المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كنوز هيكل أدب - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٩

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 86

- ‌سنتنا التاسعة

- ‌تلو أي تل هوارة

- ‌هيكل أدب

- ‌طبع كتاب الإكليل

- ‌قصر ريدة

- ‌رسالة ذم القواد

- ‌آل الشاوي

- ‌فوائد لغويةٌ

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 87

- ‌كيفية إصلاح العربية

- ‌هيكل أدب

- ‌الزقزفة أو لسان العصافير

- ‌آل الشاوي

- ‌معنى تدمر

- ‌مقاله في أسماء أعضاء الإنسان

- ‌قمرية أم القمرية

- ‌السعاة

- ‌اللشمانية الجلدية

- ‌فَوائِد لُغَويَّةٌ

- ‌بابُ المكاتبة والمذاكرةَ

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 88

- ‌الشمسية في التاريخ

- ‌لسان العصافير

- ‌أيتها الطبيعة

- ‌من كلام الجاحظ

- ‌جامع سراج الدين وترجمة الشيخ

- ‌البسذ والمرجان

- ‌العمارة والكوت

- ‌البغيلة

- ‌آل الشاوي

- ‌الساقور

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة المذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 89

- ‌في نشوار المحاضرة

- ‌تمثال ملك أدب

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌أليلى

- ‌نظمي وذووه

- ‌كتاب نفيس في البلاغة مجهول المؤلف

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 90

- ‌معجم أسماء النبات

- ‌البيات

- ‌كره العرب للحياكة

- ‌جنك أو جنكة أو صنكة لا منكة

- ‌كتاب الفاضل في صفة الأدب الكامل

- ‌نظمي وذووه

- ‌الصابئة

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌حب الكتب

- ‌هيكل أدب

- ‌السيرة الحسنة

- ‌زواجنا

- ‌سبيل العز

- ‌الحدائق

- ‌آل الشاوي

- ‌الحياة الصالحة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 91

- ‌أبناء ماجد النجديون

- ‌تحية العلم العراقي

- ‌من دفائن رسائل الجاحظ

- ‌إلى كاتب المشرق الناكر الإحسان

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌في ضرورة معرفة طب البيت

- ‌إرشاد

- ‌الطيارون العراقيون

- ‌الهولة

- ‌صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة

- ‌شباب العراق

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌كلمات كردية فارسية الأصل

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق ومجاورة

- ‌العدد 92

- ‌البزغالبندية

- ‌حاجات البلاد

- ‌كتاب السموم

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌من دفائن رسائل الجاحظ

- ‌كره العرب للحياكة

- ‌الأعمال

- ‌صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة

- ‌حديقة النصائح

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌آداب المائدة

- ‌برج عجيب في أدب

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكر

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 93

- ‌الخنساء

- ‌تحية العلم

- ‌الراية واللواء وأمثالها

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌مراث وأشعار قديمة مخطوطة

- ‌الزهور

- ‌الحر حر

- ‌الرضم في شمالي العراق

- ‌نظمي وذووه

- ‌التركمان

- ‌فَوائد لُغَوية

- ‌بابُ المُكَاتَبَة والمْذاكَرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌بابُ المُشَارفَةَ والانِتِقادِ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 94

- ‌المشعشعيون ومهديهم

- ‌بدرة وجسان

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌اليقظة

- ‌نصيحة

- ‌حكم

- ‌أمثلة من كتاب الجماهر للبيروني

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌الراية واللواء وأمثالهما

- ‌لا ضمير بلا دين

- ‌كنوز هيكل أدب

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 95

- ‌المشعشعيون ومهديهم

- ‌موقع هوفة

- ‌في المتحفة العراقية

- ‌تعصب الجهلاء

- ‌كنوز هيكل أدب

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌عبدة الشمس

- ‌نخل نجد وتمرها

- ‌البحر الأحمر لا بحر القلزم

- ‌ذييل في المشعشعيين

- ‌الدوالي أو العريش

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

الفصل: ‌كنوز هيكل أدب

‌كنوز هيكل أدب

(تتمة)

وقد سأل بعضهم ما الغرض من وجود تلك الآنية والأمتعة في الهيكل؟ قلنا: الجواب الوحيد هو أن الكهنة وسدنة الهيكل اتخذوها للزينة وللإنارة في معابدهم كما اتخذ كهنة بني إسرائيل المصابيح المنيرة، والقناديل المتقدة دائماً في مجامعهم، وهياكلهم، بل في الدور أيضاً للصلاة أو للعبادة، وبعض تلك الظروف والسرج والمناور، اتخذت لمجرد الزينة، فكان باطنها رحراحاً صغيراً لا يسع إلا بعض قطرات من الزيت وكان ظاهر بعض تلك الأوعية رقيقاً جداً، ويكاد يفنى ويتلاشى من كثرة الاستعمال؛ ويحتمل أن هذه الأقداح كانت مشارب ماء، أما الأوعية الكبيرة، فكانت تتخذ أجراناً لحفظ الماء، وخزن زيت المصابيح. ومنها كانت تستعمل مجامر للبان، وصحوناً يوضع فيها خبز التقدمة وغيره من الأطعمة أمام تماثيل الآلهة، لتحل بركتها عليها قبل تناولها ومنها ما كانت تقوم مقام أباريق للوضوء والتطهير من الأوساخ والأدران، وكان باطن معظم هذه الآنية مغشى بغشاء مادة سوداء، ومنها ما كان نظيفاً جداً وأياً كان الغرض من ذلك الغشاء، فإننا نعلم إنها استعملت لأغراض دينية في الهيكل. وقد دام استعمال هذه الأواني المقدسة إلى عصر البابليين الأخير؛ وكانت منزلتها سامية في معابدهم، إذ كان مفروضاً عليه اتخاذها عروضاً للزينة والزخرف ليزيدوا بذلك هياكلهم رونقاً وبهاءً، حتى قيل إن الرومان واليونان لم يفوقوهم في زخرفة هياكلهم.

أن أهمية الأقداح والقناني، والمشارب، والقدور، والصحون، والأوعية، والمصابيح المنقوش عليها كتابات، كانت أكثر من شقف الأواني الحجرية الخالية من الكتابة؛ لأن الأولى وقفت الأثريين على تاريخ الهيكل والمدينة في أوائل عهدهما، وقد اكتشف النقابون خمساً وثلاثين شظية مكتوبة لا يختلف حجمها وشكلها ومادتها عن الشظايا الخالية من الكتابة.

ص: 740

وكانت بعض تلك الكتابات محفورة حفراً غير متقن على ظاهر الإناء، ومنها ما كان قد اعتني بكتابته اعتناءً فائقاً. كالإناء المصنوع من حجر الفرفير، فانه آية في الإبداع

والإتقان، وعلى ظاهره وفي باطنه نقوش كتابة بديعة. وقد حفر على كثير من تلك الظروف والأوعية كلمة واحدة هي (إي سار). وفي بعضها وردت كلمة هيكل بعدها لفظة أخرى معناها:(وقف لآي سار).

ولم يرد ذكر اسم آلهة المحل على شظايا الآنية، بيد أن اسم (دنجير مخ) أحد الآلهة الذي عبد في بسمى ظهر على صفائح الشظايا ووجدت طائفة من الأوعية مخطوطاً عليها كتابة أطول من الأولى كان قدمها للهيكل (بركي) ملك كيش.

كانت الشظايا المحفورة كثيرة جداً، وكانت صورها بديعة وعديدة، وشكلها أبسط من الشظايا الآنفة الذكر المكتوبة، والخالية من الكتابة، والحجر الذي نحتت منه كان رخواً وبينها وجدت شظية عليها صورة برج هيكل، وتعد فريدة في نوعها وقد سبق وصفها. وأخرى من حجر أزرق كان عليها صور تنانين وغيرها عليها صورة أوراق شجر غضة موضونة أي قائمة الواحدة منها فوق الأخرى. وملتفة التفافاً يظنها الناظر إليها ورقة واحدة. ومن الأواني ما كان عليها خطوط متوازية وأحدها قطع من إناء ملصق بالقار وهو ذو شكل بديع.

إن أنفس شظايا الأوعية التي أصابها النقابون في خزانة ردم الهيكل، كان منقوشاً ومرصعاً بنقوش بديعة مبهجة، والإناء الذي يستحق أن يصف في مصاف أعلى وأثمن كنوز الآثار المكتشفة في تلك الخزانة الإناء الحجري الأزرق الذي يكاد يكون قائماً وقد بلغ اثنين وعشرين سنتيمتراً في قطر دائرته. أما ارتفاعه لم يتحقق لأن شظاياه كانت مثلمة الأطراف، وقد ركبت شظيتان من شظاياه فظهر عليهما نقش بارز يمثل عشر صور: خمس منها تري موكباً على طرف جبل، وكانت تلك الصور مكشوفة في أعلى صدرها إلى حقويها ويستر عوراتها نقبة (تنورة) تبلغ الركبتين.

ص: 741

وضفائرها منسدلة على كتفيها وعلى رؤوسها قبعات مزركشة تشبه الخوذ، وفي إحدى القبعات ثلاث أرياش بارزة، ووراءها صبيان صغيران، وفي قبعة كل منهما ريشة واحدة.

إن تلك الأرياش تدل على أن أصحابها من سلالة الملوك، ويظهر أن صاحب الأرياش الثلاث هو الملك، وكل من صاحبي الريشة الواحدة ولده أو ولي عهده. أما الرجلان السائران في مقدمة الموكب، فهما عوادان يوقعان على عودين ليشنفا بنغمهما أسماع أتباع

الملك وحاشيته وللعود إطار من خشب وعلى وجهه سبعة أوتار ممدودة، بيد أن الأوتار أطول من الإطار، وقد تدلت إلى الإمام وكان العوادان يوقعان باليد اليسرى، وهذا خلاف ما نعهده في عصرنا فإن

ص: 742

الموقعين على آلات الطرب يضربون بيدهم اليمنى.

وقد جاءت صورة أحدهم بهيئة رجل يسرع إلى لقاء الموكب وهو مرتد نقبة متخذة من العاج، مركبة تركيباً دقيقاً في شق صنع لهذه الغاية. أما سائر الصور فكانت في أول أمرها مرتدية نقباً (تنورات) عاجية، غير أنها نزعت منها بصورة من الصور، ولم تحافظ على حشمتها ووقارها. إلا صورة ذلك الرجل الذي خف للقاء الموكب الحافل بالملك وولديه.

كانت جميع الخوذ، والضفائر، والأسورة، والأحذية، والعيون، وأوراق الأشجار الغضة، القائمة على بعد من الموكب، مرصعة ترصيعاً بديعاً، وكانت لم تزل إحدى قطع اللازورد معلقة بأحد الأغصان، أن وجوه هذه الصور كانت تكاد غريبة المنظر، لكبر أنوف ذويها؛ ولم يعثر المنقبون في كل ديار بابل على ما يضاهيها. ومما لا ريب فيه أن أصحابها كانوا من الشمريين الأولين الذين سكنوا ديار الرافدين.

إن حذاقة الفن ومهارة الصناعة في هذا الإناء من أبدع ما يتصوره الفنان في هذا العصر. وبعد هذا الإناء من أقدم العروض وأنفس الآثار التي كشفت في بسمى. ويذهب الدكتور جمس بنكس إلى أن صورة هذا الموكب ناقصة. وعليه أقول: إنه لو أتيح لأحد النقابين العثور على ما تخلف منها في الأنقاض، لظهرت بقيتها تمثل موكب ملك ظافر، أمامه العوادون ووراءه الأميران الصغيران، يتبعهما الأعيان والقواد، وجماهير من الأسرى، ويحيط بهم جنود الملك، ويفصل بينهم وبين أفراد الشعب الذين خرجوا للقاء ملكهم الظافر، الكهنة وهم مرتدون ملابس الهيكل، وفي أيديهم السعف علامة الانتصار والغلبة على الأعداء وهم ينشدون الأناشيد الدينية الحماسية، وبأيدي الرجال الغنائم والأسلاب، وهم جذلون والنساء يهللن فرحات مغتبطات بفوز ملك البلاد العظيم.

وقد وجد في نفايات خزانة الهيكل، شظايا آنية أخرى، ومنها شظية إناء من الحجر الأزرق مرصعة، وأطرافها قائمة، علوها نحو ثمانية سنتيمترات وقطر دائرتها ستون سنتيمتراً، ويطوق أطراف الإناء ثعبانان عظيمان مكوران معاً، وجسماهما مرصعان بأحجار براقة لامعة، وعلى جسميهما الطويلين زرود

ص: 743

مرصعة بأحجار براقة؛ ولم يبق من تلك الزرود

سوى زردين في أحدهما تسعة ثقوب لتعليق الأحجار، وفي الآخر ثمانية، بيد أن تلك الأحجار قد فقدت ويظهر أن هذا الإناء الكبير كان قد اتخذ في الهيكل، أما للزينة وأما لطرد الأرواح الخبيثة.

وقد عثر المنقبون على شظية أخرى مرصعة، وهي تمثل صورة بقرة ترضع عجلها وأصابوا أيضاً شظية من الحجر الأزرق الأصيفر الرخو طولها اثنا عشر سنتيمتراً ونصف في عرض ستة سنتيمترات؛ وهي منقوشة ومرصعة من الظاهر، أما باطنها فكان محفوراً عليه اسم (بركي ملك كيش) وكان النقش يمثل رأس ثعبان أو تنين، وعينه مرصعة بحجر كريم. هذا وبعض أوان مصنوعة من حجر أبيض، وعليها نقوش مشتبكة التركيب، معقدة الشكل مزينة بأخاديد مملوءة بالحمر، ملصقاً بها حجر اللازورد، ولا يزال في بعض تلك الخطوط المحفورة مواد الترصيع ثابتة في مواضعها.

إن منزلة المصابيح والقناديل والسرج التي وجدت في خزانة نفايات الهيكل منزلة أثرية عظيمة، فضلاً عن إنها سالمة من العطب وبديعة للغاية، وقد ظهر إنها مصنوعة من أصداف البحر. وبعض تلك المصابيح الصدفية كانت صغيرة الحجم، وقد اسودت لتقاوم عهد استعمالها، ووجد مصباح بهيئة صدفة، وقد قطع وصقل فتحول قنديلاً كاملاً، وحفرة صمامها في القعر ناتئة تصلح لأن تكون مغرزاً للفتيلة، طوله ستة عشر سنتيمتراً، وارتفاعه ستة عشر سنتيمترات وعرضه تسعة سنتيمترات. وقد كشف المنقبون أيضاً مصباحاً آخر مصنوعاً من الحجر بالحجم والشكل المار ذكرهما. بيد إن ظاهره مخدد أخاديد متوازية، ووجدوا مصباحاً ثالثاً عليه خطوط مشتبكة ورابعاً عليه صورة رأس كبش وقد برزت من فمه الفتيلة، وأصابوا شظية سراج يختلف عن البقية، فيكاد يكون بيضي الشكل مستوى القعر. علوه ثمانية سنتيمترات، وتكاد تكون أطرافه قائمة، بلبله طويل دقيق بارز، ينتهي طرفه برأس كبش، وفي قعره دعامة تشبه مقبض إبريق مربع، وقد عثر النقابون أيضاً على بعض مصابيح من طين وهي أحدث عهداً من المار ذكرها؛ وعصرها يرتقي إلى زمن استنباط دهان

ص: 744

الخزف في بابل. وشكل القنديل المصنوع من الطين في ديار بابل؛ كان شائعاً في فلسطين ومصر وبلاد اليونان والرومان وشبيهاً بالقناديل الصدفية، وقد صنع على مثالها.

قال الدكتور جمس بنكس النقابة الأميركي: إني لما كنت في بغداد اقتنيت طائفة صالحة من القناديل والسرج الصغيرة المصنوعة من الصلصال، وقد استخرجت من بين أنقاض إحدى المدن من عهد خلفاء العرب، ولا يزيد حجمها عن صحون الزبد، وكان باطنها مدهوناً بدهان أزرق، وظاهرها خالياً من ذلك الدهان. وهو غير مصقول، ولكل منها بلبل. ونوع هذه المصابيح من عهد علاء الدين، وقد تصور أمام مخيلتي فعل مصباح علاء الدين السحري العجيب. فقلت في نفسي: لعله بينها قلت هذا؛ وفركت بإصبعي أحدها. فخاب ظني إذ لم يظهر أمامي مارد ولا جان، ليدلني على كنوز مطمورة، أو يحضر لي من عالم الخفاء أميرة حسناء.

لقد عثر المنقبون في خزانة نفايات الهيكل القديم على قطع من صور بقرات صغار مصنوعة من الهيصمي ذات أشكال بديعة وهي رابضة على الأرض تجتر. ولا تزال عيونها العاجية وحدقها اللازوردية ثابتة في المحاجر، وعلى ظهور تلك البقرات الحجرية آثار بينة تدل على أن الغرض منها كان تعليقها على جدران الهيكل للزينة، أو إلصاقها بإناء كبير على سبيل التجمل والظهور بمظهر حسن جذاب؛ ووقع في أيدي النقابين أيضاً صفيحة من المرمر عرضها سبعة سنتيمترات، وعلوها خمسة سنتيمترات، وعليها صورة إنسان عريان محفورة حفراً خشناً، وهو يسوق ثوراً وآثار القار والطلاء الأحمر لا تزال ظاهرة فيها، تدل على إنها كانت في حين مطلية بطلاء زاه لم تقو يد الطبيعة على محوه.

ووجد في تلك الخزانة سمك من العاج أسود وأبيض؛ طول الواحدة منها أحد عشر سنتيمتراً. وهيئتها منحنية كأنها تسبح في الماء، بيد إنها مثقوبة من رأسها حتى ذنبها، وهذا يدل على إن أبناء ذلك الجيل القديم كانوا يعلقونها على صدورهم، أو يربطونها بأذرعهم كعوذة لطرد الأرواح الخبيثة عنهم، ووجد أمثال هذه السمكات مصنوعة من الصدف لكنها عديمة الإتقان. ومن تلك اللقى:

ص: 745

قطط وحيوانات آخر وكلها مصنوعة من العاج، ومنها عقدة شريط وردية من العاج، عرضها سنتيمتران وقد حفر عليها رسم نجم ومرصعة بحجر كريم، لكنه فقد. ووجدت عقدة شريط وردية أخرى أكبر من الأولى، قطر دائرتها خمسة سنتيمترات وهي مصنوعة من الصدف (عرق اللؤلؤ) وعليها رسم نجم أيضاً، ولا أثر للأحجار الكريمة التي رصعت بها في أول عهدها، ويحتمل أن عقود الشريط الوردية

وسائر التحف المصنوعة من العاج والصدف كانت تعلق على ملابس تماثيل الملوك لمجرد الزينة، وأبدع بل أنفس تحفة منحوتة من العاج صورة وعل يرتع فوق شجرة.

لم يعثر النقابون في خزانة نفايات الهيكل على تحف مصنوعة من الذهب والفضة، بل وجدوا قطعاً قليلة من صحون نحاسية منبسطة، وقد علاها الصدأ فتآكلت كل التآكل حتى إنها لم تقو على رؤية النور والهواء؛ ولما رفعها الفعلة من بين الأنقاض تكسرت كسراً عديدة قبل أن تمسها أيدي المنقبين فتفتتت وتحولت تراباً ومما أصابوه مسامير من النحاس عند قاعدة الهيكل. وفي رواقه كشف أسد وصفائح نحاسية من عصور متأخرة في داخلها ثلاث فؤوس من النحاس، طول الواحدة منها أربعة عشر سنتيمتراً ونصف في عرض خمسة سنتيمترات ونصف وعليها كتابة باسم الملك (أي شي أل فا أد دو)، وقد ظهرت هذه الكتابة على صفائح النحاس وعلى ألواح المرمر أيضاً، في وسط صفائح النحاس ثقوب ادخل فيها مسامير كبيرة طول الواحد منها سبعة سنتيمتراً وفي أطرافها خطوط محفورة لكي تثبت في الجدار حينما تنفذ فيه.

أما الأدوات المصنوعة من الحمر فقد وجد في خزانة نفايات الهيكل إناء كبير هو المذكور آنفاً، ووجد أيضاً رأس كبش قياسه أربعة عشر سنتيمتراً عرضاً. وثلاثة سنتيمترات وربع بروزاً، وله قرنان معقوفان ممثلان أحسن تمثيل، وعينان كانتا مرصعتين، وفي فمه ثقب مستدير يصل إلى ظهره المجوف. ويظهر أن ذلك الثقب كان يتخذ منفذاً لمجرى ماء من ينبوع. وفي ظهره ثقوب أيضاً لهذه الغاية. فلعلها كانت فوارة ماء كما هو جار الآن في بعض بيوتات بغداد.

ص: 746

إذ في وسط أفنية دورها شاذروان ينبجس الماء منه فيندفع إلى فوق ثم يتناثر لآلئ ودرراً.

كانت كنوز الهيكل وخزانة نفاياته ثمينة جداً في نظر الأثريين والمؤرخين، وقد حاول النقاب الأميركي جمس بنكس أن يعثر على كتب الهيكل لكن ذهبت أتعابه أدراج الرياح، فقد كان من عادة البابليين أن يفردوا محلاً خاصاً بخزائن كتبهم. نعم عثر النقابون على صفيحتين مكتبوبتين وقعتا عرضاً من أصحابهما في رابية الهيكل ولكن عند إزالة ما عليها من الملح تفتتت كسراً ولم يوقف على ما فيها من الأنباء.

هذا آخر ما وصلت إليه معاول النقابين في ذلك الهيكل القديم الذي يعد من أنفس الآثار.

وأملنا أن القائمين بشؤون المتحفة العراقية يصونون ذلك الأثر القديم من طوارئ الزمان؛ فقد بات بعد التنقيب فيه ملجأ للصوص ومكمناً لقطاع الطرق. ويجدر بحكومتنا الساهرة على تقدم العراق أن تهتم كل الاهتمام بصيانة آثار البلاد وحفظها من الدثور والطموس.

رزوق عيسى

نظرات

ورد في هذه المجلة 6: 29 س 25: (27 رجب هو الأيام المعتبرة لدى الطائفة الجعفرية)، قلنا: لأنه يوم بعث فيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة.

وفي ص 32 س 8 (وإذا ذكر صاحب الزمان يقوم الناس على أقدامهم ويقولون: (عجل بالظهور يا صاحب الزمان)) (كذا)، والصواب: وإذا ذكر صاحب الزمان واسمه (القائم) يقوم الناس على أقدامهم وربما قال بعضهم: (عجل بالظهور يا صاحب الزمان) أو ما يقارب معناه.

وفي ص 91 س 1: (أكر خسته جاني) الخ ثم فسر الكاتب هذه العبارة بقوله: إذا كنت مريضاً (كذا). وخسته جان ليس بمعنى المريض بل هو الضجر لأن (خسته) بالفارسية معناه التعبان وجان معناه الروح فيكون المراد تعب الروح وهو غير المريض.

محمد مهدي العلوي

ص: 747