المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في نشوار المحاضرة - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٩

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 86

- ‌سنتنا التاسعة

- ‌تلو أي تل هوارة

- ‌هيكل أدب

- ‌طبع كتاب الإكليل

- ‌قصر ريدة

- ‌رسالة ذم القواد

- ‌آل الشاوي

- ‌فوائد لغويةٌ

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 87

- ‌كيفية إصلاح العربية

- ‌هيكل أدب

- ‌الزقزفة أو لسان العصافير

- ‌آل الشاوي

- ‌معنى تدمر

- ‌مقاله في أسماء أعضاء الإنسان

- ‌قمرية أم القمرية

- ‌السعاة

- ‌اللشمانية الجلدية

- ‌فَوائِد لُغَويَّةٌ

- ‌بابُ المكاتبة والمذاكرةَ

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 88

- ‌الشمسية في التاريخ

- ‌لسان العصافير

- ‌أيتها الطبيعة

- ‌من كلام الجاحظ

- ‌جامع سراج الدين وترجمة الشيخ

- ‌البسذ والمرجان

- ‌العمارة والكوت

- ‌البغيلة

- ‌آل الشاوي

- ‌الساقور

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة المذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 89

- ‌في نشوار المحاضرة

- ‌تمثال ملك أدب

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌أليلى

- ‌نظمي وذووه

- ‌كتاب نفيس في البلاغة مجهول المؤلف

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 90

- ‌معجم أسماء النبات

- ‌البيات

- ‌كره العرب للحياكة

- ‌جنك أو جنكة أو صنكة لا منكة

- ‌كتاب الفاضل في صفة الأدب الكامل

- ‌نظمي وذووه

- ‌الصابئة

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌حب الكتب

- ‌هيكل أدب

- ‌السيرة الحسنة

- ‌زواجنا

- ‌سبيل العز

- ‌الحدائق

- ‌آل الشاوي

- ‌الحياة الصالحة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 91

- ‌أبناء ماجد النجديون

- ‌تحية العلم العراقي

- ‌من دفائن رسائل الجاحظ

- ‌إلى كاتب المشرق الناكر الإحسان

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌في ضرورة معرفة طب البيت

- ‌إرشاد

- ‌الطيارون العراقيون

- ‌الهولة

- ‌صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة

- ‌شباب العراق

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌كلمات كردية فارسية الأصل

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق ومجاورة

- ‌العدد 92

- ‌البزغالبندية

- ‌حاجات البلاد

- ‌كتاب السموم

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌من دفائن رسائل الجاحظ

- ‌كره العرب للحياكة

- ‌الأعمال

- ‌صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة

- ‌حديقة النصائح

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌آداب المائدة

- ‌برج عجيب في أدب

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكر

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 93

- ‌الخنساء

- ‌تحية العلم

- ‌الراية واللواء وأمثالها

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌مراث وأشعار قديمة مخطوطة

- ‌الزهور

- ‌الحر حر

- ‌الرضم في شمالي العراق

- ‌نظمي وذووه

- ‌التركمان

- ‌فَوائد لُغَوية

- ‌بابُ المُكَاتَبَة والمْذاكَرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌بابُ المُشَارفَةَ والانِتِقادِ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 94

- ‌المشعشعيون ومهديهم

- ‌بدرة وجسان

- ‌مدن العراق القديمة

- ‌اليقظة

- ‌نصيحة

- ‌حكم

- ‌أمثلة من كتاب الجماهر للبيروني

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌الراية واللواء وأمثالهما

- ‌لا ضمير بلا دين

- ‌كنوز هيكل أدب

- ‌فوائد لغوية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 95

- ‌المشعشعيون ومهديهم

- ‌موقع هوفة

- ‌في المتحفة العراقية

- ‌تعصب الجهلاء

- ‌كنوز هيكل أدب

- ‌أصل اليزيدية وتاريخهم

- ‌عبدة الشمس

- ‌نخل نجد وتمرها

- ‌البحر الأحمر لا بحر القلزم

- ‌ذييل في المشعشعيين

- ‌الدوالي أو العريش

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

الفصل: ‌في نشوار المحاضرة

‌العدد 89

‌في نشوار المحاضرة

-

كنا قد كتبنا غير مرة في نقد المطبوع في مجلة المجمع العلمي العربي من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، ولم نستهدف في نقدنا غير الخطأ، ولا ناضلنا إلَاّ عن الصواب، وقد كابدنا مشاق عظيمة وقضينا أوقاتا طويلة، في هذا الأمر، ويعرف ذلك صاحب لغة العرب والآن نتم بحثنا.

1 -

قلنا في (8: 529) من لغة العرب: (فسعى عليه بهذا المعنى لم يذكروه) ثم رأينا في (1: 116) من شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة قول عبيد الله بن عباس للعثمانية باليمن (ما هذا الذي بلغني عنكم؟ قالوا: (إنا لم نزل ننكر قتل عثمان ونرى مجاهدة من سعى عليه) وبهذه الرواية تأكد ما ذهبنا إليه من كون (سعى عليه) أصلا برأسه.

2 -

وخطأنا في ص 355 منها شكل المجمعيين أو مرجليوث العلامة (آلان؟) بهمزة الاستفهام ومدة فوقها محتجين بان الهمزة في (الآن) همزة وصل فتسقط إذا سبقتها كلمة، وقد أخطأنا في ما خطأنا به لأن الهمزة الوصلية تسقط

ص: 241

إذا كان ما بعد الاستفهام فعلا فقد قال ابن قتيبة في ص 170 من أدب الكاتب بالمطبعة السلفية:

باب دخول ألف الاستفهام على ألف الوصل

(إذا دخلت ألف الاستفهام على ألف الوصل ثبتت ألف الاستفهام وسقطت ألف الوصل في اللفظ والكاب قال الله تعالى: سواء عليهم استغفرت لهم، ومثله: اصطفى البنات على البنين. وتقول إذا استفهمت: اشتريت كذا؟ افتريت على فلان؟).

باب دخول الألف الاستفهام على الألف واللام

(إذا أدخلت ألف الاستفهام على الألف واللام اللتين للتعريف ثبتت ألف الاستفهام وحدثت بعدها مدة نحو قوله عز وجل: الله خير أم ما تشركون؟) الآن وقد عصيت قبل؟ وتقول: آلرجل قال ذاك؟ تتكتبه بالألف ولا تبدل من المدة شيئاً) أهـ كلامه والحق عزيز على أهله قمين بالتأييد.

3 -

ورد في ص 680 ج11 سنة 1930 من مجلة المجمع العربي عن نشوار المحاضرة (في خانات الصفارين) وعلق به ما صورته (بالأصل: حونات) قلنا: فالأولى أن يكون

(حوانيت) لوجود الواو سالمة بالنص.

4 -

وفيها (والدرابات في المسجد أحملها دفعات اثنتين وثلاثاً في كل دفعة) والصواب (أو ثلاثاً) أي يحملها دفعتين أو ثلاثاً فالست الدرابات مثلا يحملها دفعتين أي ثلاثاً ثلاثاً، أو دفعات أي اثنتين اثنتين، أو واحدة واحدة، ولا يجوز الجمع بينهما بالواو.

وورد بعدها (فإذا مضيت لترد الدرابات أو تحضرها) والصواب (وتحضرها) لأن المراد بالرد والمراد بالإحضار سواء وجعله (تحضرها) وراء (ترد) نوع من التأكيد المعنوي وما أكثره في العربية، ويؤيدنا قوله في ص 682 (وفتح درابتين أو ثلاث) كذا.

5 -

وجاء فيها (فعلمت انه جاء واختبأ للغلام وقت المساء) فعلق به

ص: 242

ما صورته (عبارة الفرج بعد الشدة أوضح: احتال على الغلام وقت المساء) قلنا: إن (احتال عليه) على شهرتها في العربية لم يذكرها أصحاب المعاجم التي بأيدينا، لكنهم تركوا قواعد عامة يعرفها المتبقرون، وفي (3: 421) من شرح نهج البلاغة قول عبد الملك بن صالح لأمير سرية (وكن من احتيالك على عدوك اشد حذراً من احتيال عدوك عليك وفي (2: 121) من الأغاني (وندم النعمان على قتل عدي وعرف انه احتيل عليه في أمره).

وفي الحكاية السابقة لا أثر للاحتيال وإنما الأمر أمر اختباء كرواية النشوار فشرط الاحتيال المخادعة تستوجب المشاعرة وهذا لم يشاعر الغلام بل اختبأ له. أما عبد الملك المذكور فقد قال فيه ابن خلكان في (2: 312): وله بلاغة وفصاحة. . . وتوفي سنة 199.

6 -

وجاء في ص 682 (وفتح درابتين أو ثلاث) وقد نقلناه آنفاً والصواب (ثلاثاً) بالنصب، ولعله من غلط الطبع لكنهم لم ينبهوا عليه في مستدرك الأغلاط.

7 -

وفيها أيضاً (عدم من البصرة أول أمس) قلنا: وفي مادة (وأل) من المختار (وتقول: ما رأيته مذ أمس، فان لم تره يوماً قبل أمس قلت: ما رأيته مذ أول من أمس، فان لم تره مذ يومين قبل أمس قلت: ما رأيت مذ أول من أول من أمس. ولم تجاوز ذلك) قلنا: وسبب ذلك أن معنى (أول أمس: مبتدأ أمس) وأما (أول من أمس) فبمعنى: يوم أبدأ من أمس (أي الذي قبله).

8 -

وورد في ص 683 (فقلت واحد منهم: فتصدق) فلعق الأستاذ مرجليوث (لعله سقط: دق الباب) قلنا: لو كان فيه نقصان لكان (اذهب) لأن دق الباب ليس شرطاً في الاستعطاء

على ما هو معروف من الشحاذين والمكادي

ص: 243

بل لم يؤلف أن السائل المسلم يدق الباب عند المسألة بل يجهر باستعطائه ولا يخافت، وذلك ليفرق أصحاب البيت بين المهم وغير المهم.

9 -

وجاء في ص 684 (وقام هو وجاريته يصفقون ويرقصون وتناولوا حجارة معدة لهم فما زالوا يشدخون رؤوسهم وأبدانهم. . . إلى أن أتلفهم) فعلق الأستاذ مرجليوث ب (اتلفهم) ما نصه (الصواب: اتلفاهم) قلنا: إن الأصل سائغ لأمور (1) يجوز إغفال أحد الاثنين مع جري الحكم عليهما نحو قوله تعالى (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) و (فمن ربكما يا موسى) ويقال (ما فعلتما يا فلان) وذلك قد جاز كما جاز نقيضه من نسبة الفعل إلى الاثنين وهو لأحدهما كقوله تعالى: (فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما) ولم ينس إلا أحدهما لأنه قال (فأني نسيت الحوت وما أنسانيه إلَاّ لشيطان)(2) يجوز في الاثنين أن يعبر بهما مرة وبأحدهما أخرى قال الفرزدق:

ولو بخلت يداي به وضلت

لكان علي للقدر الخيار

فقد قال: (ضلت) بعد قوله (يداي) وقال آخر:

وكأن في العينين حب قرنفل

أو سنبل كحلت به فانهلت

فقال (كحلت به) و (وانهلت) بعد قوله (العينين) وجاز هذا كما جاز نقيضه قال الشاعر:

إذا ذكرت عيني الزمان الذي مضى

بصحراء طلح ظلتا تكفان

ومثل هذا الوارد في النشوار كثير في العربية قال تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) والتقدير (ولا ينفقونهما) وقال (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها) والتقدير (إليهما) وقال (والله ورسوله أحق أن يرضوه) أي يرضوهما (3) لو لم يكن رب الجارية مشاركا لها لجاز في عرف العرب إسناد الفعل إليه على طريقة (المجاز العقلي) مثل (فتح الأمير المدينة) وإنما الجند فتحوها. فإذا جاز لهذا فكيف يجوز للمشارك وهو أولى؟

وكل تطويل فيه فائدة لا يجوز للعاقل أن يطرح النظر فيه لأننا نجمع بين حكم النقل والعقل وذلك لا يعرفه أهل (علم ساعة) يؤخذ من الكتب قمشاً

ص: 244

وقرشاً بلا تدبر ولا تفكر، وقد يدعي الإنسان انه اطرح النظر وكلامه يدل على انه قد تبن وأدق النظر!

10 -

وورد في ص 687 قول الحسن بن عون الذي حبس بمارستان البصرة سنة 342:

وأرجو غداً حتى إذا ما غد أتى

يزايداني همي فيسلمني صبري

والأصح (إذا حتى إذا ما أتى غد) والصواب (تزايد بي همي) لأن زايدة بمعنى غالبه في الزيادة ولا محل له ههنا، وتزايد للمبالغة نحو تباعد وتقارب وتهالك وتطاير وتناثر وتسامي وتعالى وتعافى وتبارك.

11 -

وجاء في ص 688 (عشق امرأته رجل وكان مفتناً عليها في منزله وأحلفها) فقال المجمعيون (الظاهر أن أصلها: ينفق عليها، وهو أقرب إلى الأصل) ولأجل مثل هذا الإصلاح قالوا في ص 768 (فيأتي أحد المعترضين ويذكر الوجه الآخر الذي تركناه ويرجحه على ما ذكرناه مع أن هذا الرأي قد يكون ذكره أحدنا لكننا أخيراً اعتمدنا الرأي الآخر) قلنا: ولكن ما معنى (ينفق عليها في منزله؟) وكيف لا تكون النفقة خارج المنزل؟ وكيف يكون الإنفاق في المنزل؟ وماذا أوجب الإنفاق في المنزل وحده؟ وما ظواهر التشابه بين (مفتناً) و (ينفق) حتى يكون أقرب إلى الأصل؟ هذه المسائل لابد أن يعرضها المصحح على رأيه حتى يحكم، ولا شك انهم واهمون فالصواب مفتاتاً عليها) وفي كتاب الإمام علي - ع - إلى الأشعث بن قيس عامله على أذربيجان (وان عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة وأنت تسترعي لمن فوقك ليس لك أن (تفتاث) في رعية) قال ابن أبي الحديد في (3: 299) من شرح النهج (يقال: أفتات فلان على فلان إذا فعل بغير أذنه ما سبيله أن يستأذنه فيه واصله من الفوت وهو السبق كأنه سبقه إلى ذلك الأمر).

وفي حديث عبد الله بن جعفر الطالبي لمروان بن الحكم لما خطب إليه ابنته أم كلثوم على يزيد بن معاوية بأمر معاوية (إن خالها الحسين بينبع وليس ممن يفتات عليه بأمر فأنظرني إلى أن يقدم) وفي المختار (والافتيات:

ص: 245

السبق إلى الشيء دون ائتمار من يؤتمر. تقول: افتات عليه بأمر كذا أي فاته، وفلان لا يفتات عليه، أي لا يعمل شيء دون أمره)

فمعنى (مفتاناً عليها) لا يقف عند قولها ولا يستشيرها، ويجوز أن الأصل مفتئتاً عليها) ففي المختار (افتأت برأيه: انفرد واستبد، وهذا سمع مهموزاً كذا نقله الثقات) قلنا: وعندنا انهما سواء. ثم أن رجلا يحلف زوجة آخر بحضرة الزوج على أنها لا تطاوعه لمفتات عليها اقبح الافتيات وأشنعه.

12 -

وورد في ص 193 (ويقبلها ويخلدها الديوان) فقال المجمعيون (الظاهر أن الأصل: يخلدها في الديوان، أو يدخلها الديوان) وليس هناك ما يستوجب الإصلاح، قال الحريري في المقامة الكوفية:(وخلدوها بطون الأوراق) فهو مسموع ثم أن إسقاط حرف الجر من الظرف المختص كالديوان أمر مألوف. قال ساعدة بن جؤية الهذلي:

لدن بهز الكف يعسل متنه

فيه كما عسل الطريق الثعلب

قال الأعلم كما في (2: 265) من خزانة الأدب للبغدادي: (استشهد به سيبويه على وصول الفعل إلى الطريق وهو اسم خاص للموضع المستطرق بغير واسطة حرف جر تشبيها بالمكان لأن الطريق مكان وهو نحو قول العرب: ذهبت الشام إلَاّ أن الطريق أقرب إلى الإبهام من الشام لأن الطريق تكون في كل موضع يسار فيه وليس الشام كذلك) ومثله (نزل العراق) و (حل الجزيرة) على التحقيق فالأصل (في العراق وفي الجزيرة)

13 -

وجاء في ص 694 (أردت أن تكون هديتك أخير الهدايا فيوري فضلها على الهدايا) قال العلامة مرجليوث: (يريد: فيرى، وهي لغة عامية) وقال المجمعيون: الظاهر: فيدري فضلها) قلنا: والصواب (فيزري) مضارع (زرى) قال الشاعر كما في (1: 56) من كامل المبرد:

إذ يحسب الناس أن قد نلت نائلها

قدماً وأنت عليها عاتب زاري

وقال أبو شجرة عمرو بن عبد العزى وقال الطبري: (اسمه سليم)

أقبلتها الخل من شوران مجتهداً

إني لأزري عليها وهي تنطلق

قال المبرد في (1: 280) من الكامل (وقوله: إني لأزري عليها. . .

ص: 246

يقال: زرى عليه أي عاب عليه وأزرى به أي قصر به فيقول: إنها لمجتهدة وأني لأزري عليها أي أعيب عليها) وقال النابغة الجعدي:

تلوم على هلك البعير ظعينتي

وكنت على لوم العواذل زاريا

أما عد الهدية زارية وهي ليست كالإنسان فيحمل على أجراء الجماد كالإنسان. قال تعالى في سورة فصلت: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرها، قالتا: أتينا طائعين) والأرض والسماء لا تتكلمان، ويروى عن بعض الحكماء انه قال: (هلا وقفت على المعاهد والجنان فقلت: أيتها الجنان من شق انهارك، وغرس

أشجارك، وجنى ثمارك؟ فأنها أن لم تجبك حواراً أجابتك اعتبارا).

14 -

وجاء في ص 695 (فشكت إليه شيئاً وجدته فأشار عليه بالفصد) والصواب (عليها) لأن المسند إليها مؤنثة عاقلة.

15 -

وفيها (إلى أن يحمل إليها شراب تشربه بحضرته ورمان أشار عليها باستعماله) والصحيح (شراب رمان أشار عليها باستعماله) والدليل على ذلك قوله بعده (فكان في جملته جامة فيها رمان وفيها هذه الملعقة)

16 -

وورد في ص 696 (فقالت: هاتم تلك الدواة) قال المجمعيون (لم نجد: هاتم والمعروف هاتوا) وجاء في ص 756 (هاتم السياط) فقالوا: (تقدم أن المعروف هاتوا. والظاهر أن هاتم كانت متداولة في ذلك العصر) قلنا: لهذه اللفظة وجهان أحدهما أن اصلها (هاؤم، وأصلها (هاء) بكسر الهمزه بمعنى (هات) قال الفيومي في المصباح، (وإذا كان لمفرد مذكر قيل: هاء، بهمزة ممدودة مفتوحة على معنى خذ. . . ومكسورة على معنى: هات، قال الشاعر:

مولعات بهاء هاء فان شف

ر مال طلبن منك الخلاعا

ثم قال (وإذا كانت بمعنى الكاف دخلت الميم فتقول للاثنين: هاؤما وللجمع المذكر: هاؤم. . .)

والآخر أن أصلها (هلم تلك الدواة وهلم السياط) أي احضروها؛ قال

ص: 247

في المصباح: (وتستعمل لازمة نحو: هلم إلينا أي أقبل، ومتعدية نحو: هلم شهداءكم، أي أحضروهم)

17 -

وجاء في ص 746 (ونقل علينا من الطعام ما لم أر مثله حسناً في أواني كلها صيني) والصواب (إلينا) و (أوان) بالتنوين لأنه مجرور منصرف وليس ممنوعاً من الصرف، قال الزمخشري في الممنوع من الصرف من مفصله (وان يكون جمعاً ليس ومصابيح إلَاّ ما اعتل آخره نحو: جوار، فانه في الرفع والجر كقاض وفي النصب كضوارب) فالأواني كالجواري في النصب والرفع والجر.

18 -

وفيها أيضاً (فأدخلنا إلى فازة الطف من تلك ديباج) والأولى (فازة ديباج) قال تعالى في سورة الإنسان (عاليهم ثياب سندس خضر) ويؤكد أن الأصل هذا قوله بعده (فيها دست ديباج) ذكرنا هذا ولو جاز الفصل بين الصفة والموصوف وجاز الوصف بالجواهر كما

ذكرنا في لغة العرب (8: 750)، لأن المألوف خير من المستجاز إذا لم يكن فيه تبديل في الأصل وسيأتي قوله (في مذاقات بلور) فالاسم مضاف إلى تمييزه.

19 -

وجاء في ص 746 (وفيه أمر عظيم من تماثيل الكافور وغلمان قيام) والصواب (فيها) لأن صاحب الضمير مؤنث هو الفازة.

20 -

وفي ص 747 (فأمر يوسف بإخراج الانبذة في مدافات بلور تسمى بالفارسية جاشنكير) قال المجمعيون (دافه خلطه، والمكان مداف ولعل المراد آنية يداف بها الشراب أو هي محرفة عن فراغات جمع فراغ بمعنى الإناء على أننا لم نجد هذا الجمع) قلنا: وقد فسروا (الجاشنكير) بأنه ممسك اللذة والرجل الموكول إليه في قصور العظماء النظر في لذة الأطعمة و. . .) ولم يوفقوا بين معناه ومعنى اللفظ العربي وهذا نوع من اضطراب فالأحق أن الأصل (مذاقات) من الذوق وهو يوافق معنى اللغظ الفارسي أتم الموافقة.

وأما انهم لم يجدوا (فراغات) جمع فراغ فليس شرطاً في عدم جوازه لأنه

ص: 248

مقيس ومثله (البخارات والمجازات والسوادات والتوقيعات والسؤالات والجوابات) فكل مصدر أو اسم مصدر إذا تنوع جاز جمعه، قال الفيومي في مادة (ربط) من المصباح (والرباط الذي يبنى للفقراء مولد ويجمع في القياس ربط (بضمتين) ورباطات) فلا تغفل عما ترك السلف من مفاخر العربية.

21 -

وجاء في ص 749 (ياقوت احمر على كبر الكف وقدما في الطول والعرض) قال المجمعيون (كذا في الأصل ولعله: وقدره (كذا) في الطول) والأقرب إلى الأصل (قدها) قال في المصباح (وهذا على قيد ذاك: يراد المساواة والمماثلة) وقال في القاموس (القد: القطع المستأصل. . . والقدر) ولا تزال الناس ببغداد تستعملها إلى الآن بهذا المعنى لكن المسلمون يقلبون القاف كافاً فارسية والنصارى واليهود محافظون على الأصل، وفي (5: 446) من معجم الأدباء قول علي بن هلال (فرأيت يوماً. . . جزءاً مجلداً قد السكري).

22 -

وجاء في ص 750 (قيمتها مائة ألف درهم تجتمع على طرائف البحار) قال المجمعيون (كذا في الأصل ولعلها محرفة عن تحتوي أو مضمنة معناها) قلنا: إن (اجتمع عليه) اصل برأسه فلا يجوز أن يعد مضمناً معنى (احتوى عليه) وهو من المجاز لا من الحقيقة، قال الزمخشري في الأساس (ومن المجاز: احتوى على الشيء: استولى عليه)

فأجتمع عليه مثل (اشتمل عليه) ولم يذكروه كما لم يذكروا (اجتمع إليه) ففي ص 756 (فلما كان من غد اجتمع إليه قوم) ومعناه (انضووا إليه) ومن الخطأ أن يقتصر في استعمال الحروف على ما ذكر في كتب اللغة، لأنهم تركوا لنا قوانين تعتري كل فعل وتتناول كل تعبير - كما قدمنا -.

23 -

وجاء فيها (فقال له: دع هذا أتعرفني) قال العلامة مرجليوث (بالأصل: لا دع) قلنا: استعمل مثل هذا التعبير الأمير الجليل شكيب أرسلان في المجلد التاسع بالجزء الثاني من مجلة المجمع العلمي ونص قوله (ومخالف للشيخ المنذر في منعهما، لا، بل متعجب من قول. . .) فانتقدناه في ص (189) من المجلد الثامن عشر بالجزء الأول والثاني من مجلة العرفان الصيداوية اثنتي عشرة انتقادة، وعلقنا بقوله هذا ما صورته (والصواب حذف (لا) لان كليهما حرف

ص: 249

عطف ولان (بل) تفي بالإضراب التام فكيف استفاد الأمير هذا الخطأ؟)

ولكننا بتعهدنا كلام العرب وجدنا أن (لا) قد تزاد في الكلام للتنبيه كما تزاد قبل القسم ولا سيما قبل (بل) قال ذو الرمة غيلان:

سيلا من الدعص أغشته معارفها

نكباء تسحب أعلاه فينسحب

(لا بل) هو الشوق في دار تخونها

مراً سحاب ومراً بارح ترب

وقال عمار بن ياسر - رض - لرجل شاك كما في (1: 506) من شرح ابن أبي الحديد ما صورته (اختر لنفسك أيهما شئت) فقال الرجل (لا بل علانية) ثم قال عمار له (افترى دم عصفور حراماً؟) فقال (لا بل حلال) وفي ص 164 منه قول مروان بن الحكم لعثمان - رض - قبل يوم الدار (يا أمير المؤمنين أأتكلم أم أسكت؟ فقالت نائلة بنت الفرافصة: لا بل تسكت فانتم والله قاتلوه ومؤتمو أطفاله) وفي ص 24 (وروي إنه قيل لأبي ذر: أعثمان أنزلك الربذة؟ فقال: لا بل اخترت لنفسي ذلك) وفي ص 265 قول علي لعبد الله بن قعين (اقطنوا فأقاموا أم جبنوا فظعنوا؟) يريد الخريت وأصحابه، فقال (لا بل ظعنوا) وأدلة ذلك كثيرة، فأنا قد رجعت عن قولي، وما في النشوار صواب.

24 -

وجاء في ص 751 (وأسلمني مع ابنه في الكتاب) فقال المجمعيون (الظاهر إلى الكتاب) فغلطوا غلطين لان (في) ههنا ظرفية لا للتعدية، كما يقال (استقرى في الأرض) والأصل (استقرى البلاد في الأرض) وكما يقال (استقصى في الحساب) والأصل

(استقصى المراد في الحساب)

ولأن تعريف (الكتاب) لا محل له لأنه نكرة غير معروف فالصواب وأسلمني مع ابنه في كتاب) (وزان رمان) كما في الأصل الفصيح.

ص: 250

25 -

وجاء في ص 751 أيضاً (ويكفني من شهواتي ويحسن إلي) قال مرجليوث الأستاذ (لعله: ولا يكفني) وقال المجمعيون (المعروف: كفه عن الشيء ويحتمل أن يكون الأصل: ويكفيني من شهواتي) قلنا: ونحن نعجب ممن يجوزون التضمين - ومنهم المجمعيون - بأنهم لم يروا (كف) مضمناً معنى (منع) ولكون الحال لا تقتضي (الكف) رجحنا أن الأصل (ويمكنني من شهواتي) فهو اقرب من (يكفيني من شهواتي) سواء أكانت (من) للتقليل أم مزيدة على رأي المستجيزين للزيادة، قال في المصباح (وتزاد في غير الواجب عند البصريين وفي الواجب عند الأخفش والكوفيين) وعلى هذا الوجه فسر بعضهم قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) وادعى أن المراد (يغضوا أبصارهم كلها).

26 -

وجاء في ص 752 (وأتحمد بولائه وافتخر أنا وعقبي بذلك) ولا نرى محلا ل (اتحمد) ففي القاموس (وهو يتحمد علي: يمتن) وفي الأساس (وتحمد فلان: تكلف الحمد، تقول: وجدته متحمداً متشكراً ومن أنفق ماله على نفسه فلا يتحمد به على الناس) ولاهما لا يوافق ما في النشوار فالصواب (تمجد) قال في الأساس (وتمجد الله بكرمه وعباده يمجدونه) فمعنى تمجد: استحق المجد وناله وتعظم فهو مطاوع (مجده تمجيداً أي عظمه تعظيماً) مثل علمه فتعلم وكسره فتكسر وحطمه فتحطم.

27 -

وورد في ص 752 أيضاً (وأكرمه وتطاول له ووهب له. . .) قال المجمعيون (يقال: تطاول عليه أي تطول وتفضل، وتطاول الرجل: تمدد قائماً) قلنا: ولا فائدة في هذا التعليق ههنا لأن المعنى بقي مبهماً فمعنى (تطاول له: أظهر له طول روح وأناة) ففي (6: 232) من معجم الأدباء لياقوت في ترجمة المبارك بن المبارك بن سعيد (وكان حسن التعليم (طويل الروح) كثير الاحتمال للتلامذة) وفي ص 234 من نكت الهميان (وكان حسن التعليم

ص: 251

طويل الروح) وهو قول ياقوت بعينه عن الرجل نفسه، ولعله من التعابير المولدة وهو باق إلى الآن بالعراق.

28 -

وجاء في ص 754 (واشتهر أمري معها. . . حتى بلغ أبا علي وكان يعذلني

ويوبخني ويمنعني من مفارقة حضرته وان أخل بها) فقال الأستاذ مرجليوث (لعله: أخلو) فقال المجمعيون (الصواب ما في الأصل، يقال: أخل بالمكان وغيره إذا غاب عنه وتركه) قلنا: إن الصواب هو ما جاء به العلامة مرجليوث لأن فيه منى لا يكون في غيره (هو منع الوزير ابن مقلة لأبي احمد هارون الكاتب عن الخلوة بالجارية) - على ما يدل عليه مقتضى الحال - ويؤيد قول مرجليوث ما في ص 755 وهو (فشريت (كذا) ليلتي معها وخفت أن أخل بالوزير) فقد جاء (أخلو) بصورة (أخل) أيضاً ويفسره ما جاء في (5: 444) من معجم الأدباء وهو (فشرب معها ليلة واصبح فخموراً فآثر الجلوس معها وأراد الاعتذار إلى الوزير ابن مقلة من التأخر عن الخدمة) أما قول المجمعيين فصواب كل الصواب من حيث اللغة وخطأ من حيث مقتضى الحال وهو المراد.

29 -

وفيها (كان يتعمد نفعي بكل شيء ويوصل إلي أموالا جليلة فلم اكن احفظها وكانت كلها تخرج عن يدي في القيان والشراب وأتلفته) والظاهر (وأتلفتها) والضمير عائد إلى الأموال كما عاد إليه من قبل غير مرة.

30 -

وفي ص 756 (أنت تضرب بالأمس خمسمائة سوط فلا تصبح تحم ساعة من ليل فتصيح) ولعل الأصل (وتحم ساعة) لتتسق الجملتان بواو العطف أو واو المصاحبة.

31 -

وفيها (وهذا لا يتقرر في ساعة ولكن نعد غداً ورفقنا به فقال: انصرفوا) قال المجمعيون (يقال: رفق به إذا تلطف وألان جانبه ويحتمل أن تكون ورققنا له) قلنا: أما التوجيه الأول فلا محل له البتة ههنا وأما الثاني فقريب ولكن الأولى والأصح (فداققنا به) فعل أمر (تداق مداقة ودقاقاً) قال في الأساس (وداقني في الحساب مداقة) فهذا لم يحضرهما إلَاّ ليحاسبهما في عقد الضمان كما في النشوار، فهل خطر هذا على بال المجمعيين فتركوه؟.

ص: 252

32 -

وجاء في ص 758 (لأنك تظلمنا وتزيل رسومنا) فعلق به العلامة مرجليوث (لعله تزيد) قلنا: إن ما في الأصل أحق بالتأصل ويؤيد ذلك ما ورد قبله (فتبع رسومنا ورام بعض شيء منها) فهذا يفيد انه أراد بالرسوم متحصلاتهم ومرتفقاتهم. فالإزالة أذن حرمانهموها.

33 -

وفي ص 759 (فاخذ يشكرني بما جرى وبما ورد عليه) قال المجمعيون (كذا في

الأصل ولعلها محرفة عن: يشعرني) وقال مرجليوث (لعله: ويخبرني بما) زيادة على الأصل. فأما ما ذهب إليه المجمعيون فظاهر التكلف والأولى (يذكرني بما جرى) فقد سبق منهما أن تلاحيا وتجادلا، فكيف يكون ذكر ما بينهما وأشعاراً؟ ويؤكد هذا قوله (فأوهمته أني كنت قد قلت له ذلك على اصل) وأما زيادة العلامة مرجليوث فهي كوضع الهناء مواضع العر وخلاه ذم. فهو رجل متأن حاذق.

34 -

وجاء في ص 760 (فوصلني ما قيمته خمسة آلاف درهم) والمعلوم أن يقال (وصله بكذا) فان كان من باب الحذف والإيصال أي حذف الجار وإيصال الفعل إليه. ففيه قولان قال الأعلم في قول الشاعر (أمرتك الخير فافعل ما أمرت به) ما صورته (وسوغ الحذف والنصب أن الخير اسم فعل يحسن (أن وما عملت فيه) في موضعه و (أن) يحذف معها حرف الجر كثيراً. . فإذا وقع موقع (أن) اسم فعل شبه بها فحسن الحذف. فان قلت: أمرتك يزيد، لم يجز أن تقول: أمرتك زيداً) وقال المبرد في قول الأعرابي:

تحن فتبدي ما بها من صبابة

وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني

ما نصه (يزيد: لقضى علي، فأخرجه لفصاحته وعلمه بجوهر الكلام احسن مخرج قال الله عز وجل: (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)، والمعنى: إذا كالوا لهم أو وزنوا لهم. . . وقال الله تبارك وتعالى (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا، أي من قومه. وقال الشاعر (وهو اياس بن عامر أعشى طرود):

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به

فقد تركتك ذا مال وذا نشب

ص: 253

أي أمرتك بالخير، ومن ذا قول الفرزدق:

ومنا الذي اختير الرجال سماحة

وجوداً إذا هب الرياح الزعازع

أي من الرجال، فهذا الكلام الفصيح: وجاء بعده قول الأخفش أبي الحسن علي بن سليمان (ولا يجوز مررت زيداً وأنت ترد: مررت بزيد، لأنه لا يتعدى إلَاّ بحرف جر، وذلك انه فعل الفاعل في نفسه وليس فيه دليل على المفعول وليس هذا بمنزلة ما يتعدى إلى مفعولين فيتعدى إلى أحدهما بحرف الجر وإلى الآخر بنفسه لأن قولك: اخترت الرجال زيداً، وقد علم بذكرك زيداً أن حرف الجر محذوف من الأول) قلنا: وبهذا يبطل اشتراط الأعلم في حسن الحذف (كون الموصل إليه الفعل من المعاني لا من الجواهر) فقد رأيت قوله (كالوهم

أو وزنوهم) وقوله (قومه) وقوله (الرجال) فليس هؤلاء من المعاني، وعلى هذا يتخرج قول النشوار ويكون من الفصيح عند المبرد ومن الجائز عند غيره.

35 -

وجاء فيها (فقال: يا با حصلت لتسخر بالأتراك) فقال المجمعيون (لعله: حلمت من الحلم وهو الرؤيا) قلنا: فما أبعده عن الصواب! لأنه - وان ادعى الحلم للاحتيال - فقد علم هذا بأنه غير حالم، فكيف يقول له (حلمت) فالصواب الأصل معناه (جئت وصرت) أفلم يتدبروا ما في ص 683 وفيه (فحين حصلوا في الصحن) و (قد حصل معي في الدار لص) وفي ص 684 (فحين حصلوا عليها سقطوا إليها) فهل بادر ذهن أحدهم إلى هذا فتركوه؟.

36 -

وجاء في ص 696 (فدعني امضي وأجيء) وقد قلنا غير مرة أن مثل هذا يجب جزمه بجواب الطلب وموجب الجزم فيه انه لم يبدأ بالمضي ولا بالمجيء فان بدا بهما لزم الرفع فتكون الجملة حالا، ومثل الأول قول الحصين بن الحمام:

ص: 254

أيا أخوينا من أبينا وأمنا

ذرا موليلينا من قضاعة (يذهبا)

فالصواب (امض وأجئ) بالجزم وهذه القاعدة مطرودة في كل مضارع يستعمل جواباً للطلب فلا يستحسن جهلها.

37 -

وقد أوردنا في (8: 528) من لغة العرب أن (شاغله مشاغلة) للمبالغة، وقد وردت في ص 29 من الفخري لابن الطقطقى، قال وزير عضد الدولة:(ثم استدعى الجارية فحضرت فشاغلها ساعة حتى غفلت عن نفسها) فهي شائعة في القرن الرابع للهجرة ولا بدع إذا استعملت في النشوار بعد إجازة القياس والسماع لها. ونذكر أنها وردت في حكاية المثل (عند جهينة الخبر اليقين).

مطالعة:

رأينا أحد القائمين بمجلة المجمع وهو الأستاذ المغربي عبد القادر قد نقلها في (ص 774) منها عن كتيب معبوث فيه اسمه (ذخيرة المتأدب) للأستاذ أدوارد مرقص ما نصه (استوى: في الفصيح تساوى وتستعمله العامة بمعنى: نضج الطعام) وهذا عبث بالعربية وتشويه لان (استوى) في العربية بمعنى (تساوى) إذا دل على الاشتراك فليس هناك عامي وفصيح و (افتعل) يأتي غالباً بمعنى (تفاعل) للاشتراك وهو قاعدة تكاد تكون مطردة أما (استوى)

بمعنى (تساوى) فقد اقتصر على فصاحتها القرآن الكريم ولم يستعمل (تساوى) بخلاف ما استحسن عبد القادر المغربي ومنه قوله تعالى (وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات) ومعناه (تساوى) ومن هذا الباب (ائتشب: تآشب) و (ائتكل: تآكل) و (ائتلف: تآلف) و (ائتمر: تآمر) و (ابتدر: تبادر) و (اجتلد: تجالد) و (اجتمع: تجامع) و (احتك: تحاك) و (اختصم: تخاصم) و (اشتجر: تشاجر) و (اشترك: تشارك) و (اصطلح: تصالح) و (اصطدم: تصادم) وما لا يستقصى، بل كيف يستقصى شبه المطرد؟

أما أن (استوى الطعام) عامي فخطأ أدركته أول وهلة على قلة علمي، قال في المصباح (واستوى الطعام، أي نضج) فكيف ينقل مثل هذا العبث في مجلة المجمع العلمي العربي. وهي من المحافظات على العربية؟.

مصطفى جواد

ص: 255