الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدوان على الناس، بل العكس، وعلى هذا فلا يصح. انتهى المراد.
وأما إذا كان الخيار للمشتري فقط: فيصح عتقه، وينفذ، ولا نعلم فيه خلافًا، وأما إذا كان الخيار للبائع فقط: فحكمه كحكم الحالة الأولى، والله أعلم.
(1)
مسألة [15]: وطء الجارية في مدة الخيار
.
في هذه المسألة حالات:
الحالة الأولى: أن يكون الخيار لكل واحد منهما.
فالمشتري لا يجوز له الوطء.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي وَطْءُ الْجَارِيَةِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْبَائِعِ، فَلَمْ يُبَحْ لَهُ وَطْؤُهَا كَالْمَرْهُونَةِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا؛ فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فَبِحَقِيقَتِهِ أَوْلَى، وَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ، وَإِنْ عَلِقَتْ مِنْهُ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَمَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ رَجَعَ بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الْفَسْخُ فِيهَا، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي. اهـ
وأما البائع: فأكثر أهل العلم على أنه لا يحل له وطؤها قبل فسخ البيع.
وأجازه بعض الشافعية بحجة أنَّ البيع ينفسخ بوطئه.
(1)
انظر: «المغني» (6/ 26 - )، «الإنصاف» (4/ 377 - )، «الحاوي» (5/ 51).
قال ابن قدامة رحمه الله: وَلَنَا أَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ عَنْهُ، فَلَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِقَوْلِ الله تَعَالَى:{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 6 - 7 /المعارج:30 - 31]، وَلِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْوَطْءِ يَقَعُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ؛ فَيَكُونُ حَرَامًا، وَلَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ قَبْلَ وَطْئِهِ؛ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ، وَلَا يَنْفَسِخُ بِالْوَطْءِ؛ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكًا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَلَنَا أَنَّ مِلْكَهُ يَحْصُلُ بِابْتِدَاءِ وَطْئِهِ، فَيَحْصُلُ تَمَامُ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ، مَعَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي كَوْنِ الْمِلْكِ لَهُ، وَحِلَّ الْوَطْءُ لَهُ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ، فَكَيْفَ إذَا اجْتَمَعَتْ، مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَحْصُلَ الْفَسْخُ بِالْمُلَامَسَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ، فَيَكُونُ الْمِلْكُ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ قَبْلَ وَطْئِهِ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ فِي الْمُشْتَرِي: إنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِينَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فِيمَا إذَا مَشَطَهَا، أَوْ خَضَّبَهَا، أَوْ حَفَّهَا، فَبِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِلْجِمَاعِ وَلَمْسِ فَرْجِهَا بِفَرْجِهِ أَوْلَى. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَلَدُهُ مِنْهَا حُرًّا، وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَتَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَحِقَهُ النَّسَبُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. اهـ
قلتُ: وما رجحه ابن قدامة رحمه الله هو الصحيح في هذه المسألة؛ إلا قوله المتقدم: