الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَتَّجِهُ وَلَا) : يَصِحُّ بَيْعُ (خَلِّ رُطَبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ) ، لِمَا فِي خَلِّ التَّمْرِ مِنْ الْمَاءِ، (بَلْ) يَصِحُّ بَيْعُ (كُلٍّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ) ، لِتَسَاوِيهِمَا قِيَاسًا عَلَى الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ.
(وَ) يَتَّجِهُ أَيْضًا (وَ) لَا يَصِحُّ بَيْعُ (خَلِّ زَبِيبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ) ، لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِتَسَاوِيهِمَا فِي الْمَاءِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ، كَمَا لَا يَخْفَى، (أَوْ) خَلُّ زَبِيبٍ بِخَلِّ (رُطَبٍ) ، لِانْفِرَادِ خَلِّ الزَّبِيبِ بِالْمَاءِ (بَلْ) يَصِحُّ بَيْعُ (خَلِّ عِنَبٍ) بِخَلِّ (رُطَبٍ) ، لِتَقَارُبِ اسْتِوَائِهَا فَهُمَا كَالْمُتَمَاثِلِينَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا) بَيْعُ (حَبٍّ) مِنْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ وَذُرَةٍ وَنَحْوِهَا (بِدَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ) ، لِانْتِشَارِ أَجْزَاءِ الْحَبِّ بِالطَّحْنِ، فَيَتَعَذَّرُ التَّسَاوِي، وَلِأَخْذِ النَّارِ مِنْ السَّوِيقِ، (وَلَا) بَيْعُ (دَقِيقٍ حَبٍّ) ، كَبُرٍّ (بِسَوِيقِهِ) لِأَخْذِ النَّارِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَكَحَبٍّ مَقْلِيٍّ بِنِيءٍ، (وَلَا) بَيْعُ (خُبْزٍ بِحَبِّهِ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ) ، لِلْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي، لِمَا فِي الْخُبْزِ مِنْ الْمَاءِ، (وَلَا) بَيْعُ (نِيئِهِ) ، أَيْ الرِّبَوِيِّ (بِمَطْبُوخِهِ) ، كَلَحْمٍ نِيءٍ بِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ مِنْ جِنْسِهِ، لِأَخْذِ النَّارِ مِنْ الْمَطْبُوخِ، (وَلَا) بَيْعُ (أَصْلِهِ) ، كَعِنَبٍ (بِعَصِيرِهِ) ، كَبَيْعِ لَحْمٍ مِنْ حَيَوَانِهِ مِنْ جِنْسِهِ، (وَلَا) بَيْعُ (خَالِصِهِ)، أَيْ: الرِّبَوِيِّ، كَلَبَنٍ بِمَشُوبِهِ، (أَوْ مَشُوبِهِ بِمَشُوبِهِ) ، لِانْتِفَاءِ التَّسَاوِي، أَوْ الْجَهْلِ بِهِ (وَلَا) بَيْعُ (رَطْبِهِ) ، أَيْ الْجِنْسِ الرِّبَوِيِّ (بِيَابِسِهِ) ، كَرُطَبٍ بِتَمْرٍ، وَعِنَبٍ بِزَبِيبٍ، لِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:«سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، قَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» . رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد.
[فَصْلٌ حُكْم الْمُحَاقَلَةُ]
(وَلَا تَصِحُّ الْمُحَاقَلَةُ)، لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا:«نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُحَاقَلَةِ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، (وَهِيَ) مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْحَقْلِ، وَهُوَ الزَّرْعُ إذَا تَشَعَّبَ قَبْلَ أَنْ تَغْلُظَ سُوقُهُ، وَقِيلَ: الْحَقْلُ الْأَرْضُ الَّتِي تُزْرَعُ وَقَالَ صَاحِبُ " الْمَطَالِعِ "
كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ، أَوْ كِرَاؤُهَا بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَقِيلَ: بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ طِيبِهِ، أَوْ بَيْعُهُ فِي سُنْبُلِهِ بِالْبُرِّ مِنْ الْحَقْلِ وَهُوَ الْفَدَّانُ، وَالْمَحَاقِلُ الْمَزَارِعُ.
قَالَ فِي " الْمُطْلِعِ " وَفِي الِاصْطِلَاحِ (بَيْعُ الْحَبِّ) ، كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ (الْمُشْتَدِّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ) مِنْ حَبٍّ وَغَيْرِهِ، كَبَيْعِ بُرٍّ مُشْتَدٍّ فِي سُنْبُلِهِ (وَيَصِحُّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) مِنْ حَبٍّ وَغَيْرِهِ، كَبَيْعِ بُرٍّ مُشْتَدٍّ فِي سُنْبُلِهِ بِشَعِيرٍ أَوْ فِضَّةٍ، لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّسَاوِي، فَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْحَبُّ وَبِيعَ - وَلَوْ بِجِنْسِهِ - لِمَالِكِ الْأَرْضِ، أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، صَحَّ إنْ انْتَفَعَ بِهِ.
(وَلَا) بَيْعُ (الْمُزَابَنَةِ) مِنْ الزَّبْنِ، وَهُوَ الدَّفْعُ الشَّدِيدُ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، يَزْبِنُ صَاحِبَهُ عَنْ حَقِّهِ وَيُرَاوِدُهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الشَّرْطِيُّ زَبِينًا؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ النَّاسَ بِشِدَّةٍ وَعُنْفٍ، (وَهِيَ)، أَيْ: الْمُزَابَنَةُ شَرْعًا: (بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِالتَّمْرِ)، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ:«نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (إلَّا فِي الْعَرَايَا) جَمْعُ عَرِيَّةٍ (وَهِيَ بَيْعُ رُطَبٍ عَلَى نَخْلٍ خَرْصًا بِمِثْلِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ) الرُّطَبُ (إذَا جَفَّ) ، وَصَارَ تَمْرًا (كَيْلًا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الْكَيْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَسَقَطَ فِي أَحَدِهِمَا، وَأُقِيمَ الْخَرْصُ مَكَانَهُ، لِلْحَاجَةِ، فَيَبْقَى الْآخَرُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ)، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا بِأَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ فِي الْخَمْسَةِ، لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِيهَا، وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، (لِمُحْتَاجٍ لِرُطَبٍ، وَلَا ثَمَنَ)، أَيْ: ذَهَبَ أَوْ فِضَّةَ (مَعَهُ)، لِحَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ:«قُلْت لِزَيْدٍ: مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ، فَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَتَبَايَعُونَ بِهِ رُطَبًا، وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مِنْ التَّمْرِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَتَبَايَعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ يَأْكُلُونَهُ رُطَبًا» (بِشَرْطِ حُلُولٍ وَتَقَابُضٍ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ (بِمَجْلِسِ عَقْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ شُرُوطُهُ، إلَّا
مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِمَّا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهُ فِي الْعَرَايَا، فَالْقَبْضُ (فِيمَا) عَلَى (نَخْلٍ بِتَخْلِيَةٍ، وَفِي تَمْرٍ بِكَيْلٍ) ، أَوْ نَقْلٍ، لِمَا عُلِمَ، وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ تَمْرٍ عِنْدَ نَخْلٍ، (فَلَوْ) تَبَايَعَا، وَ (سَلَّمَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ مَشَيَا، فَسَلَّمَ الْآخَرُ) قَبْلَ تَفَرُّقٍ، (صَحَّ) ، لِحُصُولِ الْقَبْضِ قَبْلَ تَفَرُّقٍ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الرُّطَبَ لَوْ كَانَ مَجْذُوذًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَالرُّخْصَةُ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ، لِيُؤْخَذَ شَيْئًا فَشَيْئًا، لِحَاجَةِ الْمُشْتَرِي إلَى التَّفَكُّهِ، لَا لِحَاجَةِ الْبَائِعِ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا لِلرُّطَبِ، أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، وَمَعَهُ نَقْدٌ، لَمْ تَصِحَّ. وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَرِيَّةِ كَوْنُهَا مَوْهُوبَةً لِبَائِعٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ تَرَكَ الْعَرِيَّةَ مُشْتَرِيهَا حَتَّى أَتْمَرَتْ، بَطَلَ الْبَيْعُ، وَيَأْتِي.
(وَلَا تَصِحُّ فِي بَقِيَّةِ الثِّمَارِ) ، لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا:«نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ، التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، إلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ، وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ» ، وَلِأَنَّ الْعَرَايَا رُخْصَةٌ، وَلَا يُسَاوِيهَا غَيْرُهَا فِي كَثْرَةِ الِافْتِئَاتِ، وَسُهُولَةِ الْخَرْصِ، (وَلَا) تَصِحُّ (فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ) ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَقَدَّمَ، (وَلَوْ مِنْ عَدَدِ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (فِي صَفَقَاتٍ) اثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ.
(وَلَا يَضُرُّ تَعَدُّدُ الْعَرَايَا لِبَائِعٍ) ، كَمَا لَوْ بَاعَ رَجُلٌ عَرِيَّةً مِنْ شَخْصَيْنِ فَأَكْثَرَ، فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، جَازَ حَيْثُ كَانَ مَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ عَرِيَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ شَخْصَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَفِيهَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، جَازَ، لِوُجُودِ شَرْطِهِ، (وَبَطَلَ) الْبَيْعُ (إنْ أَتَمَرَ) الرُّطَبُ، أَيْ: صَارَ تَمْرًا (قَبْلَ أَخْذِهِ) ، وُقُوفًا مَعَ مَوْرِدِ النَّصِّ.
(وَيَصِحُّ، بَيْعُ نَوْعَيْ جِنْسٍ) مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ بِنَوْعَيْهِ أَوْ نَوْعِهِ، (أَوْ)، أَيْ: وَيَصِحُّ بَيْعُ (نَوْعٍ بِنَوْعَيْهِ أَوْ نَوْعِهِ) ، كَبَيْعِ (دِينَارِ قِرَاضَةٍ، وَهِيَ قِطَعُ ذَهَبٍ، أَوْ) قِطَعُ (فِضَّةٍ وَ) دِينَارٍ (صَحِيحٍ) مَعَهَا، بِدِينَارَيْنِ (صَحِيحَيْنِ أَوْ قِرَاضَتَيْنِ) إذَا تَسَاوَتْ وَزْنًا، (أَوْ) بَيْعُ دِينَارٍ (صَحِيحٍ) بِدِينَارٍ (صَحِيحٍ) مِثْلِهِ وَزْنًا، (وَ) كَبَيْعِ (حِنْطَةٍ حَمْرَاءَ وَسَمْرَاءَ) بِحِنْطَةٍ (بَيْضَاءَ) ، وَعَكْسِهِ، (وَ) كَبَيْعِ
(تَمْرٍ مَعْقِلِيٍّ وَبَرْنِيِّ بِإِبْرَاهِيمِيٍّ) ، وَعَكْسِهِ، وَكَبَرْنِيِّ وَصَيْحَانِيٍّ بِمَعْقِلِيٍّ وَإِبْرَاهِيمِيٍّ مِثْلًا بِمِثْلٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمِثْلِيَّةُ فِي الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ، لَا الْقِيمَةُ وَالْجَوْدَةُ، وَالْمَعْقِلِيُّ مَنْسُوبٌ إلَى مَعْقِلِ بْنِ بَشَّارٍ، وَالْبَرْنِيُّ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ تَمْرٌ أَصْفَرُ مُدَوَّرٌ، وَهُوَ أَجْوَدُ التَّمْرِ.
(وَ) يَصِحُّ، بَيْعُ (لَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ) - وَلَوْ مِنْ جِنْسِهِ - (وَ) بَيْعُ (صُوفٍ بِمَا)، أَيْ: حَيَوَانٍ (عَلَيْهِ صُوفٌ) مِنْ جِنْسِهِ، (وَ) بَيْعُ (ذَاتِ لَبَنٍ) بِمِثْلِهَا، (أَوْ ذَاتِ صُوفٍ بِمِثْلِهَا)[؛ لِأَنَّ النَّوَى] بِالتَّمْرِ وَالصُّوفَ وَاللَّبَنَ بِالْحَيَوَانِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، فَلَا أَثَرَ لَهُ.
(وَ) بَيْعُ (دِرْهَمٍ فِيهِ نُحَاسٌ بِنُحَاسٍ) خَالِصٍ، (أَوْ) بِدِرْهَمٍ (مُسَاوِيهِ فِي غِشٍّ بِيَقِينٍ) فَإِنْ زَادَ غِشُّ أَحَدِهِمَا، بَطَلَ الْبَيْعُ، وَكَذَا إنْ جُهِلَ؛ لِأَنَّ النُّحَاسَ فِي الدِّرْهَمِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، فَلَا أَثَرَ لَهُ، وَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، أَشْبَهَ، الْمِلْحَ فِي الشَّيْرَجِ، وَحَبَّاتِ شَعِيرٍ بِحِنْطَةٍ.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (تُرَابِ مَعْدِنٍ) بِغَيْرِ جِنْسِهِ، (وَ) بَيْعُ تُرَابِ (صَاغَةٍ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) ، لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ إذَنْ، فَإِنْ بِيعَ تُرَابُ مَعْدِنٍ ذَهَبٍ أَوْ صَاغَةٍ بِفِضَّةٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ، اُعْتُبِرَ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ بِالْمَجْلِسِ، وَلَا تَضُرُّ جَهَالَةُ الْمَقْصُودِ، لِاسْتِتَارِهِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فِي الْمَعْدِنِ، وَحُمِلَ عَلَيْهِ تُرَابُ الصَّاغَةِ، وَلَا يَصِحُّ بِجِنْسِهِ، لِلْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (مَا مُوِّهَ بِنَقْدٍ بِنَحْوِ دَارٍ) ، كَبَابٍ وَشُبَّاكٍ، (لَا حُلِيَّ بِجِنْسِهِ)، أَيْ: النَّقْدِ الْمُمَوَّهِ بِهِ (وَ) بَيْعُ (نَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ) أَوْ رُطَبٌ (بِمِثْلِهِ)، أَيْ: بِنَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ أَوْ رُطَبٌ، (وَ) بَيْعُ نَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ (بِتَمْرٍ) ، أَوْ رُطَبٍ؛ لِأَنَّ الرِّبَوِيَّ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْبَيْعِ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، (وَثَمَرَةُ كُلٍّ) مِنْ نَخْلٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ (لِبَائِعِهِ) . (وَيَتَّجِهُ إنْ قَصَدَ الثَّمَرَ أَيْضًا) بِالْبَيْعِ حَالَ الْعَقْدِ (وَلَا) يَصِحُّ، لِشَبَهِهَا
بِمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ مَعَهُمَا)، أَيْ: الْعِوَضَيْنِ، (أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا، كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا) ، أَيْ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ - وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّيْنِ وَالدِّرْهَمَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ - (أَوْ) بَيْعُ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ (بِمُدَّيْنِ) مِنْ عَجْوَةٍ، (أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ) ، وَكَبَيْعِ مُحَلًّى بِذَهَبٍ بِذَهَبٍ، أَوْ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ، نَصًّا لِحَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ:«أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقِلَادَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ سَبْعَةِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا، قَالَ: فَرَدَّهُ حَتَّى مَيَّزَ بَيْنَهُمَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» ) . وَلِلْأَصْحَابِ فِي تَوْجِيهِ الْبُطْلَانِ مَأْخَذَانِ: أَحَدُهُمَا: مَأْخَذُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا اجْتَمَعَتْ بِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ انْقَسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا، كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا، فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِسْطِهِ مِنْهُ، وَهَذَا يُؤَدِّي هُنَا إمَّا إلَى الْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ، أَوْ إلَى الْجَهْلِ، بِالتَّسَاوِي، وَكِلَاهُمَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ، فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ دِرْهَمًا وَمُدًّا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ بِمُدَّيْنِ يُسَاوِيَانِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، كَانَ الدِّرْهَمُ فِي مُقَابَلَةِ ثُلُثَيْ مُدٍّ، وَيَبْقَى مَدٌّ فِي مُقَابَلَةِ مُدٍّ وَثُلُثٍ، وَذَلِكَ رِبًا. وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي: سَدُّ ذَرِيعَةِ الرِّبَا، لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى الرِّبَا الصَّرِيحِ، كَبَيْعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فِي كِيسٍ بِمِائَتَيْنِ
جَعْلًا لِلْمِائَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْكِيسِ، وَقَدْ لَا يُسَاوِي دِرْهَمًا، وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ إيمَاءٌ لِهَذَا الْمَأْخَذِ، (إلَّا أَنْ يَكُونَ) مَا مَعَ الرِّبَوِيِّ (يَسِيرًا لَا يُقْصَدُ) بِعَقْدٍ، (كَخُبْزٍ فِيهِ مِلْحٌ بِمِثْلِهِ)، أَيْ: يُخْبَزُ فِيهِ مِلْحٌ، (وَ) كَخُبْزٍ فِيهِ مِلْحٌ (بِمِلْحٍ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْحَ فِي الْخُبْزِ لَا يُؤَثِّرُ فِي وَزْنٍ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، (أَوْ) يَكُونَ مَا مَعَ الرِّبَوِيِّ (كَثِيرًا) لَا يُقْصَدُ، (لَكِنْ) جُعِلَ فِيهِ (
لِمَصْلَحَةِ
الْمَقْصُودِ، كَمَاءٍ بِخَلِّ تَمْرٍ أَوْ) خَلِّ (زَبِيبٍ وَدِبْسٍ) ، فَلَا يَمْنَعُ الْمَاءُ بَيْعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخَلِّ وَالدِّبْسِ (بِمِثْلِهِ) ، فَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ التَّمْرِ بِخَلِّ التَّمْرِ، وَخَلِّ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ، وَدِبْسِ التَّمْرِ بِدِبْسِ التَّمْرِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، وَلَا أَثَرَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
وَيَجُوزُ الْبَيْعُ إنْ كَانَ مَعَ الرِّبَوِيِّ (مَاءٌ) كَثِيرٌ، لَكِنَّهُ (لَيْسَ لِمَصْلَحَتِهِ)، أَيْ: مَصْلَحَةِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ، (كَلَبَنٍ مَشُوبٍ) بِمَاءٍ إذَا بِيعَ (بِمِثْلِهِ) ، وَكَالْأَثْمَانِ الْمَغْشُوشَةِ إذَا بِيعَتْ بِأَثْمَانٍ خَالِصَةٍ، فَلَا يَجُوزُ، لِلْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ.
(وَيَصِحُّ) قَوْلُهُ: (أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ، وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ فُلُوسًا) ، كَدَفْعِ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ بِنِصْفِهِ نِصْفًا، وَبِنِصْفِهِ فُلُوسًا، وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفًا وَفُلُوسًا، لِوُجُودِ التَّسَاوِي. ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَيَتَّجِهُ أَنَّ) - بِتَشْدِيدِ النُّونِ - (صَارِفَ) قِطَعِ (دَرَاهِمَ) عَدَدٍ (بِنَحْوِ قِرْشٍ مَثَلًا) ، كَرِيَالٍ (إذَا) أَعْطَى مَنْ يُصَارِفُهُ الْقِرْشَ، وَ (أَخَذَ) بَدَلَ بَعْضِ قِطَعِ دَرَاهِمَ، وَأَخَذَ (تَتِمَّتَهُ فُلُوسًا أَوْ حَاجَةً، يَجُوزُ)، وَقَوْلُهُمْ: أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفًا وَبِالْآخَرِ فُلُوسًا، لَيْسَ بِقَيْدٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ وَالتَّضْيِيقِ، بَلْ إنْ كَانَتْ الْفُلُوسُ مِقْدَارَ الْعُشْرِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، جَازَ، طَلَبًا لِلْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ، وَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ بَيْعِ دِرْهَمٍ فِيهِ غِشٌّ بِدِرْهَمٍ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْغِشِّ يَقِينًا، فَإِنَّ ذَاكَ فِي بَيْعِ دِرْهَمٍ فِي دِرْهَمٍ مِثْلِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَبَيْعُ قِرْشٍ بِقِطَعِ دَرَاهِمَ، وَتَتِمَّتِهِ فُلُوسًا أَوْ غَيْرَهَا، وَهَذَا لَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ، لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ
وَدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ
، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ [إنْ]
ثَبَتَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، (أَوْ)، أَيْ: وَيَصِحُّ قَوْلُهُ: أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفًا، وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ (حَاجَةً) ، كَلَحْمٍ، (أَوْ) قَوْلُهُ لِمَنْ أَعْطَاهُ دِرْهَمَيْنِ:(أَعْطِنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ فُلُوسًا، وَبِالْآخَرِ نِصْفَيْنِ) ، لِوُجُودِ التَّسَاوِي؛ لِأَنَّ قِيمَةَ النِّصْفِ فِي الدِّرْهَمِ، كَقِيمَةِ النِّصْفِ مَعَ الْفُلُوسِ أَوْ الْحَاجَةِ، وَقِيمَةَ الْفُلُوسِ أَوْ الْحَاجَةِ كَقِيمَةِ النِّصْفِ الْآخَرِ. (وَ) يَصِحُّ (قَوْلُهُ لِصَايِغٍ: صُغْ لِي خَاتَمًا) مِنْ فِضَّةٍ (وَزْنُهُ دِرْهَمٌ، وَأُعْطِيَكَ مِثْلَ زِنَتِهِ، وَ) أُعْطِيَكَ (أُجْرَتَكَ دِرْهَمًا، وَلِلصَّائِغِ أَخْذُ الدِّرْهَمَيْنِ، أَحَدُهُمَا فِي مُقَابَلَةِ) فِضَّةِ (الْخَاتَمِ، وَ) الدِّرْهَمُ (الثَّانِي أُجْرَةٌ لَهُ) ، وَلَيْسَ بَيْعَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ.
. (وَمَرْجِعُ كَيْلٍ عُرْفُ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَ) مَرْجِعُ (وَزْنٍ عُرْفُ مَكَّةَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)