الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَيًّا؛ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ انْفِصَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ رِقَّهُ بِاعْتِقَادِهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ حَمْلًا، فَقُوِّمَ عَلَيْهِ أَوَّلَ حَالِ انْفِصَالِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ حَالِ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ. وَإِنْ ضَرَبَ الْغَاصِبُ بَطْنَهَا، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا؛ فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، مَوْرُوثَةً عَنْهُ، لَا يَرِثُ الضَّارِبُ مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ جَنِينًا حُرًّا، وَعَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ لَمَّا اعْتَقَبَ الضَّرْبَ؛ فَالظَّاهِرُ حُصُولُهُ بِهِ، وَضَمَانُهُ لِلسَّيِّدِ ضَمَانُ الْمَمَالِيكِ، وَلِهَذَا لَوْ وَضَعَتْهُ حَيًّا قَوَّمْنَاهُ مَمْلُوكًا. وَإِنْ كَانَ الضَّارِبُ أَجْنَبِيًّا؛ فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ دِيَةُ الْجَنِينِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، وَتَكُونُ مَوْرُوثَةً عَنْهُ، وَعَلَى الْغَاصِبِ لِلسَّيِّدِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْمَمَالِيكِ، وَقَدْ فَوَّتَ رِقَّهُ عَلَى السَّيِّدِ، وَحَصَلَ التَّلَفُ فِي يَدَيْهِ.
وَالْحُكْمُ فِي الْمَهْرِ، وَالْأَرْشِ، وَالْأَجْرِ، وَنَقْصِ الْوِلَادَةِ، وَقِيمَتِهَا إنْ تَلِفَتْ، مَا مَضَى إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَلَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ وَالْخَطَإِ، كَالدِّيَةِ. اهـ
قلتُ: قول ابن قدامة: (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ). تقدم أن الصحيح أن أرش البكارة داخل في المهر، والله أعلم.
مسألة [20]: إذا باع الغاصب الجارية لإنسان آخر، فوطئها
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (7/ 393 - ): إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْجَهَالَةَ؛ قُبِلَ مِنْهُ، وَيَجِبُ رَدُّ الْجَارِيَةِ إلَى سَيِّدِهَا، وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِرَدِّهَا؛ لِأَنَّ
الْغَاصِبَ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ»
(1)
، وَالْمُشْتَرِي أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَيْضًا، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ مَالَ غَيْرِهِ فِي يَدِهِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بِحَمْدِ الله تَعَالَى. وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ نِكَاحٍ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْبَكَارَةِ، وَنَقْصُ الْوِلَادَةِ. وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ؛ فَالْوَلَدُ حُرٌّ؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ يَطَأُ مَمْلُوكَتَهُ، فَمَنَعَ ذَلِكَ انْخِلَاقَ الْوَلَدِ رَقِيقًا، وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ بِاعْتِقَادِهِ حِلَّ الْوَطْءِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ فِدَاءُ أَوْلَادِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ بَدَلُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي حَالِ الْعُلُوقِ أَحْرَارًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِيمَةٌ حِينَئِذٍ. قَالَ الْخَلَّالُ أَحْسَبُهُ قَوْلًا لِأَبِي عَبْدِ الله أَوَّلَ، وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَفْدِيهِمْ. وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ أَيْضًا، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَيَفْدِيهِمْ بِبَدَلِهِمْ يَوْمَ الْوَضْعِ.
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَغْصُوبَةِ لَا يَضْمَنُهُ عِنْدَهُ إلَّا بِالْمَنْعِ، وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ لَمْ يَحْصُلْ مَنْعٌ؛ فَلَمْ يَجِبْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّهُ يَحْدُثُ مَضْمُونًا، فَيُقَوَّمُ يَوْمَ وَضْعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ حَالٍ أَمْكَنَ تَقْوِيمُهُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يَفْدِيهِمْ بِهِ، فَنَقَلَ الْخِرَقِيِّ هَاهُنَا أَنَّهُ يَفْدِيهِمْ بِمِثْلِهِمْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِمِثْلِهِمْ فِي السِّنِّ، وَالصِّفَاتِ، وَالْجِنْسِ، وَالذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: يَفْدِيهِمْ بِمِثْلِهِمْ فِي الْقِيمَةِ. وَعَنْ
(1)
تقدم تخريجه في «البلوغ» برقم (878).
أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ أَنَّهُ يَفْدِيهِمْ بِقِيمَتِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَصَحُّ إنْ شَاءَ الله تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ، فَيُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ كَسَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: إن استطاع أن يضمن له بالمثل فهو مُقَدَّم، وإلا فعليه القيمة، والله أعلم.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (7/ 395 - 396): وَكُلُّ ضَمَانٍ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ يَدَ الْغَاصِبِ سَبَبُ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَمَا وَجَبَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ أَجْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ، أَوْ نَقْصٍ حَدَثَ عِنْدَهُ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ يَدِ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا طَالَبَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا وَجَبَ فِي يَدِهِ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ، فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ الشِّرَاءِ عَلِمَ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الضَّمَانِ وُجِدَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَغْرِيرٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: ضَرْبٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ، وَهُوَ قِيمَتُهَا إنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، وَأَرْشُ بَكَارَتِهَا، وَبَدَلُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِذَلِكَ بِالثَّمَنِ، فَإِذَا ضَمِنَهُ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ. وَضَرْبٌ يَرْجِعُ بِهِ، وَهُوَ بَدَلُ الْوَلَدِ إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَدُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ جِهَتِهِ إتْلَافٌ، وَإِنَّمَا الشَّرْعُ أَتْلَفَهُ بِحُكْمِ بَيْعِ الْغَاصِبِ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ نَقْصُ الْوِلَادَةِ.
وَضَرْبٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَجْرُ نَفْعِهَا، فَهَلْ