الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبدة الشمس
1 -
تسمية العرب والفرس لهم
كانوا العرب يعرفون عبادة الشمس بالمجوس (راجع لغة العرب 3: 309 ح) والفرس يسمونهم (خورشيد برستان - بالباء التحتية المثلثة الفارسية).
2 -
عبادة الشمس عند الأمم
كان الشنغاريون أي البابليون والكلدانيون القدماء والفنيقيون والكنعانيون يعبدون (في القرون الخالية) الشمس والقمر؛ فكان البعل عندهم الإله الشمس وعشتروت الإلهة القمر (راجع لغة العرب 2: 549 - 550) وكان المصريون الذين عاشوا في عهد بعض فراعنة مصر يعبدون الآلهة الكثيرة وكان أكبر آلهتهم الإله الشمس (راجع مجلة اليقين البغدادية 2: 31 - 32) وكان بعض الملوك الاشكانيين في إيران يعبدون الشمس عند طلوعها باسم (مترأ)(راجع دورة تاريخ عمومي لميرزا عباس خان إقبال آشتياني). وفي القرآن: (وجدتها (أي بلقيس ملكة اليمن) وقومها يسجدون للشمس من دون الله) وكانت بلقيس من حمير (بطن من قحطان كان يقيم في ربوع اليمن) وحمير
كانت تعبد الشمس وكان في الهند جماعات تسجد للشمس كما سيأتي بيانه ولعل في الهند الآن بقية من تلك الفئام وقد قيل أن رعايا الملوك الأشكانيين كانوا يدينون بما كان يدين به ملوكهم على حد ما جاء في المثل السائر: (الناس على دين ملوكهم). وقد نقل عن بعض المؤرخين انه قال: (إن ديار فارس لم تكن تعرف عبارة الشمس قبل الاشكان) فالظاهر أن هذه العقيدة دخلت إيران في حدود سنة 250 قبل الميلاد.
3 -
تاريخ عبادة الشمس
عندنا أن العقيدة الفيدية الهندية هي التي سبقت الجميع إلى عبادة الشمس ودونك ما ذكره الشيخ محمد الخالصي في كتاب المعارف المحمدية عن هذه الديانة قال: (ونحن نذكر إشارة إجمالية إلى بعض العقائد الوثنية الهندية. . . وكانت قبل المسيح بعشرات القرون. (تعاليم (الفيدا) ولقد تكلم عنها (مالفير) في كتابه المطبوع في باريس سنة 1895 م بما يلي:
(ذكر في الكتب الهندية الدينية القديمة التي ترجمت إلى اللغة الإنكليزية في مدينة كلكتا في سنة 1840م وفي كتاب الأناشيد الذي ترجمه (لانجلواه) إلى اللغة الأفرنسية في سنة 1848م وسنة 1850م ما هو آت:
(إن آنى (النار) مولدها من سافيسترى (الشمس) الأب السماوي فتكونت في أحشاء مايا (العذراء) فولدتها وأب (كذا) النار الأرضي تواستى (النجار) الذي يشتغل في صناعة سواستيكا (الخشب) وسواستيكا هي عبارة عن عودين وبوسطهما تجويف يشتمل على مايا أي المادة القابلة للاشتعال مثل الزناد والصوان والصوفان وهذا هو قانون إيمان المذهب الفيديكي.
نؤمن بسافيسترى (الشمس) إله واحد أب ضابط الكل خالق السماء والأرض وأبنه الوحيد آنى (النار) نور من نور مولود غير مخلوق مساو للأب
في الجوهر تجسد من فايو (الروح) في بطن مايا (العذراء) ونؤمن بفايو الروح المحيي المنبثق من الأب والابن الذي هو مع الأب والابن يسجد له وبمجده) أهـ. ثم قال الخالصي: فالثالوث القديم وهو سافيستري (الشمس) أي الأب السماوي أو آنى (النار) أي الابن وهو النار المنبعثة من الشمس وفايو (نفخة الهواء) في الروح هو أساس المذاهب عند الشعوب الأربانية أي الهنود القدماء) انتهى (المعارف المحمدية 1: 43 - 44).
فأرى أن عبادة الشمس التي كانت ترى عند بعض الصابئين هي وليدة الديانة الفيدية، أما إن عبادة الشمس كانت عند بعض فرق الصابئين فلا ريب في ذلك، قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفى سنة 528هـ:(ومنهم (أي من الصابئة) من جعل الشمس إله الآلهة ورب الأرباب) (الملل والنحل ص 154 من طبعة إيران). وقال لاروس نقلاً عن موسى بن ميمون الفيلسوف اليهودي: إن في الدين الصابئي عقيدتين: الأولى هي الاعتقاد بالقدرة البالغة للشمس. والثانية هي كالاعتراف بوجود جوهرين أصليين في النجوم الخ (راجع مجلة اللسان البغدادية 1: 79). وعندنا أن عباد الشمس الذين ظهروا في إيران اقتبسوا دينهم من البابليين أيضاً إذ الديانة البابلية أثرت كل التأثير في سكان الممالك الأخرى الذين كانوا يبطنون عبادة الأصنام والأوثان؛ وذكر الشهرستاني النحلة الشمسية في الهند فقال: (عبدة الكواكب: ولم ينقل للهند مذهب في عبادة الكواكب إلا فرقتان توجهتا إلى
النيرين الشمس والقمر. . . من تلك عبدة الشمس: زعموا أن الشمس ملك من الملائكة ولها نفس وعقل ومنها نور الكواكب وضياء العالم وتكون الموجودات السفلية وهي ملك الفلك تستحق التعظيم والسجود والتبخير والدعاء وهؤلاء يسمون الدينكيتية أي عباد الشمس ومن سنتهم أن اتخذوا لها صنماً بيده جوهر على لون النار وله بيت خاص بنوه باسمه ووقفوا عليه ضياعاً وقرايا (كذا أي قرى) وله سدنة وقوام فيأتون البيت ويصلون ويدعون ويستشفعون به) (الملل والنحل ص 284) ويخيل إلينا أن هؤلاء الشمسيين لم يكونوا من الهنود القدماء بل كانوا متأخرين عن أصحاب العقيدة الفيدية بقرون وهذه النحلة الشمسية التي تعرض لها الشهرستاني وليدة الصابئية
الهندية التي أخذت مبادئها وأفكارها عن الصابئة العراقية. قال السيد هبة الدين الشهرستاني: إن الصابئة الهندية هي بنت الصابئة العراقية ونشريات رسل المسيحيين تؤيد الحفريات الأثرية في أن الصابئة العراقية هي أقدم عهداً وأرقى عصراً من صابئة الهند ومن دياناتها الأخرى وقد شادت في العراق هياكلها وأبراجها لعبادة الدراري والنجوم منذ ستة آلاف سنة أو أكثر (مجلة المرشد البغدادية 1: 133).
أما إن الصائبية العراقية تقدمت العقيدة البابلية في عبادة الشمس أو إنها تأخرت عنها فذلك أمر لم يقم عليه دليل قطعي، ولعل الشمسيين الذين وصفهم العلامة الكرملي في المجلد السابع من لغة العرب هم من بقايا الصابئة العراقية القديمة.
4 -
هل في الديانة الزرادشتية عبادة الشمس
قال محمد بهجة الأثري البغدادي في كتابه أعلام العراق ص 128: (ولكن جماعة من بعض تلك الأمم التي كانت تدين بمذهب زرادشت وعبادة (أهريمان) و (هرموز) وكذا وتسجد للشمس الخ) ولعل الأثري اعتمد في ما كتبه على الشهرستاني فهذا يقول: (ومن المجوس الزرادشتية صنف يقال لهم السيسانية والبهافريدية رئيسهم رجل من رستاق نيسابور يقال له خواف خرج أيام أبي مسلم صاحب الدولة وكان زمزمياً في الأصل يعبد النيران ثم ترك ذلك ودعا المجوس إلى ترك الزمزمة ورفض عبادة النيران ووضع لهم كتاباً وأمرهم فيه بإرسال الشعور وحرم الأمهات والبنات والأخوات وحرم عليهم الخمر وأمرهم باستقبال الشمس عند السجود على ركبة واحدة. أهـ)(الملل والنحل ص 116).
والحقيقة أن الديانة الزرادشتية التي سبقت الإسلام بقرون عديدة لم تكن تعرف عبادة الشمس قطعاً والظاهر أن هذا الرجل مصلح المجوسية الذي أمر مريديه باستقبال الشمس حين السجود لم يكن يعبد الشمس وإنما جعل الشمس قبلته عند السجود كما جعل المسلمون الكعبة قبلة لهم في صلواتهم وما كتبه
العلامة صديقنا الشيخ أبو عبد الله الزنجاني عن اتباع زرادشت هو أحسن وصف ينطبق عليهم قال: (أما المجوس فهم أتباع (زرادشت) الحكيم المؤسس لشريعة المجوس التي كانت ديانة أغلب الفرس في زمان ملوك بني ساسان وأصل من المحتمل من إقليم (آذربيجان) وزمان حياته في أوائل القرن السابع وأواخر السادس قبل المسيح على رأي (جكسن) الأمريكائي (أي الأميركي) و (وست) الإنجليزي اللذين بحثا عن حياته وشريعته بحثاً دقيقاً مستقصى. يعتقدون أن النور أو إله الخير (أهرمزد) والظلمة أو إله الشر (أهريمن) اصلان متضادان وهما مبدأ كل موجودات العالم لا يزالان يتضادان إلى انتهاء الدهور أي مدة (1200) سنة فحينئذ يغلب أصل الخير على أصل الشر).
(والذي يظهر بالتتبع أن زرادشت موحد في مذهبه ولكنه وضع مذهبه الثنوي لإرشاد الناس إلى أن العالم ممزوج بالشرور فينبغي أن يتبع الإنسان مبدأ الخير للصلاح العام وقوله: يغلب إله الخير على إله الشر، لعله يرشد به إلى رقي العالم الإنساني وإبطال الشرور بسعي معلمي الإنسانية وهم الأنبياء عليهم السلام والأولياء والحكماء. انتهى)(طهارة أهل الكتاب ص 13 - 14).
5 -
ليست المانوية من عبدة الشمس
قال السيد عبد الرزاق الحسني: (والمانوية تفرض على معتنقيها تقديم العبادة للشمس وللشيطان الذي هو مصدر الشرور كلها) أهـ. (رسالة اليزيدية أو عبدة الشيطان ص 9). والمانوية لا تفرض عبادة الشمس كما هو بين لكل من اطلع على عقائد المانوية وأسرارها، والمانوية ظهرت بعد المسيح فاعتقدت نبوته (راجع الملل والنحل للشهرستاني ص 120 طبعة إيران وص 188 من طبعة الإفرنج).
سيزوار في 16 ذي الحجة سنة 1349:
محمد مهدي العلوي
(ل. ع) إن استشهاد حضرة الكاتب بأقوال المعاصرين غير (المتفرغين للبحوث العلمية) لا يبقي لمقالته قيمة تذكر. وهناك عيب آخر مهم هو أن حضرة الكاتب خرج عن الموضوع الأصلي لأنه تعرض لعبادة الشمس بمنزلة فرع دين من الأديان، لا بمنزلة أصل هو عبادة الشمس دون شيء سواها.
أما المنوية فإنهم خرجوا من النصرانية لكنهم لم يعتقدوا نبوة المسيح البتة وما قاله الشهرستاني غير صحيح. وكم من الأوهام في كتابه بخصوص النصرانية وغيرها!