الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و (اشْتَرَى الْعَامِلُ) الَّذِي أَخَذَ مَالًا (لِاثْنَيْنِ بِرَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الِاثْنَيْنِ - وَهُوَ الْمِائَةُ فِي الْمِثَالِ - (أَمَةً أَوْ نَحْوَهَا) كَعَبْدَيْنِ أَوْ فَرَسَيْنِ، (وَاشْتَبَهَا) - أَيْ الْأَمَتَانِ أَوْ الْعَبْدَانِ أَوْ الْفَرَسَانِ - وَلَمْ تَتَمَيَّزَا فَقَالَ الْمُوَفَّقُ (فِي " الْمُغْنِي " يَصْطَلِحَانِ) عَلَيْهِمَا؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ حِنْطَةٌ، فَانْثَالَتْ عَلَيْهَا أُخْرَى، (وَقِيلَ) ؛ أَيْ: قَالَ الْقَاضِي: فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِيهِمَا؛ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فَتُبَاعَانِ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا رِبْحٌ دَفَعَ إلَى الْعَامِلِ حِصَّتَهُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَالثَّانِي (يَضْمَنُ) الْعَامِلُ (رَأْسَ مَالِ كُلٍّ) مِنْ الْمَالِكَيْنِ، (وَتَصِيرَانِ) - أَيْ الْأَمَتَانِ - (لَهُ) - أَيْ لِلْعَامِلِ - وَالرِّبْحُ لَهُ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَالْأَوَّلُ - أَيْ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ - أَوْلَى؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، فَلَا يَزُولُ الِاشْتِبَاهُ عَنْ جَمِيعِهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ؛ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا فِي يَدِ الْمُضَارِبِ، وَلِأَنَّنَا لَوْ جَعَلْنَاهُمَا لِلْمُضَارِبِ أَدَّى إلَى أَنْ يَكُونَ تَفْرِيطُهُ سَبَبًا بِالرِّبْحِ وَحِرْمَانِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ، وَعَكْسُ ذَلِكَ أَوْلَى، وَإِنْ جَعَلَاهُمَا شَرِيكَيْنِ أَدَّى إلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا رِبْحَ مَالِ الْآخَرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ مَالٌ وَلَا عَمَلٌ انْتَهَى
[فَائِدَةٌ اتَّفَقَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا وَالْوَضِيعَةَ عَلَيْهِمَا]
فَائِدَةٌ: إذَا اتَّفَقَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ عَلَى أَنْ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا، وَالْوَضِيعَةَ عَلَيْهِمَا؛ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى شَرَطَ عَلَى الْمُضَارِبِ ضَمَانَ الْمَالِ أَوْ سَهْمًا مِنْ الْوَضِيعَةِ؛ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي جَهَالَتِهِ الرِّبْحَ، فَلَمْ يَفْسُدْ بِهِ الْعَقْدُ؛ كَمَا لَوْ شَرَطَ لُزُومَ الْمُضَارَبَةِ.
[فَصْلٌ الْمُضَارَبَةُ مُؤَقَّتَةً]
(فَصْلٌ: وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ مُؤَقَّتَةً) كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ: (ضَارِبْ بِكَذَا) - أَيْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ - (سَنَةً أَوْ) شَهْرًا؛ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ بِتَقْيِيدٍ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ، فَجَازَ تَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ؛ كَالْوَكَالَةِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِلْعَامِلِ: ضَارِبْ بِهَذَا الْمَالِ، (وَإِذَا مَضَى كَذَا) - أَيْ لِسَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ - (فَلَا تَشْتَرِ
شَيْئًا. أَوْ) ضَارِبْ بِهَذَا الْمَالِ كَذَا وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ (فَهُوَ) - أَيْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ (قَرْضٌ، فَإِذَا مَضَى) الْأَجَلُ الْمُعَيَّنُ؛ لَمْ يَشْتَرِ فِي الْأُولَى، وَإِذَا مَضَى فِي الثَّانِيَةِ (وَهُوَ مَتَاعٌ؛ فَلَا بَأْسَ) بِهِ، وَعَلَى الْعَامِلِ تَنْضِيضُهُ، (فَإِذَا بَاعَهُ) ، وَنَضَّهُ (كَانَ قَرْضًا) نَصًّا. نَقَلَهُ مُهَنَّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ غَرَضٌ.
وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ (مُعَلَّقَةً) ؛ لِأَنَّهَا إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَجَازَ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ؛ كَالْوَكَالَةِ، كَقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ:(إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَضَارِبْ بِهَذَا) الْمَالِ، (أَوْ بِعْ هَذَا) الْعَرْضَ، (وَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَقَدْ ضَارَبْتُكَ بِهِ) صَحَّ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (أَوْ) قَالَ لِلْعَامِلِ:(اقْبِضْ دَيْنِي مِنْك) ، وَضَارِبْ بِهِ صَحَّ، لِصِحَّةِ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، (أَوْ قَالَ لَهُ: اقْتَضِ دَيْنِي مِنْ زَيْدٍ؛ وَضَارِبْ بِهِ) صَحَّ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ، وَمَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ؛ فَجَازَ جَعْلُهُ مُضَارَبَةً إذَا قَبَضَهُ؛ كَاقْبِضْ أَلْفًا مِنْ غُلَامِي وَضَارِبْ بِهِ.
و (لَا) تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ إنْ قَالَ: (ضَارِبْ بِدَيْنِي) الَّذِي لِي (عَلَيْك؛ أَوْ) قَالَ: ضَارِبْ بِدَيْنِي الَّذِي لِي (عَلَى زَيْدٍ، فَاقْبِضْهُ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ مِلْكٌ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ رَبُّهُ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ، (أَوْ) قَالَ رَبُّ الْمَالِ:(هُوَ) - أَيْ هَذَا الْمَالُ - (قَرْضٌ عَلَيْكَ شَهْرًا) أَوْ نَحْوَهُ، (ثُمَّ هُوَ مُضَارَبَةٌ) ؛ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَارَ قَرْضًا مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ، فَلَمْ يَصِحَّ عَقْدُ الْمُضَارَبَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِعَدَمِ مِلْكِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ إذَنْ. (أَوْ) قَالَ لِلْعَامِلِ:(اعْزِلْ مَالِي) - أَيْ دَيْنِي - (عَلَيْكَ، وَقَدْ قَارَضْتُكَ بِهِ) ، فَفَعَلَ، وَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ شَيْئًا لِلْمُضَارَبَةِ؛ لَمْ يَصِرْ لَهَا، (وَمَا اشْتَرَاهُ) فَهُوَ (لَهُ) - أَيْ الْمُشْتَرِي - لِأَنَّهُ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ، فَحَصَلَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَرِبْحُهُ لَهُ وَخُسْرَانُهُ (عَلَيْهِ) ، وَإِنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ الْقِرَاضِ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُهُ
(وَصَحَّ) قَوْلُ رَبِّ الْوَدِيعَةِ: (ضَارِبْ بِوَدِيعَةٍ) لِي عِنْدَك أَوْ عِنْدَ زَيْدٍ مَعَ عِلْمِهِمَا قَدْرَهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ رَبِّ الْمَالِ، فَجَازَ أَنْ يُضَارِبَهُ عَلَيْهَا؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ