الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة وأجوبة
هورم وأم حلمي
حيفا (فلسطين) عبد الله مخلص: أعمل منذ مدة على جمع وتدوين أسماء وأصناف الثياب العربية التي اربت على المئات والتي فيها لنا الغناء عن المسميات الحديثة وبيان المنسوب منها إلى مصانعه الخاصة مستشهداً على ذلك بأبيات من الشعر الجاهلي والإسلامي لإثبات صحة الدعوى والنسبة.
وقد استوقفني في محيط المحيط للمرحوم البستاني استشهاده ببيتين من الشعر هما:
وعليه أتحمي
…
نسجه من نسج هورم
غزلته أم حلمي
…
كل يوم وزن درهم
فإذا صح هذا الاستشهاد فيكون هورم نساجاً وأم حلمي غزالة، أو أن هورم اسم مدينة نسب إليها النسيج.
والذي في كتب اللغة أن الاتحمي والاتحمية والمتحمة برد، والتحمة بالتحريك البرد المخططة بالصفرة.
وقد انفرد علي بن رشيق القيرواني المتوفى سنة 456هـ 1064م في كتاب العمدة في صناعة الشعر ونقده بقوله أن البرود الاتحمية منسوبة إلى أتحم باليمن.
وأتحم هذه لم يذكرها لنا ياقوت في معجمه ولا عرض الهمداني بها في صفة جزيرة العرب ولا جاء عليها نشوان بن سعيد الحميري في منتخبات في أخبار اليمن من كتاب شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم حتى نسلم لابن رشيق بوجودها.
أما هورم الرجل فلم يتصل بنا خبره، ولا نعرف مدينة بهذا الاسم إلَاّ
أن تكون محرفة عن جهرم التي عرفت ببسطها الفاخرة لا بثيابها.
أما أم حلمي فلم تقرا ولم نسمع بان العرب سموا حلمي ذلك الاسم الذي انتقل إلينا من العثمانيين بل من متأخريهم.
فهل تهدونا هدانا الله وإياكم سبيل الرشاد إلى هورم وأم حلمي ومن هما؟
ج: تدوين ضروب الثياب بأسمائها وعزوها إلى قائليها من احسن الأعمال اللغوية. وقد
سبقكم إلى مثل هذا العمل دوزي العلامة الهولندي، لكنه لم يتفرغ إلَاّ للثياب التي أتخذها المولدون. أما عملكم هذا فيتناول أوضاع الجاهليين وما بعدهم إلى عصر المولدين وهو عمل لم ينفرد به أحد. إذن نعم العمل عملكم.
أما البيتان اللذان استشهدتموهما نقلا عن محيط المحيط، فقد وردا في كتاب (العين). ونقلهما الجوهري في صحاصه، ونسخة (العين) التي عندنا غير مضبوطة في اغلب المواطن، أما الصحاح فلدينا نسخة كتبت على نسخة المؤلف في السنة الثانية بعد الستمائة ومضبوطة احسن الضبط، إلا إنها سرقت في سقوط بغداد في سنة 1917 ومزقت شر ممزق، ثم توفقنا للعثور على بعض أوراق منها فجمعنا منها ثلاثة أجزاء. ولحسن الحظ يرى فيها مادة ح م وفيها البيتان مضبوطان أحسن ضبط. وهما غير منسوبين إلى احد، بخلاف ما جاء في الصحاح المطبوعة، إذ قد نسبا فيه إلى عروة بن الورد. وقد بحثنا عن هذين البيتين في ديوان هذا الشاعر فلم نجدهما.
واتحم ذكرها البكري في معجمه قال في باب الهمزة: (أتحم بفتح أوله وسكون ثانيه وبالحاء المهملة، على وزن افعل: موضع باليمن وهو الذي تنسب إليه الثياب الأتحمية). أهـ
وهورم، وزان جوهر، اسم عربي قديم، أما أن يكون مخفف (هدورم) الوارد في التوراة (سفر الخلق 10: 27) وهو من أسماء العرب الأقدمين، وما مخفف هورمزد الفارسي الأصل. والعرب كثيراً ما تستطيل الاسم الأجنبي فتكتفي باتخاذ جزء منه - بصدره أم بعجزه - فتقول مثلا: الهزار واصله هزاردستان. وتقول (النشا) والديك (بمعنى الأثافي) واصلهما: نشاستج
وديكان. ونفضل أن يكون (هورم) مقطوعاً من هورمزد لأن اغلب النساجين فرس واغلب الثياب الفاخرة من صنعهم، أو أنها صنعت في ديارهم، ومنهم تعلمت سائر الأمم. وهورمزد تكتب بصور مختلفة: هورمز وهرمزد، وهرمز وارمزد وارمز واورمزد، وارمزد وهو شائع إلى عهدنا هذا في ديار العراق بين الفرس والنصارى والصائبة. واغلبهم يقول اليوم: هرمز وبعضهم يصغره بصورة هرميزي. وعلى كل حال ليس هورم تصحيف جهرم ولا هو بلد ولا بلاد بخلاف ما ذهبتم إليه.
أما (حلمي) في (أم حلمي) فليس من أعلام الرجال الأقدمين. ولقد أحسنتم. في قولكم أن العرب لم تسم أحداً (حلمي) ولا بأمثاله. لأن هذا الضرب من العلم من أوضاع الفرس، ثم
جاراهم في وضع أمثاله الترك فاكثروا منه.
وليس (حلمي) بالحاء المهملة، كما وردت في محيط المحيط، إنما هي (خلمي) بالخاء المعجمة المكسورة وبالياء الخفيفة في الآخر وهي للمتكلم هكذا أورد هذا البيت صاحب (العين) على ما يرى في نسختنا. إلَاّ أن الألفاظ غير مضبوطة فيه بالشكل الكامل وهي مضبوطة احسن ضبط في نسخة الصحاح التي أشرنا إليها. ومعنى الخلم (بكسر الأول) الصديق. فيكون معنى البيتين:(وعلى الرجل ثوب أتحمي نسجه هورم. بعد أن غزلته أم صديقي (ولعله يريد بأم صديقه: أم هورم نفسه. فيكون المعنى: وبعد أن غزلته أمه) كل يوم وزن درهم.
وخلمي وردت بالخاء المعجمة في الصحاح المطبوع في مصر. وأما في لسان العرب فقد جاءت بالحاء. وعلق الطابع على هذا البيت ما هذا نصه بحروفه وهو في الحاشية: (قوله: من نسج هورم. هذا في الأصل. بالراء. ومثله في بعض نسخ الصحاح. وفي بعضها: هوزم بالزاي. وقوله: (أم حلمي) في الأصل بالحاء. وفي نسخ الصحاح بالخاء. وحرر. أهـ مصححه.)
فصاحب محيط المحيط تبع رأياً من هذين الراءين، وهو الرأي السخيف الذي لا معنى له. ولهذا يجب أن لا يطالع هذا الديوان اللغوي إلَاّ بكل تيقظ
وانتباه.
مطالعة مجلة الدهور
س. منامة (جزيرة البحرين) السيد م. ح. الهندي: أتستحسنون أن نشارك في مجلة (الدهور) الببروتية؟
ج. نعم، إذا أردتم أن تتعلموا النفج والطرمذة والتبجح والإدعاء الفارغ فأنها احسن ذريعة إلى بلوغ هذا الغرض. أما إذا أردتم أن تستفيدوا فائدة صادقة من علوم العصر وآدابه وفنونه وإتقان العربية والمحافظة على ديانتكم، فان هناك مجلات وجرائد لا تحصى من سورية وفلسطينية ومصرية وعراقية. وكل منها متفرغة لبحث من هذه البحوث. فإبراهيم الحداد يتخذ مطرقته للضرب على إينشتين، وجورج برنارد شو، وشاكر خليل نصار، ووديع نقولا حداد، والأرشيمندريت أبي طبر إلى غيرهم. لأن كل هؤلاء وأمثالهم لا يفهمون شيئاً في نظره. وكيف يتصور انهم شيء مذكور وهو القائل في ص 471: (إن ما
يراه الأستاذ نصار موجوداً ويستنتج من وجوده مبدعاً مستقلا، (هو الله بنظره). مع أن (هذه الكلمة لا معنى لها (كذا). . . أقول أن ما يراه الأستاذ موجوداً هو وهم من أوهام فكره (كذا). . . مع أن القدماء اعتقدوا حسبما قيل (عن لسان إلههم (كذا) في التوراة) ولم يجرب أحد منهم أن يثبت ما قيل بالامتحان. . . (ص 472) ويقول للأستاذ نصار (في ص 473):(فالأوفق له أن يرضى الحضور إلى الإدارة (إدارة مجلته) كل يوم ساعة على الأقل لتعريفه ما خفي عنه (كذا بحرفه).)
فمن كانت هذه بضاعته وآدابه وعلمه، فماذا يرجى من مجلته، وهو - لو أراد أن يتتلمذ للأستاذ نصار - لا يستحق أن يحل سيور نعال اصغر تلاميذه - لكن استنشاق ريح العلم الكاذب يفعل في العقل، ما يفعله السم في الجسم، فانه لا يغذيه بل ينفخه نفخاً ليقتله قتلا.
الهيكل وأصله
بغداد. ب. م. م. قرأت في الشرق (29: 81 إلى 84) مقالة في اصل هذه الكلمة. قل صاحبها انه شمري لا أكدي، وإذا كان شمرياً فهو ليس
بسامي وختم مقاله بان أنحى عليكم باللائمة بعد أن غط قلمه في مداد السب والشتم القذع. فلماذا لم يتعرض للذي نقلتم عنه، لم اكتفى بان حقره بصورة مجملة ثم تركه، فانهال عليكم بوجه صفيق لا يعهد إلَاّ في أبناء الأزقة والذعار، لا في الأدباء ولا في لابسي ثياب الأبرار.
ج: الرجل يثأر لنفسه والثأر الجاهل لا يضبط نفسه وسبب غضبه إننا بينا غير مرة مفاسد آرائه المتعددة فضحك منه صغار الأحداث كما في قوله: الآمالي الألسنية (وهو يريد اللسانية)، والتوراة لم تأت عند النصارى بمعنى العهدين القديم والحديث مع أن هذا يخالف مصالحهم، وان العرب اخذوا عن الشمريين لفظة البارية، مع انهم أخذوها عن الفرس وهؤلاء عمن تقدمهم من كانوا في ديارهم، ولرفضنا أيضاً إدراج بعض مقالاته السخيفة في مجلتنا. فلما جرح في (شمخرته) قام ينهال علينا بتلك الشتائم التي تنم على تربيته الأولى التي نشأ عليها، حتى أن حياة الرهبانية لم تتمكن من تغيير شيء منه، إذ أن رسخت فيه تلك المعايب وهل (العود يقلح)؟
التشاعر أو التلباثية
س. الإسكندرية (مصر) م. ن. س - ما احسن كلمة عربية تؤدي معنى الكلمة الإفرنجية تلباثية
ج. التلباثية مركبة من (تلى) أي بعد. و (باثوس) أي شعور. ومحصل التركيب: الشعور عن بعد. وهو شعور الإنسان بحادث يقع وقوعاً حقيقياً لكن على بعد منه، فيشعر به في وقت وقوعه عينه، أو هو شعور بأحوال تجعل معرفة الإنسان إياها أمراً محالا من جهة ماديته، - ولهذا صح أن يسمى هذا الشعور (تشاعراً) لأن التفاعل كثيراً ما يدل على البعد مثل التراسل والتذاؤب (تذاؤب الريح) والتساقط، وان كنا لا ننكر أن تفاعل يدل على القرب أيضاً؛ إلَاّ أن هذا لا يمنع ذاك. فالتشاعر في نظرنا احسن لفظة تؤدي المعنى المطلوب وهي أخف لفظاً من الكلمة الأجنبية وأدل على ما يراد، فلا تحتاج إلى أن يفسرها أحد لعربي يسمعها لأول مرة ولا يحتاج إلى معرفة لغة دخيلة.