الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المكاتبة والمذاكرة
حول رسائل الجاحظ
جاء في مجلتكم الغراء (9 - 626) حول رسائل الجاحظ التي نشرتها قولكم: (. . . والرسالة الثانية التي كتب بها الجاحظ إلى أبي الفرج بن نجاح الكاتب جاءت مصحفة في بعض حروفها وأعلامها فأصلح (جرجيو ليفي دلافيدا) منها شيئاً كثيراً وأجال النظر على بعض المؤلفات لتصحيح بعض الأعلام فجاءت هذه المقالة التي نشرها في مجلة المباحث الشرقية الإيطالية، واستل منها سلالة على حدة، من المقالات الطافحة بالفوائد لأنها تصلح شيئاً غير يسير من هذه الرسالة. . .).
أقول أن الأستاذ الإيطالي (دلافيدا) أهدى إلي نسخة من السلالة المذكورة وإني أشكره على عنايته وهديته، وقد كلفت أحد الأفاضل العارفين باللغة الإيطالية بترجمتها فوجدت أن الأستاذ عني فيها بوصف طرز كتابة الجاحظ لهذه الرسالة ولخصها ولخص الأبيات المدرجة فيها. وترجم ابن نجاح وقص نكبته ومقتله. ولم يصلح شيئاً من حروفها خلافاً لما ظننتم، ولعلها أتت خالية من كل تصحيف على ما يظهر. وأما الأعلام فقد أصلح في حواش في مقالته ثلاثة منها فقط. فقال:(عبد الرحمن بن مل النهدي) عوض عبد الرحمن بن مليك الهندي) و (عمرو بن عبيد بن باب) عوض (ابن مآب) و (فيروز بن حصين) عوض (فيروز بن حصن). أصلح ذلك بمراجعة بعض أمهات الكتب العربية فاستحق الشكر والثناء.
كلمة على التركمان
وجاء في مجلتكم أيضاً (9: 608) في الكلام على التركمان: (. . . وفي العراق قبيلة اسمها اليعافرة، تقيم في أراضي تل أعفر. . أصلها من هؤلاء التركمان).
أقول أن أهل الموصل وحواليها يسمون قطان تل عفر خاصة (أعافرة) الواحد أعفري. ولم يسمهم أحد (يعافرة). وهم ليسوا قبيلة برأسها. بل خليط من تركمان وعرب وغيرهم، تغلبت عليهم الأكثرية التركمانية بمرور الزمان. منهم من هو سني وآخرون شيعيون،
وعدد قليل من النصيرية. وهم يجهلون تماماً منشأهم وتاريخ وكيفية قدومهم إلى هذه الديار، ويتكلمون بلغة تركية غريبة يستقبحها ابن أستانبول جداً، ولا يكاد يفهمها.
(نظرات)
1 -
جاء في ص 341 من هذا المجلد: (وقدم له فرس بمركب ذهباً ومشد ورفع وراءه سنجقان مذهبان وخرج من الباب القائمي المعروف بباب التمر بالمشرعة) فقال الصديق الوديع يعقوب نعوم سركيس: (أظنها شريعة خان التمر الحالية. . .) وهو الذي قال في (6: 359) من لغة العرب عن باب الغربة: (وهو أول أبواب الجريم من جهة الغرب أي انه حده الأعلى) وهذا يمنع أن يكون بين دجلة وباب الغربة باب آخر. فأين يكون الباب القائمي أي باب التمر؟ وقال قبلاً في (5: 453) منها (باب الغربة هو في المشرعة التي نسميها اليوم بشريعة المصبغة، وان عندها يبدأ حريم دار الخلافة). قلنا: أما المخلوع عليه المقام له إقامة فهو فارس، فمن أين خرج أن كان الباب القائمي أي باب التمر بشريعة خان التمر؟ ثم انه نقل في (5: 451) أن الباب الثاني شرق باب الغربة (باب سوق التمر باب شاهق البناء) ثم قال: (ولا منافاة بين القولين، إذ الظاهر أنهما بابان أحدهما بالمشرعة وثانيهما يخرج منه إلى المدينة، ولعلهما سميا بالإضافة إلى كلمة واحدة لإفضاء أحدهما إلى الثاني بأقرب مسافة) وتعيينه مضطرب كل الاضطراب فضلاً عما أوردناه من القرائن المحيلة له. على أن العلامة لسترنج وضعه في خريطة ص 263 من تاريخه قرب جامع مرجان اليوم، وذلك أقرب إلى الصواب وأوفق لكل النصوص التاريخية ومكانه قريب من المشرعة.
2 -
وقال محمود الملاح في ص 764: (لأن طائفة المرجئة تقول: الإيمان لا يزيد ولا ينقص) قلنا: وكذلك الإمام أبو حنيفة النعمان (رض) ففي حوادث سنة 617 من الحوادث الجامعة قال مؤلفه: (وفيها كتب إنسان فتيا مضمونها: هل الإيمان يزيد وينقص أم لا؟ وعرضت على جماعة فلم يكتبوا فيها، فكتب ابن وضاح الحنبلي وعبد العزيز القحيطي وبالغا في ذم من يقول: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، ثم سلمت إلى فقيه حنفي فحبسها عنده ولم يكتب فيها، فانتهى حديثها إلى الديوان وتألم الحنفية من ذلك وقالوا: هذا يعرض بذم أبي حنيفة فتقدم بإخراج ابن وضاح من المدرسة المستنصرية، ونفي ابن القحيطي عن
بغداد فحمل إلى الحديثة والزم المقام بها) قال ابن أبي الحديد في (2: 114) من شرحه: (وقال شيخنا أبو عبد الله: أول من قال بالإرجاء المحض معاوية وعمرو بن العاص كانا يزعمان انه لا يضر مع الإيمان معصية، ولذلك قال معاوية لمن قال له: حاربت من تعلم وارتكبت ما تعلم فقال: وثقت بقوله تعالى: إن الله يغفر الذنوب جميعاً، وإلى هذا المعنى أشار عمرو بقوله لابنه: تركت أفضل من ذلك: شهادة أن لا إله إلا الله) ثم قال في 249: (لأن ظاهر هذا القول يشعر بمذهب المرجئة الخلص وهم أصحاب مقاتل ابن سليمان القائلون انه لا يضر مع الشهادتين معصية أصلاً وانه لا يدخل النار من في قلبه ذرة من الإيمان، ولهم على ذلك احتجاج قد ذكرناه في كتبنا الكلامية) ثم فرع في ص 251 وقال: (وكذلك اكثر الناس يتوهمون أن عذاب النار يكون أياماً وينقضي كما يذهب إليه المرجئة أو انه لا عذاب بالنار لمسلم أصلاً كما هو قول الخلص من المرجئة أو أن أهل النار يألفون عذابها فلا يستضرون به إذا تطاول الأمد عليهم) وقال في ص 465: (لأنه قسم الجزاء إلى قسمين، أما العذاب أبداً أو النعيم أبداً، وفي هذا بطلان قول المرجئة أن ناساً يخرجون من النار فيدخلون الجنة لأن هذا لو صح لكان قسماً ثالثاً) وجاء فيه غير ذلك.
3 -
وأنكر الملاح في ص 765 ورود السن في (إنك لو عمرت سن الحسل) وفي (2: 155) من كامل المبرد (قال أبو العباس: وحدثني غير واحد من أصحابنا قال: قيل لرؤية ما قولك لو إنني عمرت سن الحسل. . .) فالرواية واردة.
4 -
وورد في (7: 128) من لغة العرب قول المرحوم عبد الحميد عبادة: (اليوم النادي العسكري الواقع أمامه رباط أبي النجيب السهروردي). وهذا خطأ فقد قال ابن خلكان في (1: 324) من وفياته عن أبي النجيب: (وبنى رباطاً على الشط من الجانب الغربي ببغداد) والنادي العسكري بالجانب الشرقي. وما هو أمامه فمعه لأن بابه نحو الشرق، ولعله أراد ذلك فخانه التعبير.
5 -
وقال هو في ص 129: (فهذه المحلات كلها في الجانب الشرقي من بغداد جانب الرصافة) وأين الرصافة من المحلات التي كانت قبل قرن أو أكثر؟ وهو الذي نقل في ص 218 عن أبن جبير في وصف بغداد (وللشرقية أربعة أبواب) فإنه لم يقل: الرصافة لأنها قرب قبر أبي حنيفة كما ذكرنا وذكر يعقوب نعم سركيس المحقق المفضال، وقد وهمت أنا
أيضاً في مقالة قصر القلعة والمدرسة الشرابية.
مصطفى جواد.
من الدكتور هنري جورج فارمر إلى الأب انستاس ماري
الكرملي
صاحب مجلة لغة العرب في بغداد
سيدي: وقفت قبل هنيهة على مجلتك التي تذكر فيها آخر كتبي: (أرغن الأقدمين)(9: 553) ولاحظت يا أسفاً إنك انتقدت ورقة الغلاف التي عليها العنوان وهي من (الناشرين الذين في لندن) لا مني (ولندن بعيدة عني نحو أكثر من 400 ميل).
ولك ملء الحرية في نقد أي قسم من كتابي أو من مؤلفاتي لكني أرجو منك أن لا تنسب (إلي) ما يرجع إلى (الناشرين) أي الغلاف الذي وضعوه هم أنفسهم.
هذا وإني لأطيب خاطراً إذا نشرت هذه المطالعة في أول جزء يصدر من لغة العرب بعد وصولها إليك.
غلاسكو (اسكتلندة) في 12 - 8 - 1931:
صديقك الودود هنري جورج فارمر