الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ جَوَازَهُ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ الْحَاضِرَةَ كَالْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ، وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ الدَّرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ. اهـ
ثم استدل ابن قدامة على تحريم ذلك بأنَّ هذا بيعُ دين بدين، وقد أجمعوا على عدم جواز ذلك.
قلتُ: والذي يظهر لي أن قول مالك، وأبي حنيفة، أرجح؛ لأنَّ هذه الصورة ليس فيها محظور، وبيع الدين بالدين الذي أجمعوا على تحريمه سيأتي بيان صوره في آخر هذا الباب إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
مسألة [12]: إذا اشترى ذهبًا أو فضةً بشيك فهل يعتبر هذا تقابضًا أم لا
؟
بعض أهل العلم أجاز ذلك لحاجة الناس إلى ذلك، وهذه فتوى الإمام ابن باز مع أعضاء اللجنة، ومنع من ذلك الإمام ابن عثيمين رحمه الله، فقال: لا يجوز التعامل في بيع الذهب والفضة بالشيكات، وذلك لأنَّ الشيكات ليست قبضًا، وإنما هي وثيقة حوالة فقط، بدليل أنَّ هذا الذي أخذ الشيك لو ضاع منه؛ لرجع إلى الذي أعطاه إياه، ولو كان قبضًا؛ لم يرجع.
قلتُ: وقول الشيخ ابن عثيمين أقرب، والله أعلم.
(1)
مسألة [13]: الحوالات المصرفية
.
صورتها: أن يأتي الإنسان إلى صاحب المصرف، ويقول: أريد تحويل ألف ريال سعودي إلى اليمن مثلًا، ولها حالتان:
(1)
انظر: «فتاوى اللجنة» (13/ 491)، «فقه وفتاوى البيوع» (ص 391) جمع أشرف بن عبدالمقصود.
الأولى: أن يكون الذي في اليمن يستلمها بنفس العملة؛ فإنْ أُرسلت دراهم؛ يستلمها دراهم، وإن أُرسلت دنانير؛ يستلمها دنانير، وإن أُرسلت دولارات؛ يستلمها دولارات، وهكذا.
وهذه الصورة أجازها أهل العلم، إما على أنها حوالة بمعناها الفقهي، أو على أنها إجارة. أو على أنها شبيهة بالسُّفتجة
(1)
، فبعضهم كان يأخذ من أخيه مبلغًا من المال ويكتب له ورقة إلى وكيله في بلد آخر يسلمه المبلغ إذا وصل إليه، وكانوا يعملون ذلك حذرًا من قُطَّاع الطريق، واللصوص، وهذه السُفْتَجَة غالبًا لا تحصل بعمولة، إنما يريد هذا أن يستفيد من النقود، ويريد المسافر أن يأمن على ماله، فإذا كان في الحوالة يستلم نفس العملة فهي أشبه بمسألة السُفْتَجَة المعروفة عند الفقهاء.
قلتُ: وقد أجاز مسألة السفتجة الورقة شيخ الإسلام كما في «مجموع الفتاوى» (29/ 455 - 456)، وابن القيم رحمه الله كما في «أعلام الموقعين» (1/ 391)، و «تهذيب السنن» (5/ 152 - 153).
الثانية: أن يكون الذي في اليمن يستلمها بغير العملة التي دفعها المحول، كأن يحول المحول دولارات ويستلمها المستلم ريالات يمنية، وعليه فَقِسْ.
فهنا يأتي شيءٌ من الإشكال؛ لأنه إذا استلم غير العملة يكون قد جمع بين الحوالة وبين الصرف، ومن شرط الصرف حصول التقابض في المجلس.
(1)
كلمة فارسية بمعنى: ورقة.
قال ابن المنذر رحمه الله: وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي: لا يجوز حوالة في صرف.
وقد أفتى شيخنا الوادعي، والشيخ ابن عثيمين بالمنع من ذلك، ونُقِل عن جماعة غيرهم الجواز، منهم: الشيخ ابن باز؛ لأن قبضه للشيك -الورقة التي فيها الضمان- من الصارف يُعتبر عندهم قبضًا.
والصحيح هو المنع من ذلك، والله أعلم.
(1)
(1)
وانظر: «فتاوى اللجنة» (13/ 448)، «الأوسط» (10/ 197).
825 -
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الحَيَوَانِ بِالحَيَوَانِ نَسِيئَةً. رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الجَارُودِ.
(1)
826 -
(2)
وَعَنْ عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا، فَنَفِدَتِ الإِبِلُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلَائِصِ الصَّدَقَةِ، قَالَ: فَكُنْت آخُذُ البَعِيرَ بِالبَعِيرَيْنِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ. رَوَاهُ الحَاكِمُ وَالبَيْهَقِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
(3)
(1)
أخرجه أحمد (5/ 12، 19، 22)، وأبوداود (3356)، والنسائي (7/ 292)، والترمذي (1237)، وابن ماجه (2270)، وابن الجارود (611) من طرق عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب به. وإسناده ضعيف؛ لأن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة. وله شاهد من حديث جابر عند الترمذي (1238)، وابن ماجه (2271)، بلفظ:«الحيوان اثنان بواحد، لا يصلح نسيئًا، ولا بأس به يدًا بيد» ، وهو من طريق حجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر. وحجاج مدلس فيه ضعف، وأبوالزبير مدلس، وكلاهما لم يصرح بالتحديث. وله شاهد من حديث جابر بن سمرة، بلفظ حديث سمرة بن جندب، أخرجه عبدالله بن أحمد كما في «المسند» (5/ 99) وفي إسناده حفص بن سليمان أبوعمر المقرئ، وهو متروك في الحديث. وله شاهد من حديث ابن عباس: أخرجه ابن حبان (5028)، والطحاوي (4/ 60) من طريق معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس. وإسناده ظاهره الصحة إلا أنه قد اختلف فيه على معمر، والصواب أنه من مراسيل عكرمة، رجح ذلك البخاري كما في «العلل الكبير» للترمذي (1/ 489) وأبوحاتم كما في «العلل» لابنه (1/ 385) والبيهقي كما في «السنن الكبرى» (5/ 288 - 289). وله شاهد من حديث ابن عمر: أخرجه الطحاوي (4/ 60) من طريق محمد بن دينار الطاحي عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن ابن عمر مرفوعًا به. ومحمد بن دينار، الراجح ضعفه، وصوب البخاري أنه من مراسيل زياد بن جبير كما في «العلل الكبير» للترمذي (1/ 490). ونقل المعلق عن أحمد أنه رجح إرساله أيضًا.
(2)
الحديث تأخر في النسخة [أ] إلى عَقِب حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: «لعن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الراشي والمرتشي» .
(3)
حسن. أخرجه الحاكم (2/ 56 - 57)، والبيهقي (5/ 287)، وأخرجه أيضًا أحمد (2/ 171، 216)، وأبوداود (3357)، وفي إسناده جهالة واضطراب، لكن له إسناد آخر عند الدارقطني (3/ 69)، والبيهقي (5/ 287 - 288) من طريقه، عن أبي بكر النيسابوري، نا يونس بن عبدالأعلى، نا ابن وهب، أخبرني ابن جريج أن عمرو بن شعيب أخبره عن أبيه عن جده بنحوه. وإسناده حسن، وقد حسن الحديث الإمام الألباني رحمه الله في «الإرواء» (1358).