الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في كتاب الحوادث المار الذكر وهي:
(وفيها (أي في سنة 644هـ - 1246م) توفي الأمير محمد بن سنقر الطويل صاحب دقوقاء وكان أبوه سنقر من خواص الخليفة الناصر لدين الله صب يوماً على يده ماء فسقطت الصابونة منه فناوله غيرها وقال: دقوق وهي بلغة الترك دجاجة - فاقطعه دقوقاً ظناً منه انه طلبها. فلم تزل في يده إلى أن توفي فتسلمها ابنه محمد. فلما توفي الآن عادت إلى نواب الخليفة.) أهـ.
قلت: لا أرى مناسبة أن تكون الكلمة (طاووق) التي تعني دجاجة. ولعله قال بلهجة مفخمة من لهجات ذلك الزمن (طوتقون) ومعناها مقبوض أو (طوتك)(بقراءة الكاف نوناً) بمعنى اقبضوا أو (طوتدق) بمعنى قبضنا أو غير كلمة تقرب لفظاً من كلمة دقوق وتؤدي ما يوافق الحال. ويبين لي أن صاحب الحوادث كان يجهل التركية، ولولا جهلة إياها لما أورد الحكاية بدون تعليق خالطاً الحابل بالنابل.
وكنت أود أن لا يعتد ذلك الفاض بالقول أنها سميت (طاووق) لكثرة الدجاج فيها. قال ذلك في ما سبق في الص 417 وقد رده حضرة الأب صاحب المجلة.
بغداد في 10 حزيران 1930 (وتأخر نشرها لما عندنا من المقالات المتراكمة منذ مدة أربع سنوات. ل. ع)
يعقوب نعوم سركيس
اللشمانية الجلدية
أو حبة الشرق
مرادفاتها في البلاد التي تكون فيها:
حبة الشرق، وحبة بسكرة، والقرحة الاستوائية، وحبة بغداد أو الأخت وقرحة الشرق، ودملة دهلي، وقرحة التخوم (في بلاد الهند)، ودملة حلب أو حبة السنة (حلب)، وكودووك أو الجرسي (في ما وراء أراضي جبال قاف)
وسالك (إيران) وفرينة أو مرد التمر (نريبان)، وغسوة (في الاريثرة وبلاد الحبش).
تحديدها:
هي حبة جلدية متقرحة أو غير متقرحة متوطنة، وتحصل في مناطق خاصة تنتج من أحد أصناف اللشمانية. وتتميز هذه الحبة في أول نشوئها بحليمة ترى في الأغلب في المعاري (أقسام البدن المكشوفة). ولعلها تصبح بعد ذلك قرحة غير مؤلمة تمتاز بإحساس اعظم في الأعصاب وبحاشية مترشحة، يعقبها عادة خلل فرعي في بعض الأعضاء. وتندمل القرحة بعد اشهر عديدة، ويرى في ماكنها ندب منخفض ذو لون أبيض أو احمر وردي. وهذه الحبة لا يلقح منها الرجل ولا الحيوان وعليه لا يصاب بها الإنسان عادة أكثر من مرة.
تقسيمها في الأرض:
أن هذا المرض قرأة أي داء متوطن، يرى في ديار خاصة في شمالي أفريقية وفي جنوبي آسية وبلاد اليونان وإيطالية وإسبانية.
(أفريقية):
أن هذه الحبة قرأة في ديار تونس ولاسيما في قفصة وفي بلاد الجزائر تكون واحات بسكرة وتكرت مركزها المتوطن فيهما. يسد أن إصابات متفرقة حدثت في جزائر مرغنان وأماكن آخر وترى مراكز قرأة في جنوبي مراكش، وذكرت إصابات في مناطق تشاد وزندر وفي نيامى الواقعة على نهر نيجر، وفي مناطق اغادس تاوة كما انه عثر على
إصابتين في قلعة ارجمبولت وسجلت إصابات من هذا ألداء في القاهرة والسويس في مصر، وحدث بعض وقائع في الخرطوم وشندي وديرة سنار في بلاد السودان. وترى هذه الحبة في طرابلس الغرب والاريثرة وبلاد الحبش.
(آسية):
وترى مناطق قرأة في وادي نهر السند في بلاد الهند وفي كنباية وفي أماكن شتى من الكور الشمالية الغربية (من بلاد الهند) ولاسيما في دهلي ولاهور، وكرنال وشاهاباد وبتيالة وكوشرات (وكجرات) وكويتة ومولتان ودره
إسمعيل خان. وأما في سورية فحلب هي مركز القرأة الشهير. وأريحا من أهم مراكز القرأة في فلسطين وسجلت إصابات متفرقة في بلاد الروم (آسية الصغرى). والمرض منتشر كل الانتشار في جبال قاف وما وراء هذه الجبال. وطهران واصبهان وبندر أبو شهر من المراكز الموبوءة المشهور في إيران، وهذا الداء منبث في جنوبي ايران، واصبح موضع المرض المشهور في ارض العراق وادي الرافدين، وهو على الأخص منتشر في بغداد. وأما في تركستان فهو سائد في ترمذ وبخارى وسمرقند واسخاباد خاصة وربما ينشأ في بندة في روسية آسية.
وفي (أوربة) ترى اللشمانية الجلدية في اقريطش (كريد) وجنوبي إيطالية وصقلية. وعثر على هذا الداء في مسينة، وقطانة وبلرمة وقلبرة. وسجلت بعض وقائع في ساحل إسبانية الشرقي وفي كورة غرناطة. واكتشف حديثاً إصابة من دملة حلب في منطقة البرانس في فرنسة.
مبحث القرأة ومبحث الأوبئة:
إن تقسيم حبة الشرق يختلف عن تقسيم الكلازار (طحل البلاد الحارة) كل الاختلاف، أن كانت حبة الشرق تنشأ في أراض يرى فيها الكلازار الموضعي. مثال ذلك أن اللشمانية الجلدية في الهند محصورة في المناطق الغربية فقط، وأما الكلازار فوضعه في الشرق كما أن الكلازار يرى عادة في بلاد تونس في الدرجة ال 45 عرضاً. بينما تحدث اللشمانية الجلدية غالباً في الأماكن الواقعة على جنوبي هذا الخط، بيد أن تركية وجنوبي إيطالية وصقلية تختلف عما سبق ذكره لأن اللشمانية الجلدية والكلازار في تلك الأرجاء متوطنان
في مناطق واحدة. ولم يعثر على اللشامنية الجلدية في مناطق (كينا) تلك المناطق التي يرى فيها الكلازار الموضعي، كما أن إصابة واحد باللشمانية الجلدية. سجلت في مناطق السودان الموبوءة بالكلازار. ولم ير الكلازار في إيران وارض العراق مع أن اللشمانية الجلدية قد عمت في تلك البلاد كل العموم. فعليه يظهر أن العلاقة بين المرضين قليلة جداً وربما لم تكن علاقة بينهما. ولعل نسبة اللشمانية
الجلدية إلى اللشمانية الكلبية كنسبة اللشمانية الجلدية إلى الكلازار. ويكون انتشار اللشمانية الجلدية في موسم خاص، إذ أنها تحدث عادة بين شهر أيلول وكانون الأول. وينتشر هذا الداء في بلاد الهند في موسم الشتاء غالباً. مع أن أكثر الإصابات به في تركيتان تحدث في شهر تموز وآب.
لم ينج الإنسان من ذلك المرض في المناطق الموبوءة أياً كان رسه أو طبقته اجتماعية. ويصاب أهل تلك المناطق بهذا الداء في عهد طفولتهم عادة ولا يؤثر فيهم المرض بعد ذلك البتة.
أن الأطفال في حلب يصابون وعمرهم بين السنتين أو الثلاث سنين، وقلما ترى من أهل تلك الأرجاء من كانت سنه تناهز السبع عشرة سنة ولم تصبه حبة الشرق. وهذا الوباء لم يستثن أحداً حتى ذاك الذي يتمتع بالصحة والعافية كما أنه لم يختص بالنحيف والضعيف. ويبين تاريخ اللشمانية الجلدية إنها ظهرت بالأخص على شكل وبائي في بسكرة (أفريقية) وفي بعض أقسام آسية الوسطى وتركستان.
كيفية نقل المرض
احتمال نقل المرض بالحشرات
يظهر أن المرض ينتقل بالحشرات المجنحة والذي يثبت ذلك أن اللشمانية الجلدية لم تر إلا في المعاري أو في أقسام البدن المكسوة بعض الكسوة، ولكن لم تقع أدلة بعد تجزم هذا الأمر جزماً باتاً. وشك في أن ناقلة الفوعة (الفيرس) حشرات من صنف بالعات الدم (الهيماتوفيكس) ومن ضمن هذا الصنف الكتان (الفسافس) والخموش والقمل والبرغوث والناموس ولعل هذه الحشرات لا تنقل الطفيليات نفسها، بل تكون الواسطة للنقل وذلك إنها عند مجاهدتها للحصول على الدم تثقب الجلد فيصبح ذلك الثقب مدخلا للفوعة، فيكون هذا
الغرض موافقاً لما أرتاه بعض مراقبي الحشرات وهو أن المرض ينقل أما بنقل الفوعة بلا واسطة إلى أقسام الجلد الذي كشطه الذباب المجنح كالذباب المألوف؛ وإما بوضع الحشرات الموبوءة برازها فيها، أو أن الحشرات نفسها تسحق في موقع الجلد المكشوط، فتكون سبب نقل هذا الداء، ولم تفلح مساعي السعاة لنقل الوباء بحشرات
البالعات للدم، وكان الشك في أن الفسافس (من النصفية الأجنحة) في بلاد الهند تنقل اللشمانية الاستوائية، بيد أن نتيجة التجربة لنقل الداء بهذه الحشرات، أظهرت ما ينفي ذلك الشك وحاول (ونيون) أن ينقل المرض إلى البرغوث المهيج وبرغوث الكلب فأطعمه طعاماً موبوءاً فظهر في وجه البرغوث طفيليات تشبه الطفيليات اللشمانية ولكنة لم يلاحظ تغييراً في قناة الهضم كما أنه جرب نقل الوباء إلى الفأر الأبيض بواسطة البراغيث المصابة بالمرض فلم يفلح.
ليس القمل (من صنف قمل الثياب وقمل الجسم) بحسب تجربات (بتن) بناقل اللشمانية الاستوائية. والذي يثبت ذلك أن هذا القمل لم يبرح الملابس عند اغتذائه. فلا يجوز أن يكون القمل ناقل داء، لأن الداء لا يظهر إلا في المعاري.
شرح بعض المراقبين تشريحاً البعوض، واختبر (ونين) البعوض المعروف عند العلماء (باكدس استيكومية فاشياتة ومنه الطيثار العريض في بغداد، فوجد فيه مواد سوطية الشكل تشبه ما تحتويه اللشمانية الاستوائية التي تظهر في قناة الهضم، قناة البعوض المطعم غذاء ملوثاً بمادة موبوءة. ولكن لم تنجح اختبارات نقل الداء. أما دملة حلب التي حدثت في فرنسة، فظهرت في مواقع لذع البعوض؛ وشك مؤخراً في أن صنفاً من الخموش بنقل اللشمانية الجلدية. وشرح (ونين) تشريحاً عدداً من هذه الحشرات في حلب، فاكتشف في المائة منها ستاً مصابة بطفيليات من صنف (الهربتوموناس، وكانت الطفيليات سوطية الشكل، وغير سوطيتة وتشبه اللشمانية كل الشبة.
ولاحظ (بلفور) أن اللشمانية الجلدية لم تظهر في الجند في زحفته إلى أفريقية الشرقية، وذلك ما يلفت النظر إليه، لأنه لم ير ذباب الخموش في تلك المنطقة الحربية. بيد أن ذباب الخموش يرى في بسكرة، وهي منطقة قرأة اللشمانية الجلدية، ولكن لم تفلح اختبارات نقل الداء التي أجريت هناك بصنف البرغوث الدقيق
ويجوز أن صنف الذباب الأذلق وهو من القارص المعروف في العراق بالنقرص ينقل
الداء، وارتأى (اكتن) في إحدى الجرائد مؤخراً، أن تقسيم قرحة بغداد يوافق لذعة (النقرص) اكثر مما يوافق لذعة أي ذباب من بالعات الدم. وان شأن النقرص في هذا الداء مما يستحق التجربة وكذلك شأن صنف الذباب المصاص (الإستوموكس لأنه شك في كونه ينقل اللشمانية الجلدية في السودان. وعثر (ونين) على طفيليات في القناة الغذائية للذباب المصاص الآكل مادة ملوثة موبوءة، ولكنه لم ير في هذه القناة تغييراً ما. وبعد الهيبوبسكة الكلبية (صنف آخر من الذباب) في طهران من ناقلات اللشمانية الكلبية. واكتشف هنالك إصابتان اللشمانية الجلدية نشأتا في شخصين لدغتهما هذه الذبابة. وربما امتازت إيران عن سواها بنقل اللشمانية بواسطة هذا الصنف من الذباب، لأن لم تر تلك الذبابة في مناطق قرأة للشمانية الجلدية. والتفتت أنظار عدد غير قليل من المراقبين إلى الذبابة المنزلية، لأنهم يعتقدون أن لها يداً في نقل الفوعة، ولأن هذه الحشرة سريعة الجاذبية إلى إخراج الخلل المقرح وعليه تلوث الداء وتنقل الفوعة بجراميزها، من غير واسطة إلى أقسام الجلد المكشوطة. وأظهرت تجربة التغذية أن اللشمانية الاستوائية لم ير فيها أي تغيير، أكان في القناة الغذائية للذباب المألوف، أم في إخراج الذباب المعدي للداء. وبالتالي يتضح لنا أن الذباب المألوف هو الواسطة لنقل الفوعة فقط.
ولا يمكن تلقيح الرجل باللشمانية الجلدية، ولكن ثبت أن الرجل لا يصاب بها إلَاّ في أماكن الجلد المكشوط. كما أنه لا يمكن تلقيح بعض الحيوانات كالكلب والقرد والفأر الأبيض باللشمانية، ولم يعثر على مصدر الفوعة الطبيعي. ولا ينكر أن الداء ينتج في طهران من انتشاره في الكلاب بصورة طبيعية ولكن هذا غير الواقع في باقي منطق القرأة. ويقول بعض المراقبين أن الجمل مصدر الفوعة ولكن لم تظهر الأدلة بعد، وشرح الوزغ والأبارص (أبو بريص) تشريحاً فلم ير فيهما أثر الداء.
(معربة بتلخيص عن المجموعة المسماة (تطبيق الطب في الأراضي الاستوائية لبيكم، تأليف بيم).)
فنسان م. ماريني