الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيتها الطبيعة
!
للأستاذ جميل صدقي الزهاوي
لقد كان منك إليك السبيل
…
فما أزعج الراحلين الرحيل
رحيل الشعور إلى اللاشعور
…
وذلك لا لام هذا مزيل
وليس أمام الرحيل زماع
…
وليس وراء الرحيل قفول
ليس طريق الردى موعرا
…
فيتعب صاحبه أو يطول
يزول الفتى وشعور الفتى
…
ويبقى هنالك ما لا يزول
لانت الحياة تحول سريعاً
…
وأنت البوار الذي لا يحول
وصوتك عذب على كل سمع
…
ووجهك في كل عين جميل
وأنت لنا في البداية أم
…
وأنت لنا في النهاية غول
نهار لمن هو يحيا تصير
…
وليل لمن هو يردي طويل
ظهور وبعد الظهور خفاء
…
طلوع وبعد الطلوع أفول
حارب بعضك للفوز بعضاً
…
وأنت الدروع وأنت النصول
وما الحزم في القلب إلَاّ هدى
…
ولا العقل في الرأس إلَاّ رسول
وان الحياة إذا أعوزت
…
ينازع فيها الشباب الكهول
بأيدي الفريقين منهم سيوف
…
(بها من قراع الدروع فلول)
وللحي دون الهلاك بقاء
…
ولكن هذا البقاء قليل
وبين العيون على قربها
…
ووجه الحقائق ستر يحول
ألا ليت شعري ماذا أرى
…
إذا ارتفعت لي عنها السدول
حقائق قد أعجزت كل رأس
…
واعجز ما في الرؤوس العقول
أليس هنالك من ومضة
…
أكل مقاربة مستحيل
إذا نكل المرء عن ظنه
…
فليس يعاب عليه النكول
تؤول حياتي بعد الردى
…
ولكن إلى أي شيء تؤول
أسير بليل من الشك داج
…
على ضوء عقل وهو ضئيل
وأن الطبيعة في سيرها
…
لها سنن ليس عنها حويل
وما الكون اجمع إلَاّ أسير
…
وهذي النواميس إلَاّ كبول
إذا ما شكا الشيخ طول سنيه
…
فهل هو من طولهن ملول
رأيت ضحى اليوم محلولكا
…
فإذا عسى أن يكون الأصيل
وأرسل طرفي إلى ما بقربي
…
فيرجع طرفي وهو كليل
ومما تفاوتت الناس فيه
…
حظوظ تنال وأخرى تنيل
هناك منازل في البعض منها
…
هتاف وفي البعض منها عويل
وأحقر بفسل يضام فيبقى
…
مقراً على الضيم وهو ذليل
وأكرم بحر له مهجة
…
على غير حد الظبا لا تسيل
سيبقى على جهله جيلنا
…
ومن بعد ذلك جيل وجيل
وقاطعني كل من كان حولي
…
فأصبح بالناس رأيي يفيل
ولم يبق بي سائلا غير صحبي
…
على أن خطبي بصحبي جليل
وأن الحفير لا خر بيت
…
به يجد الراحتين النزيل
وليس ثقيلا على ميت
…
تراب على الوجه منه مهيل
وصيرني مبغضاً للحيا
…
ة داء بعظم نخاعي وبيل
فيا موت أنت سبيل السلام
…
وأنت لمثلي نعم السبيل
سيبقى شقائي بقاء حياتي
…
فان هي زالت فهذا يزول
وما من بقاء لمن هو حي
…
من الهالكين تباعاً سليل
على أن ظن الفتى جزؤه
…
فليس يغير منه الدليل
أقول لمن هم يبغي انتحاراً
…
وفي قلبه اليأس نار أكول
تريث فان الذي تبتغيه
…
سيأتيك من نفسه يا عجول
وان الزمان بتحقيق ما
…
لك اليوم لم يتحقق كفيل
وأني تحملت عبء الحياة
…
على أن عبء الحياة ثقيل
كأني إذا حم موتي عان
…
على رأسه سل سيف صقيل
وأني لسمح بكل عزيز
…
ولكنني بحياتي بخيل
وأني على كبرتي هذه
…
أود لو أن بقائي يطول