذي (1359)، وإسناده صحيح.
قلتُ: وسائر المكيلات، والموزونات كذلك تضمن بالمثل عند أكثر أهل العلم، ونقله ابن رشد اتِّفاقًا كما في «البداية» (4/ 126).
• وأما غير المكيلات، والموزونات من العروض، والحيوانات: فمذهب الجمهور من الفقهاء على أنه يضمنها بالقيمة؛ لأنها تتفاوت بتفاوت الصفات اليسيرة، فاعتبرت القيمة.
ومما استدلوا به على اعتبار القيمة حديث: «من أعتق شركًا له في عبد قوم عليه قيمة عدل، فأعطى شركاءه حصصهم
…
» الحديث.
(1)
• ومذهب الكوفيين، ونُقل عن الشافعي، وأنكره الحافظ في «الفتح» ، وهو قول عبيدالله بن الحسن العنبري، والظاهرية أنه يجب عليه فيها المثل أيضًا، وهذا القول نصره ابن حزم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ودافع عن هذا المذهب ابن القيم رحمه الله بكلام نفيس كما في «تهذيب السنن» (6/ 339).
واستدل أهل هذا القول بحديث أنس رضي الله عنه الذي في الباب، وقد أورد عليه بعض الإشكالات انظرها مع الجواب عليها في «الفتح» ، واستدلوا أيضًا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- استسلف من رجلٍ سنا من الإبل، ثم قال:«أعطوه سِنًّا مثل سِنِّه»
(2)
، وقالوا: المثل أقرب، وإن تفاوت شيئًا يسيرًا من القيمة؛ فإنَّ التقويم تخمين وظنٌّ، والاعتبار بالمثلية أقرب؛ لإيصال الحق لصاحبه منها.
(1)
أخرجه البخاري برقم (2522)، ومسلم برقم (1501)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
أخرجه البخاري برقم (2306)، ومسلم برقم (1601)، واللفظ للبخاري.