الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمثلة من كتاب الجماهر للبيروني
(لغة العرب) كنا قد تكلمنا مرارا عن هذا التصنيف الجليل (راجع مثلا: 9: 291) وقد أهدى إلينا حضرة الأستاذ الدكتور ف. كرنكو بعض الأمثلة من أبوابه، ليحكم القارئ على ما فيه من الفوائد الجلية والمصطلحات العلمية الواردة في ذلك الحين، وهو أمر جليل، لأنه يطلعنا على أن لغتنا هذه البديعة هي كالعجين بيد العجان تتقلب بين أصابعه وتطيعه كل الإطاعة، لكنها تتطلب من يعرف التصرف فيها، ودونك شيئاً من تلك الأمثلة:
قال في باب (أخبار في اليواقيت والجواهر)(من نسخة الاسكوريال ص 51)
في كتاب أخبار الخلفاء: إن المتوكل جلس يوماً لهدايا النوروز، فقدم إليه كل علق نفيس، وكل ظريف فاخر، وان طبيبه بختيشوع بن جبريل، دخل وكان يأنس به فقال له: ما ترى في هذا اليوم؟ قال: مثل خرباشات الشحاذين إذ ليس لها قدر. وأقبل على ما معي. ثم أخرج من كمه درج آبنوس، مضبباً بالذهب وفتحه عن حرير أخضر، أنكشف عن ملعقة كبيرة فيها جوهر، لمع منها شهاب، ووضعها بين يديه. فرأى المتوكل ما لا عهد له بمثله، وقال: من أين لك هذه؟ قال: من الناس الكرام. ثم حدث أنه صار إلى أبي من أم جعفر زبيدة في ثلاث مرات، ثلاث مائة ألف دينار، بثلاث شكايات عالجها فيها: إحداها أنها شكت عارضاً في حلقها منذراً بالخناق، فأشار عليها بالفصد، والتطفئة، والتغدي بحسو، فأحضر على سفتجة في عضادة (كذا. والصواب في غضارة) صينية عجيبة الصفة، وفيها هذه الملعقة. فغمزني أبي على رفعها ففعلت ولففتها في طيلساني، وجاذبنيها الخادم، فقالت: لاطفه ومره بردها وعوضه منها عشرة آلاف دينار، فامتنعت وقال أبي: يا ستي أن أبني لم يسرق قط، فلا تفضحيه في أول كراته لئلا ينكسر قلبه، فضحكت ووهبتها.
هذا وان لم يكن في الخبر نسيج الملعقة، فلمعان الشعاع في الحكاية، يدل على أن الياقوت أحمر. وسأل عن الآخرتين، فقال: إنها شكت إليه تغير النكهة بأخبار إحدى بطانتها إياها، وذكرت أن الموت أسهل عليها من ذلك. فجوعها إلى العصر، وأطعمها سمكاً ممقوراً، وسقاها دردي نبيذ دقل بإكراه، فأغثت
نفسها وقذفت، فكرر عليها ثلاثة أيام، ثم قال لها: تنكهي في وجه من أخبرك بذلك واستخبريه هل زال. والثالث أنها أشرفت على التلف من
فواق شديد كان يسمع من خارج الحجرة، فأمر الخدم باصعاد خوابئ إلى سطح الصحن وتصفيفها حوله على الشفير، وملئها ماء، وجلوس خادم خلف كل جب (كذا. لعلها حب) حتى إذا صفق بيده على الأخرى دفعوها دفعة في وسط الدار. ففعلوا وارتفع لذلك صوت شديد أرعبها فوثبت وزايلها الفواق.
(من ص 59)
إن (الجبل) المشهور الذي ينتحل اسمه لغيره فأنه (كذا. ونظنه من زوائد النساخ) كان فصاً من ياقوت أحمر على أقصى النهاية في النقاء. ذكر إبراهيم بن المهدي أنه اشتري لأبيه بثلاثمائة ألف دينار، وكانت أكياسها نضد بعضها على بعض كالجبل، وأنه وهبه للهادي. ووهب الرشيد الخاتم المعروف (بإسمعيل)(لعله بالإسماعيلي) من زمردة لم ير مثلها اسماً (كذا. ولعلها ماءة) وفيها ثقبة، وطلب لها سنين ما يشابهها ليسد تلك الثقبة به حتى وجده بعد حين، وعمل له ما يهندم عليها، وأحضر الصواغ، وصاغوا بين يديه خاتماً، وطلى المنحوت بمصطكي ليركبه في ثقبة الفص فوضعه الرشيد على كفه فتعلقت ذبابة، وتعلق برجلها، وطارت وذهبت به فقال الرشيد، صدق الله تعالى في قوله. (ضعف الطالب والمطلوب). ولما أستخلف الهادي ودخل عليه الرشيد ورأى (الإسمعيلي) في يده حسده عليه، وأراد أن يقترن (بالجبل). وحين خرج من عنده أتبعه الفضل بن الربيع مع إسمعيل الأسود بأن يبعث (الإسمعيلي) إليه وأن لم يفعل، فجئني برأسه. ولحقه الربيع وأخبره بالقصة فقال: والله لا أعطيه إلا بيدي. فرجع معه إلى أن بلغنا الجسر فأخرجه من إصبعه وقال: يا فضل أهو (الإسمعيلي؟). قال: نعم. فرمة به في دجلة. فطلبوه، فلم يوجد إلى أن استخلف الرشيد ومضت من خلافته سنة وكان بالخلد يذكر ما عامله به موسى فتذكر الخاتم. وأمر الفضل بالغوص لطلبه فقال: يا سيدي قد طلب مراراً، وأني لأظن أن قد علاه أكثر من أربع أذرع من الطين لتطاول المدة. ثم مضى الفضل مع الغواصين فقال له أحدهم: قف موقف الرشيد وارم بمدرة في قدر الخاتم كما رمى به. ففعل وأول ما غاص الغواص
في مسقط المدرة بعد أن قدر ما يميل الماء به إلى أن يبلغ القرار، أخرج الخاتم بعينه كما هو. وقرنه الرشيد بالجبل كما أراد الهادي، ولم يكن أن تبلغه المقادير ما أراد. وذكر نصر: إنه كان بهرماناً معصفراً صافياً يتزن ثلاثة مثاقيل غير دانق وقيمته مائة ألف
دينار.
(وفي ص 264)
حكاية في عدم الاسرب في بلاد الصين
ولعزة الاسرب في أرض الصين يستعمل الرصاص القلعي بدله فيما يحتاج إليه منه، ولهذا يحمل إليها في البضائع. قال بعض تجار الحرب: إن من رسمنا أن نحمل للضعفاء بضائع، ويتبرك بذلك، وأنا كنا في بعض المرات بالابلة قد أصلحنا شأن السفن إلى الصين، إذ وقف علي شيخ وقال: إن لي حاجة قصدت بها غيرك، فخيبني فيها، وقصدتك واثقاً منك بأنك لا تفعل فعلهم. قال: وما هي؟ قال: قال لا أقول حتى تضمن قضاءها، ففعلت وأحضر وصلة أسرب نحو المائة مناً. ثم قال: حاجتي أن تأمر بحملها حتى إذا بلغت اللجة الفلانية أمرت بطرحها في البحر. قلت: لا أفعل. قال: وأين الضمان؟ وما زال بي حتى أخذتها وكتبتها في الروزنامجة باسمه وداره في البصرة. فلما توسطنا تلك اللجة إنساناً الله عز وجل بعصوف الرياح أنفسنا فضلا عن تلك الرصاصة، وبلغنا القصد، وبعنا ما معنا، فحضر رجل يطلب أسرباً فأجبته: إني ما حملت منه شيئاً. وذكرني الغلام تلك البضاعة فقلت: خالف الآن الضمان وما علي بيعها. فاشتراها الرجل بمائة وثلاثين ديناراً، وابتعت لصاحبها طرائف من الصين، وانصرفنا ولم يأتني الشيخ، فصعدت داره وسألت عنه فقيل: إنه توفي. فقلت: هل خلف أحداً. فقالوا: إن له ابن أخ في بعض نواحي البحر، وأن داره موقوفة في يد أمين القاضي. فتحيرت ورجعت إلى الأبله وبعت تلك البضاعة بسبع مائة دينار. وبينا أنا ذات يوم (كذا) إذ وقف رجل على رأسي وقال لي: أنت فلان؟ قلت: نعم. قال: كنت خرجت إلى الصين وبعت بها وصلة عام أول. قلت: نعم. قال: أنا اشتريتها، وقد قطعتها للاستعمال فوجدتها مجوفة وفيها اثنا عشر ألف دينار. وقد جئت بها إليك فخذها. قلت له: زدت ويحك
في البلية وقصصت القصة عليه فتبسم متعجباً وقال: أتعرف الشيخ؟ قلت: لا إلا بما حكيت. قال: هو عمي وليس له وارث غيري، وكان يفرط في بعنائي حتى اضطررت إلى الهرب من البصرة منذ سبع عشر سنة، وأراد أن يزوي المال عني، فأبى الله إلا ما ترى على رغمه، فأعطيته السبع مائة دينار وذهب إلى البصرة
وأستوطن دار عمه في أوسع نعمة وأرغدها.
ف. كرنكو
تصحيحات
بعد السلام والاحترام. نسيت في مكتوبي الأخير تصحيح بعض الهفوات في الجزء السابع من مجلتكم:
ورد في ص 544 س1: (حلية الأولياء للفضل بن دكين أبي نعيم). قلنا: ليس الفضل بن دكين صاحب الحلية، لأن بين الفضل هذا وأحمد بن عبد الله صاحب الحلية نحو من مائة سنة. فالفضل اقدم من أحمد وهو شيخ شيوخ أحمد.
وجاء في 544 س13: (الأمثال للمدائني). قلنا: لا نعرف للمدائني كتاباً بهذا الاسم، إنما كتاب الأمثال للميداني، على ما هو مشهور.
وفي ص 545 س8: (طبقات ابن أسعد) والصواب: (طبقات أبن سعد) بغير ألف، ويقال: طبقات محمد بن سعد) وتصنيفه مشهور مطبوع. (ل. ع) اسعد من غلظ الطبع.
في 28 تموز سنة 1931 وستكليف اون سي (إنكلترة):
المخلص ف. كرنك
صاحب كتاب الفاضل في صفة الأدب الكامل
بعد أن طالعنا كتباً عديدة لنتبين اسم صاحب هذا الكتاب أصبنا أنه: (محمد ابن اسحق بن يحيى النحوي المعروف بالوشاء). قال: ناشر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1: 254) في الحاشية ما هذا نصه: (قلت: له من المؤلفات كتاب الموشى المعروف بكتاب الظرف والظرفاء طبعه الخانجي (وقد سبقه الإفرنج إلى طبعه سنة 1886) وله كتاب الفاضل من الأدب الكامل، توجد منه نسخة بمكتبة مجلس بلدية الإسكندرية ونسخة قديمة في المكتبة الخالدية بالقدس. وأبو الطيب الوشاء حدث عن أبي العباس ثعلب والمبرد وطبقتهما كما في تاريخ الخطيب.
مصطفى جواد