الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
838 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ بِعْت مِنْ أَخِيك ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيك بِغَيْرِ حَقٍّ؟» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
839 -
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِوَضْعِ الجَوَائِحِ.
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
مسألة [1]: معنى الجائحة
.
الجائحة مشتقة من الجوح، وهو الاستئصال، والمقصود هنا: آفة سماوية تصيب الثمار فتهلكها، والمقصود بـ (بِوَضْعِ الجَوَائِحِ) أن يضع البائع للمشتري ثمن الثمر، ويعيده إليه، والجائحة السماوية كالبرد، والريح، والجراد وما أشبهها.
مسألة [2]: إذا بيعت الثمرة بعد بدو الصلاح، ثم أصيب بآفة سماوية قبل أوان الجذاذ
؟
• ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنَّ الضمان على البائع، وأوجبوا عليه أن يعيد المال للمشتري، وهو قول مالك، وأحمد، ويحيى بن سعيد، وأبي عبيد، وبعض أهل الحديث، والشافعي في القديم.
واستدلوا بحديث جابر المذكور في الباب، وبحديث أنس المتقدم، وفيه زيادة:«أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه؟» .
(1)
أخرجه مسلم برقم (1554).
إلا أنَّ مالكًا، وأحمد في رواية جعلوا الضمان على المشتري فيما دون الثلث؛ لأنه لابد من أن يأكل الطير منها، وتنثر الريح، ويسقط منها، فلم يكن بُدٌّ من ضابط، والثلث قد اعتبره الشرع في مواضع؛ ولأنَّ الثلث في حد الكثرة لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«الثلث والثلث كثير» .
• وذهب الشافعي في الجديد -وهو الأصح عند الشافعية، وهو مذهب الحنفية، والظاهرية- إلى أنَّ الضمان على المشتري وليس من ضمان البائع في القليل والكثير، ورجَّح هذا القول الشوكاني في «السيل» ، واستدلوا على ذلك بحديث أبي سعيد الخدري في «صحيح مسلم» (1556)، قال: أُصيب رجلٌ في عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في ثمارٍ ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«تصدقوا عليه» ، فتصدقوا، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لغرمائه:«خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك» ، قالوا: فلو كانت الجوائح تُوضع؛ لَمَا احتاج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى ذلك، بل يقول له: ليس عليك بأس، إنما الضمان على غيرك.
واستدلوا بأن المشتري قد قبضها بالتخلية، فصارت من ضمانه. وأجابوا عن حديث جابر بأنَّ الأمر بوضع الجوائح على الاستحباب، أو بما إذا اشتراها قبل بدو صلاحها، وأيدوا ذلك بسياق حديث أنس: نهى عن بيع النخل حتى تزهى، ثم قال: «أرأيت إذا منع الله الثمرة
…
» الحديث.
وأجاب أصحاب القول الأول عن حديث أبي سعيد رضي الله عنه بأنها واقعة عين يحتمل فيها أنها تلفت بعد أوان الجذاذ بتفريط من المشتري بتركها على الشجرة،