الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ بِحَقِّ، فَلَا يَزُولُ إلَّا بِزَوَالِ جَمِيعِهِ، كَالضَّمَانِ وَالشَّهَادَةِ. اهـ
(1)
مسألة [34]: إمساك السلعة رهنًا بقيمتها، أو ببعض قيمتها
؟
• ذهب كثير من أهل العلم إلى منع ذلك، وهو مذهب الشافعي، وبعض الحنابلة، والظاهرية، وذكروا للمنع من ذلك عدة أسباب.
أحدها: أنَّ الشيء قبل قبضه لا يجوز بيعه؛ فلا يجوز رهنه.
ثانيها: أنه إذا شرط ذلك عليه قبل البيع؛ فهو غير مملوك للراهن.
ثالثها: البيع يقتضي إيفاء الثمن أولًا، ورهن المبيع يقتضي أن لا يسلمه حتى يقبض الثمن.
رابعها: البيع يقتضي تسليم المبيع أولًا، ورهن المبيع يقتضي أن لا يسلمه حتى يقبض الثمن.
خامسها: البيع يقتضي إمساك المبيع مضمونًا، والرهن يقتضي أن لا يكون مضمونًا، وهذا يوجب التناقض.
سادسها: إذا شرط عليه ذلك فهو باطل؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله.
• وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك، قال به بعض الحنابلة إذا كان ذلك شرطًا في البيع، وهو رواية عن أحمد، وأجاز ابن حزم حبس السلعة إذا كان البيع
(1)
وانظر: «المحلى» (1221)«الشرح الممتع» (9/ 149).
حالا لا مؤجلًا. وأسند ابن حزم من طريق الشعبي عن عمرو بن حريث، قال فيمن باع سلعة فنقده المشتري بعض الثمن، فقال البائع: لا أعطيك السلعة حتى تجيء بالبقية، فجعل عمرو بن حريث السلعة رهنًا بما بقي، وأسند عن عروة بن المغيرة بن شعبة مثل ذلك.
قال أبو عبد الله غفر الله له: إذا شرط ذلك عليه في البيع، فله إمساكها رهنًا، والمسلمون على شروطهم، ولا نعلم دليلًا يبطل هذا الشرط، وإما إذا لم يشترط عليه فكما قال ابن حزم: له إمساكها إذا كان البيع حالًا؛ لأن ذلك حق له، وأما إذا كان البيع مؤجلًا فلا يجوز له إمساكها بدون رضاه. وقال أحمد: هو غاصب.
وأما ما ذكروه فالجواب عنه كما يلي مرتبًا:
1) لا يُسَلَّمُ لهم أنه لا يجوز رهن الشيء قبل قبضه؛ لأنه إذا لم يوفه حقَّه؛ فإنَّ الحاكم يلزم الراهن بقبضه وبيعه، أو يقبضه الحاكم ويبيعه، فلا إشكال.
2) قولهم: (إنه غير مملوك)، فيجاب عنه بأنه إنما شرط رهنه بعد ملكه.
3) قولهم: (إن البيع يقتضي إيفاء الثمن من غير المبيع) غير صحيح، وإنما يقتضي وفاء الثمن مطلقًا.
4) قولهم: (البيع يقتضي تسليم المبيع قبل تسليم الثمن) ممنوع وإن سُلِّم فلا يمتنع أن يثبت بالشرط خلافه كما أن مقتضى البيع حلول الثمن ووجوب تسليمه في الحال، ولو شرط التأجيل جاز.