الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْعَزَلَ، و (لَمْ يَتَصَرَّفْ الْآخَرُ) بِانْفِرَادِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْذَنْهُ فِي ذَلِكَ، (وَهَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ) مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَاقْتِضَاءٍ وَإِبْرَاءٍ وَنَحْوِهَا.
[فَصْلٌ أَحْكَامُ عَقْدِ الْوَكَالَةِ]
(فَصْلٌ) : فِي حُكْمِ عَقْدِ الْوَكَالَةِ وَمَا يَبْطُلُ بِهِ وَانْعِزَالِ الْوَكِيلِ وَعَزْلِهِ وَحُكْمِ مَا بِيَدِهِ بَعْدَهُ.
(وَالْوَكَالَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ الْوَدِيعَةُ وَالْجَعَالَةُ) وَالْمُسَابَقَةُ وَالْعَارِيَّةُ (عُقُودٌ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا إذْنٌ وَبَذْلُ نَفْعٍ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ. (لِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (فَسْخُهَا) ؛ أَيْ: هَذِهِ الْعُقُودِ؛ كَفَسْخِ الْإِذْنِ فِي أَكْلِ طَعَامِهِ.
(وَتَبْطُلُ) هَذِهِ الْعُقُودُ (كُلُّهَا بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ الْحَيَاةَ، (لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ وَلِيُّ يَتِيمٍ وَنَاظِرُ وَقْفٍ أَوْ عَقَدَا) ؛ أَيْ: وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ (عَقْدًا جَائِزًا غَيْرَهَا) ؛ أَيْ: غَيْرِ الْوَكَالَةِ (كَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ؛ لَمْ تَنْفَسِخْ بِمَوْتِهِ) ؛ أَيْ: وَلِيِّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ.
ذَكَرَهُ فِي " الْقَوَاعِدِ " وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْإِنْصَافِ ".
(وَيَتَّجِهُ وَ) لَا تَنْفَسِخُ (بِعَزْلِهِ) ؛ أَيْ: وَلِيِّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ)
(وَتَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ أَيْضًا (بِجُنُونٍ مُطْبَقًا) - بِفَتْحِ الْبَاءِ - (مِنْ أَحَدِهِمَا) ؛ - أَيْ: الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ - لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَعْتَمِدُ الْعَقْلَ، فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَتْ صِحَّتُهَا؛ لِانْتِفَاءِ مَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ.
وَ (لَا) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِإِغْمَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْدُثُ ثُمَّ يَزُولُ
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِحَجْرِهِ) عَلَى أَحَدِهِمَا (لِسَفَهٍ) فِيمَا لَا يَتَصَرَّفُ السَّفِيهُ؛ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ (حَيْثُ اُعْتُبِرَ رُشْدٌ) ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلتَّصَرُّفِ، بِخِلَافِ نَحْوِ طَلَاقٍ.
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا (بِفَلَسِ مُوَكِّلٍ فِيمَا حَجَرَ فِيهِ) ؛ كَتَصَرُّفٍ فِي عَيْنِ مَالِهِ؛ لِانْقِطَاعِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَ فِي تَصَرُّفٍ فِي الذِّمَّةِ
(وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا بِفِعْلِهِمَا اخْتِيَارًا (مَا يَفْسُقَانِ بِهِ فِيمَا يُنَافِيهِ) الْفِسْقُ فَقَطْ (كَإِيجَابِ نِكَاحٍ) وَاسْتِيفَاءِ حَدٍّ وَإِثْبَاتِهِ؛ لِخُرُوجِهِ بِالْفِسْقِ عَنْ أَهْلِيَّةِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ أَوْ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ، فَلَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِ مُوَكِّلِهِ وَلَا بِفِسْقِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ مِنْهُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، فَجَازَ لِغَيْرِهِ كَالْعَدْلِ إذَا وُكِّلَ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ (كَوَكِيلِ وَلِيِّ يَتِيمٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ) فَسَقَ، (فَيَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ، وَكَذَا) يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ (بِفِسْقِ مُوَكِّلِهِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ.
(وَيَتَّجِهُ لَا) يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِفِسْقِ مُوَكِّلِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ لَهُ شَاهِدٌ، وَلَا تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الْقَوَاعِدُ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، قِيَاسٌ فَاسِدٌ بِلَا امْتِرَاءٍ
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِرِدَّةِ مُوَكِّلٍ) ، لِمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ مَا دَامَ مُرْتَدًّا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "
(وَ) لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِرِدَّةِ (وَكِيلٍ) ، وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ. قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "(إلَّا فِيمَا يُنَافِيهَا) ؛ كَارْتِدَادِ وَكِيلٍ فِي (حَجٍّ وَ) فِي (قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ) وَإِيجَابِهِ، فَتَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِرِدَّةِ وَكِيلٍ فِي قَبُولِ نِكَاحِ (قِنٍّ مُسْلِمٍ وَ) فِي شِرَاءِ (مُصْحَفٍ) ؛ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ.
(وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِتَدْبِيرِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ) - أَيْ السَّيِّدِ - (قِنًّا وُكِّلَ فِي
عِتْقِهِ) ؛ لِدَلَالَةِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ عَلَى الرُّجُوعِ
وَ (لَا) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (إنْ وُكِّلَ هُوَ) - أَيْ الْقِنُّ - (فِي شَيْءٍ) - أَيْ تَصَرُّفٍ مَا - (وَلَوْ عَتَقَ) ؛ أَيْ: عَتَقَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ؛ (أَوْ بِيعَ) ؛ أَيْ: بَاعَهُ سَيِّدُهُ (وَنَحْوُهُ) ؛ بِأَنْ وَهَبَهُ أَوْ كَاتَبَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْوَكَالَةِ، فَلَا يَمْنَعُ اسْتِدَامَتَهَا.
وَكَذَا إنْ وَكَّلَ إنْسَانٌ عَبْدَ غَيْرِهِ، فَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ، لَكِنْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ إنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِبَقَائِهِ عَلَى الْوَكَالَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي وَالْمُتَّهِبُ الْمُوَكِّلَ؛ فَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ، (وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَرْضَ مَنْ مَلَكَهُ) مِنْ مُشْتَرٍ وَمُتَّهِبٍ (بِبَقَاءِ وَكَالَتِهِ) - أَيْ الْعَبْدِ - بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ أَوْ اتَّهَبَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ مَالِكِهِ؛ فَلَا بُطْلَانَ؛ لِأَنَّ مِلْكِهِ إيَّاهُ لَا يُنَافِي إذْنَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
وَ (لَا) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِسُكْنَاهُ) - أَيْ الْمُوَكِّلِ - دَارِهِ بَعْدَ أَنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهَا وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ وَلَا يُنَافِيهَا (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا (بِبَيْعِهِ) - أَيْ الْمُوَكِّلِ - بَيْعًا (فَاسِدًا مَا) - أَيْ شَيْئًا - (وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا) ؛ أَيْ: لَا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ (كُلُّ عَقْدٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّهُ) - أَيْ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ - (لَمْ يَنْقُلْ الْمِلْكَ) ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِوَطْئِهِ) - أَيْ الْمُوَكِّلِ - زَوْجَةً وُكِّلَ فِي طَلَاقِهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ دَلِيلُ رَغْبَتِهِ فِيهَا وَاخْتِيَارِ إمْسَاكِهَا، وَلِذَلِكَ كَانَ رَجْعَةً فِي الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا.
(وَيَتَّجِهُ وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِبَيْنُونَتِهِ) - أَيْ الْمُوَكِّلِ زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّهُ زَالَ تَصَرُّفُ الْمُوَكِّلِ، فَزَالَ تَوْكِيلُهُ، (لَا بِقُبْلَتِهِ) أَوْ مُبَاشَرَتِهِ لَهَا دُونَ فَرْجٍ،
(خِلَافًا لَهُ) - أَيْ لِلْإِقْنَاعِ " - فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا وَنَحْوَهُ، أَوْ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ، فَكَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ؛ بَطَلَتْ انْتَهَى. أَمَّا فِي عِتْقِ عَبْدِهِ وَطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَمُسَلَّمٌ؛ وَأَمَّا بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ؛ فَلَا تَبْطُلُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى "(زَوْجَتُهُ. وَكَّلَ فِي طَلَاقِهَا) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَ (لَا) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (إنْ وُكِّلَتْ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - (فِي شَيْءٍ) مِنْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ، (فَبَانَتْ) مِنْهُ أَوْ أَبَانَهَا
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ)
(وَلَا) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِوَطْءِ) سَيِّدٍ (أَمَةً وَكَّلَ) إنْسَانًا (فِي عِتْقِهَا) ؛ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِدَلَالَةِ رُجُوعِ أَحَدِهِمَا) - أَيْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ - كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ وَطْءِ " الْمُوَكِّلِ زَوْجَةً وَكَّلَ فِي طَلَاقِهَا (وَكَتَوْكِيلِهِ) - أَيْ السَّيِّدِ - وَكِيلًا (فِي عِتْقِ قِنٍّ) بَعْدَ أَنْ كَانَ (وَكَّلَهُ) آخَرُ (فِي شِرَائِهِ) مِنْهُ، فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ مِنْ الشِّرَاءِ بِمُجَرَّدِ تَوْكِيلِ السَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ الْمُقْتَرِنِ بِقَبُولِ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ فِي الْعِتْقِ.
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ - (عَلَى مُوَكِّلِهِ بِقَبْضِ مَا) أَيْ شَيْءٍ (وَكَّلَ) الْوَكِيلَ (فِيهِ) أَيْ فِي قَبْضِهِ أَوْ الْخُصُومَةِ فِيهِ - لِاعْتِرَافِ الْوَكِيلِ بِذَهَابِ مَحَلِّ الْوَكَالَةِ بِالْقَبْضِ.
(وَيَتَّجِهُ)
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا بِمُجَرَّدِ (عِلْمِهِ) - أَيْ الْوَكِيلِ - (ظُلْمَهُ) - أَيْ الْمُوَكِّلِ - وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ
(وَ) كَذَا تَبْطُلُ وَكَالَةُ (مَنْ) أَيْ
وَكِيلٍ (قِيلَ لَهُ: اشْتَرِ كَذَا بَيْنَنَا، فَقَالَ) مَقُولٌ لَهُ كَذَا: (نَعَمْ، ثُمَّ قَالَهَا) أَيْ نَعَمْ (لِإِ) نْسَانٍ (آخَرَ) بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ اشْتَرِهِ بَيْنَنَا؛ (فَقَدْ عَزَلَ نَفْسَهُ) مِنْ وَكَالَةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ لِلثَّانِي دَلِيلُ رُجُوعِهِ عَنْ إجَابَتِهِ الْأَوَّلَ، (وَيَكُونُ) الشِّقْصُ الْمَبِيعُ (لَهُ) - أَيْ الْوَكِيلِ - (وَلِلثَّانِي) نِصْفَيْنِ؛ إذْ لَا مُفَضِّلَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِتَلَفِ الْعَيْنِ) الْمُوَكَّلِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا؛ لِذَهَابِ مَحَلِّ الْوَكَالَةِ، وَكَذَا تَبْطُلُ بِتَوْكِيلِ إنْسَانٍ فِي نَقْلِ امْرَأَتِهِ أَوْ بَيْعِ عَبْدِهِ فَتَقُومُ بَيِّنَةٌ بِطَلَاقِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ عِتْقِ الْعَبْدِ.
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِدَفْعِ عِوَضٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ؛ كَدَفْعِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِكُلِّ كَذَا) ، أَيْ يَشْتَرِي بِالدِّينَارِ ثَوْبًا وَالدَّرَاهِمِ كِتَابًا، (فَعَكَسَ) وَاشْتَرَى بِالدِّينَارِ كِتَابًا وَبِالدِّرْهَمِ ثَوْبًا؛ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ؛ لِإِلْزَامِهِ الْمُوَكِّلَ ثَمَنًا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَلَا رَضِيَ بِلُزُومِهِ
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِإِنْفَاقِ مَا أُمِرَ بِهِ) - أَيْ الشِّرَاءِ بِهِ وَنَحْوِهِ - وَكَذَا تَبْطُلُ لَوْ تَصَرَّفَ وَلَوْ بِخَلْطِهِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ - (وَلَوْ نَوَى الْوَكِيلُ اقْتِرَاضَهُ) ؛ كَبُطْلَانِهَا بِتَلَفِهِ؛ لِتَعَذُّرِ دَفْعِ مَا تَأَدَّاهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ ثَمَنًا فِيمَا وُكِّلَ فِي شِرَائِهِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) لَوْ (عَزَلَ) الْوَكِيلَ (عَوَّضَهُ) - أَيْ عُوِّضَ مَا أَنْفَقَهُ - لِأَنَّ الْمَعْزُولَ لَا يَصِيرُ لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، (فَإِنْ تَصَرَّفَ) الْوَكِيلُ (بِمَا عُزِلَ) ؛ بِأَنْ اشْتَرَى لِمُوَكِّلِهِ شَيْئًا [وَنَحْوَهُ] ؛ فَتَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِ (فُضُولِيٍّ) . وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ نِكَاحٌ أَوْ غَيْرُهَا إلَّا إنْ اشْتَرَى الْفُضُولِيُّ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِنَقْدٍ حَاضِرٍ، وَلَوْ نَوَى الشِّرَاءَ لِشَخْصٍ لَمْ يَسْمَعْهُ، فَيَصِحُّ سَوَاءٌ نَقَدَهُ مِنْ مَالِ الَّذِي اشْتَرَى لَهُ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلتَّصَرُّفِ، وَاَلَّذِي نَقَدَهُ إنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَمَّا نَقَدَهُ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ إنْ أَجَازَهُ مَنْ اشْتَرَى لَهُ مَلَكَهُ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ لَهُ، وَإِلَّا يُجِزْهُ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِمُشْتَرٍ، وَلَزِمَهُ حُكْمُهُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ عَرْضِهِ عَلَى مَنْ اشْتَرَى لَهُ.
وَ (لَا) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِنَقْدٍ؛ كَلِبْسِ الثَّوْبِ) وَرُكُوبِهِ الدَّابَّةَ وَنَحْوِهِمَا؛
لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ اسْتِئْمَانٍ، فَإِذَا زَالَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَزُلْ الْآخَرُ، (وَيَضْمَنُ) الْوَكِيلُ مَا تَعَدَّى فِيهِ أَوْ فَرَّطَ، وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْ عَيْنِ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّعَدِّي بِحَالٍ، (ثُمَّ إنْ تَصَرَّفَ) الْوَكِيلُ (كَمَا مَرَّ) ؛ صَحَّ تَصَرُّفُهُ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ، (وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ - وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْعِوَضَ - خِلَافًا " لِلْمُنْتَهَى ") فَإِنَّهُ قَالَ بَرِئَ بِقَبْضِهِ الْعِوَضَ فَقَوْلُهُ: بَرِئَ بِقَبْضِهِ لَيْسَ قَيْدًا فِي بَرَاءَتِهِ، بَلْ يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ - وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْعِوَضَ - لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ كَانَ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، فَمَفْهُومُ " الْمُنْتَهَى " غَيْرُ مُرَادٍ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِلسَّدَادِ، (فَإِنْ قَبَضَهُ) أَيْ الْعِوَضَ - فَهُوَ (أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ) مَضْمُونَةٌ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّفْرِيطِ؛ (فَإِنْ رَدَّ) الْمَبِيعَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ - (بِنَحْوِ عَيْبٍ)، كَغَبْنٍ أَوْ تَدْلِيسٍ؛ (عَادَ الضَّمَانُ) ؛ أَيْ: عَادَ ضَمَانُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ؛ لِتَعَدِّيهِ بِاسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ.
(وَلَا) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ (بِجُحُودِهِمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ - (الْوَكَالَةَ) ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الْإِذْنِ السَّابِقِ؛ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ، ثُمَّ قَامَتْ بِهَا الْبَيِّنَةُ،، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا.
(وَيَنْعَزِلُ وَكِيلٌ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ)، وَيَنْعَزِلُ أَيْضًا (بِعَزْلِهِ) (بِكُلِّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَيْهِ) - أَيْ الْعَزْلِ - كَقَوْلِ الْمُوَكِّلِ:(فَسَخْت) الْوَكَالَةَ، (أَوْ أَبْطَلْت الْوَكَالَةَ) ، (أَوْ نَقَضْت الْوَكَالَةَ، أَوْ) قَوْلِهِ: (صَرَفْتُك عَنْهَا) - أَيْ الْوَكَالَةِ - (أَوْ يَنْهَاهُ) الْمُوَكِّلُ (عَنْ فِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ - وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ -) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْمُنَوِّرِ " وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ " وَغَيْرِهِمْ؛ كَمَا يَنْعَزِلُ (شَرِيكٌ وَمُضَارِبٌ) بِعَزْلِ أَوْ مَوْتِ شَرِيكِهِ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ؛ (فَيَضْمَنُ) الْوَكِيلُ (إنْ تَصَرَّفَ) بَعْدَ الْعَزْلِ أَوْ الْمَوْتِ، (لِبُطْلَانِهَا) - أَيْ الْوَكَالَةِ - (إلَّا مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي الِاسْتِيفَاءِ لَوْ اقْتَصَّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَفْوِ مُوَكِّلِهِ؛ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا.
(وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى مُوَكِّلٍ الْعَزْلَ) لِوَكِيلِهِ (بَعْدَ تَصَرُّفِ) الْوَكِيلِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ (فِي غَيْرِ طَلَاقٍ) وَيَأْتِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا ادَّعَى عَزْلَ وَكِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ يَدِينُ وَكَذَا شَرِيكٌ وَرَبُّ مَالِ مُضَارَبَةٍ (بِلَا بَيِّنَةٍ) بِالْعَزْلِ؛ (لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ) وَهُوَ الثَّالِثُ (بِهِ) ؛ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً؛ عَمِلَ بِهَا؛ وَإِلَّا يُقِمْ بَيِّنَةً؛ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْعَزْلَ (لِأَنَّ الْأَصْلَ) بَقَاءُ الْوَكَالَةِ وَ (عَدَمُ الضَّمَانِ) وَبَقَاءُ الشَّرِكَةِ وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْوَكِيلِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ مِنْ ضَمَانِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي ادَّعَى عَزْلَهُ فِيهِ
(وَيُقْبَلُ) قَوْلُ مُوَكِّلٍ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ (أَنَّهُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ قَبْلَ دَفْعِ وَكِيلِهِ) زَكَاتَهُ (لِلسَّاعِي؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ) ؛ فَالْقَوْلُ (قَوْلُ مُدَّعِيهَا) فِي أَدَائِهَا وَزَمَنِهِ، وَلِأَنَّهُ انْعَزَلَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ بِإِخْرَاجِ الْمَالِكِ زَكَاةَ نَفْسِهِ (وَتُؤْخَذُ) الزَّكَاةُ الَّتِي دَفَعَهَا الْوَكِيلُ (مِنْ سَاعٍ) ؛ لِفَسَادِ الْقَبْضِ (إنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ) - أَيْ السَّاعِي - (وَإِلَّا) تَكُنْ بِيَدِ السَّاعِي؛ بِأَنْ تَلِفَتْ أَوْ فَرَّقَهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا؛ (فَلَا) تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَقَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ " وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ دَفَعَ الزَّكَاةَ لِنَحْوِ فَقِيرٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ: أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى يَنْتَزِعَهَا مِنْ الْفَقِيرِ بِلَا بَيِّنَةٍ، (وَيَضْمَنُ وَكِيلٌ) مَا دَفَعَهُ إلَى السَّاعِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُزِلَ مِنْ الْوَكَالَةِ بِدَفْعِ مُوَكِّلِهِ، وَمَتَى صَحَّ الْعَزْلُ فِي الْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ كَانَ (مَا بِيَدِ وَكِيلٍ بَعْدَ عَزْلٍ أَمَانَةً) لَا يَضْمَنُهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَفْرِيطٍ حَيْثُ لَمْ يَتَصَرَّفْ، وَأَمَّا مَا تَلِفَتْ بِتَصَرُّفِهِ فَيَضْمَنُهُ لِمَا سَبَقَ؛ (كَمُودَعٍ عُزِلَ) ، فَتَصِيرُ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ عَزْلِهِ أَوْ مَوْتِ مُودِعِهِ أَمَانَةً لَا يَضْمَنُ تَلَفَهَا عِنْدَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَلَوْ نَقَلَهَا مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ أَوْ سَافَرَ بِهَا مَعَ غَيْبَةِ رَبِّهَا، وَكَانَ السَّفَرُ أَحْفَظَ لَهَا. وَلَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِ الْمُودِعِ أَوْ عَزْلِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، (وَكَالرَّهْنِ) إذَا انْتَهَتْ مُدَّتُهُ أَوْ فُسِخَ عَقْدُهُ؛ فَيَبْقَى أَمَانَةً بِيَدِ مُرْتَهِنٍ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ؛ (وَ) كَا (لْهِبَةِ) إذَا (رَجَعَ فِيهَا أَبٌ) ؛ فَتَبْقَى أَمَانَةً بِيَدِ وَلَدِهِ، (وَظَاهِرُ