الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَتَّجِهُ) اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ، (وَلَوْ) ظَهَرَ الْعِلْمُ بِهَا (بَعْدَ تَبَايُعٍ) لِلْعَيْنَيْنِ (إنْ) اُعْتُبِرَ بِمِعْيَارِهِمَا (فَبَانَ - سَوَاءٌ) ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، كَمَا لَوْ تَبَايَعَا صُبْرَةً عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ، فَاعْتُبِرَتْ، فَبَانَتْ كَذَلِكَ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ
(وَإِنْ)(تَلِفَ عِوَضٌ قُبِضَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - (فِي صَرْفِ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مَثَلًا، (ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ)، أَيْ: التَّالِفِ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ، كَأَنْ شَاهَدَهُ قَبْلَ تَلَفِهِ (- وَقَدْ تَفَرَّقَا -)(فُسِخَ صَرْفٌ)، أَيْ: فَسَخَهُ الْحَاكِمُ، (وَرُدَّ مَوْجُودٌ) لِبَاذِلِهِ، (وَتَبْقَى) قِيمَةُ مَعِيبٍ (تَالِفٍ فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ) ، لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ، (فَيَرُدُّ) مَنْ تَلِفَ بِيَدِهِ (مِثْلَهُ)، أَيْ: الْمَعِيبِ دَرَاهِمَ مَعِيبَةً، [أَوْ] يَرُدُّ (قِيمَتَهُ إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ) ، أَيْ، عَلَى رَدِّ الْقِيمَةِ. قَالَهُ فِي " الْفُصُولِ "، وَنَقَلَهُ فِي " الْمُغْنِي " عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ
(وَيَصِحُّ أَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ فِي) الصَّرْفِ إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ، (وَلَوْ تَفَرَّقَا)، أَيْ: الْمُتَصَارِفَانِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ كَجُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ، وَقَدْ حَصَلَ قَبْضُهُ بِالْمَجْلِسِ، وَ (لَا) يَصِحُّ أَخْذُهُ (مِنْ جِنْسِهِمَا) بَعْدَ التَّفَرُّقِ، (خِلَافًا " لِلْمُنْتَهَى " فِيمَا يُوهِمُ)، فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَصِحُّ أَخْذُ أَرْشِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِمَا سَبَقَ
[فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَصَارِفَيْنِ الشِّرَاءُ مِنْ الْآخَرِ مِنْ جِنْسِ مَا صَرَفَ بِلَا مُوَاطَأَةٍ]
(فَصْلٌ: وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَصَارِفَيْنِ (الشِّرَاءُ مِنْ الْآخَرِ مِنْ جِنْسِ مَا صَرَفَ) الْآخَرُ مِنْهُ (بِلَا مُوَاطَأَةٍ) ، كَأَنْ صَرَفَ مِنْهُ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ صَرَفَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ، بِدِينَارٍ آخَرَ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قَالَ: لَا وَاَللَّهِ، إنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ
بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَفْعَلْ بِعْ التَّمْرَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِ مَا اشْتَرَى مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْفِ الْحَاجَةِ
(وَصَارِفُ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ) إنْ (أَعْطَى فِضَّةً أَكْثَرَ) مِمَّا بِالدِّينَارِ (لِيَأْخُذَ) رَبُّ الدِّينَارِ (قَدْرَ حَقِّهِ) مِمَّا أُعْطِيَهُ، (فَأَخَذَ) صَاحِبُ الدِّينَارِ مِنْ الْفِضَّةِ قَدْرَ حَقِّهِ، (جَازَ) هَذَا الْفِعْلُ مِنْهُمَا - (وَلَوْ) كَانَ أَخْذُهُ قَدْرَ حَقِّهِ (بَعْدَ تَفَرُّقٍ) - لِوُجُودِ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِلتَّمْيِيزِ، (وَالزَّائِدُ) عَنْ قَدْرِ حَقِّهِ (أَمَانَةٌ) لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ، فَلَوْ دَفَعَ لَهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا لِيَأْخُذَ مِنْهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، فَتَلِفَ مِنْهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ خَمْسَةٌ قَبْلَ التَّمْيِيزِ، كَانَ التَّالِفُ عَلَيْهِمَا أَسْدَاسًا، عَلَى الدَّافِعِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ دِرْهَمٍ، وَذَلِكَ سُدُسُ الْخَمْسَةِ، وَيَبْقَى لَهُ أَرْبَعَةٌ وَسُدُسٌ، وَذَلِكَ سُدُسُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الثَّلَاثِينَ بَيْنَهُمَا أَسْدَاسًا. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ اقْتِرَاضَ دِينَارٍ فَدَفَعَ لَهُ جُمْلَةَ دَنَانِيرَ فَتَلِفَتْ كُلُّهَا إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا، (فَلَا يَضْمَنُ زَائِدًا) تَلِفَ بِيَدِهِ (آخِذٌ) - فَاعِلُ يَضْمَنُ - مِنْ (دَنَانِيرَ) أُعْطِيَهَا (لِيَخْتَارَ وَاحِدًا) مِنْهَا (قَرْضًا) ، إذَا لَمْ يَتَعَدَّ، وَلَمْ يُفَرِّطْ، إذْ الدَّنَانِيرُ بِيَدِهِ أَمَانَةٌ، وَهِيَ لَا تُضْمَنْ إلَّا بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّفْرِيطِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ بَعْدَمَا تَلِفَ مِنْ الزَّائِدِ فِيمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الْفِضَّةَ لِيُخْرِجَ مِنْهَا قَدْرَ حَقِّهِ، صَارَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ فَمَا تَلِفَ مِنْهَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا فِيهَا، بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْمُقْرِضِ شَيْءٌ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَهُ فِي الدَّنَانِيرِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) لَوْ صَارَفَ (خَمْسَةَ دَرَاهِمَ) فِضَّةً (بِنِصْفِ دِينَارٍ فَأَعْطَى) صَارِفَ الْفِضَّةِ (دِينَارًا، صَحَّ) الصَّرْفُ، لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِالْمَجْلِسِ، (وَلَهُ)، أَيْ: قَابِضِ الدِّينَارِ (مُصَارَفَتُهُ بَعْدَ) ذَلِكَ (بِالْبَاقِي) مِنْ الدِّينَارِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ. (وَلَوْ اقْتَرَضَ) صَارِفُ الْخَمْسَةِ دَرَاهِمَ (الْخَمْسَةَ) الَّتِي دَفَعَهَا لِصَاحِبِ الدِّينَارِ، (وَصَارَفَهُ بِهَا عَنْ) النِّصْفِ (الْبَاقِي)[مِنْ الدِّينَارِ، (صَحَّ بِلَا حِيلَةٍ) ، لِوُجُودِ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حِيلَةٌ] ، لَمْ يَصِحَّ (وَهِيَ)، أَيْ: الْحِيلَةُ (التَّوَسُّلُ إلَى مُحَرَّمٍ بِمَا ظَاهِرُهُ الْإِبَاحَةُ، وَالْحِيَلُ كُلُّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْ) أُمُورِ (الدِّينِ)، لِحَدِيثِ:«مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ - وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ - فَهُوَ قِمَارٌ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْن فَرَسَيْنِ - وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَسْبِقَ - فَلَيْسَ بِقِمَارٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. فَجَعَلَهُ قِمَارًا مَعَ إدْخَالِ الْفَرَسِ الثَّالِثِ، لِكَوْنِهِ لَا يَمْنَعُ مَعْنَى الْقِمَارَ، وَهُوَ كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَسَابِقَيْنِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهِ آخِذًا أَوْ مَأْخُوذًا مِنْهُ، وَإِنَّمَا دَخَلَ تَحَيُّلًا عَلَى إبَاحَةِ الْمُحَرَّمِ. وَسَائِرُ الْحِيَلِ مِثْلُ ذَلِكَ.
(كَأَنْ يُظْهِرَا)، أَيْ: الْمُتَعَاقِدَانِ (عَقْدًا) ظَاهِرُهُ الْإِبَاحَةُ، (يُرِيدَانِ بِهِ مُحَرَّمًا مُخَادَعَةً) وَتَوَسُّلًا إلَى فِعْلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ، أَوْ إسْقَاطِ وَاجِبٍ لَهُ - تَعَالَى - أَوْ دَفْعِ حَقٍّ، (فَيَحْرُمُ قَرْضُهُ شَيْئًا لِيَبِيعَهُ)، أَيْ: الْمُقْرِضُ لِلْمُسْتَقْرِضِ (سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، أَوْ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلْعَةً بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا، تَوَسُّلًا لِجَرِّ النَّفْعِ) ، وَكَمَسْأَلَةِ الْعِينَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ مَعَ الْإِجَارَةِ الْآتِيَةِ.
(وَذَكَرَ) خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (ابْنُ الْقَيِّمِ) فِي كِتَابِهِ " إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، (صُوَرًا كَثِيرَةً جِدًّا) . فَلْتُرَاجَعْ هُنَاكَ. فَمِمَّا ذُكِرَ فِيهِ قَوْلُهُ: فَصْلٌ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْحِيَلِ وَتَحْرِيمِهَا أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - إنَّمَا أَوْجَبَ الْوَاجِبَاتِ، وَحَرَّمَ الْمُحَرَّمَاتِ، لِمَا تَتَضَمَّنَ مِنْ مَصَالِحِ عِبَادِهِ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ، فَالشَّرِيعَةُ لِقُلُوبِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْغِذَاءِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ، وَالدَّوَاءِ الَّذِي لَا يَنْدَفِعُ الدَّاءُ إلَّا بِهِ، فَإِذَا احْتَالَ الْعَبْدُ عَلَى تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ
وَإِسْقَاطَ مَا فَرَضَ اللَّهُ، وَتَعْطِيلَ مَا شَرَعَ اللَّهُ، كَانَ سَاعِيًا فِي دِينِ اللَّهِ بِإِفْسَادٍ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: إبْطَالُ مَا فِي الْأَمْرِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مِنْ حِكْمَةِ الشَّارِعِ، وَنَقْضِ حِكْمَتِهِ، فِيهِ وَمُنَاقَضَةٍ لَهُ. وَالثَّانِي أَنَّ الْأَمْرَ الْمُحْتَالَ بِهِ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ حَقِيقَةٌ، وَلَا هُوَ مَقْصُودَهُ، بَلْ الْمَقْصُودُ لَهُ هُوَ الْمُحَرَّمُ نَفْسُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ كُلَّ الظُّهُورِ، فَإِنَّ الْمُرَابِيَ مَثَلًا مَقْصُودُهُ الرِّبَا الْمُحَرَّمُ، وَصُورَةُ الْبَيْعِ الْجَائِزِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُتَحَيِّلُ عَلَى إسْقَاطِ الزَّكَاةِ بِتَمْلِيكِ مَالِهِ لِمَنْ لَا يَهَبُهُ دِرْهَمًا وَاحِدًا حَقِيقَةً، مَقْصُودُهُ إسْقَاطُ الْفَرْضِ، وَظَاهِرُ الْهِبَةِ الْمَشْرُوعَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ لَهُ. الثَّالِثُ: نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَى الشَّارِعِ الْحَكِيمِ، وَإِلَى شَرِيعَتِهِ الَّتِي هِيَ غِذَاءُ الْقُلُوبِ وَدَوَاؤُهَا وَشِفَاؤُهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَحَيَّلَ عَلَى قَلْبِ الدَّوَاءِ أَوْ الْغِذَاءِ إلَى ضِدِّهِ، فَجَعَلَ الْغِذَاءَ دَوَاءً، وَالدَّوَاءَ غِذَاءً، إمَّا بِتَغَيُّرِ اسْمِهِ أَوْ صُورَتِهِ مَعَ حَقِيقَتِهِ، لَأَهْلَكَ النَّاسَ، فَمَنْ عَمَدَ إلَى الْأَدْوِيَةِ الْمُسَهِّلَةِ، فَغَيَّرَ صُورَتَهَا أَوْ أَسْمَاءَهَا، وَجَعَلَهَا غِذَاءً لِلنَّاسِ، أَوْ عَمَدَ إلَى السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ، فَغَيَّرَ صُورَتَهَا أَوْ أَسْمَاءَهَا، وَجَعَلَهَا أَدْوِيَةً، أَوْ إلَى الْأَغْذِيَةِ فَغَيَّرَ أَسْمَاءَهَا وَصُوَرَهَا، كَانَ سَاعِيًا بِالْفَسَادِ بِالطَّبِيعَةِ، كَمَا أَنَّ هَذَا سَاعٍ بِالْفَسَادِ فِي الشَّرِيعَةِ، فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ لِلْقُلُوبِ بِمَنْزِلَةِ الْغِذَاءِ وَالدَّوَاءِ لَلْأَبَدَانِ، انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ جِدًّا
(وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ) دَنَانِيرَ مَثَلًا (وَزْنًا، فَوَفَّاهَا)، أَيْ: الْعَشَرَةَ (عَدَدًا، فَوُجِدَتْ) الْعَشَرَةُ (وَزْنًا أَحَدَ عَشَرَ) دِينَارًا، فَالدِّينَارُ (الزَّائِدُ مَشَاعٌ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) لِمَالِكِهِ الْمُقْبِضِ (لِأَنَّهُ)، أَيْ: الْقَابِضَ (قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ) عَلَى أَنَّهُ عِوَضُ مَالِهِ، فَكَانَ مَضْمُونًا بِهَذَا الْقَبْضِ، (وَلِمَالِكِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ) بِصَرْفٍ وَغَيْرِهِ، مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ وَغَيْرِهِ، لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ. وَإِنْ صَارَفَ بِوَدِيعَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَ آخَرَ دِينَارٌ وَدِيعَةً، فَصَارَفَ رَبُّ الدِّينَارِ الْوَدِيعَ، صَحَّ - وَلَوْ
شَكَّ فِي بَقَائِهَا -[وَفِي الْمِثَالِ لَا إنْ] ظَنَّ عَدَمَهُ، وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمَهُ حَالَ الْعَقْدِ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا.
(وَمَنْ)(بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ مُعَيَّنَيْنِ بِإِخْبَارِ صَاحِبِهِ) الْبَاذِلِ لَهُ (بِوَزْنِهِ) ثِقَةً بِهِ، (وَتَقَابَضَا وَافْتَرَقَا، فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا)، أَيْ: الدِّينَارَيْنِ (نَاقِصًا) عَنْ وَزْنِهِ الْمَعْهُودِ، (أَوْ) وَجَدَهُ (زَائِدًا) عَنْ وَزْنِهِ الْمَعْهُودِ، (بَطَلَ الْعَقْدُ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مُتَفَاضِلًا، (وَ) إنْ كَانَا (فِي الذِّمَّةِ) بِأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَوَصَفَاهُمَا - وَقَدْ تَقَابَضَا وَافْتَرَقَا - ثُمَّ وَجَدَ أَحَدَهُمَا زَائِدًا، (فَالزَّائِدُ بِيَدِ قَابِضٍ مَشَاعٌ مَضْمُونٌ) لِرَبِّهِ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ دِينَارًا بِمِثْلِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْقَبْضُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، (وَلَهُ)، أَيْ: الْقَابِضِ (دَفْعُ عِوَضِهِ)، أَيْ: الزَّائِدِ لِرَبِّهِ (مِنْ جِنْسِهِ)، أَيْ: الزَّائِدِ، (وَ) مِنْ (غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ، (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (فَسْخُ الْعَقْدِ) ، أَمَّا الْقَابِضُ فَلِأَنَّهُ وَجَدَ الْمَبِيعَ مُخْتَلِطًا، بِغَيْرِهِ، وَالشَّرِكَةُ عَيْبٌ، وَأَمَّا الدَّافِعُ، فَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ عِوَضِ الزَّائِدِ، وَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ، اسْتَرْجَعَهُ رَبُّهُ، وَدَفَعَ بَدَلَهُ.
(وَيَجُوزُ صَرْفٌ وَمُعَامَلَةٌ) بِنَقْدٍ (مَغْشُوشٍ) مِنْ جِنْسِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَيَتَّجِهُ) جَوَازُ الصَّرْفِ وَالْمُعَامَلَةِ بِنَقْدٍ مَغْشُوشٍ (غَيْرِ جَارٍ) بَيْنَ النَّاسِ، لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ، وَلَا أَقُولُ إنَّهُ حَرَامٌ، بَلْ غَايَتُهُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ فِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ. (وَلَوْ كَانَ) غَشَّهُ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ) ، كَالدَّرَاهِمِ تُغَشُّ بِنُحَاسٍ (لِمَنْ يَعْرِفُهُ)، أَيْ: الْغِشَّ، لِعَدَمِ الْغَرَرِ، وَكَذَا يَجُوزُ ضَرْبُ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ. نَقَلَ صَالِحٌ عَنْ الْإِمَامِ فِي دَرَاهِمَ يُقَالُ لَهَا الْمُسَيِّبَةُ عَامَّتُهَا نُحَاسٌ إلَّا شَيْئًا فِيهَا فِضَّةٌ، فَقَالَ: إذَا كَانَ شَيْئًا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ كَالْفُلُوسِ اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهَا بَأْسٌ، وَلِأَنَّ غَايَتَهُ اشْتِمَالُهُ عَلَى جِنْسَيْنِ وَلَا غَرَرَ فِيهِمَا، وَلِاسْتِفَاضَتِهِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، (وَأَلَّا) يَعْرِفَ قَابِضُهُ
غِشَّهُ، (حَرُمَ) ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ.
(وَالْكِيمْيَا غِشٌّ، فَتَحْرُمُ) ؛ لِأَنَّهَا تُشَبِّهُ الْمَصْنُوعَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِالْمَخْلُوقِ. (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: هِيَ بَاطِلَةٌ فِي الْعَقْلِ مُحَرَّمَةٌ (بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، ثَبَتَتْ عَلَى الروباص أَوْ لَا، وَيَقْتَرِنُ بِهَا)، أَيْ: الْكِيمْيَاءِ (كَثِيرٌ مِنْ السِّيمِيَاءِ الَّتِي هِيَ مِنْ السِّحْرِ) وَالزُّجَاجُ مَصْنُوعٌ لَا مَخْلُوقٌ، وَمَنْ ظَنَّ زِيَادَةَ الْمَالِ بِمَا حَرَّمَ اللَّهُ، عُوقِبَ بِنَقِيضِهِ، كَالْمُرَابِي، وَهِيَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْ الرِّبَا، لِتَعَدِّي ضَرَرِهَا، (وَلَوْ كَانَتْ) الْكِيمْيَاءُ (حَقًّا مُبَاحًا، لَوَجَبَ فِيهَا خُمْسٌ) ، كَالرِّكَازِ، أَوْ وَجَبَتْ فِيهَا (زَكَاةٌ) كَالزُّرُوعِ وَالثَّمَرِ وَالْمَعْدِنِ، (وَلَمْ يُوجِبْ عَالِمٌ فِيهَا شَيْئًا) ، فَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِهَا. (وَالْقَوْلُ بِأَنَّ قَارُونَ عَمِلَهَا بَاطِلٌ) ، وَلَمْ يَعْمَلْهَا إلَّا فَيْلَسُوفٌ أَوْ اتِّحَادِيٌّ أَوْ مَلِكٌ ظَالِمٌ، (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كُتُبٍ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ صِنَاعَتِهَا، وَيَجُوزُ إتْلَافُهَا) ، لِتَعَدِّي ضَرَرِهَا. (انْتَهَى) مُلَخَّصًا.
(وَيَتَّجِهُ بِنَاءُ هَذَا) أَيْ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ (عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ قَلْبِ الْأَعْيَانِ حَقِيقَةً) ، كَمَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَإِنَّ قَلْبَهَا بَاطِلٌ فِي الشَّرْعِ مُحَالٌ فِي الْعَقْلِ، وَمَا وُجِدَ مِنْهَا كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّمْوِيهَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ بِالسِّيمِيَاءِ وَسِحْرِ الْعُيُونِ.
قَالَ تَعَالَى عَنْ الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] . وَالْحَالُ لَا، إنَّهُ مُجَرَّدُ تَخْيِيلٍ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ تَنْقَلِبُ حَقِيقَةً، (فَلَا) يَكُونُ فِعْلُ الْكِيمْيَاءِ مَحْظُورًا؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا لِمَا يَتَرَتَّبُ
عَلَيْهَا مِنْ ظُهُورِ الْغِشِّ وَعَوْدِهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَبَعْدَ انْقِلَابِهَا حَقِيقَةً يُؤْمَنُ مَا يُتَرَقَّبُ مِنْ ضَرَرِ النَّاسِ بِسَبَبِهَا، وَهَذَا اعْتِقَادُ الْفَلَاسِفَةِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إذَا ثَبَتَتْ عَلَى الروباص، فَلَا تَتَغَيَّرُ وَلَا تَتَبَدَّلُ مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَلَهُمْ افْتِرَاءَاتٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاللَّائِقُ أَنْ يُقَالَ:(إنَّ لِلَّهِ) سُبْحَانَهُ (خَوَاصَّ وَأَسْرَارًا) خَلَقَهَا وَأَوْدَعَهَا (فِي الْعَالَمِ)، أَيْ: عَالَمِ الْجَمَادَاتِ، (يَنْقَلِبُ بِهَا نَحْوُ النُّحَاسِ) ، كَالرَّصَاصِ وَغَيْرِهِ (ذَهَبًا خَالِصًا) ، يَظْهَرُ لِلرَّائِي، وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، (لَكِنَّهُ نَادِرُ الْوُقُوعِ) ، وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ لَكِنَّهُ عَزِيزٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَبْلَهُ، وَفِي أُخْرَى لَكِنَّهُ غَيْرُ نَيِّرٍ، أَيْ: لَيْسَ رَوْنَقُهُ كَرَوْنَقِ الذَّهَبِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.
(وَيَحْرُمُ كَسْرُ السِّكَّةِ الْجَائِزَةِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: «لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، (وَلَوْ) كَانَ كَسْرُهَا (لِصِيَاغَةٍ وَإِعْطَاءِ سَائِلٍ) ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ، (إلَّا أَنْ يُخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَلْ هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ؟) فَيَجُوزُ كَسْرُهَا اسْتِظْهَارًا لِحَالِهِ. (وَكَانَ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ مَسْعُودٍ) رضي الله عنه يَكْسِرُ الزُّيُوفَ، أَيْ: النُّحَاسَ وَهُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ اجْتَمَعَ عِنْدَ السُّلْطَانِ دَرَاهِمُ زُيُوفٌ، فَإِنَّهُ يَسْبِكُهَا وَلَا يَبِيعُهَا.
(وَلَا يَحِلُّ)، أَيْ: لَا يُبَاحُ بِلَا كَرَاهَةٍ (لِقَابِضِهَا)، أَيْ: الزُّيُوفِ (إخْرَاجُهَا فِي مُعَامَلَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ، لِمَا فِيهِ)، أَيْ: إخْرَاجُهَا (مِنْ تَغْرِيرِ الْمُسْلِمِينَ) وَإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ قَابِضَهَا رُبَّمَا خَلَطَهَا بِدَرَاهِمَ جَيِّدَةٍ، وَأَخْرَجَهَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ
حَالَهَا. قَالَ أَحْمَدُ: إنِّي أَخَافُ أَنْ يَغُرَّ بِهَا مُسْلِمًا. وَقَالَ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَغُرَّ بِهَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا أَقُولُ إنَّهُ حَرَامٌ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ " فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَهُ " لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِالْمُسْلِمِينَ. انْتَهَى. وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَتَوَقَّى لَفْظَ الْحَرَامِ عَلَى مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْ تَحْرِيمَهُ مِمَّا فِيهِ نَوْعُ شُبْهَةٍ، أَوْ اخْتِلَافٍ، فَيَقُولُ: أَكْرَهُهُ، وَلِذَلِكَ تَوَقَّفَ فِي إطْلَاقِ لَفْظِ الْحَرَامِ عَلَى مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ وَتَعَارَضَتْ أَدِلَّتُهُ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ، فَقَالَ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ: لَا أَقُولُ هِيَ حَرَامٌ، وَلَكِنْ نُهِيَ عَنْهُ، وَقَالَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ: لَا أَقُولُ حَرَامٌ، وَلَكِنْ نُهِيَ عَنْهُ، وَالصَّحِيحُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي إطْلَاقِ لَفْظَةِ الْحَرَامِ دُونَ مَعْنَاهَا، لِاخْتِلَافِ النُّصُوصِ وَالصَّحَابَةِ فِيهَا، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ فِي الْكَلَامِ، حَذَرًا مِنْ الدُّخُولِ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: 116] . أَفَادَهُ ابْنُ رَجَبٍ.
(وَكُرِهَ كَتْبُ قُرْآنٍ)، أَيْ: عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالْحِيَاصَةِ: قَالَ أَبُو الْمَعَالِي (وَنَثْرُهَا)، أَيْ: الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى النَّاسِ. وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ: يُكْرَهُ نِثَارٌ وَالْتِقَاطُهُ.
(وَأَوَّلُ ضَرْبِ الدَّرَاهِمِ) فِي الْإِسْلَامِ (عَلَى عَهْدِ الْحَجَّاجِ) الثَّقَفِيِّ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.
(وَلَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ تَحْرِيمُ النُّقُودِ الَّتِي بِأَيْدِي النَّاسِ) وَضَرْبُهُ غَيْرَهَا لَهُمْ، (لِيُفْسِدَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْأَمْوَالِ) ، وَيَتَّجِرَ بِمَا ضَرَبَ، بَلْ يَضْرِبُ لَهُمْ النُّقُودَ بِقِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ فِيهِ
لِلْمَصْلَحَةِ
الْعَامَّةِ، فَإِنَّ فِي التِّجَارَةِ فِيهَا ظُلْمًا عَظِيمًا، مِنْ أَبْوَابِ ظُلْمِ النَّاسِ، وَأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالْبَاطِلِ، فَإِنَّهُ إذَا حَرَّمَ الْمُعَامَلَةَ بِهَا صَارَتْ عَرَضًا، وَإِذَا ضَرَبَ لَهُمْ نُقُودًا أُخْرَى أَفْسَدَ مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْهَا بِنَقْصِ أَسْعَارِهِمْ، فَظَلَمَهُمْ فِيمَا يَضْرِبُهُ بِإِغْلَاءِ سِعْرِهَا