الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضُ المَسَائِلِ المُلْحَقَة
مسألة [1]: هل يملك العبد التصرف في ماله، أم لا
؟
أولًا: هل يملك العبد المال الذي يكتسبه ابتداءً، أم هو ملك لسيده؟
• على قولين:
الأول: قول الظاهرية أنه يملكه ابتداء، ولا يكون ملكًا لسيده؛ إلا أن ينزعه منه، أو يسقط ملكه عنه. واستدلوا على ذلك بأنه يملك؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من باع عبدًا وله مال
…
».
الثاني: قول عامة أهل العلم أنه لا يملكه ابتداء؛ لأنَّ العبد نفسه مملوك، فمنافعه ومكتسباته مملوكة، وهذا القول هو الصحيح.
• واختلفوا: هل يملك العبد إذا ملَّكه سيده أم لا؟
• فذهب الشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد في رواية، وإسحاق إلى أنه لا يملك، والمال حقيقة يكون للسيد، وإن كان السيد قد ملكه العبد، ولأنه مملوك؛ فلم يملك كالبهيمة.
• وذهب أحمد في رواية إلى أنه يملك بتمليك سيده، وهو قول مالك،
والشافعي في القديم، وصحح هذا القول ابن قدامة؛ للحديث:«من باع عبدًا وله مال» .
قال رحمه الله: وَمَا ذَكَرُوهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَانِعِ، وَلَا يَثْبُتُ اعْتِبَارُهُ؛ إلَّا أَنْ يُوجَدَ الْمُقْتَضِي فِي الْأَصْلِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْبَهِيمَةِ مَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمِلْكِ لَهَا، وَإِنَّمَا انْتَفَى مِلْكُهَا؛ لِعَدَمِ الْمُقْتَضِي لَهُ، لَا لِكَوْنِهَا مَمْلُوكَةً، وَكَوْنُهَا مَمْلُوكَةً عَدِيمُ الْأَثَرِ؛ فَإِنَّ سَائِرَ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً مِنْ الصَّيُودِ وَالْوُحُوشِ لَا تُمَلَّكُ، وَكَذَلِكَ الْجَمَادَاتُ، وَإِذَا بَطَلَ كَوْنُ مَا ذَكَرُوهُ مَانِعًا، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْمُقْتَضِي؛ لَزِمَ ثُبُوتُ حُكْمِهِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. اهـ
قلتُ: وبناءً على أنه يملك، فهل له التصرف فيه بالبيع، والشراء، والصدقة، والهبة، وغير ذلك؟
أما إذا أذن له سيده؛ فيجوز له ذلك عند أهل العلم.
وأما إذا تصرف به بغير إذنه، فأبطله بعضهم.
وقال بعضهم: يوقف على إجازة السيد. وقال آخرون: يصح تصرفه؛ لأنه قد ملكه.
وهذا أقرب الأقوال، والله أعلم.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (6/ 259 - 260)(6/ 349 - 350)«المحلى» (1398).
860 -
وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةِ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
ذكر القاضي حسين المغربي في «البدر التمام» ، وتبعه الإمام الصنعاني في «سبل السلام» في شرح هذا الحديث أنَّ الحافظ أورده ههنا، وقد تقدم في [باب قسم الصدقات].
ولعله أعاده هنا ليبين أنَّ الرجل الذي تحمَّل حمالة قد لزمه دين فلا يكون له حكم المفلس في الحجر عليه، بل يترك حتى يسأل الناس، فيقضي دينه.
قلتُ: وعندي احتمال آخر، وهو: أنه أورده ليدل على قبول الشهادة على الإعسار كما تقدم تقرير ذلك، والله أعلم.
(1)
أخرجه مسلم برقم (1044).