الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
863 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» . ثُمَّ يَقُولُ أَبُوهُرَيْرَةَ رضي الله عنه: مَالِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ؟ وَاللهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
864 -
وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ أَنْ يَأْخُذَ عَصَا أَخِيهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
مسألة [1]: إذا أراد الجار أن يغرز خشبة في جدار جاره، فهل له أن يمنعه
؟
• في هذه المسألة قولان:
القول الأول: ليس له منعه، وهو قول أحمد، وإسحاق، والشافعي في القديم،
(1)
أخرجه البخاري (2463)، ومسلم (1609).
(2)
حسن. أخرجه ابن حبان (5978)، ولم يخرجه الحاكم. وقد أخرجه أيضًا البيهقي (6/ 100)، وهو عند أحمد (5/ 425)، بنحوه، كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبي حميد به. وإسناده حسن؛ لأن سهيلًا حسن الحديث. وقد وجد خلاف لسهيل في الإسناد، ولكن قال ابن المديني: الحديث عندي حديث سهيل. أسنده عنه البيهقي في «الكبرى» (6/ 100) وقال في «المعرفة» (4/ 485): أصح ما روي فيه حديث أبي حميد. اهـ
وله شاهد من حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه بلفظ: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه» ، أخرجه أحمد (5/ 72 - 73)، والدارقطني (3/ 26)، والبيهقي (6/ 100)، من طريق علي ابن زيد بن جدعان عن أبي حرة به. وإسناده ضعيف لضعف علي وشيخه. وللحديث شواهد على معناه دون لفظه في «الصحيحين» وغيرهما. فالحديث حسن على أقل أحواله، والله أعلم.
والظاهرية، وأبي ثور، وبعض أهل الحديث، واستدلوا بحديث أبي هريرة الذي في الباب.
القول الثاني: له أن يمنعه من ذلك؛ لأنه ماله، واستدلوا بحديث أبي حميد الذي في الباب وغيره من النصوص المتكاثرة التي فيها أنه لا يحل مال المسلم إلا بطيب نفسه.
وهذا قول مالك، والشافعي في الجديد، وأبي حنيفة، وعزاه بعضهم للجمهور، وحملوا حديث أبي هريرة رضي الله عنه على أنَّ النهي على سبيل الكراهة لا التحريم؛ جمعًا بين الدليلين.
وأجاب أصحاب القول الأول بأنه لا تعارض بين عام وخاص، بل الخاص يقضي على العام كما هو مقرر في علم الأصول، قالوا: وكيف يكون بينهما تعارض، والذي حرم مال المسلم بغير طيب نفس منه هو الذي نهاه أن يمنع جاره من غرز الخشب في جداره. قالوا: وليس هو أخذٌ لماله، إنما هو مجرد ارتفاق.
قال البيهقي رحمه الله في «المعرفة» : أما حديث الخشب في الجدار؛ فإنه حديث صحيح ثابتٌ لم نجد في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعارضه، ولا تصح معارضته بالعمومات. انتهى المراد.
ورجَّح ذلك الصنعاني والشوكاني.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (7/ 35)«المحلى» (1358)«التمهيد» (13/ 153 - ) ط/مرتبة، «شرح مسلم» للنووي (1609)«الفتح» (2463)«شرح العمدة» لابن الملقن (7/ 503 - )«المعرفة» (9/ 37).