الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
824 -
وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: اشْتَرَيْت يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَلْتهَا فَوَجَدْت فِيهَا أَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَلَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: بيع ربوي بجنسه ومع أحدهما شيء آخر من غير جنسه، أو معهما كليهما
؟
قال النووي رحمه الله في شرح حديث الباب: وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّهُ لَا يَجُوز بَيْع ذَهَب مَعَ غَيْره بِذَهَبٍ حَتَّى يُفَصَّل فَيُبَاع الذَّهَب بِوَزْنِهِ ذَهَبًا، وَيُبَاع الْآخَر بِمَا أَرَادَ. وَكَذَا لَا تُبَاع فِضَّة مَعَ غَيْرهَا بِفِضَّةٍ، وَكَذَا الْحِنْطَة مَعَ غَيْرهَا بِحِنْطَةٍ، وَالْمِلْح مَعَ غَيْره بِمِلْحٍ، وَكَذَا سَائِر الرِّبَوِيَّات، بَلْ لَا بُدّ مِنْ فَصْلهَا، وَسَوَاء كَانَ الذَّهَب فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة أَوَّلًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَكَذَلِكَ بَاقِي الرِّبَوِيَّات، وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَة الْمَشْهُورَة فِي كُتُب الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَغَيْرهمْ، الْمَعْرُوفَة بِمَسْأَلَةِ (مُدّ عَجْوَة)، وَصُورَتُها: بَيعُ مُدِّ عَجْوَة وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْ عَجْوَة، أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ، لَا يَجُوز لِهَذَا الْحَدِيث، وَهَذَا مَنْقُول عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رضي الله عنه وَابْنه، وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الْحَكَم الْمَالِكِيّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة، وَالثَّوْرِيّ، وَالْحَسَن بْن صَالِح: يَجُوز بَيْعه بِأَكْثَر مِمَّا فِيهِ
(1)
أخرجه مسلم برقم (1591)(90).
مِنْ الذَّهَب، وَلَا يَجُوز بِمِثْلِهِ وَلَا بِدُونِهِ. وَقَالَ مَالِك وَأَصْحَابه، وَآخَرُونَ: يَجُوز بَيْع السَّيْف الْمُحَلَّى بِذَهَبٍ وَغَيْره مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا فِيهِ ذَهَب، فَيَجُوز بَيْعه بِالذَّهَبِ إِذَا كَانَ الذَّهَب فِي الْمَبِيع تَابِعًا لِغَيْرِهِ. وَقَدَّرُوهُ بِأَنْ يَكُون الثُّلُث فَمَا دُونه، وَقَالَ حَمَّاد بْن أَبِي سُلَيْمَان: يَجُوز بَيْعه بِالذَّهَبِ مُطْلَقًا، سَوَاء بَاعَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ الذَّهَب أَوْ أَقَلّ أَوْ أَكْثَر.
وَهَذَا غَلَط مُخَالِف لِصَرِيحِ الْحَدِيث، وَاحْتَجَّ أَصْحَابنَا بِحَدِيثِ الْقِلَادَة، وَأَجَابَتْ الْحَنَفِيَّة بِأَنَّ الذَّهَب كَانَ فِيهَا أَكْثَر مِنْ اِثْنَيْ عَشَر دِينَارًا، وَقَدْ اِشْتَرَاهَا بِاثْنَيْ عَشَر دِينَارًا. قَالُوا: وَنَحْنُ لَا نُجِيز هَذَا، وَإِنَّمَا نُجِيز الْبَيْع إِذَا بَاعَهَا بِذَهَبٍ أَكْثَر مِمَّا فِيهَا، فَيَكُون مَا زَادَ مِنْ الذَّهَب الْمُنْفَرِد فِي مُقَابَلَة الْخَرَز وَنَحْوه مِمَّا هُوَ مَعَ الذَّهَب الْمَبِيع فَيَصِير كَعَقْدَيْنِ.
ثم استدل على بطلان هذا القول بتعليل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لَا تُبَاع حَتَّى تُفْصل» .اهـ
قلتُ: قول أبي حنيفة في هذه المسألة هو رواية عن أحمد، ورجحه شيخ الإسلام، وابن عثيمين، ولكن شيخ الإسلام -وتبعه ابن عثيمين- اشترط أن تكون الزيادة في المفرد تقابل الشيء الآخر، فلو بيع عنده صاع من البر ودرهم بدرهمين، وكان ثمن الصاع من البر عبارة عن درهم، فهو يجيز ذلك؛ لأنَّ الدرهم مقابل الدرهم، والدرهم الآخر مقابل الصاع؛ لأنَّ ثمنه درهم، فالزيادة من قِبَلِ المشتري تقابل الصاع من قِبَل البائع.
أما لو بيع عنده صاع من البر، ودرهم بخمسة دراهم، وسعر الصاع درهم، فهو لا يجيز ذلك؛ لأنَّ الصاع سيكون مقابل أربعة دراهم، فهذا يدل على أنَّ هناك