الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ: الْمَأْجُورِ عُلْوُهُ؛ أَيْ: الْبُنْيَانِ وَالْخَشَبِ عَنْ الْعُلْوِ (يَرْجِعُ) رَبُّهُمَا عَلَى رَبِّ السُّفْلِ الْمَأْجُورِ (مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مُدَّةِ الزَّوَالِ) ؛ أَيْ: زَوَالِ بِنَائِهِ أَوْ خَشَبِهِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ سُقُوطًا لَا يَعُودُ.
جَزَمَ بِهِ فِي " الْإِنْصَافِ "" وَالْمُنْتَهَى " وَغَيْرِهِمَا، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَائِعِ وَالصُّلْحِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَا فِيمَا إذَا كَانَ سُقُوطًا يُمْكِنُ عَوْدُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ.
وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا حَصَلَ الزَّوَالُ بِفِعْلِ رَبِّ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمَا، أَمَّا إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ فَلَا رُجُوعَ لَهُ.
(وَلَهُ إعَارَتُهُ) لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ إبْقَاءَهُ بِعِوَضٍ، (سَوَاءٌ زَالَ بِسُقُوطِهِ أَوْ سُقُوطِ مَا تَحْتَهُ أَوْ لِهَدْمِهِ إيَّاهُ) أَوْ غَيْرِهِ، (وَلَهُ) ؛ أَيْ: رَبِّ الْبَيْتِ: (الصُّلْحُ عَلَى عَدَمِ إعَادَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَيْعُهُ مِنْهُ جَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ، كَمَا لَهُ الصُّلْحُ (عَلَى زَوَالِهِ) ؛ أَيْ: رَفْعِ مَا عَلَى الْعُلْوِ مِنْ بُنْيَانٍ أَوْ خَشَبٍ، سَوَاءٌ كَانَ صَالَحَهُ عَنْهُ بِمِثْلِ الْعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى وَضْعِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ، فَصَحَّ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ لَهُ (مَسِيلُ مَاءٍ) فِي أَرْضِ غَيْرِهِ (أَوْ مِيزَابٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ؛ فَصُولِحَ) ؛ أَيْ: صَالَحَ رَبُّ الْأَرْضِ صَاحِبَ الْمَسِيلِ أَوْ الْمِيزَابِ (لِتَرْكِ ذَلِكَ) بِعِوَضٍ؛ جَازَ.
(وَلَهُ وَضْعُ بِنَاءٍ وَخَشَبٍ عَلَى بِنَاءِ غَيْرِهِ صُلْحًا أَبَدًا) ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِجَارَتُهُ؛ فَجَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِالصُّلْحِ؛ وَكَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَمَرِّ وَفَتْحِ الْبَابِ بِالْحَائِطِ وَحَفْرِ الْبُقْعَةِ بِالْأَرْضِ بِئْرًا، (أَوْ) فَعَلَ ذَلِكَ (إجَارَةً مُدَّةً مُعَيَّنَةً) ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ؛ (وَإِذَا مَضَتْ) الْمُدَّةُ (بَقِيَ وُجُوبًا؛ وَلَهُ) ؛ أَيْ: مَالِكِ الْعُلْوِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) ، وَلَا يُطَالِبُ بِإِزَالَةِ بِنَائِهِ وَخَشَبِهِ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُسْتَأْجَرُ لِذَلِكَ إلَّا لِلتَّبَايُعِ؛ وَمَعَ التَّسَاكُتِ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
ذَكَرَ مَعْنَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ.
قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْتُ: وَعَلَى قِيَاسِهِ الحكورة الْمَعْرُوفَةُ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْجِوَارِ]
(فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْجِوَارِ) - بِكَسْرِ الْجِيمِ - مَصْدَرُ جَاوَرَ، وَأَصْلُهُ
الْمُلَازَمَةُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمُعْتَكِفِ مُجَاوِرًا؛ لِمُلَازَمَةِ الْجَارِ جَارَهُ فِي الْمَسْكَنِ. .
وَفِي الْحَدِيثِ «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ (إذَا حَصَلَ فِي هَوَائِهِ) ؛ أَيْ: الْإِنْسَانِ أَوْ عَلَى جِدَارِهِ الْمَمْلُوكِ لَهُ هُوَ أَوْ مَنْفَعَتِهِ، (أَوْ فِي أَرْضِهِ) الَّتِي يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ يَمْلِكُ نَفْعَهَا أَوْ بَعْضَهُ (غُصْنُ شَجَرِ غَيْرِهِ أَوْ عِرْقُهُ) ؛ أَيْ: حَصَلَ فِي هَوَائِهِ غُصْنُ شَجَرِ غَيْرِهِ، أَوْ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ عِرْقُ شَجَرِ غَيْرِهِ، فَطَالَبَ رَبُّ الْعَقَارِ أَوْ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ رَبَّ الْغُصْنِ بِإِزَالَتِهِ؛ (لَزِمَهُ) ؛ أَيْ: رَبَّ الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ (إزَالَتُهُ) بِرَدِّهِ إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى أَوْ قَطْعِهِ؛ سَوَاءٌ أَثَّرَ ضَرَرًا أَوْ لَا، لِيُخْلِيَ لَا مِلْكُهُ الْوَاجِبُ إخْلَاؤُهُ، وَالْهَوَاءُ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ؛ (فَيَأْثَمُ) رَبُّ الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ (بِتَرْكِهِ) فِي هَوَاءِ جَارِهِ، أَوْ أَرْضِهِ، (وَلَا يُجْبَرُ) رَبُّ الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ عَلَى إزَالَتِهِ بِصَيْرُورَتِهِ مُتَعَدِّيًا بِإِبْقَائِهِ.
قَطَعَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى " وَهُوَ الْمَذْهَبُ، بِخِلَافِ مَنْ مَالَ حَائِطُهُ، فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ - وَلَوْ طُولِبَ بِنَقْضِهِ وَأَمْكَنَهُ - كَمَا يَأْتِي. .
(فَإِنْ أَبَى) رَبُّ عِرْقٍ أَوْ غُصْنٍ إزَالَتَهُ؛ (فَلِرَبِّ الْهَوَاءِ) وَالْأَرْضِ (قَطْعُهُ) ؛ أَيْ: الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ (حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ إزَالَتُهُ بِدُونِهِ) ؛ أَيْ: الْقَطْعِ، (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إزَالَتُهُ بِلَا إتْلَافٍ وَلَا قَطْعٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَلَا غَرَامَةٍ؛ مِثْلُ أَنْ يَلْوِيَهُ وَنَحْوِهِ؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ إتْلَافُهُ؛ كَالْبَهِيمَةِ الصَّائِلَةِ إذَا انْدَفَعَتْ بِدُونِ الْقَتْلِ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ غَرِمَهُ؛ لِتَعَدِّيهِ، وَ (لَا) يَصِحُّ (صُلْحُهُ) ؛ أَيْ: رَبِّ الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ (عَنْ ذَلِكَ) ؛ أَيْ: بَقَائِهِ كَذَلِكَ (بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّ شَغْلَهُ لِمِلْكِ الْآخَرِ لَا يَنْضَبِطُ، (وَلَا) صُلْحَ (مَنْ مَالِ حَائِطُهُ لِمِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ) ؛ أَيْ: رَبَّ الْحَائِطِ الْمَائِلِ (نَقْضُهُ) ؛ لِأَنَّ مَيْلَهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يَصِحُّ صُلْحُ مَنْ (زَلِقَ) ؛ أَيْ: زَلَّ (خَشَبُهُ) إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِعِوَضٍ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيُزَالُ زَائِدٌ مِنْهُ) ؛ أَيْ: الْحَائِطِ وَالْخَشَبِ.
(وَإِنْ اتَّفَقَ ذُو غُصْنٍ وَهَوَاءٍ) وَأَرْضٍ وَعِرْقٍ عَلَى (أَنْ الثَّمَرَةَ) ؛ أَيْ: ثَمَرَةَ الْغُصْنِ (لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ الْهَوَاءِ، (أَوْ أَنْ) الثَّمَرَةَ (بَيْنَهُمَا؛ جَازَ) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الْقَطْعِ، (وَلَمْ يَلْزَمْ) الصُّلْحُ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إبْطَالُهُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ رَبِّ الشَّجَرِ؛ لِتَأْبِيدِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَرَةِ عَلَيْهِ، أَوْ مَالِكِ الْهَوَاءِ أَوْ الْأَرْضِ؛ لِتَأْبِيدِ بَقَاءِ الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ فِي مِلْكِهِ؛ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ، ثُمَّ امْتَنَعَ رَبُّ الشَّجَرِ مِنْ دَفْعِ مَا صَالَحَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ؛ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، (وَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ فِي (الِاتِّفَاقِ فِيمَا نَبَتَ مِنْ عِرْقٍ) ؛ أَيْ: لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ مَا نَبَتَ فِي الْعِرْقِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ لَهُمَا؛ جَازَ، وَلَمْ يَلْزَمْ.
وَصِحَّةُ الصُّلْحِ هُنَا مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَهُوَ الثَّمَرَةُ أَوْ النَّابِتُ؛ خِلَافُ، الْقِيَاسِ؛ لِخَبَرِ مَكْحُولٍ يَرْفَعُهُ:«أَيُّمَا شَجَرَةٍ ظَلَّلَتْ عَلَى قَوْمٍ؛ فَهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَطْعِ مَا ظَلَّلَ وَأَكْلِ ثَمَرِهَا» .
(وَفِي " الْمُبْهِجِ ") فِي الْأَطْعِمَةِ (ثَمَرَةُ غُصْنٍ فِي هَوَاءِ طَرِيقٍ عَامٍّ لِلْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّ إبْقَاءَهُ إذْنٌ فِي تَنَاوُلِ مَا سَقَطَ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ بِمَعْنَاهُ: وَإِنْ امْتَدَّ عُرُوقُ شَجَرِهِ إلَى أَرْضِ جَارِهِ، فَأَثَّرَتْ الْعُرُوقُ ضَرَرًا كَتَأْثِيرِ الْمُمْتَدِّ فِي الْمَصَانِعِ.
(وَيَتَّجِهُ بَلْ) تَكُونُ الثَّمَرَةُ الَّتِي غُصْنُهَا فِي هَوَاءِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ (لِلْمَارَّةِ) مُطْلَقًا، (وَ) أَمَّا إذَا كَانَ الْغُصْنُ بِهَوَاءِ (الْمَسْجِدِ) ؛ فَثَمَرَتُهُ (لِلْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ) تَكُونُ لَهُمْ (بَعْدَ طَلَبِ حَاكِمٍ) رَبَّ الْغُصْنِ (بِزَوَالِهِ) ؛ أَيْ: إزَالَتِهِ عَنْ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ لِئَلَّا يَضُرَّ بَقَاؤُهُ بِالْمَسْجِدِ؛ فَلَمْ يَفْعَلْ (أَوْ اتِّفَاقِ) رَبِّ الْغُصْنِ مَعَ الْحَاكِمِ عَلَى إبْقَائِهِ عَلَى حَالِهِ - وَلَا ضَرَرَ - وَتَكُونُ ثَمَرَتُهُ لَهُمْ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ؛ كَمَا مَرَّ آنِفًا؛ جَازَ.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ.