الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة وأجوبة
أصل الداوية
بغداد ب. م. م. قرأت في المشرق (29: 241 إلى 349) مقالة في أصل الداوية. وقد رجح صاحبها أنها من السريانية (؟)(دويا) وجمعها (دويي)(بالإمالة) ومعناها الفقير والفقراء. وذكر أيضاً رأياً لأحد المستشرقين فيه صبغة من الاحتمال وهو أن الداوية من اللاتينية وجمعها وشحن هذه المقالة هزءاً وسخرية وتهكماً، كأن الرجل أوحد زمانه وأنه أصاب أمراً يقلب العالم ظهراً لبطن. فهل يمكنكم أن تعللوا لنا سبب عقلية هذا الرجل الغريب الأطوار في كل ما يكتبه عنكم وعن مجلتكم؟
ج. ما قاله صاحب المقالة لا يخرج عن باب الاحتمال، ونحن نشك كل الشك في صحة ما يذكره، لان العرب لما قالوا الاسبتالية او الاسبتارية تلقوها رأساً عن الإفرنج ولم يتلقوها عن السريان. ولا يمكن أن يسمى رهبان إفرنج باسم سرياني. فنرجح على هذا الرأي رأي القائل أنها من الإفرنجية (أي اللاتينية أو الفرنسية) على أنها من السريانية كما يظهر لأدنى تدبر.
أما عبارات الرجل الدالة على التهكم فيجب أن تعذروه عليها. لأنه لما كان طالب علم في الموصل أصابه مرض عصبي مدة أشهر وكان يدفعه إلى أن ينطق بأمور غريبة ويأتي شؤوناً أغرب. وإنكم تعلمون أن الجسم إذا أصيب بضعف الأعصاب زعزعه فلا بد من أن يبقى فيه أثر، ولهذا لاحظتم فيه ما لاحظه غيركم. وهذا الروح الضعيف يبقى فيه إلى ما شاء الله أن يكون حياً. ولا نتوقع أبداً إصلاحاً لآدابه. وهكذا يكون كل من لا تؤثر فيه أحكام الدين ولا أصول الرهبانيات ولا ولا ولا. وفي الختام نجح الرأي أن الداوية مأخوذة مباشرة عن
الفرنسية (تامبلية) ونبذ كل النبذ لرأي السخيف القائل بأنها. . . من؟ السريانية! ففي ترك أقرب لفظة إفرنجية إلى العربية شيء يتحقق فيه دون غيره قوله هذا: (يتصور بعض المتهورين (أو الذين أصيبوا بضعف الأعصاب) من أبناء اللغة العربية، أن تعليل أصل الكلم من الأمور الهينة، يكفي (كذا)، ولعله يريد أن يقول: ويكفي للقيام به إرخاء العنان للمخيلة الجامحة (أو لذي الأعصاب المتخلخلة)، فتهيم على وجهها في فيافي
الأوهام (السريانية) فتعود ظانة الفوز بالمرام. على أن الحقيقة خلاف ما يتوهمون. . . فهل يا ترى (داوية) تعريب (السريانية دويا؟) هذا ما توهمته إحدى المخيلات الطائفة في الفضاء (الخرافي) ودونك ما نزلت به من طبقات الهواء. . . وأحر بهذا الكلام أن يكون مثالاً حياً (للتهور في التخيل)(ولنهك الأعصاب) إلى آخر ما هذى وهذر ويهذي ويهذر الشبزق أو الممسوس.
وإذا كان مثل هذه الاقوال، في ذكر أصول الكلم، تجوز على بعض الناس فهي لا تجوز على من له أدنى إطلاع على اللغة، فالعنتريات والقعقعة بالشنان والطرمذات الصبيانية، والتهويلات، تجوز على من وهنت أعصابه أو كان فيه (عرق من الخبال) ولا تزد على هذا القدر.
وليعلم هذا المغرور المتبجح أن هذا الرأي ليس رأيه، بل سبقه إليه كثيرون قبل عقود من السنين، فكيف يأتينا في هذه السنة، سنة 1931، وينتحل لنفسه ما قاله القس يعقوب أوجين منا الكلداني في معجمه المسمى (دليل الراغبين في لغة الآراميين) المطبوع في الموصل سنة 1900 في ص 139 وهذه عبارته بحرفها:(دويا (وهي مرسومة بحرف ارمي وليس عندنا هذا الحرف) داوية. هيكليون، قوم من الرهبان الصليبيين.) أهـ. وكان قد سبقه إلى هذا القول العلامة ر. باين سميث في معجمه السرياني اللاتيني المطبعوع في أكسفرد سنة 1879 (أي قبل 52 سنة) إذ يقول في ص 829 ما هذا معناه بالعربية كلمة بكلمة (وكلام المؤلف بالسريانية واللاتينية):(دويا وجمعه دويى، لفظ مذكر، رهبانية فرسان. وبالعربية الداوية، وردت في تاريخ ابن العبري (السرياني اللفظ) في ص 408 و419
و470 و490 إلى غيرها من الصفحات. وقد وردت أيضاً بوجه آخر أي أحى دويي، في ص 401. وقد كتب عنها مطولاً في رسم دويى، فيه ص 470 وقد كتبها دويى (بالإمالة المفخمة) - الفقراء مع برنشتين وروديجر في منتخباتهما أطلب في هذا الكتاب الكلمة المذكورة) أهـ.
ولما سألنا السائل عن أصل الكلمة الذي يدور عليها الكلام (راجع لغة العرب 8: 138 و139) طالعنا في المعجمين المذكورين الرأي الذي أوردناه هنا، فلم نلتفت إليه، لان المعجمين المذكورين يعتبران اللفظ عربي الأصل. ولهذا لم نستشهد بهما. وأما صاحبنا فلما
وقف عليه فيهما (وعنده هذان الديوانان وقد استعان بأحدهما) أخذ يزمر ويطبل، ويصغر ويحقر، ويشمخر ويثرثر، بل يعربد ويطرطر، حتى ظن في نفسه أنه هو الحلال للعقد، والرجل المنتظر، ولو أنصف لخجل من نفسه ونن هذه الشعوذة، ونسب إلى كل ذي حق حقه، ورجع عن هذه (الهوسة) التي لم يحلم بها غيره، فإلى متى هذا الانتحال؟ وهذا السلخ؟ وهذه المصالتة؟ فيحسن به أن يتأمل قول طرفة بن العبد:
ولا أغير على (الأقوال) أسرقها
…
غنيت عنها وشر الناس من سرقا
ومما يزيدنا رسوخاً في رأينا هو أن رهبانية الهيكليين أسست سنة 1118 وأثبتت سنة 1128 والاسبتارية أنشئت في أورشليم بين 1125 و1153 فإذا كان يصح أن يسمى الأولون بالداوية أي الفقراء فالصحة تكون أعظم لتسمية رهبانية المضيفين (أو الاسبتارية) بالفقراء أو الداوية على رأيه. فلماذا عنت الداوية الهيكليين ولم تعن المضيفين؟ - وهل من الممكن أن يعرب أسم (الاسبتارية) من الفرنجية. ولا يعرب أسم (الداوية) من اللغة المذكورة؟ فكل ذلك يهدم البناء المشيد على الرمل ويظهر فساده، فلينصفنا العقلاء.
زد على ذلك أنَّ الذين ضبطوا الداوية، قيدوا ياءه بالتشديد إشارة إلى الاسم الإفرنجي الذي تنسب إليه وهي (تامبل) أي هيكل، فيكون معنى الداوية: الهيكليين وهو معنى الاسم الإفرنجي. أما لو كانت (الداوية) سريانية الأصل لبقيت بصيغتها الارمية وقيل (الداوية) بالتخفيف أي الطائفة الفقيرة أو الفقراء، كما قالوا الدامية والرامية والساعية والوافدة إلى ما شاء الله. إذن ضبط الياء
بالتشديد بإجماع الكتاب دليل صريح على فساد من يقول بأرميتها.
وهناك دليل رابع هو أن الداوية لم ترد في جميع النسخ بهذه الصورة الوحيدة بل وردت بصور مختلفة عديدة. فلتراجع لغة العرب (8: 139) لتظهر الحقيقة بوجهها السافر. وعلى كل فنحن لا نكره أحداً على اتخاذ رأينا، لكن هي الحقيقة لابد من التصريح بها وان أزعجت بعض المغرورين المطرمذين المطرطرين.
كروب وأصلها ومعناها
س. بغداد. ش. أ. ما أصل كروب التي تجمع على كروبين ويجمعها بعضها على كاروبيم أو كاروبية؟
ج. كروب كلمة سامية الأصل من مادة كرب الأرض أي حرثها، فالكروب: حارث الأرض
ويراد به الثور الفحل الذي يتخذ لهذه الغاية. ولهذا جاء الكروب مرادفاً للفظ الكبير والقوي والقدير والعظيم. ثم نقل إلى قائد المائة. والعبريون اتخذوه بمعنى الملك أي الروح غير المنظور الذي قد يتخذ جسماً من الأجسام للظهور للبشر خدمة للقدرة الإلهية وقد كان يصور رمزاً إلى تلك القوة والسطوة والكلمة قديمة العهد م أيام الأكديين والشمريين، ثم نقلها عنه الأمم الذي جاوروهم.
وفي سفر حزقبال (1: 10): أما أشباه أوجهها (أوجه الحيوانات) فلأربعتها وجه بشر، وعن اليمين وجه أسد، ولأربعتها وجه كروب عن الشمال، ولأربعتها وجه نسر. والذين نقلوا التوراة إلى العربية قالوا في مكان (وجه كروب):(وجه ثور). وفي (10: 14) من السفر المذكور: (ولكل واحد أربعة أوجه، الوجه الأول. (وجه الكروب. . .) وترجمها بعضهم بقوله: (وجه الثور.) وهناك غير هذه الشواهد.
وأما الكروبون فجمع الكروب بالوجه العربي الفصيح، وأما (كاروبيم) فهو جمع كروب بالوجه العبري، إلا أنَّ الألف الزائدة بعد الكاف خطأ، إذ لا وجود لها في العبري، والكاروبية جمع كاروب (وهو غلط في كروب) على طريقة جمع اللفظ الأعجمي بالياء والهاء. كما قالوا: الأفندية والبارونية والداوية ونحوهما. والأفصح أن يقال الكروبون أو الكروبيون، ومنه في حديث أبي العالية:(الكروبيون: سادة الملائكة هم المقربون) قلنا: وفي رواية: الكروبون.