الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتنميته؛ دفع إليه المال، وكلٌّ في مجاله، فإذا كان تاجرًا أحسن التجارة، وإن كان فلاحًا أحسن صرف ماله في الزراعة والكسب منها، وما أشبه ذلك، والحاصل أن ذلك يرجع إلى عرف الناس، والله أعلم.
(1)
مسألة [9]: الحجر على المجنون
.
الحجر على المجنون مجمع عليه، ويدل عليه عموم الآية المتقدمة:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء:5]، ويزول الحجر عن المجنون بإفاقته ورجوع عقله، ولا يفتقر ذلك إلى حكم حاكم بغير خلاف. قاله ابن قدامة رحمه الله.
(2)
مسألة [10]: الحجر على السفيه الذي لا يحسن التصرف
.
• جمهور العلماء على أنه يحجر عليه، ويشرع ذلك للمحافظة على ماله، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6]؛ فدلَّ على أنه إن كان سفيهًا لا يدفع إليه ماله فيفهم منه جواز الحجر على السفيه وإن كان كبيرا.
واستدلوا على ذلك بعموم الآية المتقدمة: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} ، وبقوله تعالى:{فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة:282]، فأثبت عليه ولاية.
(1)
انظر: «المغني» (6/ 608)«تفسير القرطبي» [آية:6] من سورة النساء.
(2)
انظر: «المغني» (6/ 593، 594)«تفسير القرطبي» سورة النساء [آية:5]«الإنصاف» (5/ 287).
واستدلوا بحديث أنس في «سنن أبي داود» (3501): أنَّ بعض الصحابة سألوا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يحجر على رجل؛ لكونه يخدع في البيوع، فمنعه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فشكا إليه أنه لا يقدر على ترك ذلك، فرخَّص له أن يقول:«لا خلابة» وإسناده حسن، والشاهد من الحديث أنهم سألوا الحجر عليه، ولو كان لا يصح الحجر على مثله؛ لقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إنه حرٌّ عاقلٌ فلا يحجر عليه.
واستدلوا على ذلك بأثر عن علي، وعثمان رضي الله عنهما أنهما أرادا أن يحجرا على عبد الله بن جعفر كما في «الأوسط» (10/ 11)، و «سنن البيهقي» (6/ 61) في قصةٍ لها طرق في كل طريق منها ضعفٌ، واختلاف في الألفاظ، ومجموعها تدل على أن للقصة أصلًا.
واستدلوا بقول ابن الزبير كما في «صحيح البخاري» (6073): أنه قال في بيعٍ، أو عطاءٍ أعطته عائشة: لتنتهين عائشة، أو لأحجرنَّ عليها. وشاهدنا من ذلك ذكر الحجر، فقد كان معروفًا عند الصحابة؛ مع أنَّ عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قد أساء مع أم المؤمنين بهذا الكلام ثم إنه اعتذر إليها من كلامه ذلك رضي الله عنهما.
• وذهب بعضهم إلى أنه لا يحجر عليه؛ لكونه حرًّا، عاقلًا، بالغًا، ليس بصبي ولا مجنون، وهذا قول ابن سيرين، والنخعي، وأبي حنيفة، وتولى ابن حزم نصرة هذا القول في «المحلى» .
والصحيح القول الأول؛ لما تقدم ذكره من الأدلة، وهو ترجيح الشوكاني رحمه الله، وممن قال به أحمد، ومالك، وإسحاق، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد،