الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَيَّنَ كَمَا هُوَ دَلِيلُ ضِيَعِ " الْفُصُولِ "، (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى امْتِنَاعٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ (بَاعَهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنَ (الْحَاكِمُ) ، نَصًّا؛ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ، (وَوَفَّى الدَّيْنَ) ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ. (وَحُكْمُ) رَاهِنٍ (غَائِبٍ) مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ؛ كَحُكْمِ (مُمْتَنِعٍ) ، فَيَبِيعُ الْحَاكِمُ رَهْنَهُ، وَلَا يَبِيعُهُ مُرْتَهِنٌ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهِ أَوْ الْحَاكِمِ.
(قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ رَهْنٍ إلَّا بِخُرُوجِ رَبِّهِ) وَهُوَ الْمَدْيُونُ (مِنْ الْحَبْسِ) ؛ وَجَبَ إخْرَاجُهُ، (أَوْ كَانَ فِي بَيْعِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ) إذَا كَانَ (مَحْبُوسًا؛ وَجَبَ إخْرَاجُهُ) مِنْ الْحَبْسِ لِيَبِيعَهُ، وَيُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ، وَوُكِّلَ بِهِ مَا يَكُونُ مَعَهُ إنْ خِيفَ هَرَبُهُ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
[فَرْعٌ شَرْط الرَّاهِن عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ لِلْمُرْتَهِنِ بِحَقِّهِ فَالرَّهْنُ لَهُ]
(فَرْعٌ: لَوْ شَرَطَ) رَاهِنٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ (إنْ جَاءَ لِمُرْتَهِنٍ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ بِالدَّيْنِ، أَوْ) فَالرَّهْنُ (مَبِيعٌ لَهُ بِهِ) ؛ أَيْ: بِالدَّيْنِ؛ (صَحَّ رَهْنٌ، لَا شَرْطٌ) ؛ لِلْخَبَرِ، وَتَقَدَّمَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَدْفَعُ رَهْنًا لِرَجُلٍ وَيَقُولُ: إنْ جِئْتُكَ بِالدَّرَاهِمِ إلَى كَذَا، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَكَ. وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَفَى غَلْقَ الرَّهْنِ دُونَ أَصْلِهِ، فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ، (لَكِنْ يَصِيرُ) الرَّهْنُ (مَضْمُونًا) عَلَى الْمُرْتَهِنِ (بَعْدَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ؛ كَمُؤَقَّتٍ فَرَغَتْ مُدَّتُهُ) ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَصِيرَ؛ كَالْعَارِيَّةِ، وَهِيَ مَضْمُونَةٌ. وَيَأْتِي: إذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ.
[فَصْلٌ جَعْلُ الرَّهْن بِاتِّفَاقِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ]
(فَصْلٌ: وَيَصِحُّ جَعْلُ رَهْنٍ بِاتِّفَاقِهِمَا) ؛ أَيْ الْمُتَرَاهِنَيْنِ (بِيَدِ ثَالِثٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) ؛ أَيْ: حُرٍّ بَالِغٍ رَشِيدٍ، (وَلَوْ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَا الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ مَنْ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ، وَهُوَ الْجَائِزُ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّى: وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَخْصٍ يَصِفَانِهِ عِنْدَهُ جَازَ. وَتَبِعَهُمَا فِي " الْإِقْنَاعِ " وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْعَدَالَةَ، بَلْ صَرَّحَ الشَّارِحُ بِخِلَافِهَا حَيْثُ قَالَ: جَائِزُ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي قَبْضٍ فِي عَقْدٍ؛ فَجَازَ؛ كَغَيْرِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ قَامَ مَقَامَ قَبْضِ مُرْتَهِنٍ، بِخِلَافِ صَبِيٍّ؛ فَإِنَّ قَبْضَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ (خِلَافًا
لِلْمُنْتَهَى ") فَإِنَّهُ قَالَ تَبَعًا " لِلْمُقْنِعِ " وَغَيْرِهِ: بِيَدِ عَدْلٍ مَعَ أَنَّ الْعَدَالَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ هُنَا، إلَّا فِي رَهْنِ مَالِ يَتِيمٍ أَوْ رَهْنِ أَمَةٍ أَوْ غُلَامٍ جَمِيلٍ عِنْدَ فَاسِقٍ. وَتَقَدَّمَ؛ (لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا) ؛ أَيْ: الْمُتَرَاهِنَيْنِ لَا يَعْدُوهُمَا
. (وَلَا يَحْفَظُهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنَ (مُكَاتَبٌ بِلَا جُعْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ فِي مَنَافِعِ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ الْكَسْبَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا يُجْعَلُ الرَّهْنُ تَحْتَ يَدِ قِنٍّ (بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ، فَلَا يَمْلِكُ تَضْيِيعَهَا فِي الْحِفْظِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ. (وَيَتَّجِهُ هَذَا) ؛ أَيْ: مَنْعُ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْحِفْظِ بِلَا شَرْطِ جُعْلٍ، وَمَنْعُ جَعْلِهِ تَحْتَ يَدِ قِنٍّ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ (فِيمَا) ؛ أَيْ: رَهْنٍ، لَهُ خَطَرٌ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِفْرَاغٍ وَسَعْيٍ فِي حِفْظِهِ، وَ (يُؤْخَذُ عَلَيْهِ) عَادَةً (أُجْرَةٌ لَهَا وَقَعَ عُرْفًا) ، أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعْتَنًى بِهِ لِجِنْسِهِ، وَلَا يَشْغَلُهُ عَنْ عَمَلِهِ، فَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِهِ تَحْتَ يَدِهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ شَرَطَ) جَعْلَ رَهْنٍ (بِيَدِ أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدٍ؛ كَاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ؛ (صَحَّ وَلَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِحِفْظِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَرَاهِنَيْنِ لَمْ يَرْضَيَا إلَّا بِحِفْظِ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ؛ كَالْإِيصَاءِ لِعَدَدٍ، (فَإِنْ جُعِلَ) الرَّهْنُ (بِنَحْوِ بَيْتٍ) ؛ كَمَخْزَنٍ، (جُعِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَوْ مِنْهُمْ (قُفْلٌ) - بِضَمِّ الْقَافِ - وَهُوَ الْغَلَقُ مِنْ خَشَبَةٍ أَوْ حَدِيدٍ، (فَإِنْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ؛ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النِّصْفِ) ، لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي تَعَدَّى فِيهِ، (وَلَا يُنْقَلُ) رَهْنٌ (عَنْ يَدٍ مِنْ شَرْطِ) كَوْنِهِ بِيَدِهِ (مَعَ بَقَاءِ حَالِهِ) ؛ أَيْ أَمَانَتِهِ (إلَّا بِاتِّفَاقِ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا؛ (وَلَا يَمْلِكُ) الْعَدْلُ (رَدَّهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنِ لِأَحَدِهِمَا؛ أَيْ: الْمُتَرَاهِنَيْنِ، سَوَاءٌ امْتَنَعَ أَوْ سَكَتَ؛ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ لِحَظِّ الْآخَرِ، (فَإِنْ فَعَلَ) ؛ أَيْ: رَدَّهُ لِأَحَدِهِمَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ
(وَفَاتَ) الرَّهْنُ عَلَى الْآخَرِ؛ (ضَمِنَ) الْعَدْلُ (حَقَّ الْآخَرِ) مِنْ الْمُتَرَاهِنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَفُتْ؛ رَدَّهُ الدَّافِعُ إلَى يَدِ نَفْسِهِ لِيُوَصِّلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ؛ (وَإِنْ رَدَّهُ) الْعَدْلُ (عَلَيْهِمَا) ؛ أَيْ؛ الْمُتَرَاهِنَيْنِ؛ (فَامْتَنَعَا) مِنْ أَخَذَهُ؛ (أَجْبَرَهُمَا حَاكِمٌ) عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ؛ لِتَطَوُّعِهِ بِالْحِفْظِ، فَإِنْ تَغَيَّبَا نَصَبَ حَاكِمٌ أَمِينًا يَقْبِضُهُ لَهُمَا؛ لِوِلَايَتِهِ عَلَى مُمْتَنِعٍ مِنْ حَقٍّ عَلَيْهِ؛ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْعَدْلُ (حَاكِمًا، فَتَرَكَهُ لِعُذْرٍ عِنْدَ عَدْلٍ آخَرَ؛ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعَا، وَدَفَعَهُ عَدْلٌ أَوْ حَاكِمٌ إلَى آخَرَ؛ ضَمِنَهُ دَافِعٌ وَقَابِضٌ، وَإِنْ غَابَ مُتَرَاهِنَانِ، وَأَرَادَ الْمَشْرُوطُ جَعْلَهُ عِنْدَهُ رَدَّهُ، فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ؛ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ دَفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ، فَقَبَضَهُ مِنْهُ، أَوْ نَصَبَ لَهُ عَدْلًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا أَوْدَعَهُ ثِقَةً.
(وَلَا يُسَافِرْ) الْعَدْلُ بِهِ؛ أَيْ: الرَّهْنِ بِلَا (إذْنٍ) ؛ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، وَغَيْبَتُهُمَا مَسَافَةُ قَصْرٍ؛ قَبَضَهُ حَاكِمٌ؛ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ دَفَعَهُ إلَى عَدْلٍ، وَإِنْ غَابَا دُونَ الْمَسَافَةِ فَكَحَاضِرَيْنِ، وَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا فَكَمَا لَوْ غَابَا. (وَيَضْمَنُهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنَ؛ (مُرْتَهِنٌ بِغَصْبِهِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ) ؛ أَيْ: الْعَدْلِ لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ، (وَيَزُولُ) الْغَصْبُ وَالضَّمَانُ (بِرَدِّهِ لَهُ) ؛ أَيْ: الْعَدْلِ؛ لِنِيَابَةِ يَدِهِ عَنْ يَدِ مَالِكِهِ؛ كَمَا لَوْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ، وَ (لَا) يَزُولُ حُكْمُ ضَمَانِهِ (بِرَدِّهِ) ؛ أَيْ: عَوْدِهِ (مِنْ سَفَرٍ بِهِ) ؛ أَيْ: لَوْ سَافَرَ أَحَدُهُمَا بِالرَّهْنِ بِلَا إذْنِ مَالِكِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ؛ صَارَ ضَامِنًا لَهُ، فَإِنْ عَادَ مِنْ سَفَرِهِ؛ لَمْ يَزُلْ ضَمَانُهُ بِمُجَرَّدِ عَوْدِهِ. وَ (لَا بِزَوَالِ تَعَدِّيهِ) عَلَى الرَّهْنِ؛ كَمَا لَوْ لَبِسَ الْمَرْهُونَ لَا لِمَصْلَحَتِهِ، ثُمَّ خَلِقَ؛ لِزَوَالِ ائْتِمَانٍ، فَلَمْ يَعُدْ بِخَلْعِهِ مَعَ بَقَائِهِ بِيَدِهِ (بِلَا عَقْدٍ مُتَجَدِّدٍ) ، فَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكٍ، وَجَدَّدَ مَعَهُ عَقْدَ الرَّهْنِ؛ زَالَ الضَّمَانُ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِرَهْنٍ، بِخِلَافِ وَدِيعَةٍ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِبَلَدِ الرَّهْنِ مِنْ الْبَيْعِ بِنَقْدِهِ وَبَيْعِهِ فِيهِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ؛ فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ بَقَاؤُهُ فِيهِ عِنْدَ ثِقَةٍ أَوْ حَاكِمٍ.
(وَإِنْ)(حَدَثَ لِعَدْلٍ) مَشْرُوطٍ جُعِلَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ (فِسْقٌ أَوْ خِيَانَةٌ أَوْ
ضَعْفٌ) عَنْ حِفْظِهِ (أَوْ عَدَاوَةٌ مَعَ أَحَدِهِمَا) ؛ أَيْ: الْمُتَرَاهِنَيْنِ (أَوْ مَاتَ) الْعَدْلُ، (أَوْ) مَاتَ (مُرْتَهِنٌ) عِنْدَهُ الرَّهْنُ؛ (وَلَمْ يَرْضَ رَاهِنٌ بِكَوْنِهِ) ؛ أَيْ: الرَّهْنِ (بِيَدِ وَرَثَةٍ أَوْ) بِيَدِ (وَصِيٍّ) لَهُ، أَوْ حَدَثَ لِمُرْتَهِنٍ فِسْقٌ وَنَحْوُهُ وَالرَّهْنُ بِيَدِهِ؛ (جَعَلَهُ حَاكِمٌ بِيَدِ أَمِينٍ) ؛
لِمَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ حُقُوقِهِمَا وَقَطْعِ نِزَاعِهِمَا
؛ مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَضْعِهِ بِيَدِ آخَرَ، (فَإِنْ اخْتَلَفَا) ؛ أَيْ: الْمُتَرَاهِنَانِ (فِي تَغَيُّرِ حَالِهِ) ؛ أَيْ: الْعَدْلِ (بَحَثَ عَنْهُ حَاكِمٌ، وَعَمِلَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ) مِنْ حَالِهِ، (وَكَذَا لَوْ تَغَيَّرَ حَالُ مُرْتَهِنٍ؛ فَلِرَاهِنٍ دَفْعُهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنِ (لِحَاكِمٍ يَضَعُهُ فِي يَدِ عَدْلٍ) ؛ بِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (وَإِنْ أَذِنَا) ؛ أَيْ: الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (لَهُ) ؛ أَيْ: الْعَدْلِ فِي بَيْعِ رَهْنٍ، (أَوْ) أَذِنَ (رَاهِنٌ لِمُرْتَهِنٍ فِي بَيْعِ) رَهْنٍ (وَعُيِّنَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - لِعَدْلٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ (نَقْدٌ؛ تَعَيَّنَ؛ فَلَا يَصِحُّ) بَيْعُهُ (بِغَيْرِهِ، وَإِلَّا) يُعَيَّنْ لَهُ نَقْدٌ؛ (بِيعَ) رَهْنٌ (بِنَقْدِ الْبَلَدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا نَقْدٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ لَهُ لِرَوَاجِهِ، (فَإِنْ تَعَدَّدَ) نَقْدُ الْبَلَدِ (فَبِأَغْلَبِهِ رَوَاجًا) يُبَاعُ؛ لِمَا سَبَقَ؛ (فَإِنْ تَسَاوَى) ؛ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَغْلَبُ رَوَاجًا؛ (فَإِنَّهُ) يُبَاعُ (بِجِنْسِ الدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى وَفَاءِ الْحَقِّ، (وَإِلَّا) يَكُنْ فِيهِ جِنْسُ الدَّيْنِ؛ فَإِنَّهُ يُبَاعُ (بِمَا يَرَاهُ) مَأْذُونٌ لَهُ فِي بَيْعٍ (أَصْلَحَ) ؛ لِأَنَّ
الْغَرَضَ تَحْصِيلُ الْحَظِّ
؛ (فَإِنْ تَرَدَّدَ) رَأْيُهُ، أَوْ اخْتَلَفَ رَاهِنٌ وَمُرْتَهِنٌ عَلَى عَدْلٍ فِي تَعْيِينِ ثَمَنِهِ؛ بِأَنْ (عَيَّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَمَنًا؛ عَيَّنَهُ حَاكِمٌ - وَلَوْ) كَانَ مَا عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ (غَيْرَ جِنْسِ الْحَقِّ -) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْحَظِّ؛ وَأَبْعَدُ مِنْ التُّهْمَةِ.
(وَتَلِفَ ثَمَنُ) رَهْنٍ (بِيَدِ عَدْلٍ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ ضَمَانِ رَاهِنٍ) ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي الْبَيْعِ، وَالثَّمَنُ مِلْكُهُ، وَهُوَ أَمِينٌ فِي قَبْضِهِ؛ فَيَضِيعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ، وَإِنْ أَنْكَرَ رَاهِنٌ وَمُرْتَهِنٌ قَبْضَ عَدْلٍ ثَمَنًا، وَادَّعَاهُ؛ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، (وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْعَدْلُ (فِي وُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ وَغَيْرِهِ) فِي الْبَيْعِ؛ (كَوَكِيلٍ) عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ. (وَمَتَى خَالَفَ) الْعَدْلُ (لَزِمَهُ) فِي مُخَالَفَتِهِ
(مَا يَلْزَمُ وَكِيلًا خَالَفَ) فِي وَكَالَتِهِ، (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ رَهْنٌ بِيعَ) ؛ أَيْ: بَانَ مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِ رَاهِنٍ؛ (لَمْ يَرْجِعْ بِثَمَنٍ مُشْتَرٍ أُعْلِمَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ -؛ أَيْ: أَعْلَمَهُ بَائِعٌ مِنْ عَدْلٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ أَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي بَيْعِهِ (عَلَى عَدْلٍ بَائِعٍ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ) وَحُقُوقُ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا رَبُّ الْعَيْنِ فَلَهُ طَلَبُهُ بِهَا؛ كَمَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ؛ لَا يُقَالُ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَدْلِ لِأَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا سُلِّمَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ أَمِينٌ فِي قَبْضِهِ لِيُسَلِّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ؛ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ؛ وَهَكَذَا كُلُّ وَكِيلٍ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ؛ وَأَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِالْحَالِ، (بَلْ) يَرْجِعُ مُشْتَرٍ (عَلَى رَاهِنٍ مُفْلِسًا كَانَ) الرَّاهِنُ (أَوْ مَيِّتًا) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَهُ، فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ كَمَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ، (وَإِلَّا) يُعْلِمْ عَدْلٌ مُشْتَرٍ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ، فَيَرْجِعُ مُشْتَرٍ (عَلَى بَائِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، (وَيَرْجِعُ هُوَ) ؛ أَيْ: الْبَائِعُ (عَلَى الرَّاهِنِ) إنْ أَقَرَّ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ؛ (وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ مُرْتَهِنٌ؛ رَجَعَ مُشْتَرٍ عَلَيْهِ) بِهِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ سَارَ إلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَبَانَ فَسَادُ الرَّهْنِ؛ فَلَهُ فَسْخُ بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ، (وَإِنْ رَدَّهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنَ (مُشْتَرٍ بِعَيْبٍ ثَابِتٍ؛ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى مُرْتَهِنٍ) بِالثَّمَنِ؛ (لِقَبْضِهِ) ؛ أَيْ: الْمُرْتَهِنِ (الثَّمَنَ بِحَقٍّ، وَلَا) عَلَى (بَائِعٍ أَعْلَمَهُ) بِالْحَالِ؛ (لِأَنَّهُ أَمِينٌ) ؛ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، (بَلْ) يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ (عَلَى الرَّاهِنِ) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِلْكُهُ، وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَلِفَ مَبِيعٌ اُسْتُحِقَّ) ؛ أَيْ: لَوْ بِيعَ الرَّهْنُ، ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا لِلْغَيْرِ، وَكَانَ تَلَفُهُ (بِيَدِ مُشْتَرٍ قَبْلَ وَزْنِ ثَمَنِهِ) أَوْ بَعْدَهُ؛ (فَلِرَبِّهِ تَضْمِينُ) مَنْ شَاءَ مِنْ (غَاصِبٍ) - وَهُوَ الرَّاهِنُ - (أَوْ بَائِعٍ) - وَهُوَ الْعَدْلُ - (أَوْ مُرْتَهِنٍ أَوْ مُشْتَرٍ) . ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْمُغْنِي " وَالْكَافِي " وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ "؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَبَضَ مَالَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ وَضَعَ الْمُرْتَهِنُ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا طَلَبَ عَلَيْهِ؛ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ؛ أَيْ: صَاحِبِ الْمُغْنِي " قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: إذْ لَا تَعَلُّقَ لِلْمُرْتَهِنِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَلَا قَبَضَ ثَمَنَهُ، فَكَيْفَ