الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هيكل أدب
كنت قد نشرت في الجزء الثاني من المجلد الثامن مقالة بعنوان (خزائن بسمى القديمة) واليوم أشفعها بمقالة ثانية تتناول هيكل أدب وآثاره.
شرع الفعلة في اليوم السادس والعشرين من ك1 عام 1903 يحفرون في أطراف الهيكل، من أربع جهاته ليزيلوا عنة النفايات، فعثروا على برج ساقط، يحيط به سور مربع مبني بالآجر والملاط. وكان سمكه نحو المتر. ووجد المنقبون في كل آجرة، آجرة واحدة عليها كتابة، لدنجي ملك أور، يرتقي عهدها إلى سنة 2350 ق م. ومما يؤسف له إنه لم يرد في تلك الكتابة، اسم المدينة القديمة، التي كان المنقبون يبحثون عنها. ويظهر إن البنائين البابليين لم يعنوا بذكر اسم المدينة لشهرتها الواسعة في عصرهم. ولذا اكتفوا بتدوين اسم الآلهة المعبودة في ذلك الهيكل والى المطالع ما جاء في تلك الكتابة:
(أن دنجي البطل العظيم ملك أور، وملك شمر وأكد. أرصد هذا البناء الذي يهواه ويجل مقامه إلى إلاهته (نن هرسج) ولهذه الكتابة منزلة رفيعة عند الأثريين، لأنها تدلهم على شعب قطن في هذه المدينة، في العصور الغابرة، وعبد تلك المعبودة التي لم تكن من الآلهة العظيمة؛ بيد إن بعض الأثريين يذهبون إلى أن (بلت) إلهة نبر (نفر) في الأزمنة المنصرمة تحول اسمها فاصبح (نن هرسج) فتكون إذ ذاك زوجة الإله (بل) العظيم عند البابليين الذي زهت عبادته غفي بابل إلى انقراضها. وتطلعنا تلك الكتابة أيضاً على حضارة تلك المدينة في أواخر أيامها، وعلى ما كانت عليه من العادات والتقاليد.
وقد عثر المنقبون على أنقاض قبر فتحه اللصوص سابقاً وسرقوا ما فيه من الكنوز، بيد أنهم تركوا بعض الأثاث التي لم يرق عيونهم. منها أوان خزفية وقطع من حلى مصنوعة من الشبه، وحجر أزرق بهيئة مسن وصفيحة صغيرة
من الآجر.
وفي التاسع والعشرين من كانون الأول، كشف النقابون الزاوية الغربية من برج الهيكل، فوجدوا في الطرف الشمالي الشرقي من دكته جملة شظايا من تماثيل الخزف، وفي القرب من زاوية البرج الغريبة وقعوا على قطعة متقنة الصنع والشكل متخذة من الرخام الأبيض وكان يظن إن لا وجود البتة لهذا الرخام في ديار بابل، ووجدوا في الطرف الشمالي
الشرقي من البرج قائمة غرفة مربعة صغيرة ليس فيها أثر للباب، وقد فتحها سابقاً أحد اللصوص، فثلم جدرانها ليتسنى له نهب محتوياتها، فوجد الحافرون فيها قبراً مشيداً باللبن، أهليلجي الشكل، مملوءاً رملا لتقادم الزمن عليه. وعلى عمق تسعين سنتيمتراً شاهدوا جثة تحولت طبقة رقيقة سوداء من التراب لطول عهدها، ولم يبق منها سوى نصف سن وقطعة صغيرة من الخشب المنخور فاستدلوا على أن المقبور كان من الأمراء أو من الكهنة.
وقد عثر الأثريون في الجنوب الشرقي من زاوية برج الهيكل على تمثال صغير مقطوع رأسه متخذ من الحجر الأبيض، ويعد هذا الأثر من أبدع الآثار النفيسة لزي لباسه ويرى بيده إناء وكان بالقرب منه قطعة صغيرة من الحجر الأبيض المرن، الشبيه بالرخام، وقد كساها التراب حتى بان في أول الأمر كأن لا هيئة لها ولا شكل؛ ولكن بعد أن أزيل عنها التراب المتلبد عليها ظهر عليها رأسا تمثالين صغيرين، وبعد قليل من الزمن عثروا على ثلاث عشرة قطعة أخرى فركبت هذه القطع فتقوم منها إناء بديع الشكل، طوله عشرون سنتيمتراً. في علو أربعة عشر في عرض ثمانية. وظهر أن هذا الإناء يمثل زورقاً فيه تمثالان، يمثل أحدهما رجلا مجرد الرأس والذراعين وهو يدفع الزورق بمقذافه، وكان في الطرف الواحد من الزورق؛ وأما في الطرف الآخر فكانت امرأة ويحتمل إنها زوجة ذلك المتوفى، وقد رفعت يديها إلى وجهها كأنها تبتهل إلى الآلهة لكي تنقذها من الغرق المحدق بها وهيئتها تدل على العبادة والتقوى وقد ضفرت شعرها وأخفت طرفاً منه بعصابة رأس صغيرة وفي عنقها قلادة عديدة الثنايا.
بغداد:
(لها بقية)
رزوق عيسى