الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
822 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالكَيْلِ المُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: بيع الصنف الربوي بجنسه جزافًا
.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (6/ 70): وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ جُزَافًا، أَوْ كَانَ جُزَافًا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ؛ لَمْ يَجُزْ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إذَا كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ؛ وَذَلِكَ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا، بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ. وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» إلَى تَمَامِ الْحَدِيثِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا كَذَلِكَ، وَلِأَنَّ التَّمَاثُلَ شَرْطٌ، وَالْجَهْلُ بِهِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ، كَحَقِيقَةِ التَّفَاضُلِ. اهـ
قلتُ: وقد استنبط أهل العلم من هذا الحديث وغيره قاعدةً وهي: (الجهل بالتساوي في الربويات كالعلم بالتفاضل).
مسألة [2]: إذا اختلفت الأصناف فهل يجوز بيعها جزافًا
؟
• أكثر أهل العلم على جواز ذلك؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «فإذا اختلفت هذه الأصناف؛ فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد» .
(1)
أخرجه مسلم برقم (1530).
• ومنع من ذلك بعض الحنابلة فقالوا: لا يُباع المكيل بالمكيل جزافًا، ولا الموزون بالموزون جزافًا؛ لحديث:«نهى عن بيع الطعام بالطعام مجازفة» ، ولأنه بيع مكيل بمكيل أشبه الجنس الواحد.
• وذهب مالك إلى منع بيع الدنانير بالدراهم مجازفة، وأجازه في التبر والحلي. قال ابن عبد البر رحمه الله: أجاز أكثر العلماء بيع الذهب بالورق جزافًا، عينًا كان ذلك أو تبرًا، دراهم كانت أو دنانير، والمصُوغ وغيره في ذلك سواء؛ لأنَّ التفاضل بينهما حلال جائز، وإذا جاز الدينار بأضعافه دراهم؛ جاز الجزاف في ذلك يدًا بيد، كما يجوز القصد إلى المفاضلة بينهما يدًا بيد، وإلى هذا ذهب الشافعي، وأبو حنيفة وأصحابهما، وداود، ولم يجعلوه قِمارًا ولا غررًا. اهـ
قلتُ: وأما حديث: «نهى عن بيع الطعام بالطعام مجازفة» فلم يوجد، وقد أخرجه عبد الرزاق (8/ 131)، عن الأوزاعي، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بلفظ:«لا يحل للرجل أن يبيع طعامًا جزافًا قد علم كيله حتى يعلم صاحبه» ، وهو مُعضلٌ، والحديث على صحته مُبَيَّنٌ بحديث جابر الذي في الباب، وأما قياسهم فغير صحيح؛ لأنَّ الجنس الواحد يُشترط فيه التماثل، فلذلك لا تجوز فيه المجازفة بخلاف ما إذا اختلف الجنس؛ فإنه لا يُشترط فيه التماثل، ولكن ما يتعلق ببيع الذهب بالفضة جُزَافًا فهو محرم؛ لإنه يدخل في الغرر؛ لعدم معرفة قدر السلعة بالحرز؛ ولأن التفاوت اليسير فيها يعتبر تفاوتًا كبيرًا، والله أعلم.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (6/ 71)، «الاستذكار» (19/ 226)، «الأوسط» (10/ 193).