الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَبَذْلِ ثَمَنٍ كَثِيرٍ) لَا يَصْلُحُ إلَّا فِيهَا، (أَوْ ذِكْرِ حُدُودَهَا)، أَيْ: الْمَزَارِعِ، أَوْ الْمُسَاوِمَةِ عَلَى أَرْضِهَا، أَوْ ذِكْرِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ الَّذِي فِيهَا، (وَإِلَّا) تُذْكَرُ مَزَارِعُهَا، وَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَى دُخُولِهَا، فَيَدْخُلْ فِي بَيْعِ قَرْيَةٍ (بُيُوتٌ وَحِصْنٌ) إنْ كَانَ بِهَا، وَسُوَرٌ (دَائِرًا عَلَيْهَا)، أَيْ: عَلَى الْقَرْيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُسَمَّى الْقَرْيَةِ، (وَ) يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا (الشَّجَرُ) الْقَائِمُ (بَيْنَ بِنَائِهَا) تَبَعًا لَهَا، (وَأُصُولُ بُقُولٍ وَزَرْعٍ، كَمَا تَقَدَّمَ) قَرِيبًا، وَلَا يَدْخُلُ زَرْعٌ وَلَا بَذْرَةٌ، وَلَا مُنْفَصِلٌ عَنْ الْقَرْيَةِ مِنْ نَحْوِ مَفَاتِحَ وَأَحْجَارِ رَحًى فَوْقِيَّةٍ وَأَحْبَالٍ وَبَكَرَاتٍ وَأَدْلِيَةٍ وَنَحْوِهَا، بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ مِنْ عَرْشٍ وَخَوَابٍ مَبْنِيَّةٍ وَأَبْوَابٍ مُرَكَّبَةٍ وَحَجَرِ رَحًى سُفْلَانِيٍّ إنْ كَانَ مَنْصُوبًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ دَارٍ.
[فَصْلٌ بَاعَ نَخْلًا أَوْ رَهَنَ نَخْلًا أَوْ وَهَبَ نَخْلًا]
(فَصْلٌ وَمَنْ)(بَاعَ نَخْلًا، أَوْ رَهَنَ) نَخْلًا، (أَوْ وَهَبَ) نَخْلًا، (أَوْ أَخَذَ بِشُفْعَةٍ نَخْلًا تَشَقَّقَ طِلْعُهُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا - وِعَاءُ الْعُنْقُودِ، وَهُوَ مَا يَطْلُعُ مِنْ النَّخْلَةِ، ثُمَّ يَصِيرُ تَمْرًا إنْ كَانَ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَتْ ذَكَرًا، لَمْ يَصِرْ تَمْرًا، بَلْ يُؤْكَلُ طَرِيًّا، وَيُتْرَكُ عَلَى النَّخْلَةِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً حَتَّى يَصِيرَ فِيهِ شَيْءٌ أَبْيَضُ مِثْلُ الدَّقِيقِ، وَلَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ فَيُلَقَّحُ بِهِ الْأُنْثَى (وَلَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ)، أَيْ: يُلَقَّحْ، (أَوْ) بَاعَ، أَوْ وَهَبَ، أَوْ رَهَنَ نَخْلًا بِهِ (طَلْعُ فُحَّالٍ) يُرَادُ لِتَلْقِيحٍ، (أَوْ صَالَحَ بِهِ)، أَيْ: بِنَخْلٍ بِهِ ذَلِكَ، (أَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً، أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ) أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ (فَثَمَرٌ) وَطَلْعُ فُحَّالٍ (لَمْ يَشْتَرِطْهُ) كُلُّهُ (أَوْ بَعْضُهُ لِمَعْلُومٍ) ، كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ (آخِذٍ لِمُعْطٍ مَتْرُوكًا إلَى جَذَاذٍ) ، لِحَدِيثِ «مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ يُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ لِمُشْتَرٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّأْبِيرَ حَدًّا لِمِلْكِ الْبَائِعِ لِلثَّمَرَةِ، وَنَصَّ عَلَى التَّأْبِيرِ، وَالْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالتَّشَقُّقِ؛ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ غَالِبًا، وَأُلْحِقَ بِالْبَيْعِ بَاقِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ الْهِبَةُ، لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِيهَا بِغَيْرِ فَسْخٍ وَتَصَرُّفِ الْمُتَّهِبِ بِمَا شَاءَ، أَشْبَهَ الْمُشْتَرَى وَالرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَيْعِ لِيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَتُرِكَ
إلَى الْجِذَاذِ إذَنْ؛ لِأَنَّ تَفْرِيغَ الْمَبِيعِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، كَدَارٍ فِيهَا أَطْعِمَةٌ أَوْ مَتَاعٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَهُ كُلَّهُ مُشْتَرٍ، أَوْ اشْتَرَطَ بَعْضًا مَعْلُومًا، فَلَهُ مَا شَرَطَ، لِلْخَبَرِ، (مَا لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِأَخْذِهِ)، أَيْ: التَّمْرِ بُسْرًا، أَوْ يَكُنْ بُسْرُهُ (خَيْرًا مِنْ رُطَبِهِ) ، فَيَجُذَّهُ بَائِعٌ إذَا اسْتَحْكَمَتْ حَلَاوَةُ بُسْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَادَةُ أَخْذِهِ، (وَإِنْ تَضَرَّرَ الْأَصْلُ بِبَقَائِهِ، أَوْ شَرَطَ عَلَى بَائِعٍ الْقَطْعَ، قَطَعَ) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، بِخِلَافِ وَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ.
(وَيَتَّجِهُ وَإِقْرَارٌ) مِثْلُ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْحُكْمِ، لَكِنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ " فِي بَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الثَّمَرَةَ كَالْبَيْعِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ اتِّجَاهِ الْمُصَنِّفِ، (فَتَدْخُلُ ثَمَرَةٌ فِيهَا)، أَيْ: فِي الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ، (نَصًّا) ، أُبِّرَتْ أَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ مِنْ وَقْفِ الشَّجَرَةِ الِانْتِفَاعُ بِثَمَرَتِهَا، دَخَلَتْ، وَلَوْ بَعْدَ التَّشَقُّقِ، وَالْوَصِيَّةُ شَبِيهَةٌ بِالْوَقْفِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، (كَفَسْخِ) بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ قَبْلَ دُخُولٍ (لِعَيْبٍ، وَإِقَالَةِ بَيْعٍ، وَرُجُوعِ أَبٍ فِي هِبَةٍ) وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ الثَّمَرَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا نَمَاءٌ مُتَّصِلٌ، أَشْبَهَتْ السِّمَنَ، (خِلَافًا لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ "، (وَكَلَامُهُ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ) ، فَإِنَّهُ جَعَلَهَا زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً، فَلَا تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ فِي الْفَسْخِ، وَرُجُوعِ الْأَبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ أَيْضًا بِكَوْنِهِ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً فِيمَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ تَبَعًا لِلْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّفْلِيسِ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الصَّدَاقِ، وَصَاحِبُ " الْمُغْنِي "" وَالشَّرْحِ "" وَالْكَافِي "" وَالْمُنَقَّحِ "؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ مَا دَامَتْ عَلَى الشَّجَرَةِ، فَهِيَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وَلَا تَصِيرُ مُنْفَصِلَةً إلَّا بِجَذِّهَا.
(وَكَنَخْلٍ مَا بَدَا)، أَيْ: ظَهَرَ (مِنْ ثَمَرَةٍ) لَا قِشْرَ عَلَيْهَا وَلَا نَوْرَ لَهَا،
(كَعِنَبٍ) قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": الْعِنَبُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَهُ نَوْرٌ لِأَنَّهُ يُبْدَأُ فِي قُطُوفِهِ شَيْءٌ صِغَارٌ كَحَبِّ الدَّخَنِ، ثُمَّ يَتَفَتَّحُ وَيَتَنَاثَرُ كَتَنَاثُرِ النَّوْرِ، فَهُوَ مِنْ قِسْمِ مَا لَهُ نَوْرٌ يَتَنَاثَرُ نَوْرُهُ، فَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ، كَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهِ، وَمِثْلُهُ الزَّيْتُونُ. وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ " الْمُنْتَهَى "" وَالْكَافِي " وَفِيهِ مِنْ النَّظَرِ مَا لَا يَخْفَى، فَعَلَى هَذَا كَانَ مَحَلُّ ذِكْرِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ نَوْرُهُ. (وَتِينٍ وَتُوتٍ) ، وَجُمَّيْزٍ (وَ) كَذَا مَا بَدَا فِي قِشْرِهِ وَبَقِيَ فِيهِ إلَى أَكْلِهِ، (كَرُمَّانٍ) وَمَوْزٍ، (وَ) مَا بَدَا فِي قِشْرَيْنِ، (كَجَوْزٍ، أَوْ ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ كَمِشْمِشٍ وَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ وَلَوْزٍ وَخَوْخٍ وَإِجَّاصٍ أَوْ خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ) جَمْعُ كِمٍّ - بِكَسْرِ الْكَافِ - وَهُوَ الْغِلَافُ، (كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَنَرْجِسِ وَبَنَفْسَجٍ وَقُطْنٍ يُحْمَلُ كُلُّ عَامٍ كَالْحِجَازِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلُّهُ بِمَثَابَةِ تَشَقُّقِ الطَّلْعِ، (وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ)، أَيْ: قَبْلَ الْبُدُوِّ، فِي نَحْوِ عِنَبٍ، وَالْخُرُوجِ مِنْ النَّوْرِ فِي نَحْوِ مِشْمِشٍ، وَالظُّهُورِ مِنْ الْأَكْمَامِ فِي نَحْوِ الْوَرْدِ، فَهُوَ (لِآخِذٍ) مِنْ مُشْتَرٍ وَمُتَّهِبٍ وَنَحْوِهِمَا، (كَوَرَقِ) شَجَرٍ (مُطْلَقًا) ، سَوَاءٌ كَانَ مَقْصُودًا، كَوَرَقِ التُّوتِ أَوْ لَا، كَوَرَقِ الْمِشْمِشِ، وَكَذَا الْعَرَاجِينُ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا خُلِقَتْ لِمَصْلَحَتِهَا كَأَجْزَاءِ سَائِرِ الْمَبِيعِ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُعْطٍ) مِنْ بَائِعٍ وَنَحْوِهِ (بِيَمِينِهِ فِي بُدُوِّ ذَلِكَ)، أَيْ: الثَّمَرَةِ قَبْلَ عَقْدٍ، لِتَكُونَ بَاقِيَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِفَائِهَا عَنْهُ (حَيْثُ اُحْتُمِلَ) صِدْقُهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، (وَكَزَرْعٍ قُطْنٌ يُحْصَدُ كُلَّ عَامٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ، أَشْبَهَ الْبُرَّ، وَمِنْهُ نَوْعٌ لَهُ أَصْلٌ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَعْوَامًا، فَحُكْمُهُ كَالشَّجَرَةِ.
(وَيَصِحُّ شَرْطُ مُعْطٍ لِنَفْسِهِ مَا لِآخِذٍ، أَوْ) شَرْطِهِ (جُزْءًا مِنْهُ مَعْلُومًا)