الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الراية واللواء وأمثالهما
- 2 -
وذكر صاحب مسالك الأبصار عن ابن القويع أن سلطان مملكة تونس له (علم أبيض) يسمى (العلم المنصور) يحمل معه في المواكب، وذكر أن الأعلام التي تحمل معه في المواكب سبعة أعلام: الأوسط أبيض، وإلى جانبه أحمر، وأصفر، وأخضر. قال: ولا أتحقق كيف ترتيبها وذلك غير أعلام القبائل التي تسير معه فلكل قبيلة علم تمتاز بما عليه من الكتابة مثل (لا أله إلا الله) أو (الملك لله) وما أشبه ذلك (راجع صبح الأعشى لأحمد القلقشندي ج 5 ص 143).
ويقال أن دولة (قرا قوينلو) أي الخروف الأسود إنما سميت بهذا الاسم لاتخاذها في أعلامها رسم خروف اسود. ودولة (أق قوينلو) كانت ترسم على راياتها (خرافاً بيضاً) وكلتاهما من التركمان. أما التركمان السارلو، فالظاهر إنهم اتخذوا الرايات الصفر لأن معنى (ساري) اصفر، ومعاصرتهم لتينك الدولتين اقتضت مخالفتهم لهما.
وكان الشيخ حيدر أبو الشاه إسماعيل الصفوي الأول قد أجتمع ناس إليه وحسنوا له الجهاد والغزو في حدود كرجستان (جورجية) فجعلوا لأنفسهم رماحاً من أعواد الشجر، وألبس كلاً منهم تاجاً أحمر من الجوخ فسماهم الناس (قزلباش)، ويقال أن حيدراً أول من ألبس أتباعه التاج الأحمر.
تبييض الأمويين على عهد العباسيين
في سنة (132هـ) بيض حبيب بن مره المري وكان من قواد مروان الحمار وفرسانه، وسبب تبيضه خوفه على نفسه وقومه فبايعته قيس وغيرهم ممن يلهم من أهل تلك الكور، البثنية، وحوران، فقاتله عبد الله بن علي العباسي بأرض البلقاء والبثنية وحوران وحصلت من الفئتين واقعات. ثم صالحه عبد الله
ابن علي وآمنة ومن معه وخرج متوجهاً نحو (قنسرين) للقاء أبي الورد مجزأة ابن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي وهو من أصحاب مروان أيضاً وقوداه وفرسانه، وتفصيل أمره أن مروان لما هزم كان أبو الورد بقنسرين فقدمها عبد الله بن علي فبايعه أبو الورد ودخل في ما دخل فيه جنده، وكان ولده مسلمة بن
عبد الملك مجاورين له ببالس والناعورة، فقدم بالس قائد من قواد عبد الله بي علي في مائة وخمسين فارساً، وعبث بولده مسلمة بن عبد الملك ونسائهم فشكا بعضهم ذلك إلى أبي الورد فخرج من مزرعة له يقال لها (زراعه بني زفر) ويقال لها (خساف) في عترة من أهل بيته حتى هجم على ذلك القائد وهو نازل في حصن مسلمة فقاتله حتى قتله ومن معه وأظهر التبييض والخلع لعبد الله بن علي، ودعا أهل قنسرين إلى ذلك فبيضوا جميعهم، وأبو العباس يومئذ بالحيرة. فلذلك توجه عبه الله بن علي لقتال أبي الورد، فمر بدمشق وخلف فيها أبا غانم عبد الحميد بن ربعي الطائي في أربعة آلاف رجل من جنده. وكان يومئذ بدمشق امرأة عبد الله بن علي (أم البنين) بنت محمد بن عبد المطلب النوفلية أخت عمرو بن محمد، ومعها أمهات أولاد لعبد الله أيضاً وثقل له.
فلما قدم عبد الله (حمص) في وجهه إلى قنسرين أنتقض عليه أهل دمشق و (بيضوا) ونهضوا مع عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي، ولقوا أبا غانم ومن معه فهزموه وقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة وانتهوا ما كان عبد الله بن علي خلفه من ثقله ومتاعه في دمشق ولم يتعرضوا لأهله.
وكان قد تجمع مع أبي الورد جماعة من أهل قنسرين، وكاتبوا من يلهم من أهل حمص وتدمر، وقدم إليهم ألوف عليهم (أبو محمد عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فرأسوا على أنفسهم أبا محمد المذكور ودعوا إليه وقالوا هو (السفياني) الذي كان يذكر، وكانوا نحو من أربعين ألفاً فتحاربوا غير
مرة وقتل أبو الورد في نحو من خمسمائة من أهل بيته وقومه وهرب أبو محمد السفياني ومن معه من الكلبية إلى تدمر، وآمن عبد الله بن علي أهل (قنسرين) و (سودوا) وبايعوه في طاعته ثم أنصرف راجعاً إلى دمشق لما كان من تبييضهم وهزيمتهم أبا غانم، وفي هذه السنة بيض أهل الجزيرة وخلعوا أبا العباس) وتتمة الخبر في الأصل.
في السواد أيضاً
أول من لبس السواد من العلويين مظاهرة للعباسين (الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب - ع -)، يكنى أبي محمد وكان أمير المدينة قبل المنصور الدوانيقي وعمل له على غير المدينة، وكان معاوناً للعباسين على بني عمه (الحسن المثنى بن الحسن) وبلغ
من السن ثمانين سنة وتوفي - على ما قال أبن الخداع - بالحجاز سنة ثمان وستين ومائة وأدرك زمن الرشيد ولا عقب لزيد أبن الحسن إلا منه، وكان أحمد بن عبد الله بن موسى الجون الحسني يلقب (المسود) لأنه كان يعلم في الحرب بسواد يلبسه.
وكان على أبواب المقصورة من جامع المدينة التي بناها المنصور بوابون بثياب سود يمنعون من دخول أحد إليها إلا من كان من الخواص المتميزين بالأقبية السود، ومن لم يتقب بسواد يردوه وكان هذا رسماً جارياً مأخوذاً به في سائر مقاصير الجوامع ثم بطل ذلك فلا يلبس السواد والقباء سوى الخطيب والمؤذنين. ويهود اليمن اليوم يلبسون السواد وطاقية سوداء من قطن ورئيسهم الديني يلف منديلاً أسود على الطاقية، وق ذكرنا فيما تقدم راية رسول الله
- ص - يوم الفتح وفاتنا أن نذكر ما جاء في كتاب الأعلام ونصه: (ومنها (أي من المساجد المباركة) مسجد الراية فيه مئذنة ذات دورين تهدم رأسها الآن. . . ويقال أن النبي - ص - ركز رايته يوم الفتح في هذا المسجد) كذا والصواب (في موضع هذا المسجد).
الصفرة للدولة الأيوبية
إن الدولة الأيوبية لما محقت الدولة الفاطمية لم يكن لها بد من مخالفتها في شعارها وغيره فطرحت البياض شعار الفاطميين واتخذت (الصفرة) شعاراً لها مقلدة بذلك الدولة الاتابكية. فالرايات كانت عندهم عدة، منها راية عظيمة من حرير أصفر مطرزة بالذهب عليها ألقاب السلطان واسمه، وتسمى (العصابة) ومنها راية عظيمة في رأس خصلة من الشعر تسمى (الجاليش) ورايات صفر تسمى (السناجق). قال السلطان عماد الدين أبو الفداء صاحب حماة في تاريخه: وأول من حمل السنجق على رأسه من الملوك في ركوبه (سيف الدين) غازي بن (عماد الدين) زنكي) (راجع صبح الأعشى ج 4 ص 8).
تحقيق
قد ذكرنا في ما تقدم أن أعلام بني أمية كانت بيضاً نقلا من مجموعة المستشرقين واستدركنا ما مضى منا في مضادة ذلك، ثم رأينا الدكتور الفاضل داود جلبي ينبهنا على ذلك الغلط بأسلوب أوعر من أسلوبنا (9: 542، 543) فخالفنا إلى أعظم ما نهانا عنه، فأن
كان قولنا خطأً مؤكداً ففي أقوال بعض الأقدمين ما يدغم الشك في تأكده، فهذا الحسن بن عبد الله العباسي يقول في ص 102 من كتابه:(آثار الأول في الترتيب الدول) الذي أبتدأ تأليفه سنة (708) ما صورته: (وكانت للنبي - ص - راية من صوف أسود، وكانت له راية سوداء تسمى (العقاب. . .) وكان له عليه السلام ألوية بيض (وكانت أعلام بني أمية حمراً) وكل من دعا إلى الدولة العلوية فعلمه أبيض، ومن دعا إلى بني العباس فعلمه أسود) أهـ.
ونقل هذا الفصل جرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي.
أما تخطئته إيانا في ذكرنا البياض شعاراً للفاطميين، وان شعارهم الخضرة فهي خطأ مؤكد، وأما إغفالنا الخضرة في محفوظات الصبيان، فلا بد منه لأن سرد أخبارها صعب عليهم، وقيمة كل امرئ ما يحسن وفقه الله وإيانا للحق.
مصطفى جواد
(لغة العرب): (بعد أن أطلعنا على ما نمقه حضرة الكاتب المحقق في الأعلام حاولنا أن نزيد القراء فائدة فراجعنا عدة مؤلفات تبحث عن هذا الموضوع فلم
نزدد علما، ومن ذلك ما جاء في معلمة الإسلام في مادة (علم) قال:
(العلم كلمة عربية وتجمع على أعلام وهو في الأصل العماد يهتدي به والراية، وفي هذا المعنى الأخير أتخذ في اللغة العربية الضادية (اللواء والراية) وكان لكل قبيلة بدوية قبل الإسلام علم خاص يميزها عن سائر القبائل بلونه، وكان يناط العلم برمح ويدفع إلى الرئيس الذي كان يأخذه إلى الحرب بوجه عام، وكان للنبي علم خاض اسماه (العقاب) ويقال أنه كان اسود ويروي النقلة أنه كان له أيضاً أعلام بيض، وفي عهد العباسيين أتخذ اللون الأسود، أما الأمويين فاتخذوا اللون الأبيض والعلميون اللون الأخضر (كذا) ويرى في مقامات الحريري الخطية التي في باريس تصوير بديع (راجع نقل هذه الصورة في كتاب الصناعة الإسلامية لميجون - 2: 3 - ) ففيه صورة علم العباسيين الأسود.
وقد جارى الفرس والترك العرب فاتخذوا أعلاماً (راجع في هذه المعلمة مادة بيرق ودرفش وسنجق).
وللأعلام مكان رفيع لا في الحرب فقط، بل في الحياة الإسلامية الدينية فللمسلمين في مثل
هذه الحالة أعلام مختلفة الأشكال مع آيات مطرزة وأغلب هذه الآيات تتعلق بإيمان المسلمين وتعلق برماح مزينة وفي الطوافات الدينية، ولا سيما في أيام عاشوراء يحمل عدد عديد من هذه الأعلام في إيران وفي الهند (كذا واغفل العراق) وفوق الرماح صورة كف إنسان مفتوحة وهي مما تجلب الأنظار إليها ومن العادة الجارية أيضاً أنه في صلاة الجمعة يركز علمان عن يمين المنبر ويساره) أهـ وممن أجرى قلمه في وادي هذا المعنى جرجي زيدان قال: في (1: 166) من تاريخ التمدن الإسلامي ما نصه:
(لا نعرف ما كانت ألوان الرايات في الجاهلية سوى راية (العقاب) فقد تقدم إنها كانت سوداء وكذلك كانت راية النبي، وذكر صاحب آثار الأول أنه كانت له أيضاً ألوية بيضاء (كذا والصواب بيض) أما الرايات الإسلامية فقد كانت ألوانها تختلف باختلاف الدول فكانت أعلام بني أمية حمراء (كذا والصواب حمراً) وكل من دعا إلى الدولة العلوية فعلمه أبيض ومن دعا إلى بني عباس فعلمه أسود، والسواد شعار العباسيين على الإطلاق اتخذوه حزناً على شهدائهم من بني