الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة وأجوبة
جمع افعل فعلاء على فعل
الزقازيق (مصر) م. م. م. ذكرتم مراراً في لغة العرب (راجع مثلا 7: 573 و 586 و 657 و 745 و 824) أن افعل فعلاء الدال على عيب أو لون أو حلية لا تكون فعلاء صفة لموصوف مجموع أي لا يقال مثلا: ثياب خضراء بل خضر. والحال أننا وجدنا جماعة من الأقدمين يجرون على ما يخالف القاعدة التي أشرتم إليها. ودونكم شواهد على ذلك: قال في تاج العروس في مادة عجف: (وفي الأساس: نزلوا في بلاد عجفاء أي غير ممطورة) أهـ. ولم يقل في بلاد عجف. - وفي القاموس للفيروز أبادي (في مادة ك ل ي). . . (وغنم حمراء الكلى مهازيل.) ولم يقل حمر، وفي مختار الصحاح في مادة ل وب: اللوبة والنوبة بوزن الكوفة فيهما: الحرة الملبسة حجارة سوداء ومنه قيل للأسود لوبي ونوبي). ولم يقل حجارة سود. فكيف تجمعون بين ضابطتكم وبين ما نقل عن أصحاب هذه المعاجم الثلاثة: القاموس، ومختار الصحاح. وتاج العروس؟
ج. ما جاء في تاج العروس مخطوء في نقله أو في إيراده. وتتحققون الأمر من مراجعة الأساس المطبوع في مصر، فقد جاء في أول مادة ع ج ف:(نزلوا في بلاد عجاف أي غير ممطورة.) وعجاف هنا جمع عجف لا أعجف. ذكر هذا المفرد وجمعه لسان العرب. وقد يجوز أن يكون عجاف جمعاً لا عجف لكنها شاذة. قال الأزهري: وليس في كلام العرب افعل فعلاء جمعاً على فعال غير أعجف وعجفاء وهي شاذة حملوها على لفظ سمان فقالوا: سمان وعجاف. وزاد الجوهري: والعرب قد تبني الشيء على ضده كما قالوا: (عدوة) بناء على (صديقة) وفعول إذا كان بمعنى فاعل لا تدخله الهاء. . .) أهـ. وعلى كل حال فقول تاج
العروس (في بلاد عجفاء) خطأ ظاهر. ولا نظنه من المؤلف نفسه بل من الناسخ أو من الطابع، إذ وجدنا في هذا الديوان من أغلاط الطبع شيئاً هائلاً.
وقول القاموس: (وغنم حمراء الكلى) بمعنى مهازيل غلط من الناسخ فأنه نقل (ألف)(أ) لكلى إلى ما قبلها أي إلى الراء فصير (حمر الكلى: حمراء الكلى). أما إذا كانت جميع النسخ الخطية متفقة على إيراد (حمرآء الكلى)، فلا جرم أن الغلط من المؤلف إذ لا يجوز
ذلك بل يقال: حمر الكلى، ومن العجيب أن القاموس طبع مراراً، ونقد دفعات ولم نجد أحداً نبه على الوهم الواضح. أما معزى اللغويين: أي أصحاب (محيط المحيط وأقرب الموارد والبستان) فليست بحجج. وأما بهم اللغويين (أي أصحاب معجم الطالب والمنجد والمعتمد) فأضل من معزاهم. فأنظر بعد هذا كيف يجب أن يكون اللغوي ضليعاً لكي يقول كلمته الصحيحة الصادقة في لغتنا.
وما نقلتموه من عبارة مختار الصحاح وهي (الملبسة حجارة سوداء) فصريح أنه من خطأ الناسخ، أو لا أقل من أن يكون من خطأ الطبع، لأن المؤلف نفسه يقول في مادة ح ر ر:(الحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة كأنها أحرقت بالنار) ولم يقل حجارة سوداء. أما الذي استزل الناسخ أو الطابع في الكلام الأول فهو أصل العبارة إذ هو: (الملبسة حجارة سوداً بنصب الدال. فقرأها المسكين (سودآء) أي بالمد. فبعد هذا البسط (صرح الحق عن محضه).
تحذيف الشابورتين
س. برلين (ألمانية) قرأت في مجموعة الرسائل المسماة: (ثلاث رسائل لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفى سنة 255هـ) التي سعى بنشرها يوشع فنكل وطبعها في القاهرة سنة 1344 في المطبعة السلفية في ص 42 ما هذا نصه: (يتوهم الواحد منهم إذا عرض جبته، وطول ذيله، وعقص على خده صدغه وتحذف الشابورتين على وجهه أنه المتبوع ليس التابع والمليك فوق المالك. . .) فما معنى (تحذف الشابورتين؟ - إذ الظاهر أن ناشر تلك الرسائل لم يفهم معناها بدليل قوله في الحاشية: (كذا الأصل) ثم نقرت في دواوين اللغة على معنى اللفظتين فلم أوفق للعثور على معناهما. فهل لكم إلى أن ترشدوني إليهما؟
ج. كل من يتولى نشر كتاب من مصنفات الأقدمين ولا يكون واقفاً على أسرار اللغة وألفاظها يشوه ذلك الكتاب كل التشويه. ويوشع فنكل هذا مسخ هذا الأثر الجليل للجاحظ إذ أظهر أنه غير مضطلع بأوضاع الأقدمين فجاءت تلك الرسائل مشحونة أغلاطاً شوهت محاسنها. ومن الجملة ما جاء في العبارة التي أشرتم إليها. إذ صحيح روايتها: (وحذف (بتشديد الذال المعجمة) الشابورتين. ومعنى (حذف تحذيفاً) معروف. يقال: حذف شعره: طرره وسواه وهو أن يأخذ من نواحيه حتى يستوي فتحسن صورة الرجل بهذا الصنع. أما
الشابورتان فمثنى الشابورة التي لم يذكر معناها أحد من اللغويين من أقدمين ومعاصرين وعرب ومستشرقين. والذي عندنا أنها من الأرمية (شافيروتا) ومعناها: حسن وجمال وظرافة وهي ضرب من قص الشعر على هيئة الرقم 7 العربي تسيل فيها القصة على وسط الحاجب. ولما كان للإنسان حاجبان كان من المحتوم أن يتخذ لنفسه شابورتين، ثم وحدها بعضهم وجعلها واحدة تسيل بين الحاجبين وأكثر ما كان يتخذها كبار الرجال في عهد العباسيين. وقد ذكر الشابورة أبو الفداء في تقويم البلدان في كلامه على البحار (ص 19 من الطبعة الباريسية):(ولأصحاب جفرافيا اصطلاح في تعريف البحور فيقولون: يمتد كالقوارة وكالشابورة وكالطيلسان ونحو ذلك. وقد صورنا ذلك وكتبنا الأسماء التي أصطلح عليها أهل الصناعة، وهي هذه. . .) أهـ. وقد صور الشابورة هنا بصورة الرقم العربي 7 صورة كبيرة. والطيلسان بصورة خابئة واسعة الأسفل عريضته. والقوارة بصورة تنور مقلوب الأسفل إلى فوق. ومن أراد التحقق فليرجع إلى الأصل الذي أشرنا إليه.
هذا ما نعلمه، ومن يعرف غير ما ذكرناه فليتفضل به علينا ونشكره سلفاً.
البانكة
بغداد. ب. م. م قبل الاحتلال الإنكليزي للعراق كان الوطنيون يتخذون للترويج في أيام الصيف مروحة كبيرة يعلقونها بسقف البيت وفي وسطها حلقة يعقد بها حبل تجر به ذهاباً وإياباً فيسير الهواء في المكان ويتجدد على الدوام، ويسمونها (البانكة فبأي لغة هذه الكلمة. وهل عرفها السلف في العراق. وما كانوا يسمونها؟
ج. البانكة كلمة فارسية الأصل محرفة عن (بادفر) بمعناها. وكان العراقيون يتخذونها في جميع مدن العراق وكانوا يسمونها باد كار ويجمعونها على باذ كارات. قال محمد بن حازم الباهلي في (عمر كسكر)(معجم البلدان لياقوت الحموي 3: 725).
بعمر كسكر طلب اللهو واللعب
…
والباذ كارات والأدوار والنخب
وقد جاءت الكلمة مصحفة في طبعة الإفرنج المذكورة بصورة باز كارات، وهو خطأ ظاهر. ويقال فيها أيضاً باد كارات بالدال المهملة. وهي من بادكر أو بادكرد الفارسية. - ومن أسمائها بالفارسية بادسوار، وخشت باد - وسماها الحريري مروحة الخيش هرباً من اتخاذ كلمة فارسية لم يستسغها. والغز فيها قائلا: (في المقامة النجرانية في ص 474 من
طبعة الإفرنج):
وجارية في سيرها مشمعلة
…
ولكن على أثر المسير قفولها
لها سائق من جنسها يستحثها
…
على أنه في الاحتثاث رسيلها
ترى في أوان القيظ تنطف بالندى
…
ويبدو إذا ولى المصيف قحولها
قال الشريشي في تفسيرها: الخيش ثوب من الكتان غليظ. وهذه المروحة تستعمل في بلاد العراق تكون شبه الشراع للسفينة وتعلق من سقف البيت ويشد فيها حبل يدبر بها مشيها وتبل بالماء وترش بماء الورد، فإذا أراد الرجل في القائلة أو الليل أن ينام، جذبها بحبلها فتذهب بطول البيت وتجيء، فيهب على الرجل منها نسيم طيب الريح بارد فيذهب عنه أذى الحر ويستطيب به النوم، وهي فوقه ذاهبة جائية ولذلك سماها (جارية) لجريها كما أرسلت في سيرها مشمعلة أي مسرعة.
وللسري الموصلي في وصفها وصفاً شعرياً:
وخيش كما أنجزت ذيول غلائل
…
مصندلة تختال فيها الكواعب
وقد اطلعت الشمائل وانثنت
…
مقيدة عن جانبيها الجوانب
فقد سماها (خيشاً) كما رأيت فاستغنى بها عن المضاف. وقال أيضاً:
قد ضربت خيمة الغمام لنا
…
ورش خيش النسيم بالمطر
وقال آخر:
ومروحة تروح كل هم
…
ثلثة اشهر لا بد منها
حزيران وتموز وآب
…
وفي أيلول يغني الله عنها
سفر الخلق لا سفر التكوين
بيروت. س. ل كنتم تقولون في السابق (سفر التكوين) والآن أراكم عدلتم إلى القول (سفر الخلق) فأيهما الأصح؟
ج. كنا في السابق نتابع مصطلح من تقدمنا الدين يقولون جميعهم: (سفر التكوين)، ولما أنعمنا النظر في هذه التسمية من باب الاجتهاد وجدنا القول:(سفر التكوين) خطأ أو ما يقاربه. أما بعد الآن فلا نقول إلَاّ (سفر الخلق) والسبب هو: إن الأقدمين كانوا يسمون كتبهم بأول لفظة بارزة ترى في صدر الكتاب، ولقد أتفق جميعهم. حتى من سمى أول سفر
التوراة باسم سفر التكوين - على أن يقولوا في مستهل الآية الأولى من الكتاب الأول: في البدء خلق الله. . . ولم يقولوا: كون الله. . .
ولهذا حسن أن يقال: (سفر الخلق) كما قيل سورة البقرة وسورة النملة وسورة مريم إلى غيرها. - والسبب الثاني أن كون وخلق بمعنى واحد، إلَاّ أن (خلق) أشيع على الألسنة من (كون) إذ أكثر ما يقال: الخالق والخلاق والمخلوق، وقلما يقال: المكون (بكسر الواو المشددة) والمكون (بفتحها) والكائنات - والسبب الثالث: إن فعل (خلق) خاص بإخراج شيء من العدم، أما (كون) فقد يكون إخراج شيء من شيء آخر. فلهذه الأسباب ولأسباب أخر، عدلنا عن التسمية الأولى (سفر التكوين) إلى التسمية الثانية (سفر الخلق)، على أننا ندع الأقدمين ومن كانوا على آرائهم يكتبون ما يشاؤون، أما نحن فلا نقول بعد هذا إلَاّ (سفر الخلق). ولله في خلقه شؤون.
اختلاف لغات العرب
س. بعقوبا. ط. ق. ما سبب الاختلافات التي ترى في اللغات واللهجات
العربية المنتشرة في الديار العربية كمصر وفلسطين وسورية والعراق؟ بل المنتشرة في المدينة الواحدة من تلك الديار؟ وهل ترون أن سبب ذلك الاختلاف اختلاط العرب بالأعاجم على تباين عناصر. أم ماذا؟
ج. لهذا الاختلاف أسباب عديدة، منها اختلاف القبائل، إذ لكل منها ما يميزها عن سواها، أما بلفظ الحرف. وأما بلفظ الحركة، وأما باختلاف النبرة، أو بكلم خاصة بهم دون سواهم، وكل ذلك راجع إلى الاختلاط بأقوام أخر، أو إلى البيئة أو إلى الهواء، وقد تجتمع جميع تلك الأسباب فتزيد الفروق فروعاً إلى فروع آخر، إلى فروع لا تحصى.
وأما اختلاف لغة المدينة الواحدة باختلاف محلاتها أو جهاتها. فعائد إلى القبائل التي ينتسبون إليها. فقد يكون أصحاب الحي الواحد ينتمون إلى قبيلة وسكان الحي الآخر ينتمون إلى قبيلة ثانية. قال ياقوت في معجمه في مادة (الحيرة). . . في الحيرة من جميع القبائل من مذحج، وحمير، وطيئ، وكلب، وتميم، ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة إلى طف الفرات وغربيه. . .) وهكذا يقال عن كل محلة من محلات المدن العربية، بل لم تسم المحلة (حياً) إلَاّ لنزول (حي) من أحياء العرب جانباً من تلك المدينة. فما يسمى (محلة) في
بعض المدن، يسمى (حياً) في البعض الآخر.
وأما تأثير الهواء على اللغة فواضح من أن أصحاب البلاد الباردة كثيرو الحروف الصفيرية والشفوية واللسانية والاسلية. كأن البرد يمنعهم من فتح أفواههم وحلوقهم لينطقوا بالحروف الحلقية، أو كأنهم يخافون فتح أفواههم لئلا يدخل الهواء البارد حلوقهم فيتأذون منه، بخلاف أهل البلاد الحارة أو المعتدلة فانهم يمتازون بالتكلم الحلقية الحرف كالهاء والحاء والخاء والعين والغين.
وأما تأثير البيئة في المتكلم فواضح أيضاً من الحيوانات التي يسمع أصواتها فان الإبل تكاد تنطق بالعين نطقاً فصيحاً وكذلك الضأن، وهكذا قل عن سائر الحروف فأن بعض الحيوانات تمتاز بلفظ بعضها. ولهذا كثرت الحروف الحلقية في اللغات السامية وندرت أو عدمت في لغات سائر الأمم التي حرموا هذه الدواب الناطقة بحروف الحلق.