الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِدَائِهِ، فَإِذَا بَاعَهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِدَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَى الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُهُ أَرْشُهُ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ، (وَلَا خِيَارَ لِمُشْتَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، لِرُجُوعِ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ عَلَى بَائِعٍ.
[فَرْعٌ مَنْ اشْتَرَى مَتَاعًا فَوَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا اشْتَرَى]
(فَرْعٌ: مَنْ اشْتَرَى مَتَاعًا، فَوَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا اشْتَرَى، فَعَلَيْهِ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ الْجَاهِلِ) بِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِذَلِكَ، فَلَا رَدَّ، لِرِضَاهُ بِذَلِكَ، (كَمَا أَنَّ لَهُ)، أَيْ: الْمُشْتَرِي (رَدَّهُ)، أَيْ: الْمَبِيعَ (لَوْ وَجَدَهُ أَرْدَأَ) . نَصَّ عَلَيْهِ.
الْقِسْمُ (السَّادِسُ) مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ (خِيَارٌ فِي الْمَبِيعِ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ) ، إذَا أَخْبَرَ بَائِعٌ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ، (وَبَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَسْهَلُ مِنْهُ نَصًّا) ، لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيبَةِ، وَقَالَ فِي " الْحَاوِي الْكَبِيرِ " لِضِيقِ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ النَّقْدِ وَالْوَزْنِ وَتَأْخِيرِ الثَّمَنِ، وَمِمَّنْ اشْتَرَاهُ، وَيَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ وَالرَّقْمُ وَالْقِصَارَةُ وَالسُّمْرَةُ وَالْحَمْلُ، وَلَا يُغَرُّ فِيهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا بَيَّنَهُ لَهُ، لِيَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِكُلِّ مَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ [الْمُسَاوَمَةُ] انْتَهَى.
(وَيَثْبُتُ) الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ: وَهِيَ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُرَابَحَةُ وَالْمُوَاضَعَةُ، وَاخْتَصَّتْ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ كَاخْتِصَاصِ السَّلَمِ بِاسْمِهِ (فِي تَوْلِيَةٍ، كَقَوْلِهِ: وَلَّيْتُكَهُ)، أَيْ: الْمَبِيعَ (أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ) بِعْتُكَهُ (بِمَا اشْتَرَيْتُهُ) بِهِ، (أَوْ) بِعْتُكَهُ (بِرَقْمِهِ) أَيْ: بِثَمَنِهِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ، (وَ) هُمَا (يَعْلَمَانِهِ)، أَيْ: الثَّمَنَ أَوْ الرَّقْمَ.
(وَفِي شَرِكَةٍ، وَهِيَ بَيْعُ بَعْضِهِ)، أَيْ: الْمَبِيعِ (بِقِسْطِهِ) مِنْ الثَّمَنِ، كَقَوْلِهِ:(أَشْرَكْتُكَ فِي ثُلُثِهِ) ، أَوْ أَشْرَكْتُكَ فِي (رُبْعِهِ) ، أَوْ ثُلُثَيْهِ، أَوْ ثُمُنِهِ. (وَأَشْرَكْتُكَ فَقَطْ، يَنْصَرِفُ لِنِصْفِهِ) ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، (فَإِنْ) قَالَ لِوَاحِدٍ: أَشْرَكْتُكَ، ثُمَّ (قَالَ لِآخَرَ عَالِمٍ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ، فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ)، أَيْ: الرَّبْعُ؛ لِأَنَّ إشْرَاكَهُ لَهُ
إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَمْلِكُهُ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا، (وَإِلَّا) يَعْلَمْ مَقُولٌ لَهُ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ، (أَخَذَ نَصِيبَهُ كُلَّهُ) - وَهُوَ النِّصْفُ -؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ نِصْفَ الْمَبِيعِ، وَأَجَابَهُ إلَيْهِ، (وَإِنْ قَالَ) ثَالِثُ لَهُمَا ابْتِدَاءً (أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا، أَخَذَ ثُلُثَهُ) ، لِاقْتِضَائِهِ التَّسْوِيَةَ، وَإِنْ أَشْرَكَاهُ (فُرَادَى) ، بِأَنْ أَشْرَكَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ، (فَلَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ) مِنْهَا، وَهُوَ رَبْعُ الْكَامِلِ، فَيَتِمُّ لَهُ النِّصْفُ، وَلَهُمَا النِّصْفُ، (وَمَنْ أَشْرَكَ آخَرَ فِي قَفِيزٍ) اشْتَرَاهُ مِنْ نَحْوِ بُرٍّ، أَوْ شَعِيرٍ (أَوْ نَحْوِهِ) ، كَرِطْلِ حَدِيدٍ، أَوْ ذِرَاعٍ مِنْ نَحْوِ ثَوْبٍ، (قَبَضَ) الَّذِي أُشْرِكَ (بَعْضَهُ)، أَيْ: الْقَفِيزَ وَنَحْوَهُ، (أَخَذَ) الَّذِي أَشْرَكَهُ (نِصْفَ الْمَقْبُوضِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بِنَحْوِ كَيْلٍ، لَا يَصِحُّ إلَّا فِيمَا قُبِضَ مِنْهُ، (وَإِنْ بَاعَهُ) مُشْتَرِي الْقَفِيزِ، (كُلَّهُ، أَوْ) بَاعَهُ (مِنْ كُلِّهِ)، أَيْ: كُلِّ الْقَفِيزِ (جُزْءًا) ، كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ (يُسَاوِي مَا قَبَضَ) قَدْرًا، (انْصَرَفَ) الْبَيْعِ (إلَى الْمَقْبُوضِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ. (وَفِي مُرَابَحَةٍ وَهِيَ بَيْعُهُ)، أَيْ: الْمَبِيعَ (بِثَمَنِهِ) ، أَيْ رَأْسِ مَالِهِ، (وَبِرِبْحٍ مَعْلُومٍ) ، بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا ثَمَنُهُ مِائَةٌ بِعْتُكَهُ بِهَا وَبِرِبْحِ خَمْسَةٍ، (وَلَا كَرَاهَةَ) فِي ذَلِكَ.
(وَإِنْ قَالَ) بِعْتُكَهُ بِثَمَنِهِ (عَلَى أَنْ أَرْبَحَ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا كُرِهَ) نَصًّا، وَاحْتَجَّ بِكَرَاهَةِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَأَنَّهُ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ، كَمَا يُكْرَهُ قَوْلُهُ لَهُ (ده يازده) ، أَيْ الْعَشْرُ أَحَدَ عَشَرَ (أَوْ) قَوْلُهُ (ده دوازده)، أَيْ: الْعَشَرَةُ اثْنَا عَشَرَ.
قَالَ أَحْمَدُ: يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْأَعَاجِمِ، وَلِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ لَا يُعْلَمُ فِي الْحَالِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ:(اعْتِبَارُ الْخِطَابِ بِغَيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَكْرُوهٌ، فَإِنَّهُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ، قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: إيَّاكُمْ وَرَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ) .
(وَفِي مُوَاضِعَةٍ: وَهِيَ بَيْعٌ بِخُسْرَانٍ) ، كَبِعْتَكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ وَوَضِيعَةِ عَشَرَةٍ (وَكُرِهَ فِيهَا)، أَيْ: الْمُوَاضَعَةِ (مَا كُرِهَ فِي مُرَابَحَةٍ) ، كَعَلَيَّ أَنْ
أَضَعَ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا، (فَمَا ثَمَنُهُ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (مِائَةٌ، وَبَاعَهُ بِهِ)، أَيْ: بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، (وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ، وَقَعَ) الْبَيْعُ (بِتِسْعِينَ) ، لِسُقُوطِ عَشَرَةٍ مِنْ الْمِائَةِ (وَ) إنْ بَاعَهُ بِثَمَنِهِ الْمِائَةِ وَوَضِيعَةِ دِرْهَمَ (لِكُلِّ) عَشَرَةٍ، (أَوْ عَنْ كُلِّ عَشَرَةٍ، وَقَعَ) الْبَيْعُ (بِتِسْعِينَ وَعَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ) فِي الصُّورَتَيْنِ (مِنْ أَحَدَ عَشَرَ) ، لَا مِنْ الْعَشَرَةِ، فَيُحَطُّ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، فَيَسْقُطُ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ تِسْعَةٌ، وَمِنْ دِرْهَمٍ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْهُ، فَيَبْقَى مَا ذُكِرَ، (وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ حِينَئِذٍ) وَقَعَ الْعَقْدُ، (لِزَوَالِهَا بِالْحِسَابِ) بَعْدَ ذَلِكَ.
(وَيُعْتَبَرُ لِلْأَرْبَعَةِ)، أَيْ: التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ (عِلْمُهُمَا)، أَيْ: الْعَاقِدَيْنِ (بِرَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ) كَانَ الْعِلْمُ (بِإِخْبَارِ بَائِعٍ) ثِقَةٍ (لِمُشْتَرٍ) - لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ الْعِلْمُ بِالثَّمَنِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ. وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِمَّا أَخْبَرَ بَائِعٌ، تَبِعَ فِيهِ " الْمُقْنِعَ " وَهُوَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ.
(وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ مَتَى بَانَ رَأْسُ مَالٍ أَقَلَّ) مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ بَائِعٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ (أَوْ) بَانَ (مُؤَجَّلًا) وَلَمْ يُبَيِّنْهُ، (حُطَّ الزَّائِدُ) عَنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ فَقَطْ، أَوْ مَعَ قَدْرِهِ مِنْ رِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ، فَإِذَا بَانَ رَأْسُ مَالِهِ دُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ كَانَ مَبِيعًا بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَلَا خِيَارَ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِسْقَاطِ قَدْ زِيدَ خَيْرًا، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعِيبًا، فَبَانَ سَلِيمًا، وَكَمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِمِائَةِ، فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ.
(وَيُحَطْ) أَيْضًا (قِسْطُهُ)، أَيْ: الزَّائِدُ (فِي مُرَابَحَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ، (وَيَنْقُصُ) قِسْطُ الزِّيَادَةِ (فِي مُوَاضَعَةٍ)، كَأَنْ: يَقُولَ: هِيَ بِمِائَةٍ، فَتَبِينُ بِخَمْسِينَ، وَيَكُونُ قَدْ وَضَعَ لَهُ عِشْرِينَ، فَإِنَّهُ يَحُطُّ الزِّيَادَةَ، وَيَحُطُّ مِنْ الْوَضِيعَةِ عَشَرَةً قِسْطَ الزِّيَادَةِ مِنْهَا، فَتَبْقَى [عَلَيْهِ] بِأَرْبَعِينَ، كَمَا فِي " حَوَاشِي ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ ".
(وَأَجَلُ) ثَمَنٍ (فِي مُؤَجَّلٍ) لَمْ يُخَيَّرْ بِهِ [بَائِعٌ] عَلَى وَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، فَيَكُونُ عَلَى حُكْمِهِ، وَأَجَلِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إلَيْهِ بَائِعُهُ. (وَلَا خِيَارَ) لِمُشْتَرٍ، لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى بَائِعٍ غَلَطًا) فِي إخْبَارٍ بِرَأْسِ مَالٍ، كَأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ، بَلْ اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ (بِلَا بَيِّنَةٍ) قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى "؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّمَنِ وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، وَكَوْنُهُ مُؤْتَمَنًا لَا يَجِبُ قَبُولَ دَعْوَاهُ الْغَلَطَ، أَشْبَهَ الْمُضَارِبَ إذَا ادَّعَى الْغَلَطَ فِي الرِّبْحِ بَعْدَ إقْرَارِهِ.
(وَيَتَّجِهُ كَهِيَ)، أَيْ: كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُ مُدَّعٍ) أَنْكَرَ خَصْمُهُ مَا ادَّعَاهُ (لَا بَيِّنَةَ لِي، ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ أَتَى بِبَيِّنَةٍ، و (ادَّعَى عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا)، أَيْ: الْبَيِّنَةِ، (وَأَقَامَ بِذَلِكَ) الشَّيْءِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَى خَصْمِهِ (بَيِّنَةً) ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَا يَعْلَمُهَا، وَنَفْيُ الْعِلْمِ بِهَا، لَيْسَ نَفْيًا لَهَا، فَلَا يَكُونُ مُكَذِّبًا لَهَا، وَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ مُسْتَوْفًى. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ) مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ: الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ " قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَجَزَمَ فِي " الْمُنَوِّرِ " وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ (يُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ بِيَمِينِهِ) ، فَيَحْلِفُ، بِطَلَبِ مُشْتَرٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا دَخَلَ مَعَ الْبَائِعِ فِي الْمُرَابَحَةِ، فَقَدْ ائْتَمَنَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ بِيَمِينِهِ، (لَا سِيَّمَا) إنْ كَانَ الْبَائِعُ مِمَّنْ هُوَ (مَعْرُوفٌ بِصِدْقِ) الْمَقَالِ، فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: مُشْتَرَاهُ مِائَةٌ ثُمَّ قَالَ: غَلِطْتُ وَالثَّمَنُ زَائِدٍ عَمَّا أَخْبَرْتُ بِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ وَقْتَ الْبَيْعِ أَنَّ ثَمَنَهَا أَكْثَرُ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ، (وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ إذَنْ)، أَيْ: بَعْدَ حَلِفِ بَائِعٍ (بَيْنَ رَدٍّ وَ) بَيْنَ (دَفْعِ زِيَادَةٍ) ادَّعَاهَا الْبَائِعُ، وَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ، قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا
وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِعَدَمِ الْغَلَطِ، (وَلَا يَحْلِفُ مُشْتَرٍ بِدَعْوَى بَائِعٍ عَلَيْهِ عِلْمَ غَلَطٍ)، أَيْ: لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ غَلَطًا، وَقَالَ إنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْلَمُ، وَالْتَمَسَ مِنْ الْحَاكِمِ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَلَا يَجِبُ تَحْلِيفُهُ.
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ فَيَسْتَغْنِي بِالْإِقْرَارِ عَنْ الْيَمِينِ.
(وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدُونِ ثَمَنِهَا) الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ (عَالِمًا) بِالنَّقْصِ عَنْ ثَمَنِهَا، (لَزِمَهُ) الْبَيْعُ، وَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ - (وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِأَنَّ مَا بَاعَهَا بِهِ دُونَ ثَمَنِهَا - (وَإِلَّا) نَقَلَ بِإِلْزَامِهِ الْبَيْعَ، (فَالْجَاهِلُ مِثْلُهُ) ، وَهَذَا لَا قَائِلَ بِهِ، وَلَا يَبْقَى مَزِيَّةٌ لِقَوْلِهِمْ عَالِمًا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ اشْتَرَاهُ)، أَيْ: الْمَبِيعَ تَوْلِيَةً أَوْ شَرِكَةً أَوْ مُرَابَحَةً أَوْ مُوَاضَعَةً (مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ) ، كَأَحَدِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ، لَزِمَهُ بَيَانُ الْحَالِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَابَاهُمْ، وَسَمَحَ لَهُمْ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ، (أَوْ) اشْتَرَاهُ (مِمَّنْ حَابَاهُ)، أَيْ: اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، لَزِمَهُ بَيَانُ الْحَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ غُلَامِ دُكَّانِهِ الْحُرِّ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ حِيلَةً، فَيَلْزَمُهُ بَيَانُ الْحَالِ، (أَوْ) اشْتَرَاهُ (لِرَغْبَةٍ تَخُصُّهُ)، أَيْ: الْمُشْتَرِيَ، (كَسَمْنِ) جَارِيَةٍ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا بِجِوَارِ مَنْزِلِهِ، أَوْ أَمَةً لِرَضَاعِ وَلَدِهِ، لَزِمَهُ بَيَانُ الْحَالِ، (أَوْ) اشْتَرَاهُ (لِمَوْسِمٍ ذَهَبَ) ، كَاَلَّذِي يُبَاعُ عَلَى الْعِيدِ، [أَنَّهُ اشْتَرَاهُ قُرْبَهُ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ لَزِمَهُ بَيَانُ الْحَالِ، أَوْ اشْتَرَاهُ بِدَنَانِيرَ فَأَخْبَرَ فِي الْبَيْعِ] بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ، أَنَّهُ اشْتَرَاهُ (بِدَرَاهِمَ، أَوْ) أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ وَعَكْسِهِ، بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ، لَزِمَهُ