الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المكاتبة والمذاكرة
1 -
في رد الدكتور الجلبي
1 -
قال الدكتور الفاضل داود بك في (9: 290) ما صورته: أقول: لم يقصد ابن فارس كثرة أنواع الجلدات وإنما عرف الصفاق) ولم يفهم مرادنا الدكتور وسبب اعتراضنا أن ابن فارس ذكر أن باطن كل الجلد يسمى (أدمة) ثم ذكر أن جلدة البطن التي تحت الجلدة الظاهرة أسمها (الصفاق) فصارت الأدمة والصفاق من جنس واحد فهل يسمى الصفاق أدمة؟ والجواب (نعم) فكان الأولى لابن فارس أن يجمع بين قوليه ليظهر للقارئ أن الأدمة عامة والصفاق خاص.
2 -
وقال في (حذرهم بأن يتعلموا) ما نصه: (لان هذه الزيادة ضرورية لان فعل حذر لا يتعدى بالباء) مع أن الباء ههنا ليست للتعدية بل هي للاستعانة والاعتمال.
3 -
ولم يرتح لمعنى (اكتنف عذاري الألباب) بعد (راع كواعب الآداب) فعذاري الألباب تقابل كواعب الآداب والاكتناف يقابل الروع فان عد الروع من الحسن كان الاكتناف للحفظ وان اعتده من الإخافة كان الاكتناف للتعدي.
4 -
عجبنا من قوله: (لان المرود لا يجلو الرمص إنما الذي يجلوه هو الدواء) وسح علينا قوله تعالى في سورة الكهف: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) قال في المختار: (وبرد عينه بالبرود كحلها به) والرمص وسخ جامد في الموق فكيف يجلى بلا مرود؟ أو بما لا يعمل كعمله؟ بل كيف تكحل العين قبل تنظيفها؟ ومن أثبت أن كل عين رمصاء تحتاج إلى البرود؟.
فنحن لن نتعرض لما يخص الدكتور الفاضل أبداً إن كان يعتقد فينا المكابرة لا الاستصلاح. وسنفعل.
مصطفى جواد
4 -
الحال ومعناها
جاء ذكر (الحال) في ص 268 ج4 س9 نقلا عن أنساب السمعاني حيث قال عن
اليزيدية: (ويأكلون الحال). فبعد أن أشرتم في الحاشية إلى أن الحال في اللغة الطين والحمأة، قلتم أنكم ترون أن الكلمة هنا مصحفة القات وان القات نبت يكثر في بلاد اليمن وكردستان، أما أنا فلا أظن الكلمة مصحفة لان الحال عند الصوفية رقية وهي أن يرقي الشيخ شيئاً مما يؤكل ويطعمه من أراد أن لا تؤثر فيه لدغة الحية أو لسعة العقرب وما شاكلها. وهذا معروف ومشهور إلى الآن في الموصل ويعبرون عنه ب (شرب الحال)، حكى لي صديق أنه لما كان صبياً دعا له أبوه شيخاً ليسقيه (الحال) فناوله الشيخ قسبة قد شقها ونزع نواتها ووضع داخلها شيئاً من الملح بعد أن قرأ عليها وقال له كلها، فإنها تحرسك من ضرر العقرب والكلب الكلب والحيات ما عدا البتراء والعمياء، وهم يشترطون في ذلك أن يكون الشيخ بيده تسلومة (تسليمة) أي أن يكون قد أجازه شيخه وفوض إليه هذا العمل ونقله إليه عن مشايخه متسلسلا، وعلى ما أذكر أنهم يرجعون ذلك في الأصل إلى الشيخ أحمد الرفاعي.
واليزيدية في زماننا مشهورون بجرأتهم على مسك الحيات واللعب بها وينقلون عنهم حكايات خارقة عجيبة في هذا الباب.
وللحال معنى آخر عندهم نذكره إستطراداً، وهو أنهم يقولن عن الشي أو المريد إذا هاج في ذكر الله وأرعد وأزبد ثم سقط مغشياً عليه:(وقع في الحال)، وأظن أنهم يريدون بذلك وقع في حال (الغيبة).
أما أن القات يكثر في جبال كردستان فلا أعلمه ولا سمعت به.
الدكتور داود الجلبي
5 -
الكرخ
جاء في (9: 258) من لغة العرب من كلام الكاتبة دوروثي مكي على بغداد ما نصه: (اتخذ هذا الموقع عاصم جديدة له وعمر فيه الكرخ (المدينة المستديرة) الذائعة الصيت) وهذا وهم من الكاتبة الفاضلة لأن الكرخ غير المدينة المستديرة وان كان لفظ الكرخ السرياني يدل على التدوير، فالكرخ كان قبل
أن يبني المنصور مدينته وكذلك (سونايا) وهي التي سميت زمن العباسيين (العتيقة) لعتقها وقدمها وهي (المنطقة) اليوم وما حولها وكذلك (قطفتا) و (كرخايا) و (ملكا) و (كلواذا) و (كوثا) وكيف يعقل فيقبل أن المنصور
يبتدع لما أستجده اسماً ارمياً؟ ومن الأدلة النقلية على قدم الكرخ في أخبار شبيب الخارجي وصورته: (وأما شبيب فأقبل حتى قطع دجلة عند الكرخ وأخذ بأصحابه نحو الكوفة) وفي ص 13 من مناقب بغداد لابن الجوزي: (بناء الكرخ: لما فرغ المنصور من مدينته وصير الأسواق فيها من كل جانب قدم عليه وفد ملك الروم. . . فأمر المنصور حينئذ بإخراج الأسواق من المدينة إلى الكرخ) وفي ص 13 من مقدمة تاريخ الخطيب البغدادي: (وقبة على باب البصرة كانت مجلسه إذا أحب النظر إلى الكرخ ومن أقبل من تلك الناحية) وفي 10 من المناقب (وإذا أحب النظر إلى الكرخ جلس في قبة باب الكوفة) وفي ص 11 (وأجرى لأهل الكرخ أنهاراً) وفي ص 14، 15 (مدوا لي قناتين من دجلة واغرسوا لي العباسية وانقلوا الناس إلى الكرخ)، أما إطلاق الكرخ على بغداد الغربية بتعميم الجزء على الكل ففي باب آخر لا يجيزه قانون التحقيق في الابتداء بل في الوسط والانتهاء.
6 -
نظرات
1 -
جاء في ص 269 (هذه النسبة إلى هكار وهي بلدة وناحية عند جبل وقيل جبال وقرى فوق الموصل من الجزيرة) قلنا: ورد في ص 114 من بهجة الأسرار في ترجمة شمس الدين عبد العزيز بن عبد القادر الجيلي - رض - (رحل إلى جبال قرية من قرى سنجار واستوطنها) وما ندري صحتها.
2 -
وجاء في ص 270 عن وفاة علي بن أحمد الأموي الهكاري: (ومات بالهكارية في أو المحرم سنة 84) أي بعد الأربعمائة، قلنا: قال ابن خلكان في (1: 377) ما نصه (وتوفي في أول المحرم سنة ست وثمانين وأربعمائة) فالفرق بينهما سنتان.
مصطفى جواد
(ل. ع) بحثنا في الكتب التي وصلت إليها أيدينا، لنتحقق صحة أسم هذه القرية التي نزل بها شمس الدين الجيلي أو كما يقول بعضهم الجيلاني، فلم
نجدها في أي كتاب بلداني، وبعد أن قضينا ثلاثة أيام في البحث عنها أصبناها في تاج العروس في موطنين في مادة ش ر ش ق إذ يقول: (شرشيق بكسر الشينين لقب حسام الدين أبي الفضل محمد بن محمد عبد العزيز بن عبد القادر الجيلاني ويعرف بالحيالي، وولده: شمس الدين أبو الكرم محمد بن محمد بن شرشيق، عرف بالأكحل، شيخ بلاد الجزيرة. توفي سنة 739 بالحيال (بحاء
مهملة مكسورة) من أعمال سنجار ودفن عند أبيه وجده.) أهـ
وأردنا أن نتثبت من صحة الحيال وضبطها فنقرنا عنها في مادة ح ي ل، فقال:(حيال، ككتاب، بلدة من أعمال سنجار، نزل بها الإمام شمس الدين أبو بكر عبد العزيز ابن القطب سيدي عبد القادر الجيلاني قدس سره في سنة 508 فنسب ولده إليها. وبها ولد حفيده الزاهد شمس الدين أبو الكرم محمد بن شرشيق الحيالي، شيخ بلاد الجزيرة في سنة 651 وتوفي بها سنة 739) أهـ ما في التاج.
فاتضح لدينا إن الحيال (أو حيال) بحاء مهملة مكسورة فياء مثناة تحتية فألف فلام هي الرواية الصحيحة التي لا ريب فيها. وما سواها (أي جيال وجبال وخيال وخبال) من نوع التصحيفات القبيحة. ومن الواجب نبذها.
5 -
طاق كسرى في كتب العرب
جاء في (9: 259و 260) من لغة العرب كلام الكاتبة دورروثي مكي على المدائن أي طفسونج وطيسفون ويسمى الإيوان الآن (طاق كسرى) قال أبو القاسم عبد الملك بن عبد الله بن بدرون الحضرمي البستي عن سابور ذي الأكتاف (وهو سابور الذي بنى الإيوان المعروف بإيوان كسرى إلى هذه الغاية، ويحكى أن الرشيد أراد هدم هذا الديوان فبعث إلى يحيى بن برمك فشاوره في ذلك) وكانت المشاورة بعد نكبة البرامكة لأنه كان قد ذكر له أن تحته مالاً عظيماً فأرسل إليه يحيى وهو في السجن: لا تفعل فإنَّ هدمه ليس برأي، فترك كلامه وعزم على هدمه فعجز عنه فأشار عليه القوم الذي أشاروا عليه أول مرة بهدمه أن يتركه، فأرسل إلى يحيى يستشيره في ذلك ويخبره أنه عجز عن هدمه فأمره يحيى أن يتمادى على هدمه، فقال للرسول: قل له: (ما هذا؟ أمرتني أولاً أن لا أهدمه
فلما عجزت عنه أمرتني أن أهدمه!) فقال يحيى: قل لأمير المؤمنين: (إنما علي النصيحة. لما شاورني علمت أنه سيعجز عن هدمه، فلما شرع فيه أمرته أن يتمادى على هدمة وان لا يترك منه أثراً لأني أخاف أن يقول العجم: إن مللك الإسلام عجز عن هدم ما بناه ملك من ملوكنا؛ والهدم أسهل من البناء فأرى أن يتمادى على هدمه ولا يتركه قال ابن بدرون: (وقد حكيت هذه الحكاية عن خالد والد يحيى، وأنها جرت له مع المنصور حين أراد هدم قصور كسرى) وقال في ص 40 عن كسرى أنوشروان، (وهو الذي بنى الإيوان وسور الأبواب)
فتناقض قولاه. وفي مختار الصحاح: (والأوان والإيوان بكسر أولهما: الصفة العظيمة كالازج ومنه إيوان كسرى).
وقال ابن الجوزي في ص 35 من مناقب بغداد: (وأما الإيوان فبناه ذو الاكتناف واسمه سابور بن هرمز، فلما جاء سعد بن أبي وقاص وحارب أهل المدائن وخاض بالخيل إليهم. . . نزل سعد القصر الأبيض واتخذ الإيوان مصلى. . . وأخذ المسلمون ستر باب الإيوان فاحرقوه فخرج منه ألف ألف مثقال ذهباً).
ولما احتاج المنصور في بناء سور بغداد إلى الأنقاض قال لخالد بن برمك: ما ترى في نقض بناء قصر المدائن؟ فجرى بينهما من الحوار مثل ما تقدم إلا أن سبب كف المنصور عن الهدم وجد أنه ما يصرف على الهدم أكثر من ثمن الشيء الجديد وراجع معجم البلدان لياقوت في مادة (المدائن) و (التاج) تر زيادة حسنة.
6 -
في كتاب (الفاضل) المجهول المؤلف
قرانا ما يخص هذا الكتاب في لغة العرب فلم نجد توفيقاً بين رجال السند ولا تعاصراً بينهم، ففيه:(أخبرني أبو العيناء قال: أخبرني المعري عن الرياشي. وأبو العيناء محمد بن القاسم ولد سنة (191) هـ وتوفي سنة (281) هـ وولد المعري سنة (363) هـ وتوفي سنة (447) هـ إلا أن يكون هذا المعري غير المعري أو أبو العيناء هذا غير أبي العيناء والرياشي قتل سنة (257) هـ في فتنة الزنج بالبصرة والمعري
رحل إلى بغداد سنة (398) هـ فأين لقي الرياشي؟ وفيه حدثني (أبو سعيد الشارحي) وفي (1: 33) من البيان والتبيين للجاحظ: (حدثني أبو سعيد عبد الكريم بن روح قال:) وسجع المقدمة يدل على أنه ألف بعد زمن الجاحظ والمبرد.
م. جواد
7 -
ماء السمرمر
كان أحد الأدباء سأل سؤالا عن هذا الماء أدرجناه في هذا المجلة (8: 620 و774 و775) وكان أحد المجيبين تأخر جوابه قليلاً فتأخرنا عن درجه في وقته. والآن نذكره، وهو هذا بعد حذف الزوائد:
لهذا الطائر بالعربية عدة أسماء منها: السمرمر والزرزور، وبالتركية - على ما قاله صاحب تحفة المؤمنين - (سقرجين) واسمه عند عوام المصريين الخليش أو الزرزور الخليج وله بالفارسية عدة أسماء أشهرها (سار). وكان هذا الاسم هو المعروف في أيام الصفويين لان مترجم القاموس إلى الفارسية، وصاحب تحفة المؤمنين، وصاحب زينة المجالس، وصاحب الاختيارات، كانوا في عهد الانبراطورية الصفوية ولم يذكروا له اسماً سوى (سار).
وماء الزرزور وماء السمرمر موجود في إيران في أماكن مختلفة ويسميه الفرس: (آب سار).
ودونك ذكر عيون لهذا الماء ورد خبرها في بطون الكتب أو كانت معروفة بين الناس:
1 -
عين في وادي (آوه زراباد) بقرب قزوين.
2 -
عين على بعد أربعة فراسخ من جومند في جهة ترشيز، والعينواقعة على سفح جبل.
3 -
قال الملا محمد باقر المجلسي المتوفى سنة 1110هـ - 1699م في الفصل العشرين من كتابه الاختيارات ما تعريبه: (عين ملح مشهورة في رأس حد آشتيان أنى ذهبوا بمائها بشرط أن لا يضعوه في الطريق حتى الموضع الذي
يبتغونه يأتي بقدرة الله الكاملة من ورائه خلق من الطير الصغير المسمى ب (سار) بكثرة يقتل الجراد الذي في الزرع وهو مجرب) انتهى كلام المجلسي، وقال الأمير شير على خان ابن علي أمجد خان اللودي الهندي في تذكرته المطبوعة ببنبيء ص 282 ما ترجمته:(في عراق العجم عين ماء: إذا جاء الجراد إلى بلدة، يحمل رجلان لم يشربا الخمر ولم يرتكبا الزنا، ماء من تلك العين، ويأخذان طريق تلك البلدة فتخرج طيور سود في أثر ذلك الماء فتدفع الجراد عن ذلك المكان. يزعمة، أن سليمان عليه السلام، أشترط ذات يوم على الجراد أن لا يضر الزرع وجعل تلك العين شاهدة وأمر تلك الطيور بمراقبة الجراد هذه القاعدة من ذلك اليوم) أهـ كلام الأمير شير علي. وقد أوجز في تعريف المكان الموجود فيه ماء السمرمر، ويحتمل أن يكون العين التي ذكرها المجلسي هي العين التي أشار إليها الأمير شير علي، فإنها واقعة في العراق العجمي.
4 -
قال السيد مجد الدين محمد الحسيني المعاصر للشاه عباس الصفوي الكبير في كتابه
زينة المجالس ما معربه: في شميران من توابع لرستان عين ماء إذا ظهر في بلدة جراد، يذهب رجلان لم يشربا الخمر ولم يرتكبا الزنا إلى هذه العين ويحملان منها الماء ويأتيان به إلى البلدة التي وصل إليها الجراد فإذا وضعاه على الأرض تأتي في أثره طيور وتدفع الجراد، ويزعمون أن سليمان أشترك على الجراد أن لا يضر بعد وأشهد تلك العين على ذلك وأمر الزرازير بدفع الجراد إن أضر، والعلم عند الله تعالى أهـ. (راجع زينة المجالس المطبوع بطهران (إيران) في عام 1262 هـ ج 9 فصل 4).
5 -
عين في أرض (حاج بابا توكل) وهي بين سبزوار وقوجان وتبعد عن سبزوار نحو اثني عشر فرسخاً، وسبب تسمية هذا المكان بهذا الاسم أن فيه قبراً لأحد الشيوخ (على ما يقال) أسمه حاج بابا توكل (بصيغة الأمر من فعل توكل). وهذه العين معروفة في سبزوار.
6 -
على بعد عشرين فرسخاً من سبزوار قبر ينسب إلى جرجيس النبي يقع في كورة (توران) وبجنبه عين ماء قيل لنا أنها عين ماء السمرمر.
من الغريب أن الدميري وهو من أكابر المحققين لم يتعرض لذكر هذا الماء كما لم يذكر قتل الزرزور للجراد وهو أشهر من قفا نبك (راجع كلامه في حياة الحيوان الكبرى طبعة المطبعة العامرة الشرفية بمصر سنة 1315 هـ ج2 ص 4).
محمد مهدي العلوي
7 -
الصماد أو الكوفية والعقال
جاء في جريدة الأحوال (البيروتية) أن أحد الأدباء قصد (عالماً مؤرخاً)(ويا للأسف لم يذكر أسمه) ليعرف منه مبلغ زمن اتصال الكوفية والعقال بالعرب، وهل كانا من لباس رؤوسهم المعروف بهم منذ القدم، فدار بينهما الحديث الآتي:
الأديب، ما مبلغ صحة إسناد العقال والكوفية إلى العرب وهل كان جميعهم يلبسونها؟
ج. إنَّ العرب لا تعرف هذا اللباس منذ القدم في الجاهلية ولا منذ زمن قليل بعد الإسلام، بل كان العرب المسلمة، يلبسون في غزواتهم خوذاً، وفي مضاربهم وحضرهم يلبسون العمة المعروفة بالإسلام، وكانوا يضعونها فوق (اللبدة)، أو ما أشبهها. وما كان العقال والكوفية يوماً لباسهم منذ القدم.
س. في أي زمن ظهر العقال والكوفية بين العرب وكيف كان ظهورهما؟
ج. ظهر منذ غزا تيمورلنك بلاد العرب وفتحها، وكان شديد الوطأة قاسياً على الأمم التي يذلها، ولذا فرض على العرب لبس العقال والكوفية إذلالاً لهم، لأنه يشابه خمار المرأة من حيث ستر الوجه بالكوفية والعقال تشابه عصابة المرأة أيضاً. وكان قصده بهذا إذلالهم وتشبيههم بالنساء العاجزات وهذا يرجع عهده إلى
ما يقرب من السبعمائة سنة. وبعد موت تيمورلنك، بقي قسم كبير من العرب سكان البوادي يحافظون على هذا اللباس لجملة أسباب، منها: إنه كان يتوفر لهم ذلك في باديتهم، إذ يضعون على رؤوسهم منديلاً أو شالاً أو كوفية، ويربطون فوقها عصابة، سواء أكانت عقالاً أو مما يربط الحطاطة (كذا) على الرأس. ومنها: إن هذا اللباس كان بعضهم يسترون به وجوههم عند مرورهم بين القبائل المعادية، أو التي بينها وبين قبائلهم ثأر وبهذه الواسطة لا يعرفون.
بناء على ذلك لا يكون العقال والكوفية شعار العرب منذ القدم، وما وجدا إلا للأسباب المار ذكرها. انتهى كلام الأديب مع العلامة المؤرخ المجهول الاسم.
قلنا: كل هذا حديث خرافة. وكنا سمعنا مثل هذه الحكاية من أدباء الشيعة في بغداد وكان ينسب ذلك إلى أحد ملوك الحبش الذي حارب العرب في عقر دارهم وأكرههم على اتخاذ الكوفية والعقال. ولما طالبناه بالأدلة النقلية، لم يستطع أن يدلنا على مؤرخ قال هذا القول، بل لم يتمكن من ذكر أسم الملك الذي أجبر اليمانين أو غيرهم على اتخاذ هذه العمرة.
والذي عندنا أن لبس العقال قديم جداً عند الساميين وقد كتبنا مقالاً طويلاً في هذا الموضوع (لغة العرب 8: 537 و540).
وأما الكوفية فلم يكن هذا أسمها في قديم الزمان، بل كان يسميها الأقدمون منا (الصماد) (وزان كتاب) واشتقوا منها فعلاً فقالوا: صمد تصميداً. قال في لسان العرب: (صمد رأسه تصميداً، وذلك إذا لف رأسه بخرفة أو ثوب (أي قماش بلساننا العامي العصري أية كانت مادته) أو منديل، ما خلا العمامة، وهي (الصماد). فهذا نص عربي صريح على أن العقال والصماد من عمرة الساميين خاصة، ولا سيما العرب. ومن قال الخلاف فقد جهل التاريخ والعرب ولسانهم، إلا أنه كان بعض العرب يكتفون بالصماد وحده، وآخرون يثبتونه بالعقل، على حد ما يرى اليوم من يفعل أحد الأمرين أو كلا الأمرين معا.
وكان من العار أن يسير الرجل مكشوف الرأس. وقد ظهر في الآثار التي وجدت في ديارنا
العراقية تصاوير وتماثيل منها بالعقال ومنها بالصماد وحده ومنها بالصماد
المربوط عليه العقال، وعلى من يشك في كلامنا أن يزور دار تحفنا أو أي متحفة من متاحف ديار الغرب. أو أن يراجع بعض الكتب المصورة التاريخية التي تبحث عن فلسطين وسورية والعراق ففي ما يشاهده الغنية، إذ يرى بعيني رأسه (لا بأم رأسه كما يقول بعض الجهلة) تماثيل من عهد حمرب أي منذ زهاء خمسة آلاف سنة وفي رؤوسها العقال والصماد معاً أو الصماد وحدة أو العقال بلا صماد. فليتدبر ذلك المؤرخ البيروتي وحسناً فعل أنه أخفى أسمه، لأنه علم أن ما قاله لا حقيقة له في الكتب المدونة، إنما هي من أبخرة دماغه لا غير.
8 -
كتاب (الجيم)
لأبي عمرو الشيباني و (معجم الشعراء) و (الجماهر)
اعني اليوم بوضع نسخة تامة مصححة من هذا الديوان اللغوي المسمى (كتاب الجيم. لأبي عمرو الشيباني. وفي خزانة الاسكوريال نسخة منه مزينة بالتعاليق النفيسة تتصل بما في النص ويبدو لي أن المؤلف لم ينته من تأليف كتابه إلا عند ختام حرف الجيم. وأما لسائر الحروف فلقد وجد لها روايتان: رواية قصيرة جداً وهي رواية أبي موسى الحامض. والثانية واسعة وهي النسخة التي أتخذ لها الناسخ كتاب أبي سعيد السكري. والإضافات التي زيدت على الرواية الثانية ترى تحت كل حرف كانا فصل ملحق بالنص لان القسم الأول واحد في النصين. والروايتان ابنتا أو واحدة نتجها أبو عمرو لأنها بخط يده. ولا أظن أن هذا الديوان ينشر يوماً، إلا أني أرى أنه من النافع أن تهيأ نسخة صحيحة سهلة القراءة حتى إذا جاء يوم البعث، يوم بعثها من مدفنها، يقول على هذه النسخة المتقنة في نصها، المحكمة في أصول ألفاظها، لان مخطوط الاسكوريال سائر إلى الاضمحلال لحبره السيئ ولحالة ورقه (وراجع لغة العرب 7: 857).
وأنا اليوم في سنت اوغستن في سياغبرج لند في ألمانية - واهتم بمراجعة أحد الأدباء لإصدار طبع (معجم الشعراء) للمرزباني (راجع لغة العرب 7: 216 و377 و566) في مجموعة المؤلفات العربية التي تعنى بنشرها (الشركة الشرقية الألمانية).
وهنا في راحة وطمأنينة، وأطالع النسخة التي نسختها من (كتاب الجماهر في معرفة
الجواهر) للبيروني (راجع لغة العرب 8: 800) التي أعنى بشأنها عند ذهابي إلى إنكلترة عن قريب. وقد قيل لي أنه وجدت نسخة خطية ثالثة من هذا السفر الجليل المهم، فعسى أن تصدق الأحلام.
سنت اوغستن سياغبرج (ألمانية) ف. كرنكو
9 -
مخطوط الإكليل، نسخة برلين
الظاهر أن مخطوط برلين يقرب كل العرب من مخطوط لندن، لان أغلب الأغلاط أو أغلب الروايات متشابهة في النسختين، وربما كان الناسخ من الجهلة البله، فإنه يرسم (هذا) أو (هذه) هكذا (هده) ضابطاً إياها بفتح الأول وتشديد الدال المهملة المفتوحة. وكثيراً ما يهمل الحروف المعجمة فتراه يكتب (غمدان) بفتح العين المهملة أي (عمدان) ثم يزيد هذا على الضبط عيناً صغيرة مهملة تحت العين الكبرى زيادة في اطمئنان البال، إنها مهملة لا معجمة، في حين أنها بالعكس، ولهذا لا يشار إلى هذه الاختلافات التافهة عند اشتهار العلم بالوجه الصحيح.
ومما يحسن الاطلاع عليه أن الأعلام المصدرة بكلمة (ذو) وردت في النسخ متشاكسة متعاكسة ومقاومة للأحكام العربية، ومن المحتمل أن النقلة اليمانين شوهوا الرواية الأصلية الحقيقية، كما أنه من المحتمل أن تكون تلك الرواية المشوهة هي الصحيحة لأنها لغة السبايين، إذ لا يخفى أن تلك الأعلام كانت مرسومة بالمسند بلا الخط القائم الفاصل الكلمة الواحدة عن الكلمة الأخرى وبلا الحرف العليل الممدود، فإنهم يكتبون ذ نواس. . . ذشناتر، لا ذو نواس. . ولا ذو شناتر. وفي الأعلام المضافة إلى أسماء الآباء، ترى (بن) مكتوبة دائماً من غير أن يتقدمها ألف، وعليه يبين أن (ذو) كانت تكتب بالذال المعجمة المضمومة بلا واو أي (ذ) وكانت جزءاً من الاسم.
أما صنعاء وتأسيسها فالمأثور في روايات العرب غير صحيح، لان آخر دار ملك لليمن كانت ظفار. أما صنعاء فكانت من تأسيس الحبشة، و (كلمة صنعاء) نفسها كلمة حبشية تقابل كلمة (مصنعة) عند عرب الجنوب ومعناهما (القلعة). له