المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسالة ذم القواد - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٩

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 86

- ‌سنتنا التاسعة

- ‌تلو أي تل هوارة

- ‌هيكل أدب

- ‌طبع كتاب الإكليل

- ‌قصر ريدة

- ‌رسالة ذم القواد

- ‌آل الشاوي

- ‌فوائد لغويةٌ

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 87

- ‌كيفية إصلاح العربية

- ‌هيكل أدب

- ‌الزقزفة أو لسان العصافير

- ‌آل الشاوي

- ‌معنى تدمر

- ‌مقاله في أسماء أعضاء الإنسان

- ‌قمرية أم القمرية

- ‌السعاة

- ‌اللشمانية الجلدية

- ‌فَوائِد لُغَويَّةٌ

- ‌بابُ المكاتبة والمذاكرةَ

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 88

- ‌الشمسية في التاريخ

- ‌لسان العصافير

- ‌أيتها الطبيعة

- ‌من كلام الجاحظ

- ‌جامع سراج الدين وترجمة الشيخ

- ‌البسذ والمرجان

- ‌العمارة والكوت

- ‌البغيلة

- ‌آل الشاوي

- ‌الساقور

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة المذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 89

- ‌في نشوار المحاضرة

- ‌تمثال ملك أدب

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌أليلى

- ‌نظمي وذووه

- ‌كتاب نفيس في البلاغة مجهول المؤلف

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 90

- ‌معجم أسماء النبات

- ‌البيات

- ‌كره العرب للحياكة

- ‌جنك أو جنكة أو صنكة لا منكة

- ‌كتاب الفاضل في صفة الأدب الكامل

- ‌نظمي وذووه

- ‌الصابئة

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌حب الكتب

- ‌هيكل أدب

- ‌السيرة الحسنة

- ‌زواجنا

- ‌سبيل العز

- ‌الحدائق

- ‌آل الشاوي

- ‌الحياة الصالحة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 91

- ‌أبناء ماجد النجديون

- ‌تحية العلم العراقي

- ‌من دفائن رسائل الجاحظ

- ‌إلى كاتب المشرق الناكر الإحسان

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌في ضرورة معرفة طب البيت

- ‌إرشاد

- ‌الطيارون العراقيون

- ‌الهولة

- ‌صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة

- ‌شباب العراق

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌كلمات كردية فارسية الأصل

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق ومجاورة

- ‌العدد 92

- ‌البزغالبندية

- ‌حاجات البلاد

- ‌كتاب السموم

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌من دفائن رسائل الجاحظ

- ‌كره العرب للحياكة

- ‌الأعمال

- ‌صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة

- ‌حديقة النصائح

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌آداب المائدة

- ‌برج عجيب في أدب

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكر

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 93

- ‌الخنساء

- ‌تحية العلم

- ‌الراية واللواء وأمثالها

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌مراث وأشعار قديمة مخطوطة

- ‌الزهور

- ‌الحر حر

- ‌الرضم في شمالي العراق

- ‌نظمي وذووه

- ‌التركمان

- ‌فَوائد لُغَوية

- ‌بابُ المُكَاتَبَة والمْذاكَرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌بابُ المُشَارفَةَ والانِتِقادِ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 94

- ‌المشعشعيون ومهديهم

- ‌بدرة وجسان

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌اليقظة

- ‌نصيحة

- ‌حكم

- ‌أمثلة من كتاب الجماهر للبيروني

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌الراية واللواء وأمثالهما

- ‌لا ضمير بلا دين

- ‌كنوز هيكل أدب

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 95

- ‌المشعشعيون ومهديهم

- ‌موقع هوفة

- ‌في المتحفة العراقية

- ‌تعصب الجهلاء

- ‌كنوز هيكل أدب

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌عبدة الشمس

- ‌نخل نجد وتمرها

- ‌البحر الأحمر لا بحر القلزم

- ‌ذييل في المشعشعيين

- ‌الدوالي أو العريش

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

الفصل: ‌رسالة ذم القواد

‌رسالة ذم القواد

هذه رسالة لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في ذم القواد وفي كتاب (كتاب) صناعاتهم وطبائعهم وما نظموه على مقتضى ملذوذات طبائعهم ومناسباتهم لأفعالهم:

- بسم الله الرحمن الرحيم -

أرشدك الله للصواب. وعرف فضل أولي الألباب. ووهب لك جميل الآداب. وجعلك ممن يعرف عز الأدب، كما يعرف زوايد (زوائل) الغنى. قال أبو عثمان عمر (عمرو) بن بحر الجاحظ: دخلت على أمير المؤمنين المعتصم بالله. فقلت يا أمير المؤمنين. في اللسان عشر خصال. أداة يظهر بها البيان وشاهد يخبر عن الضمير. وحاكم يفصل بين الخطاب. وناطق يرد به الجواب وشافع تدرك به الحاجة. وواصف يعرف (تعرف) به الأشياء. وواعظ يعرف به القبيح. ومعز يرد (ترد) به الأحزان. وخاصة تذهب بالصنيعة وملهي (مله) يونق الأسماع. وقال الحسن البصري أن الله تعالى رفع درجة اللسان. فليس من الأعضاء شيء ينطق بذكره غيره. وقال بعض العلماء أفضل شيء للرجل عقل يولد معه فإن فاته ذلك فمال يعظم به فان فاته ذلك فعلم يعيش (يستعين) به. فان فاته ذلك فموت يجتث أصله. وقال خالد بن صفوان. ما الإنسان لولا اللسان إلا ضالة مهملة، أو بهيمة مرسلة، أو صورة ممثلة، وذكر الصمت والمنطق عند الأحنف. فقال رجل الصمت أفصل وأحمد. فقال صاحب الصمت لا يتعداه نفعة، وصاحب المنطق ينتفع به غيره. والمنطق الصواب أفضل. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أنه قال) رحم الله امرء (امرأ)

ص: 26

اصلح من لسانه. قال (قيل) وسمع عمر بن عبد العزيز رض رجلا يتكلم فابلغ في حاجته. فقال عمر: هذا والله السحر الحلال. وقال مسلمة بن عبد الملك أن الرجل ليسلني (ليسألني) الحاجة فتسجيب (فتستجيب) له نفسي بها. فإذا لحن انصرفت نفسي عنها. وتقدم رجل إلى زياد فقال أصلح الله الأمير. إن أبينا هلك: وإن أخونا غصبنا ميراثه. فقال زياد الذي ضيعت من لسانك أكثر مما ضيعت من مالك. وقال بعض الحكماء لأولاده يا بني أصلحوا من ألسنتكم فإن الرجل لتنوبه النائبة فيستعير الدابة والثياب. ولا يقدر أن يستعير اللسان. وقال شبيب بن شبة، ورأى رجلا يتكلم فأساء القول. فقال: يا ابن أخي الأدب

الصالح خير من المال المضاعف. وقال الشاعر:

وكاين (وكائن) ترى من صامت لك معجب

زيادته أو نقصه في التكلم

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده

فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

فحذر يا أمير المؤمنين أولادك (وأوصهم) بأن يتعلموا من كل الأدب فإنك أن أفردتهم بشيء واحد ثم سئلوا عن غيره لم يجيبوا. وذلك أني لقيت حزاماً حين قدم أمير المؤمنين من بلاد الروم فسألته عن الحرب كيف كانت هناك فقال لقيناهم في مقدار صحن الأصطبل، فما كان بقدر ما يحس الرجل دابته حتى تركناهم في أضيق من ممرغة (مراغة) وقتلناهم فجعلناهم كأنهم انابير سرجين. فلو طرحت روثة ما سقطت إلا على ذنب دابة. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

أن يهدم الصد من حمي (جسمي) معالفه

فان قلبي بقت الوجد معمور

أني امرأ في وثاق الحب يكبحه

لجام هجر على الأسقام معذور

ص: 27

علل بجل نبيل من وصالك أو

حس الرقاد فان النوم ماسور

أصاب حبل شكال الوصل يوم بدا

ومبضع الصد في كفيه مشهور

ليست برقع هجر بعد ذلك في

اصطبل ود فروث الحب منثور

قال وسألت بختيوشع (بختيشوع) عن مثل ذلك فقال لقيناهم في مقدار صحن البيمارستان. فما كان بقدر ما يختلف الرجل مقعدين حتى تركنا (تركناهم) في أضيق من محقنة، فقتلناهم. فلو طرحت مبضعاً ما سقط إلَاّ على اكحل رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

شرب الوصل دستج الهجر فاستط

لمق بطن الوصال بالإسهال

ورماني حبي بقولنج بين

مذهل عن ملامة العذال

ففؤاد الحبيب بنملة (ينحله) السل

وقلبي معدب (معذب) بالملال

وفؤادي مبرسم ذو سقام

يابن ماسوه (ماسويه) ضل عني احتيالي

لو ببقراط كان ما بي وجالينو

س باتا منه بأكف بال

قال وسألت جعفر الخياط عن مثل ذلك فقال لقيناهم في مقدار سوق الخلقان فما كان بقدر ما يخيط الرجل درزاً حتى قتلناهم وتركناهم في أضيق من جربان. فلو طرحت إبرة ما سقطت إلَاّ على رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

فتقت بالهجر دروز الهوى

إذ وخزتني إبرة الصد

ص: 28

فالقلب من ضيق سراويله

يغتر (يعثر) في بايكة (ذائلة) الجهد

جشمتني يا طيلسان النوى

منك على شوزكتي وجد

أزرار عيني فيك موصولة

بعروة لدمع على خدي

يا كستبان (كشتبان) القلب يا زيقه

عذبني التذكار بالوعد

قد قص ما يعهد من وصله

مقراض بين مرهف الحد

يا حزة النفس ويا ذيلها

ما لي من وصلك من بد

ويا جربان سروري ويا

حبيب حياتي حلت عن عهدي

قال وسألت اسحق بن إبراهيم عن مثل ذلك وكان زراعاً. فقال لقيناهم في مقدار جريبن (جريب) من الأرض فما كان بقدر ما يسقي الرجل مساره (مشارة) حتى قتلناهم فتركناهم في أضيق من باب وكأنهم أنابير سنبل. فلو طرح فدان ما سقط إلَاّ على ظهر ثور. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

زرعت هواه في كراب من الصفا

واسقيه (وأسقيته) ماء الدوام على العهد

وسرجنته بالوصل لم آل جاهداً

ليحرزه السرجين من آفة الصد

فلما تعالى النبت واخضر يانعاً

جرى يرقان البين في سنبل الود

قال وسألت فرجاً الرحجي (الرخجي) عن مثل ذلك وكان خبازاً. فقال لقيناهم في مقدار بيت التنور. فما كان بقدر ما يخبز الرجل خمسة أرغفة حتى تركناهم في أضيق من حجر (جحر) تنور. فلو سقطت جمرة ما وقعت إلَاّ في جفنة خباز. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

قد عجن الهجر دقيق الهوى

في جفنة من خشب الصد

واختمر البين فنار الهوى

تذكى بسرجين من البعد

واقبل الهجر بمحراكه

يفحص عن أرغفة الوجد

جرادق الموعد مشمومة (مهشومة)

مثروددة (مثرودة) في قصعة الجهد

قال وسألت عبد الله بن عبد الصمد بن أبي داود مثل ذلك وكان مؤدباً.

ص: 29

فقال لقيناهم في مقدار صحن الكتاب. فما كان بقدر ما يقرأ الصبي أمامه حتى ألجأناهم إلى

أضيق من رقم فقتلناهم، فلو سقطت دواة ما وقعت إلاِّ في حجر صبي. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

قد أمات الهجر أن صبيان قلبي

ففؤادي معذب في خبال

كسر البين لوح كبدي فما اط

مع ممن هويته في وصال

رفع الرقم من حياتي وقد أط

لق مولاي حبله من حبالي

مشق الحب في فؤادي لوحي

ن فأغرى جوانحي بالسلال

لاق قلبي بيانه (ببينه؟) فمداد الع

ين من هجر مالكي في انهمال

كرسف البين سود الوجه م

ن وصلي فقلبي بالبين في اشتعال

قال وسألت علي بن الجهم بن يزيد وكان صاحب حمام عن مثل ذلك فقال لقيناهم في مقدار بيت الانبار. فما كان إلَاّ بقدر ما يغسل الرجل رأسه حتى تركناهم في أضيق من باب الأتون. فلو طرحت ليفة ما وقعت إلَاّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

يا نورة الهجر حلقت الصفا

لما بدت لي ليفة الصد

يا مئزر الأسقام حتى متى

تنقع في حوض من الجهد

أوقد أتون الوصل لي مرة

منك بزنبيل من الود

فالبين مذ أوقد حمامه

قد هاج قلبي سلخ (مشلح) الوجد

افد (افسد) خطمي الصفا والهوى

نخاله (نخالة) الناقص (الناقض) للعهد

قال وسألت الحسن بن أبي قماسة عن مثل ذلك وكان كناساً فقال لقيناهم في مقدار سطح الإيوان. فما كان إلَاّ بقدر ما يكنس الرجل زنبيلا حتى تركناهم في أضيق من حجر (جحر) المخرج ثم قتلناهم بقدر ما يشارط الرجل على كنس كنيف. فلو رميت بابنة وردانة ما سقطت إلَاّ على فم فالوعة (بالوعة). وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

ص: 30

أصبح قلبي بربخاً للهوى

تسلح فيه فقحة الهجر

بنات وردان الهوى للبلى

أصبر من ذا الوجد في صدري

خنافس الهجران أثكلنني

يوم تولى معرضاً صبري

أسقم ديدان الهوى مهجتي

إذ سلح البين على عمري

قال وسألت الشرابي أحمد عن مثل بذلك فقال لقيناهم في مقدار صحن بيت الشراب. فما

كان بقدر ما يصفي الرجل دناً حتى تركناهم في أضيق من رطلية فقتلناهم. فلو رميت تفاحة ما وقعت إلَاّ على أنف سكران. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

شربت بكأس للهوى نبذة معا

ورقرقت خمر الوصل في قدح الهجر

فمالت دنان البين يدفعها الصبى

فكسرن قرابات حزني على صدري

وكان مزاج الكأس غله (علة) لوعة

ودورق هجران وقنينتي عدر (غدر)

قال وسألت عبد الله بن طاهر عن مثل ذلك وكان طباخاً، فقال لقيناهم في مقدار صحن المطبخ فما كان بقدر ما يشوي الرجل حملا حتى تركناهم في أضيق من موقد نار فقتلناهم فلو سقطت مغرفة ما وقعت إلَاّ في قدر. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

يا شبيه الفالوذج في حمرة الخدم

ولوزينج النفوس الظماء

أنت جوزينج القلوب وفي اللين

كلين الخبيصة البيضاء

عدت مستهتراً بكسباج (بسكباج) ود

بعد جوذابة بجنب شواء

يا نسيم القدور في يوم عرس

وشبيهاً بشهدة صفراء

أنت أشهى إلى القلوب من الزبد مع الز

سبان (النرسيان) بعد الغداء

أطعم الحاسدون ألوان غم

في قصاع الأحزان والأدواء

قد غلا (غلى) القلب مذ نأت عنك

داري غليان القدور عند السلاء

هام قلبي لما كسرن غضارات

سروري مغارف الشحناء

ص: 31

فتفضل على العميد بيوم

جد بوصل يكبت به أعدائي

وتفضل على الكئيب ببزماورد

م وصل تشفي (يشف) من الأدواء

قال وسألت أطال الله بقاك (بقاءك) محمد بن داود الطوسي عن مثل ذلك وكان فراشاً فقال لقيناهم في مقدار صحن بساط. فما كان بقدر ما يفرش الرجل بيتاً حتى تركناهم في أضيق من منصة فقتلناهم. فلو سقطت مخدة، ما وقعت إلَاّ على رأس رجل. ثم عمل أبياتاً في الغزل فكانت:

كسر الهجر ساحة الوصل لما

غير البين في وجوه الصفاء

وجرى البين في مرافق ريش

هي مذخورة ليوم اللقاء

فرش الهجر لي بيوت هموم

تحت رأسي وسادة البرحاء

حين هيأت بيت خيش من الوصل

لأبوابه ستور البهاء

فرش الهجر لي بيوت مسوح

متكآتها من الحصباء

رق للصب من براغيث وجد

يعتري جلده صباح مساء

قال فضحك المعتصم حتى استلقى على قفاه. ثم دعا مؤدب ولده فأمره أن يأخذهم بتعليم جميع العلوم.

تم كتاب الجاحظ وكلامه مع المعتصم بالله. والحمد لله والصلوة على محمد رسول الله وعلى آله وأصحابه الذين بذلو (بذلوا) نفوسهم في المجاهدة في سبيل الله وسلم.

ونقل عن بعض المحدثين أنه قال سألت بعضهم عن مثل سؤال الجاحظ وكان صواغاً فقال لقيناهم في مقدار سطح الكور. فما كان مقدار ما يجلو الرجل خاتماً حتى تركناهم في أضيق من بوطقة. ثم قتلناهم فلو رميت بدفش (برفش) ما سقط إلَاّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

ص: 32

أيها الناس هل سمعتم بصب

مات من حب مبغضيه سوائي

دمج الحب كور قلبي بصد

حشوه من قشور جهد البلاء

ترك الحب دفش (رفش) قلبي كئيباً

ثم ثنى من بعد بالمبشاء (بالميناء)

ليس يقوى سندان صبري على ذا

عظمت يا حبيبتي بلوائي

وسألت آخر عن مثل ذلك وكان نجاراً. فقال لقيناهم في مقدار ملبن فما كان إلَاّ بقدر ما يشد الرجل اجين حتى تركناهم في أضيق من جسرية فلو رميت بفاس ما سقط إلَاّ على كتف رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

صد عني الحبيب صد ملال

فرثا (فرثى) لي العدو من سوء حالي

فجساري السقام بين مناشير

فؤادي كمثل وقع الذبال

حاف (حاق) كاتشكن (؟) الصدود بقلبي

ففؤادي لرندج البين قال

إن فاس الصدود ينحر (ينجر) قلبي

ومناشيره بطول المطال

وسألت آخر عن مثل ذلك وكان حائكا. فقال لقيناهم في مقدار ثوب ثماني (يماني) فما كان إلَاّ بقدر ما يسقي الرجل باشيرا (؟) حتى تركناهم في أضيق من بهلق (يلمق؟) ثم قتلناهم. فلو رميت بحار (؟) ما سقط إلَاّ بين إصبعي رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

صد عني الحبيب صد جفاء

وطواه مشنوث وصل الإخاء

ورماني منه باستيح (باستيج) بين

عجزت عنه نيرجات الغراء (العزاء)

ص: 33

زادكون (زركون) الفؤاد يشكوا (يشكو) إلي

الحف الذي يلتقي من البلواء

أنت والله ثلح قلبي يا

نير فؤادي وغاية المنتهاء

وسالت آخر عن مثل ذلك وكان طحاناً. فقال لقيناهم في مقدار المسطاح فما كان إلَاّ بقدر ما ينقي الرجل قفيزين حتى تركناهم في أضيق من الدوارة (الدورة). ثم قتلناهم فلو طرحت مكوكاً ما سقط إلَاّ على رأس رخل (رجل). وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

طحنت بأحجار الهوى حب مهجتي

فروحي على قطب الرحاء تدور

وألقيتني بالهجر في دلو فكره (فكرة)

ومنسف أحزان هناك عسير

مدار الهوى وقد بقلب مدله

عليه مكاكيك الصدود تحور

وسألت آخر عن مثل ذلك وكان حجاماً. فقال لقيناهم في مثل المدار. فما كان إلَاّ بقدر ما يأخذ واحد شعره (شعرة) حتى الجينا (ألجأناهم) إلى أضيق من محجمة. ثم قتلناهم. فلو رميت بمشراط ما سقط إلَاّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

شرطت قلبي بمشراط الصدود فقد

حلقت شعر رجائي منك باليأس

فالبين يعمل (تعمل) في قلبي حرارته

كمثل ما تعمل الأجلام في الرأس

قد كان تخريق (تمزيق) أيام الوصال بدا

فرده الهجر كالمحموم (كالمحجوم) في الغاس

(الفأس)

ص: 34

فان تجد بالرضا تشفي (تشف) أخا دنف

حليف هم وتذكار ووسواس

وسألت آخر عن مثل ذلك وكان وراقاً. فقال لقيناهم في مقدار جلد. فما كان إلَاّ بقدر ما يكتب الرجل صفحاً (صفحة) حتى تركناهم في أضيق من محبرة. ثم قتلناهم. فلو رميت بقلم ما سقط إلَاّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

كتبت هواه في سطور من الوفا

بحبر من الإخلاص في ورق الصدق

وصمغته بالحب حتى إذا نمى

وقلت استقام السطر زاغ عن الحق

فكحت سطور الوصل سكين غدره

ومل إلى الهجر أن بالجهل والحمق

فكيف التسلي والهوى يلزم الحشى

بملزام فكر يترك القلب كالرق

وسألت آخر عن مثل ذلك وكان ملاحاً. فقال لقيناهم في مقدار صحن الزورق. فما كان إلَاّ بقدر ما يمد الرجل كهره حتى الجيناهم (ألجأناهم) إلى أضيق من مجلس الكوثل وقتلناهم. فلو رميت بحالس ما سقط إلَاّ على رأس ملاح. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

جنحت زواريق الوصال وأقبلت

سفن الصدود قلوسها الهجران

فالقلب بحنده حواليش الرجا

ويرده من يأسه سكان

إن القمايا شاهد لي بالهوى

وكذا الكشيا عنده برهان

أطلال قلبك عارفات أنني

صب الفؤاد متيم حيران

ص: 35

فامنن بمردي من وصالك أنني

فيما (في ما) أرى ستضمني الأكفان

وسألت آخر عن مثل ذلك وكان اسكافاً. فقال لقيناهم في مقدار طاق أديم فما كان إلَاّ بقدر ما يخرز الرجل تشتيكا حتى تركناهم في أضيق من أسوابخ (؟) ثم قتلناهم. فلو رميت باخواهل (؟) ما سقط إلَاّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

يا شفرة البين قد أغريت بي سقماً

وقالب الحب قد أورثتني ندما

ملكت قلبي فأنت الدهر تنشره (تبشره)

قد صرت في الحب يا مستعبدي علما

أيدي الضمانات ما تنفك تعركني

من حامل لبين عنه مهمى نما (كذا؟)

تم ما قد جاء في هذا المعنى والله الموفق للصواب.

ذكر ما قال أهل الصنائع في تركيب الكلام على ما يفهموه

(يفهمونه) من صنائعهم ومألوفاتهم

أجتمع قوم ن أهل الصناعات فتواصفو (فتواصفوا) البلاغة. فقال الصائغ: خير الكلام ما أحميته بكير الفكر وسبكته بمشاعل النظر وحططته (وخلصته) من خبث الإطناب فبرز بروز الأبريز في معنى وجيز. وقال الحداد: أحسن الكلام ما نصبت عليه منفخة الروية وأشعلت فيه نار البصيرة ثم أخرجته من فحم الإفحام ورقعته (ورفعته) بغطيس (بمغناطيس) الإفهام، وقال النجار: الطف الكلام ما كرم نجر معناه فنحته بقدوم التقدير ونشرته بمنشار التدبير فصار باباً لبيت البيان وعارضة لسقف اللسان. وقال النجاد: أحسن الكلام ما لطفت رفارف ألفاظه وحسنت مطارح معانيه فتنزهت في زرابي محاسنه عيون

الناظرين وأصاحت (وأصاخت) لنمارق بهجاته آذان السامعين وقال

ص: 36

العطار: أطيب الكلام نظاماً ما عجن عنبر ألفاظه بمسك معانيه فقاح (ففاح) نسيم نسقه وسطعت رايحة عبقه فتعطرت به الرواه (الرواة) وتعلقت به السراه (السراة). وقال الجوهري: أملح الكلام ما ثقبته الفكرة ونظمته الفطنة ووصل (واتصلت) جواهر معانيه في سموط الفاظه، فاحتملته نحور الرواة. وقال الماتح: آثر الكلام، ما علقت وذم ألفاظه، ثم أرسلته في قليب، الفطن، فأمتحت به شغا (شفى؟) الشبهات، واستنبطت فيه معنى يروي من ظمأ المشكلات. وقال الخياط: البلاغة قميص، فجربانه البيان. وجيبه المعرفة، وكماه الوجازة، وتخارصه (وتخاريصه) الإفهام، ودروزه الحلاوة، ولابسه جسد اللفظ، وروح المعنى، وقال الصباغ: آنق الكلام، ما لم تبض (تنصل) مهجة (بهجة) إيجازه، ولم يكتنف (تنكفئ) صبغة الفاظه، قد صقلته يد الروية من كمود الأشكال، فراع كواعب الآداب واكف (؟) عذارى الألباب. وقال الصيرفي: أجود الكلام ما نقدته يد البصيرة، وجلته عين الروية، ووزنه معيار الفصاحة. فلا نظر يزيفه، ولا سماع بهرجه (يبهرجه). وقال البزاز: أحسن الكلام ما صدق رقم ألفاظه، وحسن نشر معانيه، فلم تستعجم عند نشر، ولم تستبهم عند طي. وقال الحائك: أحسن الكلام ما اتصلت لحمة ألفاظه بسدى معانيه، فخرج مفوفاً منبراً (منمراً) وموشى محبراً. وقال الرائض: خير الكلام ما لم يخرج من

ص: 37

حد التخليع إلى منزلة التقريب إلَاّ بعد الرياضة، وكان كالمهر الذي أطمع أول رياضته في تمام ثقافته. وقال الجمال: البليغ من أخذ بخطام كلامه، فأناخه في منزل المعنى، ثم جعل الاختصار له عقلا، والإيجاز له مجالا، فلم يند عن الأذهان، ولم يشذ عن الآذان. وقال المخنث: أحسن الكلام ما تكسرت أطرافه، وتثنت أعطافه، وكان لفظه حله (حلة)، ومعناه حلبه (حلية). وقال الخمار: أبلغ الكلام ما طبخته مراجل العلم، وضمنته دنان الحكمة، وصفاه راووق الفهم، فتمشت في المفاصل عذوبته. وفي الأفكار رقته، وفي العقول حدته. وقال الفقاعي: أطيب الكلام ما دوخت (دوحت؟) ألفاظه غباوة الشك، ودفعت دقته فظاظة الجهل، فطاب جشأ نظمه، وعذب مص جرعه. وقال الطبيب خير الكلام (ما) إذا باشر دواء بيانه سقم الشبهة استطلقت طبيعة الغباوة، فشفى من سوء التفهم، وأورث صحة التوهم. وقال الكحال: كما أن الرمد قذى الأبصار، فكذا الشبهة قذى البصائر، فاكحل عين اللكنة بميل البلاغة، واجل

رمض (رمص) الغفلة ببرود اليقظة، (قال ثم أجمعوا)(على) أن أبلغ الكلام ما إذا أشرقت شمسه انكسفت (انكشف) لبسه، وإذا صدقت أنواؤه، اخضرت احماؤه.

تم كلامهم بعون الله ومنه وتوفيقه، والصلوة على الهادي إلى أقوم طريقة، وعلى آله وأصحابه، سيما فاروقه وصديقه.

الدكتور داود الجلبي

(لغة العرب)

إننا نشكر حضرة الدكتور داود بك لجلبي على نشره رسالة الجاحظ، ولسائر الرسائل التي بعدها فهي من أنفس ما كتب في موضوع المصطلحات الصناعية، إلَاّ أن في بعض الألفاظ صعوبة عظيمة لمعرفتها حق المعرفة فلعل بعض القراء يساعدنا على تصحيحها فنشكر له يده سلفاً.

ص: 38